نواجه جميعنا العديد من المشاكل يومياً؛ بعضها بسيط، كاختيار ما ستتناوله على العشاء، وبعضها الآخر على درجة أكبر من التعقيد، كحل نزاع مع أحد عزيز على قلبك أو معرفة كيفية التغلب على العوائق التي تحول دون أهدافك. بغض النظر عن ماهية أو درجة صعوبة المشكلة التي تواجهها، فإن هناك استراتيجيات لحل المشكلات قد تساعدك في حلها، ومن أمثلتها الاستدلال والتجربة.
ما هي استراتيجيات حل المشكلات؟
للتوصل إلى حل فعال لمشكلة ما، يجب أن تتبع استراتيجية معينة. في حال كان عليك اتخاذ قرار حاسم في موضوع ما فأنت تعلم تماماً أن مجرد اجترار المشـكلة (التفكير الكثير فيها) لن يقودك لأي حل. ما تحتاجه هنا حقاً هو استراتيجية فعالة، أو خطة عمل، لإيجاد حل.
الخطوات المشتركة في جميع الاستراتيجيات لحل المشاكل تشمل عموماً ما يلي:
- تحديد المشكلة.
- ابتكار حلول بديلة.
- اتخاذ قرار الحل.
- تنفيذ الحل.
الفكرة الأهم هي أن استراتيجيات حل المشكلات نفسها لا تتضمن أي حل، بل هي الدليل الذي يرشدك إلى أحد الحلول. كما أن استخدامك لاستراتيجية معينة سيعود عليك بمنافع أخرى، مثلاً، وجود استراتيجية تلجأ إليها يمكن أن يساعدك في التغلب على القلق والإجهاد الذي قد تشعر بهما عندما تواجه مشكلة أو عليك اتخاذ قرار صعب لأول مرة.
يكمن السر في إيجاد الاستراتيجية التي تتناسب مع شخصيتك من جهة ومع الوضع الذي تواجهه من جهة ثانية. فقد تكون إحدى الاستراتيجيات جيدة لنوع معين من المشاكل ولكن ليست كذلك لنوع آخر.
إضافةً إلى أن لكل شخص تفضيلاته الخاصة؛ فقد يفضل واحدة من الاستراتيجيات على البقية. على سبيل المثال، يفضل المبدعون الاعتماد على رؤاهم بدلاً من استخدام الخوارزميات أو الحلول الحسابية.
مع ذلك، عليك أن تكون مجهزاً بالعديد من استراتيجيات حل المشكلات حتى تستخدم الأكثر فعالية منها للمشكلة التي تواجهها.
حل المشكلات بالتجربة والخطأ (Trial and error)
واحدة من أكثر استراتيجيات حل المشاكل الفعالة شيوعاً والتي تقتضي في جوهرها على تجربة حلول عديدة ومختلفة حتى إيجاد الفعال منها.
على سبيل المثال، لنقل أن المشكلة هي أن شبكة الإنترنت Wi-Fi الخاصة بك لا تعمل. ستقوم بتجربة عدة أشياء حتى تعود للعمل مرة أخرى، مثل إعادة تشغيل المودم أو الجهاز حتى تعثر على المشكلة أو تحلها. وإن فشل حل ما، ستستمر بالتجريب حتى تجد ما ينجح.
يمكن أن تنجح استراتيجية التجربة والخطأ في حل المشكلات الشخصية أيضاً. على سبيل المثال، إذا كان طفلك يسهر كثيراً بعد الموعد المحدد لنومه، فيمكنك تجربة حلول مختلفة، مثلاً ساعة بصرية لتذكيره بالوقت أو اتباع نظام المكافآت أو العقوبات الخفيفة حتى الوصول إلى حل ناجح.
الاستدلال / استخدام الأسلوب البحثي (Heuristics)
يعتبر الاستدلال أحد الاستراتيجيات الفعالة لحل المشكلات، ففي بعض الأحيان، يكون حل المشكلة بناءً على صيغة أو نمط معين أكثر فاعلية من تجربة حلول مختلفة بشكل أعمى.
الاستدلال هو استراتيجيات أو أطر لحل المشكلات يستخدمها الأشخاص للعثور على حل تقريبي بسرعة. قد لا يكون الحل الأمثل، لكنه أسرع من إيجاد ذلك الحل، وهو “جيد بما فيه الكفاية”. تعتبر الخوارزميات أو المعادلات أمثلة على الاستدلال.
الخوارزمية هي استراتيجية حل المشكلات خطوة بخطوة اعتماداً على صيغة مضمونة تعطيك نتائج إيجابية صحيحة. على سبيل المثال، قد تستخدم خوارزمية معينة لتحديد كمية الطعام الواجب توفيرها لعدد من الأشخاص في حفلة كبيرة.
ومع ذلك، فإن العديد من مشاكل الحياة ليس لها حل نمطي (صيغ ثابتة)، فقد لا تتمكن من التوصل إلى خوارزمية تمكنك من التكفير عن أخطائك تجاه شريكك بعد شجار معه.
الغريزة والحدس/Gut instincts (حل المشكلات بالبصيرة)
بينما يعتبر حل المشكلات القائم على الخوارزمية نمطياً، فإن استخدام البصيرة عكس ذلك تماماً. فما من صيغة أو نمط هنا إطلاقاً، فقط نعتمد على “غرائزنا ” أو ما نعرفه ونشعر به حيال الموقف للتوصل إلى حل. يصف البعض هذا النوع من الحلول بأنه “لحظة آها/ لحظة الإدراك”.
على سبيل المثال، قد تواجه مشكلة في علاقتك وعليك أن تقرر فيما إذا كنت ستسمر كجزء منها أم لا. قد يلمع حل هذه المشكلة بشكل مفاجئ في رأسك ويقضي بأن تتخلى عن العلاقة. في حل المشكلات بالبصيرة، تظهر العمليات المعرفية التي تساعدك خارج نطاق الإدراك الواعي.
العمل بالاتجاه العكسي (Working backward)
مقاربة لحـل المشكـلات تُدرس أحياناً لمساعدة الطلاب على حـل المسائل الرياضية، لكنها مفيدة لمشاكـل العالم الحقيقي.
تقوم على أسلوب البدء من الحل نفسه من ثم “العمل بالعكس” لمعرفة كيف يمكنك الوصول إلى الحل. مثلاً، إذا كان لديك موعد حفلة في تمام الساعة الثامنة مساءً، فقد تفكر في حـل المشـكلات التي قد تواجهها عند مغادرة المنزل وعندما تحتاج إلى البدء في الاستعداد، وما إلى ذلك، وبذلك تكون قد بدأت بالحل الذي يتضمن وصولك في الساعة الثامنة تحديداً ثم الرجوع إلى الوراء.
تحليل الوسيلة والغاية (Means-end analysis)
أحد الاستراتيجيات الفعالة لحل المشكلات، اتتساعد ببساطة على الانتقال من “النقطة أ” إلى “النقطة ب” من خلال فحص العقبات وإيجاد حـل لها.
تعتمد على تحديد الموقف الحالي (حيث أنت الآن) والهدف المقصود في آن واحد، ثم ابتكار حلول تقودك من حيث أنت الآن إلى حيث تريد أن تكون.
على سبيل المثال، قد يواجه الطالب مشكلة في كيفية اجتياز الامتحانات النهائية بنجاح. لم يبدأ بالدراسة بعد، لكن هدفه النهائي هو اجتياز جميع الاختبارات. باستخدام تحليل الوسيلة والغاية، يستطيع فحص العقبات التي تقف بين وضعه الحالي وهدفه النهائي (اجتياز الامتحانات النهائية). قد يجد أن إحدى العقبات هي تشتت انتباهه بسبب أصدقائه، عندها سيجد حلاً لها من خلال ضبط هاتفه على وضع “عدم الإزعاج” أثناء الدراسة.
الخلاصة
كما ذكرنا سابقاً، لا مفر من مواجهة العديد من المشكـلات في حياتنا اليومية؛ سواء البسيطة أو المعقدة، ولحلّها بنجاح نحتاج إلى استراتيجية فعالة.
هناك العديد من الاستراتيجيات المختلفة للاختيار بينها، ورغم أنها لا تضمن التوصل إلى حل بالضرورة، فإنها تساعد على تقليل الشعور بالقلق وتزيد احتمالية التوصل إلى ما يفي بالغرض.
اقرأ أيضاً: مهارات التواصل الفعال، فوائدها وكيفية تطويرها
اقرأ أيضاً: مفكر الصورة الكبرى، كيف تكون عملياً أكثر في التفكير؟
اقرأ أيضاً: المرونة، ما تعريفها وما هي عادات وصفات أصحاب الشخصية المرنة؟
المصدر: Effective Problem-Solving Strategies
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم