يمكن أن يكون تكوين علاقات وفية أمراً مجزياً كونه يضيف بعض القيم واللحظات الجيدة إلى مسار الحياة، لكن تتطلب استمرارية الصداقة بذل الجهد للحفاظ عليها.
يُعد تكوين الصداقات في مرحلة الطفولة أمراً سهلاً، لكن كلما تقدّم الإنسان في السن غدا الأمر أكثر صعوبةً وتعقيداً، وأصبح من الصعب الموازنة بين حياتك الشخصية والعملية والاجتماعية وبين إيجاد وقت الفراغ المناسب لك ولصديقك.
لذلك من الممكن لنمط حياتك وعلاقاتك الجديدة ومشاغلك أن يشكّلوا تحدياً في وجه الحفاظ على صداقاتك.
ما هي فوائد الصداقة؟
أظهرت الدراسات أن كمية ونوعية هذه الروابط الاجتماعية تؤثر على الصحة النفسية، لهذا السبب يعد تكوين الصداقات أمراً مهماً ويستحق العناية والاهتمام.
لكن كيف يمكن المحافظة على تلك العلاقات في سن الرشد؟ وكيف يمكن أن تكون صديقاً جيداً ومهتماً؟
إليك بعض النصائح التي ستساعدك في الحفاظ على أصدقائك وعلاقاتك.
1. مساندة بعضكم البعض
أن تكون مستمعاً جيداً ومتحدثاً بارعاً هو جزء لا يتجزأ من كونك صديقاً مهتماً. يميل البشر بطبعهم إلى الاعتماد بعضهم على بعض للحصول على الدعم، خاصةً في أوقات الحاجة.
قد تشعر أنك بحاجة لإعادة التأكد من أنه يمكنك الاعتماد على أصدقائك خلال تقلبات الحياة. لهذا السبب، من الجيد أن تكون الشخص الذي يظهر عاطفته واهتمامه بشكل علني. ولا يتعلق الأمر بالاستماع فقط، بل يتطلب في الكثير من الأحيان القيام ببعض الأمور من ناحيتك كصديق.
يمكنك تقديم الدعم لشخص ما من خلال الاستماع له وتصديق مشاعره، وتذكيره بإنجازاته وصفاته الإيجابية، كما يمكنك إضافة بعض المرح لجلساتكما وأن تجعله يضحك ويقضي وقتاً ممتعاً عندما يحتاج لاستراحة.
عندما تكون صديقاً جيداً، سينعكس هذا الأمر إيجاباً عليك وعلى صديقك من ناحية الصحة النفسية والجسدية لكليكما. إن مساندتك لصديقك ستجعله يدرك أنّ هذه العلاقة ليست من جانب واحد فقط، وقد يأتي يوم وتكون أنت بحاجة لدعمه وتجده في انتظارك لرد الجميل.
2. تعزيز التواصل
قد تحتاج لقضاء ما يقارب الـ 200 ساعة معاً قبل أن تعتبر شخصاً ما صديقاً مقرباً. وفي حين أن قضاء الوقت معاً يعزّز التقارب، إلا أنه من الممكن أن يكون إيجاد أوقات فراغ للتواصل خصوصاً بين الأصدقاء الذين يعيشون في أماكن بعيدة عن بعضهم أمراً صعباً.
لذلك فإن إحدى الطرق للحفاظ على الصداقات هي البقاء على اتصال دائم، حتى لو كان هذا تواصلاً افتراضياً (عبر الإنترنت). إذ يعد احتفالك بمناسبات أصدقائك كأعياد ميلادهم أو المناسبات الخاصة بهم طريقة ممتازة لإظهار بأنك تفكر بهم.
كما يمكنك إظهار هذا الاهتمام من خلال معرفة أحوالهم والسؤال عن تفاصيل حياتهم المهمة مثل الاطمئنان على كيفية إمضاء عطلة ما خططوا لها أو على نتائج مقابلة عمل تقدموا إليه.
من خلال متابعة هذه التفاصيل والأمور الصغيرة تبين لهم أنك تريد البقاء بجانبهم وأنك تحرص على تواصلك الدائم معهم والاطلاع على آخر مجريات حياتهم. وبذلك يتوقون هم لمشاركة هذه التفاصيل والتواصل الدائم معك.
بشكل عام نعتمد على أصدقائنا عندما نمر بأوقات وأزمات صعبة من أجل التنفيس عن غضبنا أو من أجل طلب المساعدة. لكن من الجيد والضروري التواصل معهم عندما لا نحتاج شيئاً، ويتم هذا التواصل بعدة طرق أبعد من مجرد تناول فنجان قهوة معاً أو قضاء بعض الوقت سويةً.
من المهم أن نتذكر دائماً أن جودة العلاقات أهم من كميتها، لذلك يجب أن نسعى دائماً لإيجاد طرق واستراتيجيات جديدة حتى نبقى حاضرين في حياة من نحب. وإن لم نستطع فأقل ما يمكن فعله هو إظهار عاطفتنا عند أمس حاجتهم إليها.
3. التعبير عن الامتنان
يُعد التعبير عن الشكر شكلاً من أشكال اليقظة الذهنية (mindfulness) وبإمكانه تحسين مزاجك وزيادة احترامك لذاتك وتعاطفك مع الآخرين، ويمتد تأثيره إلى تعميق صداقاتك أيضاً. دائماً ما يبعث التقدير المتبادل شعور الراحة في نفوس الطرفين.
عندما يبدي لك أحد الأصدقاء لطفه واهتمامه، حاول الإعراب عن امتنانك لجهوده ومشاعره، لأن ذلك يطمئنه أنك تلاحظ مساهماته في تعزيز صداقتكما.
حاول في بعض الأحيان التعبير عن امتنانك حتى وإن لم يبادر بشيء ما خصيصاً لك. الأمر الذي يجعله يعرف مدى اهتمامك وتقديرك لوجوده في حياتك.
ويمكن التعبير عن هذا الأمر بطرق مختلفة كإرسال رسالة نصية أو بطاقة بريدية تسأل فيها عن أحواله، أو الاطمئنان على حالته النفسية أو مفاجأته وتقديم وجبته المفضلة له.
4. كن صادقاً وعطوفاً في نفس الوقت
من أكثر الأشياء التي تساعد على بناء الثقة في العلاقة هي المحافظة على أسرار الأصدقاء. فالصدق جزء أساسي من ديمومة وقيمة أي صداقة.
عندما يقوم صديقك بمشاركتك أفكاره ومشاعره، يجب عليك الإصغاء والاهتمام لما يقوله بصدق. لكن فكر جيداً في ردود أفعالك.
حاول أن تكون عطوفاً وألا تطلق عليه الأحكام عندما لا توافقه الرأي بما يقول أو يفعل، فالحكم عليه سيضعف من العلاقة وسيجعله يتردد بإخبارك عما يجول في ذهنه. إظهار العواطف نقطة أساسية لمنح صديقك الدعم والفائدة.
5. حل الخلافات وإعادة توازن العلاقة
تنشأ الخلافات في أي علاقة والأصدقاء هم أشخاص يمتلكون حياة ومشاعر وأفكار وآراء خاصة. إن اختلافك أنت وصديقك في وجهات النظر حول مسألة ما قد يؤدي إلى صراع. أو مثلاً قد يحدث خلل ما ناتج عن تقديمك جهداً أكبر من صديقك.
حل الصراعات أمر جوهري لإنقاذ الصداقة برغم صعوبته. فبعض الخلافات أو الصداقات التي تكون من جانب واحد كافية لتدمير العلاقة تماماً إذا تُركت دون حل.
أن تكون الطرف المبادر للتواصل وحل النزاع مع إمكانية تقديم حلول محتملة يعد مؤشراً على أنك تقدر قيمة العلاقة وترغب بإعادتها كما كانت.
تذكّر دائماً أن الحفاظ على الصداقة هو شكل من أشكال الحب ويتطلب أحياناً الخوض في مواقف صعبة وغير مريحة.
6. احترام واحتواء الاختلافات
لا يتفرد كل منا بشخصيته فحسب، بل يحركنا الزمن أيضاً في اتجاهات ونواحي مختلفة في الحياة. بشكل آخر يمكننا القول أن لكل فرد في المجتمع أفكار ومعتقدات مختلفة.
ومع مرور الوقت تتبدل أفكار صديقك ويمكن أن يتبنّى آراء معاكسة تماماً لآرائك، فمن الطبيعي حينها أن تشعر بالإحباط والدهشة. ربما كانت هذه الاختلافات موجودة أساساً وأنت لم تلاحظها، أو ربما أحدكما يمر بمرحلة انتقالية في الحياة.
عندما تصبح المسافة بينكما واضحة، فقد يكون الوقت قد حان لإعادة تأكيد لماذا أصبحتما أصدقاء في المقام الأول؟ في أي نقطة ما تزال تتقاطع وجهات نظركما؟ حاول التركيز على تلك الأشياء التي تجعلكما أقرب وما زال بالإمكان مشاركتها.
قد يساعدك أيضاً أن تبقى منفتحاً ومتقبلاً للآراء الأخرى، فالتغيير ليس سيئاً بالضرورة وقد يكون لديكما الآن الكثير مما يمكن أن تتعلّماه من بعضكما البعض مقارنةً بما تعلّمتماه من بعضكما في الماضي.
خلاصة
تنطوي فوائد الصداقة على الشعور بالحب، الدعم والانتماء. لكن عندما يصبح الفرد في مرحلة البلوغ، يصعب حينها الحفاظ على علاقات دائمة و ذات معنى.
خذ بالاعتبار أن تكون فاعلاً في علاقاتك عبر التواصل، إظهار التقدير والتعاطف. يمكن أن يتطلب ذلك جهداً ووقتاً كبيرين، إلا أن الأمر يستحق العناء.
اقرأ أيضاً: كيف أعود وشريكي السابق لعلاقتنا؟ وكيف نحافظ على نجاح العلاقة؟
المصدر: 6Tips to Maintain Lasting and Meaningful Friendships
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم