يشوب النزاع والخلاف العلاقات الشخصية أو العمل أو تجمع بشكل متكرر، قد يكون أمراً ضرورياً وصحياً في بعض الأحيان. لكن، عندما تواجه نزاعاً مع أحد في موقف دفاعي، قد يؤثر سلباً على مجرى النقاش وردات الفعل أيضاً. إذاً كيف تتعامل مع السلوك أو الشخص الدفاعي؟
بدلاً من تجنب المواجهة مع أشخاص لديهم سلوكيات دفاعية، من الأفضل معرفة سبب تفاعلهم بتلك الطريقة وأفضل أسلوب للتواصل معهم.
ما هو السلوك الدفاعي؟
السلوك الدفاعي (Defensive Behavior) هو سلوك عدواني أو مُنقاد استجابةً لما يتصوره الفرد على أنه تهديد.
قد يكون يكون هذا النوع من ردات الفعل تجاه مشكلة ما سهل الملاحظة. تخبرك غريزتك أن المحادثة قد تحولت إلى نقطة يبدو فيها الشخص وكأنه يشعر بالتهديد لسبب ما، سواء بشكل ظاهر للعيان أو لا.
لماذا يصبح الفرد دفاعياً؟
تشير دراسة عام 2020 إلى استخدام الناس السلوك الدفاعي لمنح أنفسهم استراحة عند قيامهم بشيء خاطئ. قد يصبح الفرد دفاعياً للأسباب التالية:
- تحريف ما حدث أو نسيانه.
- لوم الآخرين.
- الحفاظ على المكانة الاجتماعية.
- تقليل الأذى الحاصل.
- رفض تحمل المسؤولية.
- الانسحاب من الموقف.
قد يصبح الأشخاص دفاعيين أيضاً بسبب شعورهم بالقلق. مثلاً، يتصرف أحدهم بطريقة دفاعية لأنه تصور موقفاً ما لا يشكل تهديداً وكأنه حالة تنذر بالخطر.
كيفية التعامل مع شخص دفاعي
في حين يصعب تجنب النزاع دائماً، لكن قد يفيد العمل بالنصائح والحيل التالية للتواصل بشكل فعال، خصوصاً مع شخص دفاعي.
تنمية وعيك الذاتي
قبل التركيز على ردات فعل الآخرين إزاء النزاعات، من الأفضل تنمية الوعي الذاتي لديك. كيف تتفاعل جسدياً وعاطفياً مع الموقف ومع ردات فعل الآخرين عليها؟
يساعد فهمك لذاتك في تنظيم العواطف وتوضيح سوء الفهم الحاصل. أيضاً، يعد البقاء منفتح الذهن لأفكار ووجهات نظر الآخرين فكرة جيدة بشكل عام.
يعتبر فهم الذات أحد جوانب الذكاء العاطفي (EI)، وهو القدرة على إدراك وضبط واستخدام عواطفك بطرق مفيدة تساعد في التواصل مع الآخرين وتقليل التوتر ونزع فتيل النزاع.
تظهر الدراسات أن الذكاء العاطفي (EI):
- يزيد من الطرق المرنة للتأقلم: ينطبق ذلك على الصعوبات والضغوطات الاجتماعية والنزاعات الشخصية.
- يعزز التنظيم العاطفي: يساعد في تقليل العواطف السلبية وزيادة الإيجابية منها في المقابل.
- يحسّن شبكة الدعم الاجتماعية: إذ يزيد وعيك بنوعية علاقاتك الاجتماعية وكيف تمضي بهذا التحسن قدماً.
استخدم عبارات فيها ضمير “أنا”
واحدة من أكثر الطرق فعالية للتواصل مع الشخص الدفاعي استخدام عبارات يقال فيها ضمير “أنا”. هذا يعني تأطير تأثيرات الموقف حول ما اختبرته أنت وليس ما فعله الشخص الآخر بشكل خاطئ أو ما قد يعنيه بالنسبة له كشخص.
على سبيل المثال: “شعرت من كلامك أنني دائماً أقوم بعمل سيئ أو أنني لا أستطيع تلبية احتياجاتك”. قد تساعد الشخص الدفاعي (ذو السلوك الدفاعي) على فهم شعورك بشكل أفضل على عكس قولك “أنت وغد لأنك صرخت في وجهي!”.
حاول الابتعاد وتجنب النزاع مع الشخص الدفاعي
تجنب النزاع ليس دائماً أمراً صحياً، ومع ذلك عندما تكون المشاعر في ذروتها، يمكنك الابتعاد أو تجنب الشخص ذو السلوك الدفاعي مؤقتاً. بعد ذلك، يمكنك إعادة طرح الموضوع بمجرد أن يكون كلاكما هادئين وجاهزين لمواجهة الموقف بعقل أكثر انفتاحاً.
قد يكون دخول وسيط متفق عليه من طرفكما مفيداً أيضاً في حل المشكلة. إذا وجدت نفسك تغذي غضب الشخص الآخر، هنا يمكن لطرف ثالث التدخل لحل المشكلة.
تجنب المنافسة مع الشخص الدفاعي
حاول الابتعاد عن المنافسة عند الاقتراب من شخص يتخذ موقفاً دفاعياً. عندما تكون طاقتك ذات طابع تنافسي، قد يُساء فهم نبرة صوتك على أنها عدوانية أو غير متعاونة مما قد يتسبب في زيادة حذر الشخص الدفاعي.
فكر في الرد بطريقة تنافسية أو حازمة عندما تكون هناك حالة طوارئ فقط، مثل عندما يكون شخص ما في خطر أو هناك مخاوف جدية تتعلق بالسلامة.
المراعاة في حدود المعقول
عندما تستوعب الشخص ذو السلوك الدفاعي، فمن المحتمل ألا يتم تلبية ما تريده. ومع ذلك، قد يكون هذا الاستيعاب عملياً عندما:
- يوجد شخص واحد على خطأ
- يكون الأمر أكثر أهمية للآخرين
- تكون تسوية النزاع أهم من الخلاف
من الأفضل عدم استخدام هذه الاستجابة باستمرار في خلافات مع نفس الشخص، إذ قد يؤدي ذلك إلى الاستياء والتأثير سلباً على العلاقة على المدى الطويل.
المساومة جيدة في التعامل مع شخص دفاعي
عندما تحل المشكلة عن طريق التسوية (المساومة)، فأنت تقرر التفاوض مع الآخر. غالباً ما تكون التسوية هي أفضل مسار إجرائي عندما يكون حل النزاع أكثر أهمية من الحصول على ما تريد.
ومع ذلك، يمكن أن تكون هذه الطريقة محدودة لأنك قد تركز على طرق لتغيير مسار النزاع والتي يمكن أن تجعلك تتنازل عن بعض احتياجاتك أثناء محاولة تلبية احتياجات الشخص ذو السلوك الدفاعي.
قد لا تكون هذه استراتيجية مفيدة إذا كانت تدفعك باستمرار للتنازل أو التسوية معهم.
التعامل مع النزاعات
فيما يلي بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها عندما تختلف مع شخص آخر:
- حدد فيما إذا كنت بحاجة لمعالجة نقطة الخلاف: هل يستحق الأمر المعاناة؟ إذا كان الجواب لا، قد يكون من الأفضل ترك الخلاف يمضي.
- حضر نفسك للنقاش: هل هي المرة الأولى التي تواجه فيها مثل هذه المشكلة؟ إذا كان الأمر كذلك، ركز على هذه النقطة. لكن، إذا كانت المشكلة متكررة، ركز على أنماط السلوك بدلاً من ذلك.
- ركز على علاقتك: إذا كانت المشكلة تؤثر على علاقاتك في العمل، مع الأصدقاء أو العلاقات الرومانسية وجّه اهتمامك نحو العلاقة نفسها وكيف يؤثر النزاع عليها.
- حاول فهم موقفك في النزاع: اجمع كل المعلومات والمعطيات السابقة التي تتعلق بمشكلة النزاع وقدمها للطرف الآخر، ثم فكر في مدى استعدادك للتعاون لحل الأمر أو المساومة عليه.
- فكر في سبب تصرف الشخص ذو السلوك الدفاعي بهذه الطريقة: إذا كنت مكانه، كيف سيكون رد فعلك؟ لماذا قد يتصرف شخص عاقل بهذه الطريقة؟ التعاطف مع الآخر قد يساعد في حل المشكلة بشكل أسرع.
خلاصة
يمكن أن يكون النزاع صحياً ومفيداً، ولكنه قد يشكل تحدياً عندما يصبح الشخص الآخر دفاعياً. ومع ذلك، من الضروري أن تفهم لماذا قد يتخذ البعض موقفاً دفاعياً وما هي أفضل طريقة للتعامل معه.
يجب أن تعيد النظر في حكمك على الشخص الآخر والتفكير في سبب رد فعله بهذه الطريقة. على سبيل المثال، هل هناك مشكلة أكثر أهمية لا تراها؟ هل أظهرت أنت رد فعل دفاعي أثار غضب الآخر؟
من خلال تنمية ذكائك العاطفي والتدريب على أساليب الاتصال الفعال وحل النزاعات، يمكنك نزع فتيل موقف إشكالي مع شخص آخر وتعزيز قوة العلاقة في النهاية.
إذا كنت شخصاً دفاعياً في خلافاتك مع الآخرين، يمكنك التحدث إلى أخصائي الصحة النفسية لفهم سلوكياتك الدفاعية بشكل أفضل وتقليلها. هناك أيضاً تطبيقات صحية نفسية يمكن أن تساعد في إدارة صحتك النفسية بشكل عام.
اقرأ أيضاً: خمس طرق للتعامل مع شخص دائماً على حق
اقرأ أيضاً: التعرض للرفض، إليك عشر نصائح للتعلب على مخاوفك
المصدر: How to Talk to Someone Who Is Always Defensive
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم