تحليل مصطلح “تأثير القرن”
يؤثر التحيز المعرفي وبالأخص تأثير القرن بطبيعته على الجميع بدون استثناء، إلا أنه بالرغم من ذلك قد لا تلاحظه دائماً.
تحدث الأخطاء في التفكير والاستنتاج عادة حين يحاول الدماغ مساعدتك في معالجة تلك الكميات الهائلة من المُدخلات الحسية التي تتلقاها يومياً. و جعلها منطقية وذات معنى.
يُصنّف دماغك هذه المعلومات اعتماداً على ذكرياتك وتجاربك السابقة. وهذا ما يفرض بدوره عادةً تصوراً غير دقيق لما تتلقاه خلال مجريات حياتك اليومية.
يحدث تأثير القرن (القرن وهو العضو في مقدمة الرأس في الماعز و الأغنام وغيرهم من الحيوانات، وليس القرن أي المدة الزمنية). والذي يعد نوع من التحيز المعرفي، عندما نقوم بإصدار حكم سريع (رأي مسبق) عن شخص ما على أساس سمة سلبية واحدة فقط.
فلنقل أنك قابلت مديرك الجديد و الذي كان أصلع الرأس، وتذكرت مباشرةً أستاذ المدرسة الإعدادية الأصلع والذي كان يخيفك ويسخر منك. مما أدى إلى انعدام ثقتك في رئيسك على الفور، وذلك بسبب تجدد خوفك و غضبك السابقين.
وهكذا قادك تحيزك إلى الحكم عليه بسبب سمة واحدة فقط ألا وهي الصلع. والتي قرنها دماغك بتجربتك القديمة السلبية.
يمكن لهذا التحيز أن يظهر في سياقات مختلفة. عندما تختار أطعمة لشرائها، إيجاد مكان ما للعيش فيه أو أن تقرر نوع الأشخاص الذين ستواعدهم.
في أحسن الأحوال، يحد هذا التصرف من خياراتك، إلا أنه يُحتمل أن يكون له آثار أُخرى خطيرة أيضاً.
من أين أتى مفهوم “تأثير القرن”
يقدم مفهوم تأثير القَرن مرادف لمفهوم تأثير الهالة (Halo Effect)، و هو مفهوم تم تقديمه في عام 1920 من قبل عالم النفس “إدوارد ثورندايك”.
حيث طوّر هذه النظرية بعد تجربة قام بها. إذ طلب من ضابط قيادي في الجيش تقييم سمات بنية الجسم، الذكاء، القيادة و الشخصية للمجندين قبل القيام بأي تفاعل معهم.
وأبدت نتائجه أن الضباط كانوا يميلون إلى إعطاء المجندين أصحاب التقييم العالي في صفة واحدة (مثل بنية الجسد) تقييماً عالياً في باقي الصفات أيضاً.
خصلة واحدة إيجابية أحدثت “هالة”، إن جاز التعبير. وجعلت من ذلك الجندي شخصاً ذي تقييم عالٍ. من هنا أتى مصطلح “تأثير الهالة”.
استخدم الفنانون الدينيون مصطلح الهالة منذ القدم للإشارة إلى الأشياء التي اُعتبرت فاضلة أو دينية أو ذات طابع حَسن.
بداية بالسعي لمعرفة كيفية تأثير القرن، وجد العالم “ثورندايك” أن هذا التأثير يتعلق أيضاً بالسمات السلبية.
إذ أن الضباط الذين أعطوا المجندين تقييم منخفض في صفة ما، اتجهوا إلى تطبيق الدونية (التقييم السلبي) بشكل شامل. من خلال إعطائهم هالة سلبية أو قرون. لأن القرون تمثل تقليدياً الشياطين في الفنون الدينية.
دعمت الأبحاث الأخيرة بما فيها أبحاث عالم النفس “سليمان آش” الفكرة التي اتجه الناس فيها إلى تشكيل انطباعات قوية للآخرين مبنية على أوائل السمات المتصورة عنهم. سواء كانت لديهم حالة من التلعثم في الكلام، حالة صحية عقلية أو حتى بناءً على أسمائهم.
أمثلة شائعة عن تأثير القرن
ربما تكون قد عدلتَ ذات مرة عن فكرة شراء خضراوات من المتجر. وذلك لأن البطاقة التعريفية الخاصة بها ذكرتْ احتوائها على نكهات صناعية أو أنها مُهندسَة وراثية.
قد يحتوي المنتج بحد ذاته على بعض الصفات الإيجابية. إلا أن السمات السلبية التي لاحظتها أولاً شكّلت إدراكك الأولي حول ذلك المنتج.
هل استخدمت من قبل تطبيقات المواعدة؟
هذه التطبيقات التي تقوم بتشجيعك على اتخاذ قرار سريع بخصوص شخص يستحق أن يكون كشريك محتمل، بناءً على المظهر والجاذبية.
من المؤكد أنه عندما يتعلق الأمر بالمواعدة. فإن الجاذبية لها مرتبتها من الأهمية. لكن الأشخاص يميلون بطبعهم لمنح صفات إيجابية أخرى لأشخاص جذابين أو ذوي مظهر حسن، ولكن ليس بالضرورة أن يكونوا مالكين لها.
وأكثر من ذلك؛ فإن تصوراً واحداً وخصوصاً إذا ما كان سيئاً، لا يعطي صورة كاملة أولية عن شخص.
عندما يؤثر هذا التحيز على قدرتك على ملاحظة سمات شخص ما الإيجابية أو رؤيته بتفاصيله وطباعه الكاملة دون التأثر بتأثير القرن. فذلك بإمكانه اقتيادك لاتخاذ حكم مسبق والتسبب بالكثير من الأذى النفسي للطرف الآخر.
اقرأ أيضاً: تأثير حروف الاسم، تعريفه، ارتباطه بنا وكيفية تأثيره على حياتنا اليومية
المصدر: Horn Effect
