سماع الأصوات (الهلوسة السمعية) والتعايش مع الفصام

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

يعتبر سماع الأصوات أحد أشكال الهلوسة السمعية (Auditory Hallucination) والتي تُعرف بـ “الباراكوسيا” أو “خطل السمع”، وهي شائعة الحدوث بين المصابين ببعض الاضطرابات النفسية مثل الفصام (Schizophrenia). إذاً ما الذي يمكن فعله من أجل التعايش مع الفصام؟

في الواقع، سماع أشياء ليست موجودة فعلياً أمر ممكن الحدوث كثيراً. فالدماغ البشري موهوب بقدرته على خداعنا أحياناً، إذ يملأ الفجوات عندما نلتقط أجزاء معينة فقط من المعلومات السمعية الواردة إلينا.

لا يجعل منك سماع صوت ما يناديك، بينما لا يوجد أحد بالفعل، شخصاً يعاني من مرض نفسي، لأن ذلك يعتبر أمراً طبيعياً وقد يكون ناتجاً عن الأصوات الطبيعية المحيطة بك. لكن، في حال اختبرت هلوسات سمعية دون وجود أي عوامل خارجية يُحتمل أن تكون المسبب، قد يكون الأمر أكثر من مجرد خدعة موجات صوتية.

ما هي الهلوسات السمعية؟

تحدث الهلوسات السمعية والمعروفة أيضاً باسم الباراكوسيا / خطل السمع (Paracusias) عندما تسمع أصواتاً ليست موجودة في الحقيقة، وقد تكون على شكل أصوات أشخاص أو ضوضاء يومية مثل صوت تلفاز يصدح في الخلفية.

تعتبر الهلوسات السمعية (الباراكوسيا أو خطل السمع) أحد أهم أعراض الذهان (Psychosis) وهو الحالة التي يعاني فيها المريض من انفصال العقل عن الواقع، كما يمكن لها أن تكون عَرَضاً لأمراض صحية نفسية أخرى مثل الفصام والخرف. ومن الجدير بالذكر أن الهلوسات السمعية والبصرية هي أكثر أنواع الهلوسات شيوعاً.

وفقاً لتحليل أجرته منظمة الصحة العالمية (World Health Organization WHO) عام 2015، فإن ما يقارب من 20% من الأشخاص قد سبق لهم وأن اختبروا هلوسات سمعية أو بصرية لمرة واحدة على الأقل خلال حياتهم.

أنواع الهلوسات السمعية (الباراكوسيا أو خطل السمع)

كل صوت تسمعه دون أن يكون هناك محفز خارجي لصدوره يُحتمل أن يكون هلوسة سمعية. ولكن، أكثر أنماط الهلوسات السمعية شيوعاً هي:

  • ضوضاء في الخلفية
  • أصوات غير واضحة أو مترابطة
  • كلمات مشوهة
  • أصوات بعيدة
  • أصوات مهددة أو عدوانية
  • أصوات تدعو الشخص لإيذاء نفسه
  • همس
  • صراخ

في حال كنت تعايش الفصام، فقد تتمثل الهلوسات السمعية (الباراكوسيا أو خطل السمع) بأفكار وعواطف داخلية لديك، إذ أظهر أحد الأبحاث عام 2003 أن معظم الهلوسات السمعية التي يختبرها المصابون بالفصام ليست إلا تمثيلاً خارجياً للمحادثات الداخلية التي تجري في ذهن هذا الشخص، ويزداد هذا الأمر وضوحاً في المراحل المتقدمة من المرض.

أسباب الهلوسات السمعية

ما زال الباحثون حتى وقتنا الحاضر يحاولون إيجاد السبب الدقيق لحصول الهلوسات السمعية عند المرضى الذين يحاولون التعايش مع الفصام. لكن يعتقد أن تغيرات في الدماغ يمكن أن تزيد من احتمالات التعرض للهلوسات السمعية.

اقترح الخبراء، خلال مراجعة أجريت عام 2017، أنّ الاختلافات في الفص الصدغي الأيسر للدماغ يمكن أن تضعف إدراك الأصوات الخارجية والانتباه لها. ولوحظ أيضاً أنّ النواقل العصبية الاستثارية (Excitatory Neurotransmitters) (أي التي تعمل على إثارة العصبون وجعله يطلق رسالة) وعمل اللوزة (Amygdala) لهما دور في تشويه الدلالات العاطفية التي تحملها الكلمات والأصوات التي يسمعها الشخص.

إضافة إلى أن السبب الذي يجعل الهلوسات السمعية (الباراكوسيا أو خطل السمع) تتغير مع الوقت، تحدث بشكل عفوي أو تتوقف تماماً في النهاية لا يزال مبهماً بالنسبة للباحثين. كما لا يوجد ما يشير إلى سبب ظهور الهلوسات السمعية بشكل غالب عند المصابين الذين يحاولون التعايش مع الفصام، وعدم ظهورها لدى المصابين بحالات عصبية مثل مرض باركنسون (Parkinson’s Disease) والصرع (Epilepsy).

في دراسة بتاريخ 2021، لاحظ الباحثون عدداً من العوامل المرتبطة بمرض الفصام تتجاوز تلك التي تؤثر على المناطق السمعية ومناطق اللغة في الدماغ. 

تتضمن هذه العوامل:

  • الجينات
  • التغيرات في مستويات الغلوتامات (Glutamate) وهو ناقل عصبي يرسل إشارات للدماغ والأعصاب
  • التغيرات التي تطرأ على تخطيط كهربية الدماغ (Electroencephalographic)
  • التغيرات في المادة البيضاء ضمن الدماغ
  • البنية القشرية (Cortical Structure) (الطبقة الخارجية من المخ، وهي الجزء الأكبر والأعلى من الدماغ)

تشخيص الهلوسات السمعية

إذا سبق لك وأن اختبرت هلوسات سمعية، فمن الضروري أن تتكلم مع طبيبك الخاص أو طبيب نفسي للتأكد فيما إذا كانت حدثاً عرضياً أو أنّ هناك سبباً كامناً وراءها. خلال التقييم الأولي، سيسأل الطبيب عدة أسئلة تتعلق بـ:

  • تجربة الهلوسات السمعية التي اختبرتها
  • الحالة النفسية في الوقت الحالي
  • العوامل التي تؤثر عليك في الوقت الراهن
  • التاريخ الدوائي
  • تعاطي المواد المخدرة
  • التعرض للصدمة
  • تاريخ العائلة النفسي

قد يطلب الطبيب إجراء بعض الفحوصات المخبرية لاستبعاد احتمال أن تكون الهلوسات ناتجة عن مشكلة جسدية، مثل اختبارات الدم والتشخيصات الشعاعية.

وفقاً للنسخة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، قد يتم التشخيص بحالة صحية نفسية معينة في حال كانت الهلوسات:

  • مستمرة في معظم الأوقات لمدة شهر.
  • تتضمن أصوات مع تعليقات مستمرة على الأفكار والسلوك.
  • تنطوي على صوت أو أصوات عدّة تتحاور مع بعضها.
  • تُسبب ضعفاً كبيراً في الوظائف اليومية.
  • تستمر لمدة 6 أشهر على الأقل من ضمنها شهر من الأعراض المستمرة.
  • ألا تكون ناتجة عن حالة فيزيولوجية أو تعاطي مادة معينة.

هل هناك علاج للهلوسات؟

ينطوي علاج الهلوسات عادة على معالجة الحالة النفسية الكامنة وراءها. وبينما يتوجب عليك العمل يداً بيد مع المختص النفسي في سبيل إيجاد استراتيجية تمكنك من السيطرة على الأعراض، هناك بعض الأدوية والعلاجات الداعمة كالأدوية المضادة للذهان يمكن أن تُساعد في تقليل الأعراض. ومن العلاجات الأخرى المستخدمة لذلك:

  • العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive Behavioral Therapy).
  • التحفيز المغناطيسي للدماغ (Transcranial Magnetic Stimulation).
  • العلاج بالصدمة الكهربائية (Electroconvulsive Therapy).

نصائح للتأقلم مع الهلوسات وإدارتها

قد يشكل إدارة الهلوسات تحدياً كبيراً. ففي كثير من الأحيان، لا تملك القدرة على التمييز فيما إذا كان ما تسمعه حقيقياً أم لا. إدراك أنك تعاني من الهلوسات غالباً ما يكون الخطوة الأولى نحو إدارتها، إذ تبدأ في التشكيك في صحة ما تسمع وخاصة عندما يكون ما تسمعه غلا يتلاءم مع الموقف.

فيما يلي بعض الخطوات التي يمكن اتباعها:

  • تناول جميع الأدوية وفق إرشادات الطبيب وفي موعدها المحدد.
  • استخدام وسائل للإلهاء مثل الاستماع للموسيقا، الرسم أو اللعب.
  • تذكير نفسك بأن ما تسمعه يمكن أن يكون هلوسات.
  •  الاتصال بصديق موثوق فور سماعك للأصوات.
  • التدرب على الاستجابة العقلانية لما تسمعه.
  • استخدام مذكرة صوتية.
  • تذكير نفسك بأنك لست مجبراً على فعل أي مما تقوله الأصوات.
  • كتابة كلمات إيجابية تؤكد فيها نفسك.

خلاصة

الهلوسات هي أصوات، كلام أو ضوضاء تظهر دون وجود محفز أو مثير. هي شائعة بين المصابين بالفصام ويمكن إدارتها والتقليل من حدتها بالعلاج والدعم المناسبين.

اقرأ أيضاً: تاريخ مرض الفصام، التشخيص، العلاج والتخلص من وصمة العار

اقرأ أيضاً: مراحل الفصام الثلاثة وأعراض كل مرحلة، التشخيص والعلاج

اقرأ أيضاً: هل يمكن التعايش مع الفصام؟ وهل يستطيع مرضاه التأقلم مع المجتمع؟

المصدر: Hearing Voices: Living with Schizophrenia

تدقيق: أماني عباس

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: