الوالد الوحيد هو شخص غير متزوج، أرمل أو مطلق ولم يتزوج مرة ثانية. قد يترأس العائلة ذات الوالد الوحيد أب، أم، جد، خال أو عمة. ووفقاً لمركز بيو البحثي (Pew Research Center) فإن حوالي 25-30% من الأطفال تحت عمر 18 يعيشون مع عائلة أحادية الوالد في الولايات المتحدة، وبحسب الإحصاءات السكانية فيها فإن 22 مليون طفل تقريباً يعيشون في منزل ذو والد وحيد، وحوالي 3 أضعاف من النساء يترأسن هذه العائلات مقارنة بعدد الرجال.
صحة الأطفال في العائلات أحادية الوالد
يجب أن يطمئن الآباء الوحيدون لحقيقة أن عدداً كبير من الدراسات وجدت أنه لا فرق بين أطفال الأمهات الوحيدات وأطفال أي نوع آخر من العائلات. نظرت إحدى الدراسات بعمق في حياة أطفال من أنواع مختلفة من الأهل (البيولوجيين- المتبنين- زوج الأم وزوجة الأب) والعائلات ذات الوالد الوحيد (الأعزب)؛ ولم يؤثر نوع العائلة على الإطلاق، إذ كان تحصيل الأطفال الدراسي وعلاقاتهم مع أخوتهم وأصدقائهم هي نفسها تقريباً في كل العائلات.
وفي استقصاء تضمن بالغين عاشوا في 9 أنواع من العائلات، وُجد أن الذين عاشوا مع آباء وحيدين دائماً ومن ثم تمت تربيتهم ضمن عائلات ذات أجيال مختلفة كانوا الأكثر صحة من بين كل الذين شملهم الاستقصاء.
هل ينجح أطفال الوالد الوحيد بنفس القدر من نجاح أطفال الثنائيات المتزوجة؟
وفقاً لدراسات وتقارير عديدة من الأطفال أنفسهم، فإن هؤلاء الأطفال يكونون أفضل عندما تتم تربيتهم من قبل أب وحيد مقارنة بالعيش مع ثنائي متزوج على خلاف دائم. والأطفال الذين تتم تربيتهم من قبل والد مطلّق ينجحون في بعض الأوقات أكثر من الأطفال الذين يربيهم والد تزوج مرة أخرى. من المستحيل توقع مستقبل الطفل بناءً على هذا العامل لوحده.
هل هناك آثار إيجابية على الأطفال الذين تتم تربيتهم من قبل والد وحيد؟
نعم، لكل موقف أولويات نسبية يمكن ألا يتم الاعتراف بها أحياناً. وفي عبارات متكررة، أفاد طفل المرأة العاملة الوحيدة بأنه ممتن لأن أمه كانت مشغولة طوال الوقت بينما كانت أمهات أصدقائه يبقين في المنزل ويتدخلنَ كثيراً في شؤون حياتهم بما فيها جداول وواجبات المدرسة. أدى هذا التدخل المبالغ به إلى حدوث مشاكل بين الأهل والابن.
هل يمكن للوالد الوحيد أن يصبح قريباً جداً من طفله؟
نعم، ولكن يشكل ذلك خطورة على الوالدين المتزوجين أيضاً. يعتمد بعض الآباء بشكل كبيرة على أطفالهم من أجل الدعم العاطفي. إذ يصبح هؤلاء الأفراد مرتبطين بأطفالهم بشكل وثيق بسبب قلة ثقتهم بنفسهم ووحدتهم واحتياجهم وانعدام الأمان عندهم أو أسباب أخرى مشابهة، ويفتقد هؤلاء الآباء للحدود ويفضلون أن يكونوا أصدقاء بدلاً من أن يكونوا آباء أو أمهات.
هل يحدق خطر تعاطي المخدرات بالأطفال ذوي الوالد الوحيد؟
تزدهر الغالبية العظمى من أطفال الوالد الوحيد في المنزل ولاحقاً في الحياة. وفي مسح محلي لتعاطي المواد المخدرة شمل أكثر من 22000 بالغ من أنواع مختلفة من العائلات، تبين أن معدل تعاطي المواد المخدرة بين أطفال الوالد الوحيد كان 5.7% بينما كان المعدل عند أطفال الثنائيات المتزوجة 4.5%.
هل يكون أطفال الوالد الوحيد معرضين لخطر نشوء مشاكل جسيمة أخرى؟
على الإطلاق. ففي أغلب الأوقات، يتحدى الأطفال ذوي الوالد الوحيد كل الصور النمطية. وعندما تنشأ المشاكل، فإنها غالباً ما تكون موجودة عندما كان والد الطفل متزوجاً أو تكون مستقلة عن تكوين الأسرة؛ أي كان هؤلاء الأطفال يعانون في أسرتهم الأساسية.
درس الباحثون أطفالاً لثنائيات متزوجة لأكثر من عقد وبدون معرفة مسبقة فيما إذا كان الأبوان سيتطلقان أم سيستمران في زواجهما ووجدوا أنه من بين الأطفال الذين انفصل ذويهم والذين كانوا يواجهون مشاكل في علاقتهم، كانت تلك الصعوبات قد بدأت في عمر مبكر لديهم.
التحديات التي تواجهها العائلات ذات الوالد الوحيد
يحتاج الطفل لبيت آمن وموثوق لكي يكبر ويشبّ. وبالطبع يكون الأمر أصعب بكثير على الآباء الوحيدين الذين يواجهون مشاكل مالية. إذ أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات العمالية أن 11 مليون شخص تقريباً يُعتبرون من العمال الفقراء. ويعرَّف العامل الفقير بأنه الشخص الذي قضى 27 أسبوع أو أكثر في بيئة العمل، سواء كان يعمل أو يبحث عن عمل، وهو ما يزال تحت خط الفقر. وبحسب الإحصاءات السكانية الأمريكية فإن الأمهات الوحيدات يشكلن إحدى أكثر المجموعات المتضررة؛ إذ إن 30% منهن تقريباً يعشن في فقر. لا يمكن لكثير من هؤلاء الأمهات العازبات أن يُعلنَ عائلاتهنّ لأنهن غالباً يعملن بوظيفة قليلة الأجر.
هل قلق الأهل حيال الشؤون المالية سيعرقل تربيتهم لأطفالهم؟
يعني أن تكون الوالد الوحيد للبيت أنك المدير وأنك حر من الشجار بشأن المال والنفقات؛ وهذا أمر رائع. لكن وفقاً للأبحاث، فإن تكلفة تربية طفل باهظة جداً ما يؤثر على الخطورة العالية لنشوء الضوائق المالية.
أما في حال العودة إلى العمل، فلا يجب أن يكون هذا مصدراً للقلق أو للشعور بالذنب حتى لو كان الأمر كذلك في الغالب. معظم أطفال الأمهات اللاتي عدن للعمل بينما كان أطفالهن ما يزالون رضعاً أو دراجاً يبلون حسناً أكاديمياً وسلوكياً وبنفس مستوى أطفال الأمهات اللاتي يبقين في المنزل.
في إحدى الدراسات، حصل بعض الأطفال المنحدرين من عائلات وحيدة الأم، وكانت بهذه الحالة تعمل، على درجات أكاديمية أفضل وأظهروا اضطرابات سلوكية أقلّ من الأطفال ذوي الأمهات غير العاملات.
هل يؤثر عدم رؤية الأطفال بالقدر الكافي على العلاقة معهم؟
حسب تقارير مكتب الإحصاءات السكانية الأمريكي، فإن حوالي 50% من الأطفال الذين يعيشون مع أمهاتهم بعد الانفصال بسنتين لا يرون آباءهم بشكل منتظم. يتم استبعاد أغلب الآباء وفقاً لإجراءات الحضانة. ولكن يشكل وجود أب يُبدي اهتماماً بحياة أطفاله ويشترك فيها فائدة عظيمة للجميع.
تتمثل إحدى طرق المساعدة في هذا الأمر في عون شريكك السابق؛ أحضر الأطفال من المدرسة و تواجد ضمن فعالياتهم وشجعهم في مبارياتهم وألعابهم؛ إذ سيشكل هذا الاهتمام والمشاركة فرقاً كبيراً، ومساعدتك لشريكك السابق سيساعدك أنت أيضاً. عندما تكون أباً مهتماً، ستجد المزيد من الوقت لقضائه مع أطفالك.
تربية طفل أحادي الوالد بنجاح
إن ما يهم من أجل تربية أطفال ناجحين في أي تكوين أُسري هو الاستقرار والأمان. يمكن للوالد الوحيد أن يساعد في بناء وضمان مثل هذه البيئة عن طريق تشكيل شبكة من الأصدقاء والأقرباء والجيران الداعمين؛ أي الذين يهتمون لأمره. وبالنسبة للأشخاص الذين يواجهون ضائقة مالية شديدة، هناك الكثير من الوسائل والمصادر في المجتمع. والتي تتضمن المساعدة المنزلية و الغذائية والرعاية الصحية للأطفال وذلك بحسب الدخل والمعايير الأخرى.
من أجل تربية أطفال ناجحين، يجب أن يوفّق الوالد الوحيد بين جوانب متعددة من الحياة مثل المنزل ومتطلبات العمل والشؤون المالية من بين عدة شؤون أخرى. يواجه كل الآباء العقبات ذاتها ولكن يكون التحدي بالنسبة للأب الوحيد أكبر، لذا:
- ضع قواعد منزلية لأطفالك
- أظهر اهتماماً غير منقطعاً لكل طفل، فحتى محادثةٌ مدتها 10 دقائق يومياً يمكن أن تفيد
- ضع حدوداً دائماً
- حافظ على تماسكك وثباتك وكن عادلاً دائماً
- يحتاج الأطفال لجداول وروتين (يبدو الأمر مملاً ولكنه ينجح دائماً)
- اخفض سقف توقعاتك وابتعد عن أي أفكار مثالية
- تخلص من إحساسك بالذنب و لعب دور الضحية والمعذَّب
- تجاهل الناس المنتقدين
- أنت تحتاج للدعم من خلال الرعاية الجيدة للأطفال، الأصدقاء، العائلة والجيران الجيدين.
- لو كان الأمر ممكناً، حاول أن تنسجم مع شريكك السابق (حتى تتمكن من تحقيق ذلك، يجب أن تتمالك نفسك)
- قم بتطبيق (رعاية النفس) يومياً، تناول طعامك جيداً، مارس التمارين الرياضية، احصل على نوم كاف واتّبع تمارين التأمل (وإذا لم تمتلك وقتاً، حاول توفير بعض الوقت)
- إذا كنت بحاجة للعلاج، سيساعدك معالج العائلة النفسي.
المصدر: The Single-Parent Family
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم