علم النفس الشرعي والقانون، الاختلافات بينهما وكيف يكمل أحدهما الآخر

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

لا يوجد تعريف متّفق عليه لعلم النفس الشرعي، ونظراً للتاريخ الطويل وتطور علم النفس الشرعي خلال الأربعين عاماً الماضية، يمكن أن يكون مفاجئاً أنه لا يوجد تعريف موحد أو متفق عليه لمجال التخصص هذا، وتنطوي معظم الاختلافات على مدى شمولية أو محدودية تعريف هذا المجال.

تتراوح التعاريف من الموسعة والتي تتضمن أي تطبيق لعلم النفس على أي مواضيع قانونية إلى التعاريف الأضيق والمحدودة بشكل تقليدي ضمن نطاق مشاركة علماء النفس السريري والاستشاري في الشؤون القانونية كمُختبرين، مقدمي علاج أو استشاريين.

التوتر بين علم النفس والقانون

بغض النظر عن الاختلافات الموجودة فيما يتعلق بتعريف علم النفس الشرعي، إلا أنه من المتفق عليه بشكل موحد أن علم النفس الشرعي يشمل تطبيق المعرفة والخبرة النفسية على النظام القانوني.

لهذه الغاية، يعمل علم النفس الشرعي كـ حلقة وصل بين علم النفس والقانون. نظراً لعمل علم النفس الشرعي مع من يمثلون القانون، بما فيهم المحامون والقضاة وغيرهم في نظام القضاء، يوجد بعض التوتر بينهما (علم النفس والقانون).

على الرغم من أن المعلقين على هذا الموضوع وصفوا هذه التوترات بشكل مختلف. مثل           (Brockman & Rose, 2011; Haney, 1980; Melton et al., 2007). إلا أن بعض الموضوعات المشتركة قد برزت بينهم.

بالاعتماد على الإطار الذي قدمه هاني (1980)، فيما يلي ثمانية فروقات بين علم النفس والقانون يمكن أن تساهم في نشوء التوترات بين هذين التخصصين

1ـ القانون يراعي السوابق القضائية (الذريعة القانونية) بينما يؤكد علم النفس على التجديد

في القانون، فإن القضايا والشؤون السابقة مثل التأويلات الدستورية، وليس الابتكار أو الإبداع، هي ما يتم الاعتماد عليها في تكوين الجدالات القانونية. ويعتمد القانون نموذجاً من الذرائع القانونية.

في المقابل، في علم النفس، فإن النموذج يكون ذا طابع متجدد، ويكون علماء النفس، في البحث والعمل التطبيقي. مدفوعين باستمرار لاستكشاف أفكار ونهج جديدة.

2ـ القانون تسلسلي بينما يكون علم النفس تجريبياً

تقوم القرارات ضمن النظام القانوني على أساس هرمي أو تسلسلي وتكون ذات طابع سلطوي ورسمي. مع التزام المحاكم الدنيا بقرارات المحاكم العليا.

لكن، في علم النفس، تكون القرارات نتيجة تراكم مجموعة متكاملة من البيانات المتسقة والداعمة. والتي تؤكد صلاحية الموقف أو الادّعاء، وليس الإعلان الرسمي الخاص بها.

3ـ يعتمد القانون على أسلوب الخصومة، بينما يعتمد علم النفس على الأسلوب التجريبي

يسعى القانون نحو “العدالة”، والذي يساوي عدالة الإجراءات، إذ يأمل أن تساعد الإجراءات فقط في الوصول إلى الحقيقة. لكن، مع الإيمان بأن الحقيقة صعبة المنال، يبدو مهماً أكثر ضمان اتباع مبادئ الإجراءات القانونية.

للوصول إلى “الحقيقة” في القانون، تبرز وجهات نظر متصارعة ضمن نطاق المعايير الصارمة لجلسات المحاكمة أو جلسات الاستئناف. وتقديم كل طرف من طرفي الصراع أفضل ما لديه.

لا يكون تحيز المصلحة الشخصية والدفاع مباحاً فقط بل دليلاً على أنها واحدة من نقاط قوة العملية. وعلى العكس، فإن علم النفس يحاول للوصول إلى الحقيقة (أي إلى فهم بعض الظواهر) باستخدام مجموعة متنوعة من شتى طرق جمع المعطيات.

المشترك بين هذه الطرق جميعاً هو جمع المعطيات المنهجي، باستخدام الإجراءات التي تحاول “التقليل من التحيز، الهفوات، والتشوهات في المراقبة والاستنتاجات”.

لا يعني هذا أن التحيز بعيد عن أن يدخل في عملية البحث، فهدف عالم النفس هو الحصول على فهم “موضوعي” للظواهر بدلاً من الانتصار على وجهة نظر معينة.

4 ـ القانون توجيهي وعلم النفـس وصفي

يكون القانون توجيهياً في المقام الأول إذ يخبر الناس “كيف يجب أن يتصرفوا “. بينما يكون علم النفس ” تخصصاً وصفياً بشكل أساسي، أي يسعى إلى وصف السلوك كما يحدث بالفعل”.

يبين هذا البعد الاختلاف في القيم التي يعتنقها كلا التخصصين، إذ يحدد القانون طريقة السلوك ويعتمد علم النفس على اتجاهات أكثر بعداً عن إطلاق الأحكام على كيفية سلوك البشر.

5ـ القانون إيديوغرافي أما علم النفـس نوموثيني

المقصود بـ إيدوغرافي “وصف الأحداث المنفردة وما تحمله من صفات خاصة”. والمقصود بـ نوموثيني أي “يبحث عن القوانين العامة التي تسهم في حدوث العمليات”.

يعمل القانون على أساس قضية بقضية ويتم تقرير كل قضية حسب حقائقها المحددة. وعلى العكس، يهتم علم النفس في كشف الغطاء عن المبادئ، العلاقات، والأنماط العامة التي تحكم سلوك البشر.

لا يكون التركيز في علم النفس على حالة أو نموذج محدد بل على ما هو أبعد من هذه الحالة.

6ـ يعتمد صنع القرارات في القانون على ظهور اليقين، بينما يعتمد صنع القرارات في علم النفس على احتمالية الأدلة

تكون القرارات المتخذة في القانون عادةً ثنائية التفرع، كل شيء أو لا شيء. إذ يُعتبر المتهم في محاكمة جنائية إما مذنباً أو غير مذنب. ويُعتبر المدعى عليه في قضية مدنية مسؤولاً أو غير مسؤول.

في المقابل، يعمل علماء النفس على مبدأ الاحتمالات؛ على سبيل المثال، يتم تأكيد الادعاءات على أساس الأدلة المرتبطة بمستوى الاحتمال (أي مستوى الأهمية الإحصائية).

ونتيجة لذلك، فإن الاستنتاجات التي يتوصل إليها علماء النفس عادة ما تكون ذات طبيعة مشروطة وليست قاطعة. 

7ـ القانون انعكاسي (رجعي)، في حين أن علم النفس استباقي

تنشأ القضايا التي تُثار في القانون من خارج النظام، أي القضايا التي يتم عرضها على المحامين.

في المقابل، فإن علماء النفس، على الرغم من وجود ضغوط خارجية مختلفة، (على سبيل المثال، توافر التمويل والضغط من أجل النشر)، لديهم سيطرة كبيرة على القضايا التي يدرسونها. 

8ـ القانون عملي، في حين أن علم النفس أكاديمي

القانون هو تخصص تطبيقي مصمم للتعامل مع مشاكل العالم الحقيقي. اللاعبون داخل النظام (على سبيل المثال ، المحامون ، ضباط الإفراج المشروط ، إلخ) لديهم أدوار محددة بوضوح تصف القضايا التي سيركزون عليها.

في المقابل، على غرار الفرق الذي لوحظ سابقاً، يكون لعلماء النفس رأي كبير إزاء القضايا التي يلاحقونها. وتميل القوة الدافعة إلى أن تكون ذات منحى بحثي أكثر عن المعرفة لما يعود لصالحها. (أي لأسباب أكاديمية وليس لأسباب عملية بحتة).

مع أخذ هذه التوترات الثماني في عين الاعتبار، وتضمين ما سنذكره تالياً معها هو ما يمكن أن نصفه بـ علم النفس الشرعي. على مستوى مصغّر. يمكن أن يساعد علم النفس الشرعي النظام القانوني بأربع طرق:

  • مساعدة النظام القانوني
  • مساعدة الجهات القانونية
  • مساعدة المتخاصمين
  • البحث في الأمور النفسية الخاصة بالقانون

خلاصة

لا يوجد تعريف موحد ومتفق عليه لـ علم النفس الشرعي. ومن الواضح أن علماء النفس يساهمون في النظام القضائي بطرق متعددة. أدرك هوغو مونستربرغ، أول وربما أكثر المؤيدين المتحمسين لما يجب أن يقدمه علم النفس للنظام القانوني، هذا الأمر منذ أكثر من قرن مضى.

في مقال عام 1908، نشر في “Witness Stand”، ناقش مونستربرغ طرقاً متنوعة يستطيع علماء النفس من خلالها المساهمة في الإجراءات القانونية. مع أقسام مخصصة لـ ظواهر متنوعة مثل كشف الكذب وذاكرة شهود العيان والاعترافات الزائفة ومنع الجريمة.

واجه عمل مونستربرغ المبكّر انتقادات قاسية على نطاق واسع، ولم يكن قادراً على سبر النجاح والنمو الذي شهده هذا الحقل على مدار القرن الماضي (Ogloff, 2011).

في القرن الذي تلا كتاب مونستبرغ، تم إدخال علماء النفس في العمليات القانونية وقدموا مساندة للنظام القانوني بطرق مختلفة، بما في ذلك صنع القرارات في المحاكم، البحث في المواضيع التي تصب في اهتمام النظام القانوني وكلّ من يعمل في هذا المجال.

كما تُبين المعلومات المطروحة في هذا المقال، فإن الدور الذي يلعبه علم النفس الشرعي شامل ومتنوع، مع وجود بعض المجالات المتطورة بشكل أكبر من غيرها (مثل، معالجة المجرمين مقابل معالجة ضحايا الجريمة). 

السبب في أن علم النفس الشرعي، كمجال، واسع ومتنوع هو أنه يعكس اتساع وتنوع القانون. على هذا النحو، يمكننا أن نتوقع طيفاً موسعاً من الموضوعات في القانون والتي يمكن أن يساهم بها علم النفس على المستويين الجزئي (أي الفردي) والكلي (أي النظامي). 

اقرأ أيضاً: علم النفس الشرعي السريري، تعريفه والمجالات التي يختص بها

المصدر: ?What is Forensic Psychology

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: