اعتلال الأعصاب الكحولي هو حالة صحية تكون فيها الأعصاب تالفة نتيجةَ سنواتٍ من التناول المفرط للكحول. تشمل أعراض هذه الحالة الشعور بألمٍ حارق في الجسم وفرط التألم (حساسية زائدة تجاه الألم) والألم الخَيفي (حالة تكون فيها المنبهات العادية مثل اللمس الخفيف مثيرة للألم).
يرتبط كلٌّ من مستوى السموم ونقص التغذية في الجسم عند الأشخاص الذين يشربون بكثرة، بالألم العصبي الحاصل في اعتلال الأعصاب الكحولي.
يُعد اعتلال الأعصاب الكحولي أحد أكثر عواقب شرب الكحول المفرط شيوعاً والأقلّ تمييزاً. ويمكن أن يعاني الأشخاص الذين لديهم تاريخ طويل مع سوء تناول الكحول أن يعانوا من الألم، التنمية، الوهن، الخدر أو فقدان التوازن وذلك كنتيجة لهذا المرض.
علامات وأعراض اعتلال الأعصاب الكحولي
يمكن أن تزداد علامات وأعراض اعتلال الأعصاب الكحولي تدريجياً مع الوقت، وتكون خفيفة في البداية. أحياناً، يمكن ألا يميز الشخص الذي يشرب الكحول بكثرة أن الأعراض التي يعاني منها مرتبطة بتناول الكحول.
تشمل العلامات والأعراض مزيجاً من أيّ مما يلي:
- كدمات، جروح، تقرحات، التهابات جلدية في أصابع القدمين أو القدمين أو أصابع اليدين
- الإمساك أو الإسهال
- ألم متزايد من الإصابات، خاصة في اليدين والقدمين
- انخفاض الإحساس في أصابع القدمين، القدمين، الساقين، الأصابع، اليدين، أو الذراعين
- دوخة، خاصة عند الوقوف والعينان مغمضتان
- فقدان التنسيق في حركات القدمين أو اليدين
- فقدان التوازن أي عدم الثبات أثناء المشي
- ألم، تنميل (وخز خفيف)، أحاسيس غير اعتيادية في أصابع القدمين، القدمين، الساقين، أصابع اليدين، اليدين أو الذراعين
- عجز جنسي
- اضطراب في المشي بخط مستقيم، حتى في حال عدم تناول الكحول في وقت قريب
- السلس البولي
- وهن وضعف في اليدين والقدمين
تأثيرات اعتلال الأعصاب الكحولي
اعتلال الأعصاب الكحولي هو مرض عصبي ناجم عن التناول المفرط للكحول على مدى فترة طويلة من الزمن. تنشأ تأثيرات اعتلال الأعصاب الكحولي نتيجة تلف الأعصاب، و تندرج تحت أربعة أشكال: تناقص الإحساس، الألم (الحساسية المفرطة)، ضعف العضلات، اعتلال الوظائف اللاإرادية.
تناقص الإحساس
يسبب اعتلال الأعصاب الكحولي ضرراً في الأعصاب الحسيّة ما يؤدي إلى تناقص الإحساس والشعور في اليدين والقدمين؛ يمكن ألا يبدو هذا الأمر مشكلة كبيرة، إلا أن تبدد الإحساس يؤدي فعلياً إلى عواقب خطيرة جدا تتضمن:
حدوث التواءات وخدوش من وقت لآخر، إذ يمكن أن يسبب تبدد القدرة على الشعور بالألم الناجم عن الإصابات اليومية الخفيفة حدوثَ هذه الالتواءات والخدوش بشكلٍ أكبر.
الالتهابات والنزف، نظراً لغياب الشعور بالألم العادي وانعدام الراحة، يمكن أن يتم إهمال حماية القروح والجروح الطفيفة والتي تسبب بدورها أذيّة إضافية؛ بالتالي يمكن أن تصبح هذه الجروح أكثر نزفاً أو أن تُصاب بالالتهاب.
تبدُّد المهارات الحسية، يمكن أن يؤدي عدم القدرة على التوازن الصحيح وتنسيق المهارات الحركية بشكل جيد، كالمشي وحركة الأصابع، إلى تعطيل النشاطات المعتادة كالمشي والكتابة باليد أو باستخدام لوحة المفاتيح. ويمكن أن يسبب اعتلال الأعصاب الكحولي المتطور الشعور باختلال التوازن، خاصة إذا كانت العينان مغلقتين، مما يؤدي إلى خطر السقوط أرضاً.
الألم والحساسية المفرطة
يتضمن التأثير البارز الآخر لاعتلال الأعصاب الكحـولي الشعورَ بالألم وبأحاسيس مزعجة. إذ يمكنه أن يسبب الحساسية المفرطة للّمس أو حتى للألم الخفيف. ويمكن أن يؤدي اللمس الخفيف لهؤلاء الأشخاص إلى الشعور بألمٍ مبالغ به، خاصة في أصابع اليدين والقدمين.
يشكل الألم المستمر في اليدين والقدمين أكثرَ أوجه اعتلال الأعصاب الكحـولي إثارةً للإزعاج. إذ يمكن أن يبدو الألم حارقاً، متأججاً أوحاداً و واخزاً.
مع تطور الحالة، يختلف الألم في شدته وأحيانا يمكن أن يختفي عدة أشهر قبل أن يعود ويزداد سوءاً.
ضعف العضلات
يمكن أن يسبب اعتلال الأعصاب الكحـولي الحاد ضعفاً في المهارات الحركية نتيجة تلف الأعصاب. إذ تحتاج العضلات تلقي رسائل من الأعصاب القريبة للقيام بوظيفتها وعندما تتعطل هذه الرسائل نتيجة تلف الأعصاب؛ فإن العضلات تعجز عن القيام بالوظائف الاعتيادية. يتجلّى هذا الأمر بشكل واضح في ضعف اليدين والقدمين.
اعتلال الأعصاب اللاإرادية
تتحكم الأعصاب اللاإرادية بوظائف أعضاء الجسم، كالمثانة والمعدة والأمعاء. ويمكن أن يُضعف اعتلال الأعصاب الكحولي الأعصابَ اللاإرادية مؤدياً إلى تعطيل عمل الأمعاء والمثانة إضافة إلى الأداء الجنسي.
أسباب اعتلال الأعصاب الكحولي
بشكل عام، يستغرق تطور اعتلال الأعصـاب الكحولي أعواماً عند الفرد. بالتالي فإن تناول الكحول لوقت طويل جداً هو السبب النموذجي لذلك.
يعاني بعض الأشخاص من ظهورٍ وتطورٍ سريعين لاعتلال الأعصاب الكحولي أكثر من غيرهم. وإن سبب استعداد بعض الأشخاص لهذه المضاعفات أكثر من غيرهم، ليس واضحاً تماماً.
يؤدي النقص الغذائي أيضاً إلى نشوء اعتلال الأعصـاب الكحولي، إضافةً إلى تراكم السموم في الجسم. إذ يقلل الكحول من امتصاص المواد المغذية، مثل البروتينات وفيتامين B12 مسبباً نقصاً حاداً بها مما يؤثر على أجزاء مختلفة من الجسم بما فيها الأعصاب.
يؤدي الكحول أيضاً إلى تغيير عمل المعدة والكبد والكليتين بطرق تمنع الجسم من التخلص من السموم بشكل سليم. مما يسبب تراكمها وأذيّتها للعديد من أجزاء الجسم بما فيها الأعصاب.
يؤثر تلف الأعصاب عادة على المحاور العصبية، وهي أشبه بالمحركات التي تنقل الإشارات الكهربائية من خلية عصبية إلى أخرى إضافة إلى الميالين (Myelin). وهو الغطاء الدهني الذي يحمي الأعصاب.
لا تتسم الأعصاب بالقدرة على التجدّد (التعافي) والتي تسمح لها بتجديد نفسها إذا ما تعرضت للتلف الحاد. يمكن أن يكون تلف الأعصاب الناجم عن اعتلال الأعصاب الكحولي دائماً إذا ما كانت الإصابة به لفترة طويلة أو إذا استمر عند الفرد.
تشخيص اعتلال الأعصاب الكحولي
ينطوي تشخيص اعتلال الأعصاب الكحـولي على مجموعة من الإجراءات وهي:
مراجعة التاريخ الطبي للمريض والفحص الجسدي، وربما اختبار الدم أو الأعصاب. مثل: التخطيط الكهربائي للعضلات (EMG) ودراسة التوصيل العصبي (NCV).
الفحص الجسدي، يختبر الفحص الجسدي الشامل ردود الأفعال وقوة العضلات والإحساس (بما فيه اللمس الخفيف، وخز الإبر، الاهتزاز، الإحساس بالمواقف) والتنسيق.
يعاني المصابون باعتلال الأعصاب الكحولي عادةً من انخفاض في ردود الأفعال وتضاؤل الإحساس العصبي، وفي مراحل المرض المتقدمة، يمكن أن يظهر الوهن والضعف أيضاً.
التخطيط الكهربائي للعضلات(EMG) ودراسة التوصيل العصبي(NVC)، يفحص هذان الاختباران عمل الأعصاب بدقة. تشير الأنماط المميزة، مثل الأداء المنخفض لوظيفة اليدين والقدمين، انخفاض مستوى الموجات العصبية، تباطؤ وظيفة الأعصاب إلى الإصابة باعتلال الأعصاب الكحولي.
لا تحدد اختبارات الأعصاب سبب اعتلال هذه الأعصاب بل مدى تلفه فقط.
خزعة العصب، في حالاتٍ نادرة، يمكن أن يقترح الطبيب أخذ خزعة من الأعصاب والتي يمكن أن تُظهر نمطاً من تلف الأعصاب يتوافق مع اعتلال الأعصاب الكحـولي.
اختبارات أخرى، يمكن أن تتضمن الاختبارات الإضافية فحص البول أو تصوير الدماغ أو النخاع الشوكي وذلك لاستبعاد الحالات الطبية الأخرى التي يمكن أن تسبب أعراض اعتلال الأعصاب.
الحالات التي يمكن أن تُشابه اعتلال الأعصاب الكحولي
هناك عدد من الحالات الطبية الأخرى والتي يمكن الخلط بينها وبين اعتلال الأعصاب الكحولي، أكثرها شيوعاً يندرج بالآتي:
- اعتلال الأعصاب السكري
- متلازمة غيلان باريه
- أمراض الخلايا العصبية الحركية مثل التصلب الجانبي الضموري (ALS)
- التصلب اللويحي المتعدد (MS)
- الأمراض العضلية
- الأمراض الأوعية الدموية الطرفية
- أمراض العمود الفقري
علاج اعتلال الأعصاب الكحولي
هناك العديد من العلاجات الطبية الممكنة للسيطرة على الألم المرافق لاعتلال الأعصاب الكحـولي. وتتضمن مسكنات الألم ومضادات الاكتئاب، على الرغم من أنها لم تثبت فعاليتها في علاج هذا المرض، إلا أن مضادات الاكتئاب توصف أحيانا للمساعدة على السيطرة على الألم، إضافة إلى وصف مضادات الصرع كوسيلة لذلك في بعض الأوقات.
بما أن النقص الغذائي يُعد جزءاً من سبب اعتلال الأعصاب الكحـولي، فيمكن أن يُنصح بتناول المكملات الغذائية الغنيّة بفيتامين B12 وحمض الفوليك وفيتامين E وفيتامين B1 (الثيامين).
لا يوجد علاج دوائي يمكنه التحسين من فقدان الإحساس الحاصل أو تقوية ضعف العضلات أو المساعدة في مشاكلات التنسيق الحركي والتوازن الناجمة عن اعتلال الأعصاب الكحولي. لكن، يلاحظ العديد من الأشخاص تحسناً في الأعراض بعد التقليل المستمر من تناول الكحول.
يسبب تناول الكحول في بعض الأحيان تلفاً حاداً في أعضاء الجسم ما يستدعي إجراء عملية زراعة الكبد.
في هذه الحالة، تتحسن أعراض اعتلال الأعصاب الكحولي بعد العملية بشكل بسيط. ولكن يمكن أن يكون اعتلال الأعصاب قد وصل إلى مرحلة متقدمة جداً لدرجة أن التحسن يكون قليلاً جداً، إن وجد، حتى بعد العملية.
التأقلم مع اعتلال الأعصاب الكحولي
إذا تمَّ تشخيصك باعتلال الأعصاب الكحولي، يجب أن تأخذ بالاعتبار الحصول على رعاية متخصصة. يمكن للممرضة أو مقدم الرعاية الصحية المختص أن يكونا جزءاً من فريق العلاج الخاص بك وأن يقدما المساعدة لك في المنزل بانتظام من خلال القيام بعدة مهام. منها:
- تقييم نتائج العلاج الجاري
- تقييم درجة الألم ووظيفة الإحساس والوظيفة الحركية
- المساعدة في استخدام عكاز أو جهاز المشي أو كرسي العجلات في حال الضرورة
- تعليم القيام بالمهام المنزلية بشكل آمن ( ارتداء القفازات لفحص درجة حرارة المياه قبل الاستحمام منعاً لحدوث تهيج في الجلد)
- العمل مع اختصاصيي الرعاية الآخرين مثل الأطباء والمعالجين الفيزيائيين لمراقبة مدى تحسنك والقيام بالتغييرات المناسبة عند الحاجة.
إن وجود ممرضة تعمل على زيارتك في المنزل لتلبية احتياجاتك اليومية يمكن أن يكون مريحاً بشكل كبير من الضغط الإضافي الذي تعانيه للاستمرار الصحيح في خطة العلاج.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعدك الانضمام إلى مجموعة دعم في التأقلم مع التغييرات التي تواجهها الناجمة عن حالتك الصحية هذه. ويمكنك البحث عن مجموعة دعم خاصة باعتلال الأعصاب الكـحولي. أو عن أشخاص استطاعوا التأقلم مع الألم المزمن الحاصل.
ويمكنك أيضاً الاستفادة من مجموعة الدعم في مساعدتك على التقليل من كمية الكحول التي تتناولها أو في الإقلاع عنه تماماً.
إذا كنت تسرف في الشرب لمدة طويلة تحديداً، فإن التأقلم مع اضطراب تعاطي الكحول يُعد أمراً صعباً. ولكن مع وجود مصادر الدعم المناسبة ستكون على استعداد أكبر للنجاح في هذا الأمر بالطريقة المناسبة.
كيفية الحد من اعتلال الأعصاب الكحولي
يعد تجنب الإفراط في تناول الكحول الطريقة الأساسية لمنع حدوث اعتلال الأعصاب. إذا لاحظت أنك تشعر بأية علامة لاعتلال الأعصاب الكحـولي، يجب عليك الابتعاد عن الشرب قدر الإمكان إضافة إلى استشارة الطبيب المختص. وفي حال واجهت صعوبة في ذلك، فتوجد العديد من المصادر التي تساعدك في الإقلاع عن تناوله.
خلاصة
يشكل اضطراب تعاطي الكحول تحدّياً للكثير من الأشخاص، ويدرك الخبراء أن الإدمان يُعد مرضاً وأن الكثير على استعدادٍ للإصابة به. نتيجة ذلك، من الضروري تلقي العلاج المناسب للسيطرة على اضطراب تعاطي الكحول.
يمكن أن تتراجع بعض أعراض اعتلال الأعصاب الكحولي جزئياً، ولكن في حال تطوره من الممكن ألا يحدث تراجع الأعراض.
يستطيع العلاج الدوائي المساعدة في تقليل بعض الأعراض. وتكمن الاستراتيجية الأساسية لمواجهة اعتلال الأعصاب الكحولي في منع تطور الأعراض من أن تصبح أكثر سوءاً وذلك بتخفيض كمية الكحول المستهلكة بالسرعة الممكنة.
المصدر: Alcoholic Neuropathy: Symptoms, Causes, & Treatments
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم