اضطراب القلق الاجتماعي، أعراضه وتشخيصه

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

يُعد اضطراب القلق الاجتماعي حالةً صحيةً نفسية تنطوي على الذّعر من المواقف الاجتماعية التي تتطلب أداءً أو تحدُّثاً أمام الآخرين وذلك خوفاً من التعرض للانتقاد السلبي.

وفقاً لخبراء الأمراض النفسية، يصيب اضطـراب القلق الاجتماعي 7% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية.

رغم شيوع معاناة العديد من الأشخاص من العصبيّة أو الشعور “بشيء غريب في المعدة” عند مواجهة مواقف اجتماعية محددة، إلا أنَّ من يعانون اضطراب القلق الاجتماعي يشعرون بخجلٍ شديد من أنفسهم. ويقلقون إزاء ما قد يعتقده الناس عنهم؛ لدرجة أنهم غالباً ما يعانون من أعراضٍ جسدية نتيجةً من ذلك.

تشمل هذه الأعراض تسارع ضربات القلب،التعرّق، احمرار الوجه، الغثيان، الارتجاف والدوّار.

تفيد تقنيات العلاج النفسي عادةً المصابين باضطراب القلق الاجتماعي كالعلاج السلوكي المعرفي (CBT)، ويمكن أن يُنصَح باستخدام العلاج الدوائي أيضاً للمساعدة في التعامل والسيطرة على الموقف الحاصل. 

يعاني الأشخاص المصابون باضطراب القلق الاجتماعي (SAD) من رهابٍ شديد ومزمن من المواقف الاجتماعية أو المواقف المرتبطة بالأداء والتي من المحتمل  شعورُ الفرد فيها بالحرج أو الرّفض أو المراقبة. 

يعاني الأشخاص المصابون باضطراب القلق الاجتماعي في هذه المواقف دائماً من أعراض قلقٍ جسدية.

على الرغم من إدراكهم أن خوفهم هذا لا مبرّر له، إلا أنهم لا يحاولون فعل أي شيء لإيقافه. وبالتالي فإنهم إما يتجنّبون هذه المواقف كلياً أو ينخرطون بها مع شعورٍ بقلقٍ وضيقٍ شديدين.

هذا يعني أن القلق الاجتماعي في هذه الحالة تجاوزَ حدود الخجل الذي يمكن أن يشعر به الشخص بشكل يومي، إذ يكون هذا القلق مضعِفاً له بشكلٍ كبير.

تندرج أعراض اضطراب القلق الاجتماعي عادةً ضمن ثلاثة بنود مختلفة.

الأعراض الجسدية

يمكن أن تكون أعراض اضطراب القلق الاجتماعي مُجهدةً للغاية وتشمل ما يلي:

رؤية مشوشة وألم في الرأس، احمرار الوجه، آلام وضيق في الصدر، ضيق في التنفس، خفقان وتسارع في ضربات القلب (عدم انتظام دقات القلب). قشعريرة، إسهال وغثيان، دوخة وطنين في الأذن، تعرُّق. جفاف في الفم وغصة في الحلق، رجفان في الصوت. عدم الإحساس بالواقع (تبدد الواقع) أو الشعور بالانفصال عن الذات (تبدد الشخصية)، شد عضلي، تنميل (وخز) واهتزاز.

يمكن أن تصبح هذه الأعراض حادةً جداً بالنسبة لبعض الأشخاص وتتطور إلى نوبةِ هلعٍ كاملة.

لكن بخلاف المصابين باضطراب الهلع، يدرك المصابون باضطراب القلق الاجتماعي أن الهلعَ ناجمٌ عن الخوف من المواقف الاجتماعية أو المواقف المرتبطة بالأداء وليس نتيجةَ نوبات الهلع نفسها.

الأعـراض المعرفيّة (الإدراكية)

ينطوي اضطراب القلق الاجتماعي أيضاً على أعراضٍ إدراكيّة تشمل أنماطَ تفكيرٍ مُختلّة وظيفيّاً.

يشعر الأشخاص المصابون بهذه الحالة بانزعاجٍ من الأفكار السلبيّة وانعدام الثقة بالنفس عندما يتعلق الأمر بالمواقف الاجتماعية أو المرتبطة بالأداء.

فيما يلي بعض الأعراض الشائعة التي يمكن أن يعاني منها الفرد:

  • المعتقدات السلبيّة: مثل الاعتقاد الراسخ بعدم الكفاءة في المواقف الاجتماعية أو المواقف المرتبطة بالأداء.
  • الانحياز السلبي: كالميل إلى إهمال اللقاءات الاجتماعية الإيجابية وتعظيمُ القدرات الاجتماعية للآخرين.
  • الأفكار السلبيّة: كالتقييمات السلبيّة التلقائية للذات في المواقف الاجتماعية أو المرتبطة بالأداء.

على سبيل المثال: تخيّل أنك بدأت وظيفةً جديدة أو أنه يومك الأول في المدرسة وطلب المعلّم أو المدير من كل شخص أن يُعرِّف عن نفسه أمام الجميع. من المحتمل أن يبدأ المصاب باضطراب القلق الاجتماعي بالتفكير بأفكار سلبية كـ “يبدو الجميع مرتاحاً أكثر مني” أو “ماذا لو قلت شيئاً غبياً؟ ” أو “ماذا لو لاحظ الجميع نبرة صوتي المرتجفة؟”.

سرعان ما تبدأ هذه الأفكار بالخروج عن السيطرة إلى حدٍّ يجعلك غيرَ قادرٍ على سماع أي شيء يقوله الآخرين. وعندما يحين دوركً، فإنك تتحدث بشكلٍ مختصر قَدر الإمكان متمنياً ألا يكون أحد قد لاحظ القلق والارتباك الذي تشعر به.

إذا استمرت هذه الأنماط الفكرية السلبيّة دون معالجة فمن الممكن أن تقوّض من تقديرك لذاتك بمرور الوقت، إذاً من المهم جدا طلب المساعدة في هذه الحالة.

الأعراض السلوكية

يتّبع المصابون باضطراب القلق الاجتماعي طريقةً معينةً في التصرف أيضاً، إذ يميلون إلى انتقاء خياراتٍ قائمةٍ على الخوف والتهرّب وليس بناءً على ما يفضّلونه بالفعل أو يرغبون به أو يطمحون إليه.

على سبيل المثال: يمكن أن تتغيّب عن درسٍ ما للتهرب من إلقاء عرضٍ تقديمي أو أن ترفض ترقيةً في العمل لأنها تعني تزايد المتطلبات الاجتماعية ومتطلبات الأداء.

يكون المصابون باضطراب القلق العام محفوفين بخطر تدني جودة حياتهم في الحالات الشديدة منه، وفي حال عدم المعالجة.

يمكن أن يكون لديهم القليل من الأصدقاء أو لا يمتلكون أصدقاء أبداً، ولا يدخلون في علاقات غرامية و يتغيبون عن المدرسة أو يتركون العمل. أو يمكن أن يلجؤوا للمشروبات الكحولية وذلك في سبيل تحمُّل القلق الحاصل.

فيما يلي بعض الأعراض السلوكية الشائعة:

  • التجنّب والانطواء: تنفيذ الأشياء أو عدم تنفيذها وذلك للتقليل من القلق إزاء التواجد في المواقف الاجتماعية أو المواقف المرتبطة بالأداء.
  • السلوكيات الآمنة: القيام بأفعال للسيطرة أو الحدّ من تجربة التواجد في المواقف الاجتماعية أو المواقف المرتبطة بالأداء.
  • الهروب: ترك أو الهرب من المواقف الاجتماعية أو المواقف المرتبطة بالأداء والتي تبعث على الخوف.

 أعراض اضطراب القلق الاجتماعي عند الأطفال

تبدو أعراضُ هذا الاضطراب عند الأطفال والمراهقين مختلفةً عن البالغين. إذ يتشبث الأطفال الصغار الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي بأحد الوالدين. أو يصابون بنوبة غضب في حال إرغامهم على التواجد في موقفٍ اجتماعي ما. أو يرفضون اللعب مع الأطفال الآخرين ويبكون أو يشتكون من تلبّك معوي أو مشاكلَ جسدية أخرى.

يمكن أن يكون التثبيط السلوكي في مرحلة الطفولة نذيراً على تطوّر اضطراب القلق الاجتماعي لاحقاً. وبالمقابل، فإن المراهقين الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي يتجنّبون التجمعات كلياً أو يُظهرون اهتماماً منخفضاً بتكوين الصداقات.

تشخيص اضطراب القلق الاجتماعي

لا يمكن إجراء التشخيص باضطراب القلق الاجتماعي عن طريق أيّ فحصٍ مخبري أو اختبارٍ جسدي، كما هو الحال في جميع الاضطرابات العقليّة.

يقوم التشخيص على مدى استيفاء الشخص لمعاييرَ موحدة والتي حددتها الجمعيّة الأمريكيّة للطب النفسي (APA). إذ يستعين أخصائيو الصحة النفسية بكتيّب يسمى الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية (DSM) والذي نشرته الجمعيّة الأمريكيّة للطبّ النفسي (APA).

أظهرت الأبحاث أن القلق الاجتماعي يميل إلى التأثير على النساء بشكلٍ أكبر من الرجال.

لذلك، يوصي الخبراء بأن يقوم الأطباء السريريون بفحص الفتيات والنساء من عمر الـ 13 عاماً وما فوق للكشف عن اضطـراب القلق الاجتماعي. ذلك لأن اضطـراب القلق الاجتماعي يمكن أن يزداد سوءاً بمرور الوقت. ما يعني أن التدخلَ المبكّر يؤدي إلى نتائجٍ أفضل وتَحسنٍ في الصحّة.

تستلزم عملية التشخيص مراجعةَ تاريخ المرض النفسي للمريض وإجراءَ حديثٍ معه لتقييم معاناته وتصوراته.

أحدُ أهداف التقييم، فيما يتعلق باضطـراب القلق الاجتماعي. هو تحديد ما إذا كان الخوف حاداً جداً إلى درجةِ تدخله في الأداء اليومي، الأداء في المدرسة أو الوظيفة أو العلاقات الخاصة للفرد.

المعايير التشخيصية لاضطراب القلق الاجتماعي

  • خوف ملحوظ أو قلق تجاه واحدٍ أو أكثر من المواقف الاجتماعية التي يمكن أن تتعرض خلالها لمراقبة الأخرين. كمقابلة أشخاصٍ جدد أو عند مراقبتك وأنت تتناول الطعام أو أثناء إلقاء خطاب ما.
  • الخوف من احتمال أن تعرّض نفسك للإهانة أو الإحراج أو الرفض من الآخرين بناءً على طريقة التصرف أو لأن أعراض القلق ظاهرةٌ عليك.
  • الشعور الدائم بالخوف أو القلق في هذه المواقف.
  • الخوف والقلق الذي تعانيه لا يتناسب مع التهديد الحقيقي للموقف.
  • استمرار هذا الخوف أو القلق لمدة ستة أشهر فأكثر.

يسبب هذا الخوف أو القلق إجهاداً ملحوظاً أو تعطيلاً لجوانبَ مهمة في الحياة، كالوظيفة وعلاقاتك مع الآخرين.

لا يمكن إيعازُ هذا الخوف أو القلق إلى تأثير الأدوية، ولا يمكن تأويله لحالةٍ نفسية أخرى ولا يرتبط بحالةٍ صحيّة ما.

إذا كنت تعاني من هذه المخاوف عندما تتحدث أو تؤدّي على مشهدٍ من الناس. فإن مُحدِّد “الأداء فقط” سيضاف إلى التشخيص الخاص بك لاضطـراب القلق الاجتماعي.

 أدوات تشخيصية أخرى

إضافة إلى استخدام معايير التشخيص العائدة للنسخة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية (DSM-5) بهدف تقديم التشخيص المناسب. يستخدم أخصائيو الصحة العقلية أحياناً مقاييسَ تقديرٍ للمساعدة في تقييم مستوى اضطـراب القلق الاجتماعي للمريض أو بعضِ الأنواع المحددة من الأعراض.

لهذه الجُزئيّة أهميةٌ كبيرة في العلاج، إذ يمكن تقييم الأعراض، قبل وبعد، لتحديد مدى تحسن الحالة الصحية.

 التشخيص التفريقي

توجد العديد من الحالات النفسية التي تتشاركُ أوجه التشابه مع اضطـراب القلق الاجتماعي. ويمكن أحياناً تشخيص هذه الحالات إلى جانب اضطـراب القلق الاجتماعي.

يتضمن التشخيص التفريقي الحالات التالية:

  • أولاً، اضطراب الصمت الانتقائي (Selective Mutism): ينطوي اضطراب الصمت الانتقائي على إخفاقٍ في التحدث خلال المواقف الاجتماعية المحددة كمواقف في المدرسة مثلاً ويتم تشخيصه عادةً في مرحلة الطفولة. يخفق الأطفال المصابون بهذا الاضطراب في التحدث في المدرسة ولكن يمكنهم الحديث مع أفراد عائلتهم في المنزل.
  • ثانياً، اضطراب الطلاقة الطفولي (التلعثم) (Childhood-Onset Fluency Disorder/Stuttering): يُصنف هذا الاضطراب على أنه خلل في النمو العصبي ولكن يمكنه أن يسبب قلقاً من الحديث على مرأى الجميع.
  • ثالثاً، اضطراب الشخصية الانطوائية (Avoidant Personality Disorder): يشمل على أعراض مشابهة لاضطراب القلق الاجتماعي ولكن بدرجة أقوى وبنمطِ تجنّب أوسع.
  • رابعاً، اضطراب الهلع (Panic Disordrer): يشمل على نوبات هلع غير متوقعة والتي تبدو وكأنها تأتي من حيث لا ندري.
  • على عكس اضطـراب القلق الاجتماعي، فإن الأشخاص المصابون باضطراب الهلع قد يشتبهون بوجود سبب طبي وراء قلقهم.
  • خامساً، رهاب الخلاء (Agoraphobia): يتم تشخيصه إلى جانب اضطراب القلق الاجتماعي ويشير إلى الخوف من التعرض لنوبة هلع في مكان يصعب الهروب منه. يمكن تشخيص الأشخاص المصابين باضطراب القلق الاجتماعي أيضاً باضطراب الهلع ورهاب الخلاء ولكن كل منها هو حالة منفصلة.
  • سادساً، اضطراب طيّف التوحد (ASD / autism spectrum disorder): ينطوي هذا الاضطراب على اعتلال في التواصل الاجتماعي ضمن سياقات متعددة. يمكن أن يعاني الأطفال المصابون باضطراب التوحد عالي الأداء (المستوى الأول) من القلق الاجتماعي أيضاً.

 متى تطلب مساعدة؟

إذا كان القلق الاجتماعي يرافقُ حياتك اليومية، يمكن أن تتساءل فيما إذا كانت الأعراض الحاصلة. شديدةً كفايةً للتشخيص باضطراب القلق الاجتماعي، فمن الصعب معرفة فيما إذا كان ما تعانيه هو مرضٌ يمكن تشخيصه.

من المتعارف عليه، أنه إذا كانت الأعراض تؤثر سلباً وبشكلٍ كبير على جوانب الحياة اليومية؛ العلاقات، العمل أو المدرسة أو أنك تجد نفسك أحياناً تتجنب المواقف الاجتماعية بدافع القلق، فمن الأفضل التوجه إلى الطبيب.

يمكن للطبيب النفسي أو أيّ أخصائي صحةٍ نفسية آخر أن يساعد في العلاج. الشيء المبشّر هو أن أعراض اضطراب القلق الاجتماعي تستجيب بشكلٍ جيد للعلاج.

يمكن أن تستجيب الأعراض الجسدية، العقليّة والسلوكيّة لاضطراب القلق الاجتماعي بشكل جيد للعلاج النفسي، العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، العلاج بالتعرّض والعلاج الدوائي.

في حال لم يتم تشخيصك باضطراب القلق الاجتماعي إلى الآن. فيجب أن يكون للحصولِ على التشخيص وإيجادِ معالج نفسي للقلق الأولوية في حياتك.

نصيحة

رغم أن أخصائي الصحة العقليّة المدرَّب يمكن أن يوفر التشخيص المناسب. إلا أن للاطلاع على أعراض القلق الاجتماعي قدرةً على مساعدتك في معرفة فيما إذا كان ما تعانيه هو أمرٌ عادي أو اضطـراب القلق الاجتماعي.

إذا وجدت أن الأعراض التي تعاني منها تتوافق مع تشخيص اضطراب القلق الاجتماعي، كُن على يقين أن المساعدة متوفرة.

يمكن أن تشعر في البداية أن الحصول على المساعدة أمرٌ صعب ولكنه سيكون خطوةً في الاتجاه الصحيح؛ خطوة تستحق أن يتم اتخاذها في النهاية.

اقرأ أيضاً: علاج اضطراب القلق الاجتماعي

المصدر: Symptoms and Diagnosis of Social Anxiety Disorder

تدقيق: هبة محمد

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: