إذا تعاملت مع حدث صادم مؤخراً فقد ينتابك القلق بأنك ستشعر بالسوء للأبد، ولا بد أنك ستأخذ بعض الوقت لكي تشعر بالصحة والسعادة مجدداً، إلا أن هناك العديد من الخطوات التي يمكنك اتخاذها تساعدك على تجاوز الأمر. كن متأكداً من أنك ستكون على ما يرام مجدداً وبأن لديك من القوة ما يكفي لجعل رحلة الشفاء من الصدمة رحلة فعّالة.
فيما يلي عشر خطوات مختلفة ل الشفاء من الصدمة. سننظر أولاً إلى ماهية الصدمة بالتحديد لكي يكون واضحاً بأن هذا ما تعانيه فعلاً، ثم سنشارك معك الخطوات والنصائح المتنوعة التي يمكنك اتباعها.
ما هي الصدمة؟
الصدمة(Trauma)، هي نتيجة حدث سيء وتحدث عندما تشعر بأنك تأذيت عقلياً أو عاطفياً بسبب ما جرى وقد تؤدي إلى اضطراب ما بعد الصدمة الذي يشار إليه بـ (PTSD).
تتضمن الأمثلة على الأحداث المؤلمة موت شخص عزيز عليك أو التعرض للعنف، حادث تحطم طائرة أو سيارة، المرور بعلاقة صعبة أو انفصال أو أحد الكوارث الطبيعية مثل الزلزال أو الإعصار.
إذا شعرت بالصدمة، الحزن، القلق أو الارتباك من أي حدث ذُكر سابقاً، فمن المحتمل أنك تعاني من ” الصدمة “.
لا تعد الصدمة حدثاً أو تجربةً بحد ذاتها بل هي استجابة الجسم والعقل له. يؤثر الإجهاد الناجم عن الصدمة على العقل، لذلك من المهم جداً اتخاذ خطوات للمضي نحو الشفاء والتخفيف من آثارها السلبية قدر الإمكان.
قبول الدعم هو أول الخطوات في رحلة الشفاء من الصدمة
في بالبداية، ينطوي تجاوز صدمةٍ ما على الرغبة بالشفاء و الاستعداد لتقبّل المساعدة والدعم. من الممكن أن تمضي في رحلة شفائك وحدك أو قد تتضمن هذه الرحلة الكثير من الدعم الاجتماعي أو العلاج الفردي. أيّاً يكن الطريق الذي قد تسلكه بشكل طبيعي، فإن فرصتك بالتعافي ستكون أفضل إذا كنت ضمن وسطٍ تتقبل الدعم فيه.
قد تتلقى مساندة من أحبابك أو من مجموعة دعم، من معالج نفسي، من أصدقاء أو زملاء. إن الجزء الأهم هنا هو أن تكون على علم بأن الآخرين قادرون على مساعدتك وأنك مستعد لتلقي هذه المساعدة.
إيجاد المساعدة المناسبة
يتوجب عليك بعد ذلك إيجاد نوع المساعدة المناسب لحالتك. إذا كانت المعالجة النفسية الخطوة الصحيحة بالنسبة لك، يمكنك أن تبحث بالتحديد عن معالج خاص بعلاج الصدمات للتأكد من أنه سيكون قادراً على معالجة الصدمة وأنه سيقدم لك أفضل خدمة ممكنة.
أو من الممكن أن تشعر بأنك تفضل الانضمام إلى مجموعة دعم لكي تبقى محاطاً بأشخاص آخرين مروا بتجارب مماثلة وحيث تجد التفاهم والتعاضد أيضا.
التواصل مع الآخرين
سيساعدك التواصل مع الآخرين سواءً كنت ضمن مجموعة دعمٍ للشفاء أو لا. ليس عليك أن تركز على صدمتك مع المجموعة أو أن تتحدث مع الآخرين عنها إذا كنت لا تشعر أن هذه هي الخطوة الصحيحة بالنسبة لك.
يشكل التواصل مع الآخرين مفتاح السعادة عند البشر، ويمكن أن يؤدي الانعزال عند التعامل مع صدمة ما إلى نتائج سلبية كـ الاكتئاب. لذا، اقضِ بعض الوقت مع الأصدقاء إذا كنت تشعر بأنك قادر على القيام بذلك، وشاركهم بما مررت به عندما تشعر بأن هذا الأمر مناسب.
الرياضة والحركة الجسدية مهمة في رحلة الشفاء من الصدمة
تبيّن أن الرياضة تحسن أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). بالإضافة إلى مساعدتها بشكل مباشر على الشفاء من الصدمة، تزود الرياضة والحركة الفيزيائية الجسم بالمواد الكيميائية الأكثر ضرورية للشعور الجيد كـ هرمون الإندروفين.
وإن كنت لا تحب ممارسة التمارين الرياضية فلا بأس في ذلك، إذ يمكنك التنزه أو القيام بشيء مسلّ كركوب الدراجة، التزلج، ممارسة تمارين اليوغا بمساعدة الفيديوهات الخاصة بها، الاستمتاع بحفلة رقص فردية، أو أي شيء يتضمن تحريك جسدك ما يساعدك على الشفاء.
تعامل مع مشاعرك
إن كتابة المذكرات هو وسيلة شائعة لضبط القلق وتجاوز أحداث معقدة؛ جربها إذا كنت تشعر أنها نافعة لك، وإذا لم تكن كذلك فمن المفيد قضاء بعض الوقت مع مشاعرك. حاول ما بوسعك للتواصل مع ما تشعر به، واسمح لنفسك بالإحساس بها كلياً لعدة دقائق. بعدها لاحظ كيف تزول وتتلاشى.
يعد الإحساس بمشاعرك وتقبُّلها سر الشفاء من الصدمة. يمكن أن تنتابك مشاعر صعبة خلال مسيرة الشفاء، وهذا أمر عادي. فمن الطبيعي أن تعتليك مجموعة متنوعة من الأحاسيس ولا بأس إن كان بعضها جديد بالنسبة لك.
التدرب على الرعاية الذاتية
تقلل الرعاية الذاتية من القلق، وبنفس القدر من الأهمية، فهي شعور رائع. طبّق الرعاية الذاتية خلال رحلة الشفاء عبر اتخاذ إجراءات دورية للقيام بأمور تجعلك تشعر بالرضا والمحبة تجاه نفسك.
يمكن لأساليب رعاية الذات أن تكون بسيطة ومجانية، ويمكن أن تكون عادية كالاستحمام مثلاً. إن ما يهم هو أن تخصص وقتاً للاهتمام بنفسك، وبأن تقوم بالأشياء التي تشعرك بالحب.
تجنَّب العقاقير الترفيهية خلال فترة الشفاء من الصدمة
يمكن أن يكون شرب الكحول أو المخدرات أمراً مغرياً للغاية خلال فترة الشفاء من الصدمة. ولأن هذه المواد الترويحية تسبب الإدمان وتجعل دماغك يتوقف عن التفكير والإحساس، فإن هذا ليس الوقت المناسب لذلك.
لن تكون قادراً على التعامل مع مشاعرك إذا كنت تتجنبها فعلاً عن طريق تعاطي المواد المخدرة.
اِعلم بأن هذا الأمر مؤقت، ويمكنك أن تعود بعدها للقيام بنشاطات. مثل الشرب في المناسبات الاجتماعية بعد أن تكون قد أخذت الوقت الكافي للشفاء من الصدمة.
خصص فترات استراحة
قد تجد أنك أصبحت تشعر بالتعب أكثر من المعتاد عندما تحاول تجاوز صدمة ما نحو الشفاء. أو أن لديك طاقة جسدية لكن عقلك لا يستجيب بشكل جيد بما فيه الكفاية. إذ يتطلب الشفاء من الصدمة الكثير من الطاقة.
إن الطريقة الأفضل للتعامل مع الطاقة المنخفضة خلال هذا الوقت، سواء كانت جسدية أم نفسية، هي بأن تكون لطيفاً مع نفسك.
سيساعدك أخذ الاستراحات، حتى عند القيام بأشياء ممتعة، والتوقف مؤقتاً عن عمل أي شيء. وإعطاء بعض الوقت لنفسك في الحفاظ على طاقتك وضمان ألا ترهق نفسك.
ممارسة اليقظة الذهنية أو التأمل تساعد في الشفاء من الصدمة
أثبتت تمارين اليقظة الذهنية فعاليتها في الشفاء، وهي طريقة لتجربة حياةٍ تولي فيها الاهتمام لكل لحظة.
حيث تبقى حاضراً لكل شيء ابتداءً من الأفكار والمشاعر وصولاً إلى سيرورة الأمور من الناحية الجسدية، ما قد يساعدك على تخفيف القلق.
بالإضافة لذلك، يمكن للتأمل وتمارين التنفس التي تعد أنواعاً طبيعية لليقظة الذهنية أن تخفف من مستويات القلق لديك. وأن تساعدك على الاسترخاء أكثر والاستقرار بحياتك؛ وكلها أمور تساهم في التعافي.
حاول أن تستمتع بوقتك
في النهاية، إن الاستمتاع بوقتك أحد طرق الشفاء المذهلة وأن تكون شخصاً مبدعا قد يعني، بالنسبة لك، تأليف الموسيقى أو مجرد الاستماع لها أو قد يعني كتابة الشعر أو المذكرات أو حتى قراءة كتب الخيال.
تبيَّن أن مشاركة العقل في الإبداع والأعمال الفنية يحسن من النتائج الجسدية والنفسية لفرد.
يمكنك أن تجرب العلاج بالفن أو أن تكون مرتاحاً تماماً مع ماتقدمه من إبداع تقوم به بمفردك. من المهم أن تشارك بأي شيء إبداعي يشعرك بالرضا والإيجابية.
قد يكون الشفاء من صدمة ما عبئاً ثقيلاً. لكن اعلم بأن هناك الكثير من الخيارات بين يديك وإذا استخدمت أياً منها، ستكون في طريقك للتحسُّن عما قريب.
اقرأ أيضاً: علاج اضطراب ما بعد الصدمة PTSD، والأدوية المستخدمة لهذا الغرض
المصدر: 10 Ways to Heal From Trauma
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم
