اضطراب الهلع هو نوع من اضطرابات القلق يتميز بنوبات هلع شديد، متكررة وغير متوقعة. يعد كل من الخوف والقلق ردود فعل طبيعية للأحداث المرعبة أو المجهدة، إلا أن الشخص المصاب باضطراب الهلع يعاني من أعراض تتضمن مشاعر شديدة من الخوف، التنفس السريع، ألم الصدر وتسارع ضربات القلب، إما بشكل لا يتناسب مع الموقف أو مراراً وتكراراً دون عوامل ضغط محددة بوضوح. فما علاقة تقنية إزالة الحساسية المنهجية بعلاج اضطراب الهلع؟
الأسباب الدقيقة وراء اضطراب الهلع غير مفهومة بشكل واضح. لكن يعتقد العلماء أن مجموعة العوامل النفسية، السلوكية والبيئية قد تلعب دوراً في هذا الاضطراب.
يؤثر اضطراب الهلع على 2.7% من البالغين في الولايات المتحدة الأمريكية كل عام. لحسن الحظ، فإن العلاج الدوائي المترافق مع العلاج النفسي يمكن أن يساعد المصابين على إدارة حالتهم.
طور جوزيف وولب (Joseph Wolpe)، أحد رواد العلاج السلوكي، تقنية تسمى إزالة الحساسية المنهجية (Systematic Desensitization). وذلك لعلاج الاضطرابات المتعلقة بالقلق إضافة إلى الرّهاب بأنواعه.
تقوم هذه التقنية على مبادئ الإشراط الكلاسيكي وفرضية أن ما يتم تعلّمه (المشروط) يمكن أن يُنسى. أظهرت أبحاث وفيرة أن إزالة الحساسية المنهجية فعالة في الحد من القلق ونوبات الهلع المرتبطة بالمواقف التي تبعث على الخوف.
تبدأ إزالة الحساسية المنهجية عادة بتخيل الفرد نفسه في مواقف متعاقبة تثير الخوف، ويستخدم استراتيجيات الاسترخاء التي تتنافس مع القلق. بمجرد نجاح الفرد في السيطرة على القلق أثناء تخيل المواقف المخيفة، يستطيع استخدام هذه التقنية في الحياة الواقعية.
تهدف إزالة الحساسية المنهجية إلى أن يصبح الفرد أقل حساسية تدريجياً تجاه المحفزات التي تسبب الإجهاد.
تعلم الاسترخاء
قبل إمكانية البدء في تعريض نفسك للمواقف المخيفة تدريجياً، عليك بداية تعلم بعض تقنيات الاسترخاء وممارستها والتي تتضمن:
التنفس العميق في إزالة الحساسية المنهجية
عندما يشعر الفرد بالقلق، فإنه يميل إلى أخذ أنفاس سريعة وقصيرة تخرج من الصدر مباشرة؛ يسمى هذا النوع من التنفس بـ التنفس الصدري. عندما يصيبك القلق، قد لا تدرك حتى أنك تتنفس بهذه الطريقة.
يؤثر التنفس الصدري على مستويات الأوكسجين وثاني أوكسيد الكربون في الجسم ويؤدي إلى اختلالها، فتتسارع ضربات القلب، ويشعر الفرد بالدوار وتشنج العضلات وغير ذلك من الأحاسيس الجسدية الأخرى. قد يبعث ذلك بإشارة إلى جسمك للاستجابة للتوتر والتي تساهم في القلق ونوبات الهلع.
استرخاء العضلات التدريجي
إذا كنت مصاباً باضطراب الهلع، رهاب الأماكن المغلقة أو نوع آخر من اضطرابات القلق، قد تعاني من تشنج متكرر في العضلات.
في الحقيقة، يمكن أن يكون تشنج العضلات المزمن حالة تلقائية بشكل كبير لدرجة أنها تبدو طبيعية. وقد تنسى كيف يكون الشعور عندما تسترخي العضلات بشكل كامل.
من خلال تنفيذ تقنية استرخاء العضلات التدريجي، سوف تصبح قادراً على إعادة اكتشاف ما يميز الاسترخاء عن التشنج في مختلف مجموعات العضلات بسرعة.
التصوّر
عندما تتخيل أو تتصور نفسك في مكان هادئ يبعث على السلام وخال من التوتر، تستطيع بلوغ حالة من الاسترخاء النفسي والجسدي.
على سبيل المثال، تخيل نفسك في مكان ما بالقرب من بحيرة جميلة تنعم بالسكينة والهدوء. ركز على المشهد لوهلة واشعر بالرمل الناعم وهو يلامس أسفل قدميك، وعندما تعبر نسمة عليلة سطح الماء برفق، تخيل الهواء الدافىء يداعب وجهك وأنت تشاهد أمامك غروب الشمس الرائع في الأفق.
آلية عمل إزالة الحساسية المنهجية
قبل البدء بتقنية إزالة الحساسية المنهجية، تحتاج إلى التدرب على الاسترخاء وتطوير قائمة تسلسل هرمي من أقل المواقف إلى أكثرها إثارة للخوف.
إذا واجهت صعوبة في الوصول إلى حالة الاسترخاء أو تحديد ما يثير قلقك بشكل متسلسل، يجب أن تستشير أخصائياً قادراً على تزويدك بالإرشادات اللازمة.
تبدأ إزالة الحساسية المنهجية بتعرّضٍ متخيَّل للمواقف المخيفة. استخدم التسلسل الهرمي للقلق في تفكيك الموقف المثير للخوف إلى مكونات وأجزاء قابلة للسيطرة
على سبيل المثال، لنفترض أنك تخاف الدخول إلى المتاجر الكبيرة. قد يكون أقل ما تخافه هو الذهاب إلى المتجر ويزداد قلقك حدة كلما ابتعدت أكثر عن باب الخروج، ويمثل الوقوف في صف حساب ثمن المشتريات أعلى استجابة للخوف لديك.
في هذه الحالة، يمكن أن تبدأ العملية بالتركيز على الفعل الذي يسبب أقلّ مقدار من الإجهاد ثم الانتقال خطوة خطوة إلى الأعلى (بناءً على التسلسل الهرمي).
في النهاية، ستزول حساسيتك تجاه التسوق في المتاجر الكبرى بشكل تدريجي ومنهجي.
المصدر: Systematic Desensitization for Panic Disorders
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم
