عندما تصاب باضطراب ما بعد الصدمة فإن النوم يصبح واحداً من جملة المخاوف اليومية إذ يمكن أن ترى عدة كوابيس يومياً، لكن لا تقلق هناك العديد من الطرق للتعامل معها. كوابيس اضطراب ما بعد الصدمة, الأعراض الاقتحامية في اضطراب ما بعد الصدمة, الكوابيس الناجمة عن الصدمة, العلاج التخيلي الاسترجاعي, التحكم بكوابيس اضطراب ما بعد الصدمة.
يلعب النوم دوراً مهماً في الراحة واستعادة الطاقة، يمكن للعقل والجسم حينها الدخول في حالة من الاسترخاء.
لكن عندما تتعرض لحدث صادم، قد تحدث تغيرات في نومك تعيق الراحة والاسترخاء المطلوبين. في بعض الحالات، قد تؤدي التجارب المؤلمة إلى ظهور أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) وتعد الكوابيس واحدة من هذه الأعراض لكثير من الناس.
هل الكوابيس واحدة من الأعراض الشائعة لاضطراب ما بعد الصدمة؟
في الواقع، تضمنت الأحلام المزعجة أو الكوابيس ضمن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية النسخة الخامسة (DSM-5) الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي، كأحد الأعراض الاقتحامية والتي تعد معياراً لتشخيص اضطراب ما بعد الصدمة.
تشمل الأعراض الاقتحامية في اضطراب ما بعد الصدمة أيضاً ما يلي:
- الأفكار المزعجة
- الذكريات اللاإرادية
- استحضار ذكريات الماضي (Flashbacks)
- الضائقة النفسية التي تسببها مؤثرات الصدمة
- ردود الفعل الفسيولوجية التي تسببها مؤثرات الصدمة
قد يعاني ما يزيد عن 96% من الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة من كوابيس. إذ يمكن أن تحدث هذه الأحلام المؤلمة عاطفياً عدة مرات في الأسبوع أو أكثر.
إذا كنت تعاني من حالات نفسية أخرى فقد يزداد حدوث الكوابيس.
لماذا يسبب اضطراب ما بعد الصدمة الكوابيس؟
يعتقد العديد من الخبراء أن الأحلام هي جزء من عملية النوم التي تساعدك على تخزين الذكريات وخبرات التعلم.
كما تدعم بعض الأبحاث عام 2018 هذه النظرية وتشير إلى أنك تواجه أكثر الأحلام نشاطاً وشدةً عند معالجة عقلك لتجارب عاطفية شديدة.
لهذا السبب، يقول الباحثون أن الأحلام قد تكون وسيلة لتخفيف آثار المواقف التي يحتمل أن تكون مؤذية. ولكن فيما يخص كوابيس اضطراب ما بعد الصدمة فإن ما تحلم به قد يكون مرعباً تماماً كالحدث الأصلي في الواقع.
وكما هو الحال مع طبيعة الأحلام نفسها، فإن الرابط الدقيق بين اضطراب ما بعد الصدمة والكوابيس غير واضح.
يعتقد بعض الخبراء أن الكوابيس خلال فترة اضطراب ما بعد الصدمة هي نسخة من “إعادة التجربة” أو إعادة إحياء (استحضار) حدث صادم.
أما عندما تكون مستيقظاً، قد تكون إعادة تجربة الحدث الصادم بهيئة ذكريات من الماضي. الكوابيس الناجمة عن الصدمة, العلاج التخيلي الاسترجاعي.
تتعلق هذه الأعراض الاقتحامية بكيفية تغيير اضطراب ما بعد الصدمة لمناطق الدماغ المشاركة في عملية الاستجابة للخوف والتذكر.
قد يؤدي اضطراب ما بعد الصدمة إلى حالة من فرط الحساسية في الدماغ التي قد تزيد التركيز على الأحداث الصادمة، فتبقيها حيّة في الذاكرة.
وعندما تكون هذه الأفكار والأحداث في ذهنك وتشغل بالك باستمرار، من المرجح أن يصبح لديك كوابيس متعلقة بها وقد تؤثر التغييرات الدماغية نفسها أيضاً على الحلم.
وفقاً لبحث تم إجراؤه عام 2015 على القوارض، قد يؤدي الإجهاد الناتج عن الصدمة لعدة تغييرات في المسارات العصبية لمناطق الدماغ المتأثرة باضطراب ما بعد الصدمة. ويمكن أن تسبب هذه المسارات المتغيرة كوابيس من خلال تأثيرها على استحضار الذاكرة والاستجابة العاطفية.
هل تشابه كوابيس اضطراب ما بعد الصدمة ذكريات الماضي؟
كوابيس اضطراب ما بعد الصدمة ليست مثل ذكريات الماضي رغم أوجه التشابه بينهما، مثل الأعراض الاقتحامية لاضطراب ما بعد الصدمة، وكلاهما شكل من أشكال إعادة تجربة الأحداث المؤلمة.
في الحقيقة، إن ذكريات الماضي (Flashbacks) هي أحداث انفصالية أو ثغرات لحظية في إدراكك للواقع. قد تجعلك تشعر وكأنك تعود في الزمن متذكراً كل شيء مرة أخرى. وقد تشعر أن ذكريات الماضي هي حدث حقيقي يحدث الآن.
وكما الحال مع ذكريات الماضي فقد تشعر بأن الكوابيس حقيقية، إلا أن عقلك يعرف تماماً أنها حلم؛ لهذا السبب يمكنك الاستيقاظ من الكوابيس في بعض الأحيان.
وأيضاً نقيضاً بذلك لذكريات الماضي قد تأخذ الكوابيس عدة أشكال، أي قد لا تحلم بالحدث الصادم كما هو بل بأجزاء من الحدث أو إيحاءات من التجربة بالإضافة إلى أنه قد تندمج عدة أحداث مختلفة معاً في الحلم.
هل يمكنك التحكم بكوابيس اضطراب ما بعد الصدمة؟
قد يكون التعايش مع اضطراب ما بعد الصدمة أمرا صعباً، خصوصاً عندما لا تشعر بالراحة حتى أثناء النوم.
في الحقيقة، تتوافر بعض المعلومات المحدودة بخصوص كيفية التحكم بالكوابيس باستمرار، لكنك قد تجد بعض الراحة من خلال:
- علاج اضطـراب ما بعـد الصدمـة
- ألعاب الفيديو العلاجية
- القضاء على الألم الجسدي
- التحكم بالروائح
- تدوين اليوميات الخاصة بكوابيسك
- تغيير درجات حرارة لكي تصبح ملائمة للنوم
- تغيير عادات النوم
علاج اضطراب ما بعد الصدمة
نظراً لأن اضطراب ما بعد الصدمة قد يصبح متعباً أو قد يسبب تداخل بعض الأعراض، فإن التحدث مع أخصائي الصحة العقلية يعد بمثابة خطوة أولى مهمة. أنت لست مضطراً للتعامل مع أعراض اضطراب ما بعد الصدمة بمفردك.
يمكن الاستعانة بالأدوية لتخفيف الأعراض وفي ذات الوقت يساعد علاج الصدمات في عملية الشفاء وحل بعض المشكلات اليومية.
يمكن أن تتحسن الأعراض مثل الكوابيس بمجرد بدء العمل على الجوانب الأخرى من اضطراب ما بعد الصدمة.
ألعاب الفيديو
تمثل ألعاب الفيديو العنيفة شكل من أشكال العلاج بالتعرض، وذلك وفقاً لدراسة صغيرة نُشرت في عام 2018 شملت المحاربين القدامى العسكريين.
في حين أنه قد لا يكون منطقياً أن تلعب لعبة مرتبطة بصدمة تعرضت لها، فإن الشعور بالتحكم في بيئة اللعبة قد يساعد في علاج أعراض اضطراب ما بعد الصدمة في الواقع.
ونظراً لأنه بحث تمهيدي ومحدود، يُنصح بشدة أن تسأل أخصائي الصحة النفسية قبل تجربة هذه الطريقة كشكل من أشكال العلاج.
التخلص من الألم
تشير أحد الأبحاث المنشورة في عام 2017 إلى أن التعايش مع الألم الجسدي المزم مثل تصلب العضلات (الذي يظهر أحياناً في اضطراب ما بعد الصدمة) قد يزيد فرص التعرض للكوابيس.
يساعد التحكم بالألم من خلال المكملات الغذائية وأساليب الاسترخاء والعلاج الجسدي والأدوية في تقليل احتمالات الشعور بالألم المؤثر على تكرار الكوابيس.
التحكم بالروائح
الزيوت الأساسية والعلاج بالروائح هي الطرق المفضلة لتخفيف التوتر والقلق للكثيرين. الكوابيس الناجمة عن الصدمة, العلاج التخيلي الاسترجاعي.
تشير أحد الأبحاث التي تعود لعام 2019 إلى أن الروائح اللطيفة أثناء النوم قد تحسن جودة النوم عندما تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة.
وعندما يتعلق الأمر بالكوابيس، قد تزيد الروائح المألوفة سواءً (المنشعة أو الكريهة) من احتمالية حدوث كابوس.
إذ وجدت دراسة صغيرة عام 2019 أُجريت في اليابان أن المشاركين الذين تعرضوا لروائح مألوفة كانوا أكثر عرضة لأن تراودهم الكوابيس.
كما يعتقد الباحثون، أن ذلك يعزو إلى أن منطقة الدماغ المرتبطة بالرائحة قريبة من المناطق التي تعالج المشاعر والذاكرة.
قد ترغب في البدء في استخدام الزيوت خلال ساعات استيقاظك الأولى. إذا وجدت أن نوعاً يساعدك على الاسترخاء قد تجدي نفعاً أيضآ في الحصول على نومٍ أفضل ليلاً، لكن إذا راودك الشك ابتعد عن الفكرة بمجملها.
تدوين اليوميات المتعلقة بالكوابيس التي تراودك
إن العلاج التخيلي الاسترجاعي (IRT) هو شكل من أشكال العلاج السلوكي المعرفي (CBT) ويستخدم أحياناً في التخلص من كوابيس اضطراب ما بعد الصدمة.
يتضمن العلاج التخيلي الاسترجاعي تدوين كوابيسك ولكن تغييرها عمداً لنسخ أكثر إيجابية في دفتر يومياتك وثم إعادة قراءتها يومياً بقصد تغيير موضوع الكابوس الأصلي في ذاكرتك للتعافي.
تغيير درجات الحرارة لكي تصبح ملائمة للنوم
أظهر بحث عام 2019، أن حالات الإثارة تلك المتعلقة بالتوتر والقلق، تزيد من درجة حرارة الجسم حتى أثناء النوم. ووفقاً لدراسة استبيانية أجريت عام 2016 تشير إلى أن ارتفاع درجة حرارة الدماغ قد تؤدي إلى تعطيل الوظيفة الإدراكية مما يؤدي إلى زيادة احتمال حدوث الكوابيس.
قد ترغب في محاولة تعديل درجة حرارة الغرفة أو ترك الفراش ليبرد أثناء الليل، افعل ذلك بحيث تحصل على قسط كافٍ من الراحة.
تغيير عادات النوم
عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم قد يضعك في حالة من الحرمان من النوم. الكوابيس الناجمة عن الصدمة.
تعني قلة النوم أنه عندما تنام فمن المرجح أن تكون لديك فترات متزايدة من حركة العين السريعة (REM) وهي مرحلة من مراحل النوم حين يراودك الحلم. عندما تواجه مشكلة حركة العين السريعة، فقد تمر بأحلام أو كوابيس حية.
للتأكد جودة النوم، تذكر:
- الحفاظ على روتين الاسترخاء قبل النوم.
- الحد من مشاهدة التلفاز أو استعمال الهاتف قبل النوم.
- الحفاظ على جو هادئ في غرفة نومك.
- الحد من على التلوث الضوئي [الانزعاج الذي تثيره الإضاءة الاصطناعية غير الطبيعية] في الليل.
- كتم الأصوات العشوائية المسببة للضوضاء البيضاء [هي ضوضاء ثابتة مع الحد الأدنى من تباين الصوت بارتفاعات عالية ومنخفضة وسرعات متغيرة وهي نوع من التدرج الصوتي يتضمن تردداً منخفضاً وصوتاً ثقيلاً] مثل صوت المروحة.
- تجنب تناول الوجبات الكبيرة في وقت قريب جداً من وقت النوم.
- تجنب الكافيين والكحول قبل النوم.
معلومة بخصوص التحكم الذاتي بكوابيس اضطراب ما بعد الصدمة
ليست التجارب الصادمة التي يمر بها الجميع هي نفسها ولا تناسب مرحلة الجميع بدء علاج الأعراض ذاتياً. وقد لا تنفع بعض طرق الرعاية الذاتية لعلاج كابوس اضطراب ما بعد الصدمة مع بعض الناس.
لكن يُنصح بشدة أن تستشير أخصائي الصحة العقلية إذا كنت تفكر في IRT وطرق العلاج بالتعرض مثلاً. الكوابيس الناجمة عن الصدمة.
الخلاصة
قد تكون الكوابيس أمراً عادياً إذ كنت تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة. وقد تكون الأحلام المضطربة عاطفياً طريقة عقلك في معالجة الصدمة أثناء النوم، ومن الممكن التحكم في أعراض اضطراب ما بعد الصدمة بما فيها الكوابيس.
على الرغم من عدم فهم الكثير حتى الآن للعلاقة المعقدة بين اضطراب ما بعد الصدمة والكوابيس، فإنه بإمكانك تحسين هذا العرض الاقتحامي من خلال علاج اضطراب ما بعد الصدمة. وقد تساعدك استراتيجيات الرعاية الذاتية مثل كتابة اليوميات والعلاج بالروائح في إيجاد بعض الراحة.
اقرأ أيضـاً: العلم الكامن وراء أعـراض اضـطراب ما بعد الصـدمة، كيف تغير الصـدمة الدماغ؟
اقـرأ أيضاً: العلاج النفسي الديناميكي في علاج اضطـراب ما بعد الـصـدمة
اقـرأ أيضاً: استخدام عقار إكستاسي (MDMA) في علاج اضطـراب ما بعد الصـدمة
المصدر: 7Tips to Manage Nightmares in PTSD
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم