احترام الذات هو إدراك أنك شخص ذو قيمة وتعامل نفسك وفقاً لذلك، وهو أول خطوة نحو معرفة أنك جدير بالحب والاهتمام وتستحق منح الفرص كأي شخص آخر.
يقول جايمي زوكرمان، اختصاصي معتمد في علم النفس السريري في فيلادلفيا: “إنّ مستوى احترامنا لذاتنا يشبه تقريباً المخطط الذي يرشد الآخرين إلى كيفية التعامل معنا” ويضيف: “عندما نطوّر علاقات صحية متبادلة، نجد أنفسنا محاطين بأولئك الذين يحترموننا ويدعموننا ويعاملوننا كما نريد أن نُعامل.”
ما هو احترام الذات؟
احترام الذات هو أن تحب نفسك وتعاملها بعناية، وهو نتيجة أن تبقى مخلصاً لقيمك وعدم الرغبة في المساومة.
“كلما انخرطت في سلوكيات تتفق مع معتقداتك وقيمك، ازداد شعورك بالثقة والرضا؛ وهذا بدوره سيحسّن من شعورك بالسعادة والرفاه”، كما يقول زوكرمان.
يمنعك احترام الذات من مقارنة حياتك مع حياة الآخرين وقد يكون هذا مهماً بشكل خاص في عالمنا الرقمي اليوم إذ: ” تنتشر المقارنة الذاتية على منصات مثل إنستاجرام و تكتوك” يقول زوكرمان، ويضيف: “عندما تعاني من مستوى منخفض من احترام الذات، تميل إلى الانخراط في المزيد من المقارنة الاجتماعية ما يجعلك تشعر بالسوء حيال نفسك أو بأنك لست جيداً بما فيه الكفاية وقد تقلل من أهمية إنجازاتك”.
في جوهر الأمر، احترام الذات هو شكل من أشكال الرعاية الذاتية. تقول ديفيا روبن، معالجة نفسية في مدينة نيويورك: “أن تحترم ذاتك يعني قبولك لنفسك واعتقادك بأنك تستحق الانتماء إلى العالم”، وتضيف: “نحن نريد الاتصال والشعور بالانتماء، لذا فإن الانتماء الذاتي وتقبّل النفس يشكلان أهمية بالغة للصحة النفسية أيضاً”.
خمس نصائح لإظهار احترام الذات وتنميته
إذا شعرت أنك بحاجة إلى الاهتمام أكثر بنفسك وإظهار المزيد من الاحترام لها، يمكن أن تساعدك هذه النصائح على اتخاذ الخطوة الأولى.
حاول أن تعيد النظر في قيمك
إذا كان احترام الذات يعني التصرف وفقاً لقيمك، يجب أن تكون الخطوة الاولى هي توضيح ماهية هذه القيم، فالقيم هي معتقدات راسخة حول ما هو مهم أو مرغوب بالنسبة لك في الحياة، مثلاً النزاهة، التسامح، الولاء، الكرم، التعاون، الحكمة، الالتزام.
لتحديد قيمك الأساسية، يوصي زوكرمان بطرح هذين السؤالين على نفسك، ما هو أكثر شيء ذي قيمة بالنسبة لك؟ وهل تصرفاتك اليومية تقرّبك أو تبعدك أكثر عن الأمور القيّمة بالنسبة لك؟
بعد أن تقوم بهذا التمرين الأول، خذ بعين الاعتبار الأفكار التالية:
- من تحب وتحترم ولماذا؟
- ما هي الأشياء التي لا ترغب في المساومة عليها في الحياة؟
- كيف تريد أن تُعرَف كشخص؟
- ما هي بعض الأشياء التي تطمح أن تكونها لكنك لم تعمل عليها بعد؟
- ما الذي يهمك في الصداقات؟
- ما الذي يهمك في العلاقات الرومانسية؟
- كيف تعتقد أن الناس الذين لديهم آراء وتجارب مختلفة يجب أن يعاملوك؟
حاول أن تعالج هذه الاسئلة وأسئلة مماثلة بأن تكون صادقاً مع نفسك، وحاول ترك توقعاتك الثقافية أو العائلية وراءك كي تحدد ما يهمك حقاً.
فكّر في مراجعة علاقاتك
ربما لا تعيش في عزلة حتى لو لم يكن هناك الكثير من الناس المحيطين بك، واحترام الذات يبدأ بالناس الذين تختار أن يكونوا في حياتك وقلبك، تقول روبن:” احط نفسك بأشخاص يساعدونك على قبول واحتضان ذاتك الحقيقية”.
تأمل في هذه الأسئلة، هل الناس من حولك يساعدون على بناء ذاتك؟ هل يدعمون أحلامك، آراءك، نمط حياتك وتفضيلاتك؟ وهل تُعامل حقاً كما تريد أن تُعامل؟
يقول زوكرمان: ” إذا كانت الإجابة “لا”، فمن المفيد أن تضع حدوداً في علاقاتك، إذ تُستخدم هذه الحدود للسماح للآخرين بمعرفة ما أنت على استعداد لقبوله أو التسامح فيه”.
حاول أن تركز على النشاطات التي تستمتع بها
يشمل احترام الذات أيضاً الرضا عن الحياة، وقد يبدأ هذا بقضاء الوقت والجهد في الأشياء التي لديك شغفٌ بها. ومع أن ذلك غير ممكن دائماً، حاول أن يشمل روتينك على بعض النشاطات التي تسعدك.
يمكن أن ترتبط هذه الأنشطة بحياتك الاجتماعية أو مدرستك أو عملك، مثل:
- بدء هواية جديدة أو إعادة ممارسة هواية سابقة كانت تبعث السعادة في قلبك.
- تحديد أهدافك المهنية ووضع خطط لمدة 90 يوماً تتضمن مهاماً محددة تساعدك على تحقيقها.
- قراءة كتاب جديد عن النمو الشخصي أو الخيال أو التطور الوظيفي.
- البدء في كتابة محتوى أو إنشاء مدونة فيديو أو سيرة شخصية.
- الرقص أو الغناء أو الاستماع إلى الموسيقى المفضلة لديك.
- بدء روتين جديد خاص بالتمارين.
- تعلم الطهي.
- التخطيط لحدث ما يخص العائلة.
- التطوع بوقتك من أجل قضية أنت شغوف بها.
يقول زوكرمان أن فعل الأشياء التي تجيدها قد يساعدك أيضاً على زيادة شعورك بالهناء والرفاه.
ممارسة الرعاية الذاتية
احترام نفسك يعني الاعتناء بنفسك عقلياً، عاطفياً، اجتماعياً وجسدياً. ويمكن أن تشمل أنشطة الرعاية الذاتية ما يلي:
- تقنيات الاسترخاء للسيطرة على القلق والتوتر.
- قضاء الوقت في الطبيعة.
- التواصل مع الأشخاص المفضلين لديك حتى وإن كان ذلك افتراضياً (وسائل التواصل الاجتماعي).
- مراجعة حميتك الغذائية لجعلها تناسب احتياجاتك الصحية.
- أخذ وقت مستقطع لإعادة التخطيط والراحة وشحن الطاقة من جديد.
حدّد حاجاتك وعزّزها
إذا كان احترام الذات يعني الاعتناء بنفسك، فمن المهم أن تحدد معنى كلمة “عناية” بالنسبة إليك، ما هي احتياجاتك؟ ما الذي يجعلك تشعر بالرضا؟ تقول روبن: ” تفقّد حاجاتك يومياً، وبدل أن تشعر بالخجل بسببها، قم بتعزيزها. “
من الطبيعي أن تشعر بالخوف من قضاء الكثير من الوقت على نفسك وبالأخص إذا كانت مسؤولياتك تشمل الاعتناء بالآخرين، لكنّ تلبية حاجاتك أمرٌ ضروري لشعورك بالسعادة والهناء، وقد يعدّك للاعتناء بالآخرين بشكل أفضل إذا كان ذلك من أولوياتك.
ما الفرق بين احترام الذات وتقدير الذات؟
تقدير الذات هو مقدار حبك لنفسك، واحترام الذات هو كيف تُظهر ذلك الحب لنفسك. وعادة يدفعك تقدير ذاتك القوي إلى احترام نفسك بشكل أكبر.
لكن تقدير الذات يميل أيضاً إلى الاعتماد على تفاعلاتك مع العالم، يقول زوكرمان: ” احترام الذات ليس رهناً بالنجاح أو الأداء، هو أكثر من نظرة ثابتة ومقبولة لأنفسنا و جدارتنا. في المقابل، يعتمد تقدير الذات على قدراتنا وعلى الطريقة التي نظن أننا نعامل بها أنفسنا في وضع معيَّن”. فالاحترام يتعلق بالقيمة والقبول، والتقدير يتعلق بتقييم المهارات والقدرات.
خلاصة
احترام الذات هو فهم وتكريم احتياجاتك الخاصة ومعرفة قيمتك والتصرف وفقاً لذلك. وإذا كنت تشعر أن بإمكانك رفع درجة احترامك لذاتك، خذ بالاعتبار تحديد قيمك ووضع الحدود وتعزيز حاجاتك من خلال رعايتك لذاتك.
اقرأ أيضاً: ست نصائح للحفاظ على الصداقة وتكوين علاقات دائمة وذات قيمة
المصدر: How to Regain Your Self-Respect and Why It Matters
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم