المشروبات الغازية والسلوك العدواني عند الأطفال

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

يُشكّل انتشار تناول المشروبات الغازية بين الأطفال والمراهقين مصدر قلق صحي لعدة أسباب، إذ يساهم في إحداث مشاكل في الوزن خلال مرحلة الطفولة إضافة إلى تسوس الأسنان واضطرابات في النوم والبدانة. تبين بعض الدراسات أيضاً أن الأطفال ممن يستهلكون المشروبات الغازية يزداد لديهم احتمال تطور مشاكل سلوكية وصحية نفسية كما ربطت العديد من الدراسات بين الصودا والسلوك العدواني

المشاكل الصحية المرتبطة مع المشروبات الغازية

تعد الولايات المتحدة الأمريكية الأعلى في العالم من حيث معدلات استهلاك المشروبات الغازية (الصودا) بالنسبة للفرد، والعديد منهم هم من الأطفال صغار سن.

لسنوات عدة، كان هناك إقدام كبير على إزالة المشروبات الغازية من آلات بيعها في المدارس و على تثقيف أولياء الأمور حول المخاطر المرتبطة بهذه المشروبات عالية السكر.

كما أثبتت بعض الدراسات وجود رابط بين المشروبات الغازية والبدانة، فقد أوضح الأطباء وأخصائيو التغذية أن المشروبات الغازية (الصودا) تزود الأطفال بسعرات حرارية دون قيمة غذائية وتساهم في بدانتهم خلال مرحلة الطفولة.

أيضاً، ينصح أطباء الأسنان الأهالي بعدم السماح لأطفالهم بتناول المشروبات الغازية فهي غير صحيّة لأسنانهم وقد تسبب التسوس، إذ لطالما ربطت الدراسات بين المشروبات الغازية وتسوس الأسنان.

تحتوي معظم المشروبات الغازية أيضاً على الكافيين الذي يمكن أن يسبب الصداع، اضطرابات في المعدة، الانفعال العصبي ومشاكل في النوم. وترتبط كذلك ببعض المشاكل السلوكية واضطرابات الجهاز العصبيّ.

بالنسبة للأطفال، فإن كمية قليلة من الكافيين كافية لحدوث آثار جانبية عندهم. لم تشجع الأكاديمية الأمريكيّة لطبّ الأطفال على تناول الأطفال للكافيين بكافة فئاتهم العمرية.

المشاكل السلوكية المرتبطة مع المشروبات الغازية

فضلاً عن الدراسات التي ربطت بين المشروبات الغازية (الصودا) والبدانة وتسوس الأسنان يتزايد القلق من احتمال نشوء حالات صحية نفسية، فقد تبين وجود علاقة بين الصودا والمشاكل السلوكية عند الأطفال مثل السلوك العدواني.

تشير الأبحاث إلى أن الأطفال المستهلكين للمشروبات الغازية لديهم معدلات أعلى قليلاً من العدوانية مقارنةً بالأطفال الذين لا يشربون الصودا (المشروبات الغازية).

لكن، من المهم ملاحظة أنه وبالرغم من أن الدراسات تشير إلى وجود علاقة بين استهلاك الصودا والسلوك العدواني. إلا أن هذا لايعني أنها المسببة له فعلياً.

وجدت إحدى الدراسات التي أُجريت عام 2013 ونـُـشرت في مجلة طب الأطفال ‘The Journal of Pediatrics‘. أن العدوانية والسلوك الانطوائي ومشاكل نقص الانتباه مرتبطة مع استهلاك الأطفال الصغار للمشروبات الغازية (الصودا).

قيّم الباحثون 2,929 من الأطفال بعمر 5 سنوات في 20 منطقة مختلفة من الولايات المتحدة الأمريكيّة.

حتى بعد إجراء تعديل مع عوامل مثل: اكتئاب الأمهات، سجن الأب والعنف المنزلي، فإن استهلاك المشروبات الغازية ظلّ مرتبطاً مع السلوك العدواني.

تبين أن الأطفال الذين يتناولون 4 حصص من المشروبات الغازية فأكثر في اليوم الواحد، هم أكثر احتمالاً بمقدار الضعف للقيام بسلوكيات عدوانية. مثل تخريب ممتلكات الآخرين، إقحام أنفسهم في قتال أو مهاجمة الناس جسدياً.

من المهم الانتباه إلى أن بعض عيوب الدراسة جعلت من الصعب تقديم افتراضات حول التأثير المحتمل لتناول المشروبات الغازية. إذ لم تأخذ الدراسة بعين الاعتبار حجم حصة المشروب، نوع الصودا أو المشروبات التي تـُـعد بحد ذاتها مشروبات غازية.

على الرغم من أن الدراسة تقترح وجود ارتباط بين شرب الصودا والسلوك العدواني، إلا أنه لا يعد سببا كافيا لاستنتاج أن هناك علاقة سببية بينهما.

أحد النقاط التي تثير القلق هي ما تظهره الدراسة بأن استهلاك الأطفال الصغار للمشروبات الغازية هو أمر شائع.

إذ أفادت أن 43% من الأطفال في سن الخامسة يتناولون حصة واحدة من المشروبات الغازية في اليوم الواحد. بينما يشرب 4% منهم 4 حصص خلال اليوم الواحد.

لماذا قد تؤثر المشروبات الغازية على الصحة النفسية والسلوك؟

من غير الواضح سبب ارتباط  تناول المشـروبات الغازية مع السلوك العدواني ومشاكل الصحة النفسية الأخرى. تـُـعد المشـروبات الغازية منتجات شديدة المعالجة، ولا تتوفر دراسة كافية حول كيفية تأثير محتويات معينة فيها على الأطفال.

ربطت بعض الدراسات بين الأسبارتام (aspartame) و حدّة المزاج، وبين بنزوات الصوديوم (sodium benzoate) والأعراض ذات الصلة باضطراب قصور الانتباه وفرط النشاط (ADHD).

ارتبط الكافيين أيضاً ببعض المشاكل السلوكية لدى الأطفال، لذلك يراود الباحثون الشك بأن للكافيين دور في ذلك.

يمكن أن يفسر هذا الارتباط أيضاً الحالة الصحيّة الكامنة وراء انخفاض مستوى السكر في الدم. وقد يتسبب هذا الانخفاض في مستوى السكر في زيادة رغبة الأطفال في تناول المشـروبات الغازية. إضافةً إلى اتباع السلوك العدواني أو الانطوائي.

مع ذلك، هناك حاجة لمزيد من البحث لفهم كيفية ارتباط المشروبات الغازية مع مشاكل الصحة النفسية.

المشروبات الغازية لها علاقة بالسلوك العدواني عند المراهقين أيضاً

ربطت الدراسات أيضاً المشاكل السلوكية والعاطفية لدى المراهقين مع استهلاك المشـروبات الغازية.

نُشرت دراسة أُجريت عام 2013 في الصحيفة الدوليّة لمراقبة الأضرار وتعزيز السلامة (International Journal of Injury Control and Safety Promotion). تبين فيها أن تناول المشـروبات الغازية قد يكون على صلة بـ العدوانية، الاكتئاب والسلوك الانتحاري لدى المراهقين،

فكلما زاد استهلاك المراهقين للمشـروبات الغازية، زاد احتمال مواجهتهم للصراعات الصحية الجسدية. بالإضافة إلى تفاقم احتمال شعورهم بالحزن والإحباط و تكوّن الأفكار أو السلوكيات الانتحارية.

تقترح دراسة نُشرت عام 2021 في صحيفة صحّة المراهقين “Journal of Adolescent Health”  أن تناول المشـروبات الغازية يمكن أن يتنبأ بنشوء السلوك العدواني لدى المراهقين مع مرور الوقت.

إذ تشير إلى احتمال وجود علاقة متبادلة بينهما، وتبين أيضاً أن الاطفال ممن كان لديهم سلوك عدواني في عمر الـ 13 يتناولون المشـروبات الغازية بشكل أكثر بعمر الـ 16.

الأسباب التي تنبغي أن تَحدّ من تناول المشروبات الغازية

بينما تقترح الدراسات أن المشروبات الغازية قد ترتبط نوعاً ما مع المشاكل السلوكية مثل العدوانية، إلا أنه من غير الواضح في الحقيقة ما إذا كانت المسبب لها عند الأطفال.

بغض النظر عن طبيعة العلاقة، يُبين الخبراء أن الحدّ من استهلاك الأطفال للمشـروبات الغازية هو فكرة صائبة.

بعض الأسباب الأخرى لتجنب تناول الأطفال للمشروبات الغازية:

  • تحتوي المشـروبات الغازية على معدل عالٍ من السعرات الحرارية دون قيمة غذائية. إضافةً إلى نسبة عالية من السكر التي تساهم بدورها في البدانة خلال مرحلة الطفولة وازدياد خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
  • تؤثر المشـروبات الغازية على شهية الأطفال مما يؤدي إلى انخفاض تناولهم للطعام ذي العناصر الغذائية المفيدة.
  • تسبب المشـروبات الغازية تراجع صحة الأسنان بما في ذلك خسارة طبقة المينا و الإصابة بالتسوس.
  • استهلاك الكافيين بشكل مبالغ فيه يسبب مشاكل في النوم، العصبية وأعراض الانسحاب (الإقلاع عن تناوله).

بالإضافة إلى إلغاء تناول المشـروبات الغازية، فقد ترغب بمنع طفلك من تناول مشروبات الطاقة أيضاً. فالعديد منها يحتوي على منشطات مثل جوارنا (تستخدم في طب الأعشاب كمحفّز لقدرات المخ نظرا لتركيز الكافيين العالي فيه). إضافةً إلى كميات كبيرة من الكافيين.

مهما كانت طبيعة العلاقة بين المشـروبات الغازية والسلوك، فإن الحد من الكمية التي يتناولها الأطفال يشكل خطوة جيدة.

التعامل مع العدوانية في مرحلة الطفولة

إذا كان طفلك عدوانياً، عليك التفكير في خطة شاملة لإدارة هذا السلوك؛ فيما يلي بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعدك على التعامل مع العدوانية والمشاكل السلوكية الأخرى عند طفلك:

  • التدريب على المهارات: قد يكون طفلك بحاجة إلى تعلم مهارات جديدة، مثل التحكم في الاندفاعات وآلية حل الصراعات.
  • العقوبات السلبية: قد تقلل العقوبات السلبية مثل أوقات اللعب والمصروف من السلوك العدواني، لكن يجب أن يكون نظام التأديب والمعاقبة متّسقان.
  • تعزيز السلوكيات الإيجابية: قد يُعد نظام المكافآت والمديح من الطرق الصحيّة لتعزيز السلوك الاجتماعي. ويمكن أن تكون أنظمة الاقتصاد الرمزية فعالة بشكل خاص في الحد من السلوك العدواني؛ والتي تتضمن استخدام معززات رمزية (مثل الكوبونات والنجوم) لتحقيق الغايات العلاجية المرغوبة.

إذا كنت تعاني من مشاكل في ضبط عدوانية طفلك أو إذا كانت الاستراتيجيات التي تستخدمها قد باءت بالفشل، عندها تحدث مع طبيب طفلك فقد يقيم حالته فيما يتعلق باضطرابات السلوك أو مشاكل الصحة النفسية، أو قد يحيلك إلى أخصائي محترف لإيجاد استراتيجية الضوابط الأكثر فعاليّة للسيطرة على سلوك طفلك.

إن الحد من تناول المشـروبات الغازية هو فكرة سديدة، لكن يوجد خطوات أخرى يجب اتخاذها في حال كان طفلك يبدي سلوكاً عدوانياً أو غيره من السلوك. تعلم مهارات جديدة واستخدام نظام التعزيز الإيجابي والمعاقبة يمكن أن تساعد جميعا في إدارة وضبط سلوكيات الطفل.

خلاصة

على الرغم من أن بعض الدراسات تشير إلى وجود ارتباط بين المشروبات الغازية (الصودا) والبدانة والسلوك العدواني، إلا أنه من المهم تذكر أن هذا الارتباط لا يعني وجود علاقة سببية بينهم.

يمكن أن يرتبط هذان المتغيّران بطريقة ما، لكن هناك حاجة للمزيد من الأبحاث لفهم ماهية هذا الارتباط.

الحد من استهلاك الأطفال للمشروبات الغازية هو أمر صائب لعدة أسباب. إذا كان طفلك يعاني من مشاكل سلوكية، تحدث إلى أخصائي صحي لتعرف أكثر الخطوات التي يمكن اتخاذها لمعالجة هذه المشاكل. 

اقرأ أيضاً: اضطراب السلوك عند الأطفال، أسبابه، تشخيصه وطريقة العلاج 

اقرأ أيضاً:  السلوك الداخلي السلبي عند الأطفال، أمثلة عنه وعوامل الخطر

اقرأ أيضاً: السلوك الخارجي ذو الطابع العدواني عند الأطفال، أسبابه وعلاجه

المصدر: Is There a Link Between Soft Drinks and Aggression in Children

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: