الفُصام (Schizophrenia) هو مرضٌ نفسيّ يؤثّر على وظيفة الدماغ، ويؤدي ذلك إلى مشاكل مزمنة تترافق مع أفكار وسلوكيات وأعراض مضطربة مثل الهلوسة والأوهام وانخفاض القدرة على التعبير العاطفي. وتوصَف أعراض الفصام السريرية بالأعراض الإيجابية أو السلبية.
يصيب الفصام نحو 0.3 إلى 0.7% من الأشخاص تقريباً، ويؤثر على جميع البشر بغضّ النظر عن أعراقهم. إلا أنه يشيعُ بشكل بسيط بين الرجال أكثر من النساء.
لم تعرف الأسباب الرئيسية وراء هذا المرض، إلا أن له عوامل خطر جينية ووراثية على حدّ سواء.
يتطلّب الفصام رعايةً وعلاجاً مستمرين لمساعدة الأشخاص المصابين به في إدارة أعراضه وعيش حياة كاملة مفعمة بالنشاط.
يتضمن علاج الفصام عادة العلاجَ الدوائي والعلاج النفسي والدعم الاجتماعي. يمكن أن تكون استراتيجيات التأقلم، مثل الانضمام لمجموعة دعم مكوَّنة من الأفراد المصابين بذات الحالة والمشاركة في جميع التدريبات على المهارات الاجتماعية المختلفة مفيدة أيضاً.
يمكن أن تبدو أعراض الفصام غريبة بالنسبة للأشخاص الآخرين، لكن عندما يعاني البعض من هذه الأعراض فمن الممكن ألا يكونوا على دراية كافية أن أفكارهم أو سلوكياتهم غريبة؛ مما يجعل الفصام أمراً مربكاً ومخيفاً لأحبائهم.
أعراض الفصام السريرية
يعدّ الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية (DSM-5) مرجعاً سريرياً يستخدمه المعالجون النفسيون لتشخيص الحالات الصحيّة النفسية. يجب أن يستوفي الشخص معايير سريرية محددة حتى يتم تشخيصه بالفصام.
اختلال في الوظائف العقلية (Psychosis)
يـُـصنّف الفصام على أنه اضطراب ذهانيّ ويعاني الأشخاص المصابون به من اختلال في الوظائف العقليّ؛ أي حالة من الاعتلال تكون فيها الوظائف العليا للدماغ مضطربة.
إذ تبدو بعض العمليات الإدراكية، معالجة الأفكار، المعتقدات والعواطف منفصلة عن الواقع ويمكن أن تظهر هذه الأعراض ومن ثم تختفي.
أعراض الفصام السريرية الإيجابية
توصَف أعراض الفصام بالأعراض الإيجابية أو السلبية، ولا يعني ذلك بأنها بعضها جيد أو سيء.
تشير الأعراض الإيجابية إلى الأعراض التي تظهر لدى الشخص المصاب بالفصام فقط ولا تظهر عند شخص آخر لا يعاني منه أو من أية حالة نفسية أخرى.
وتتضمن بعضاً مما يلي:
- الأوهام (Delusions)
- الهلوسات (Hallucinations)
- الحديث غير المترابط (Disorganized speech)
- السلوك المضطرب (Disorganized behavior)
الأوهام
تعدّ الأوهام معتقدات خاطئة وثابتة ليس لها معنى أو ارتباط بثقافة الشخص. بالرغم من وجود مثل هذه المعتقدات لدى الجميع من حين لآخر، إلا أن الأشخاص الذين يعانون من أوهام ذهانيّة لا يمكن إقناعهم بأنّ ما يعتقدونه غير حقيقي.
الهلوسات
تـُـعد الهلوسات تجارباً حسيّة زائفة ليس لها أسسٌ في العالم الخارجي. تحدُث الهلوسات الذهانية عند الشخص المصاب بالفصام عندما يكون بكامل وعيه ولا يخضع لتأثير الكحوليات أو العقاقير غير المشروعة.
تـُـعد الهلوسات السمعية (سماع أصوات) والهلوسات البصرية (رؤية أشياء) الأكثر شيوعاً في الفصام، ويمكن أن يعاني الشخص من هلوساتٍ تتعلق باللّمس ( زحف الحشرات على الجسم ) أو بالتذوّق والشم.
الحديث غير المترابط (المشوَّش)
ويـُـعرف أيضاً بتداعي المعاني المفكك، تكون الكلمات في الحديث الذهانيّ غير المترابط مفككة عن بعضها بعضاً ولا تقوم على قواعد اللغة المعروفة، ولكن ترتبط مع بعضها اعتماداً على الأصوات(نغمة الكلمة) أو القافية أو التورية أو التداعي الحرّ للكلمات.
على الرغم إن الجميع يرتكبون أخطاء في الحديث، خاصة عند الشعور بالتعب والإجهاد، إلا أن الحديث الذهاني غير المترابط يكون غريباً بشكل واضح ومن الصعب أو المستحيل فهمه. يعتبر الحديث المشوش أحد أعراض الفصام السريرية الإيجابية التي تجعل من الصعب التعامل مع مرضى الفصام.
السلوك المضطرب
تكون السلوكيات المضطربة غير محددة الأهداف ولا تعني شيئاً. على سبيل المثال: خلع الثياب من أجل الاستحمام أمرٌ طبيعي، لكن خلعها في باص النقل العام هو مثالٌ على السلوك المضطرب.
الضحك في أوقات غير مناسبة ومن دون سبب هو سلوك مضطرب أيضاً. أَخذُ وضعيات جسدية غريبة أو التجمّد في المكان هي أمثلةٌ عما يُدعى بالسلوك الجامودي (catatonic behavior).
أعراض الفصام السريرية السلبية
إضافةً إلى ظهور الأعراض السابقة عند الشخص المصاب بالفصام، توجد أعراض أخرى تسمّى بالأعراض السلبية. تعني أعراض الفصام السريرية السلبية غياب أو قلّة ظهور بعض الصفات الموجودة عند الشخص المعافى غالباً.
يشير مصطلح سلبيّ إلى الشعور بأن شيئاً ما مفقود أو اختفى من حياة الشخص اليومية.
يمكن أن تشمل الأعراض السلبية ما يلي:
- التأثير المُسطّح (Flattened Affect)
- فقدان الإحساس باللذة (Anhedonia)
- قلة الكلام
- ضعف المبادرة
التأثير المسطّح (Flattened Affect)
يبدو الأشخاص ذوو التأثير المسطّح عديمي المشاعر أو لديهم مجموعة قليلة جداً من العواطف، إذ يظهرون استجابة محدودة للمواقف أو الصور العاطفية أو المزعجة.
هذا التعبير المحدود للعواطف يمكن أن يكون مرعباً للآخرين، إذ يشعرون وكأن المصاب بالفُصام يضيع من بين أيديهم.
فقدان الإحساس باللذة (Anhedonia)
يمكن أن يُظهر المصاب بالفصام متعة منخفضة بالأشياء التي كانت تبعث على الغبطة سابقاً، إذ يَلحظ المحيطون به هذا التغيير بشكل جيد إذ لا يكون محضَ تغيُّر في الاهتمامات فقط.
قلة الكلام أحد أعراض الفصام السريرية السلبية
يمكن أن يشمل أحد الأعراض السلبية للفصام: تحدُّث الفرد بشكل أقلّ من المعتاد وقد يُلاحَظ هذا العَرَض تحديداً عند تحدثه بطلاقة أقلّ من المعهود.
ضعف المبادرة
يـُـعدّ انعدام الرغبة في القيام بأيّ شيء أحد الأعراض السلبية للفصام. ويجب الانتباه إلى أن تعبير “عَرَض سلبيّ” يشير إلى صفة بارزة في الفرد بدأت بالانخفاض والتلاشي.
يُعرَف انعدام المبادرة والحافز أيضاً بـانعدام الإرادة (avolition) وهوعرَض سلبي شائع للفصام.
اقرأ أيضاً: العوامل الوراثية والبيئية المسببة لمرض الفصام
اقرأ أيضاً: هل يمكن التعايش مع الفصام؟ وهل يستطيع مرضاه التأقلم مع المجتمع؟
اقرأ أيضاً: مراحل الفصام الثلاثة وأعراض كل مرحلة، التشخيص والعلاج
المصدر: The Signs and Symptoms of Schizophrenia
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم