التفكير الانتحاري – أو ما يُشار إليه أحياناً بالأفكار الانتحارية – هو مجموعةٌ من الأفكار، التخيّلات، الهواجس أو الصور المتعلقة بالانتحار. على عكس الفكر الشائع، لا يقتصر الاكتئاب أو الأفكار الانتحارية على البالغين فقط، لكن تختلف الأعراض والعلامات التحذيرية عند المراهقين.
إن الأمر المهم بالنسبة لك كوالد / والدة، مقدم رعاية، أو صديق من أجل أن تكون قادراً على دعم من تحبّهم ممن يعانون من هذه الأفكار هو التعرّف على ماهية الأفكار الانتحارية، كيف تبدو عند المراهقين و كيف يمكنك أن تتدخل بهدف مساعدتهم.
التفكير الانتحاري النّشط والتفكير الانتحاري السلبي
تتراوح الأفكار الانتحارية، عند المراهقين، بين أفكارٍ عابرة إلى وضع خطط فعلية لإنهاء حياتهم؛ ولهذا السبب، يناقش أخصائيو الصحة النفسية الأفكارَ الانتحارية في سياق كونها نشطةً (Active) أو سلبيةً (Passive).
تتضمن الأفكار الانتحارية السلبية التعبير عن خواطرٍ مبهمة حول الإقدام على الانتحار، إذ يُنظر للانتحار كأحد الطرق الممكنة لإنهاء الألم، لكن لا يرافق تلك الأفكار عادةً أي إقدامٍ على الانتحار.
في المقابل، تكون الأفكار الانتحارية نشطةً عندما يعاني المراهق من هواجسَ مستمرة عن الانتحار ويستمر عنده شعور فقدان الأمل. عندما تكون الأفكار نشطة، يبدأ المراهق باتخاذ خطواتٍ جديّة من أجل تنفيذ الانتحار.
وفقاً لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، يُعد الانتحار السبب الرئيسي الثاني للوفاة عند الأطفال، المراهقين والبالغين الصغار ذوي الأعمار من 10 إلى 24 عاماً.
أسباب تكوُّن الأفكار الانتحارية عند المراهقين
يعود سبب تكوّن الأفكار الانتحارية عند المراهقين عادةً إلى الإصابة باكتئاب غير معالج، أو إلى تعاطي المخدرات؛ لذلك يجب التعامل مع هذه الأسباب بجديّة دائماً.
للأفكار الانتحارية والاكتئاب أسبابٌ عديدة مثل الصعوبات الاجتماعية، التوتر، الضغوطات الدراسية ومخاوف أخرى يواجهها المراهقون قد تساهم في تشكّل الأفكار الانتحارية لديهم.
تتضمن عوامل الخطورة الأخرى ما يلي:
- التنمر.
- المشاكل الصحية.
- نقص الدعم العائلي.
- الاعتداء الجسدي أو الجنسي.
- ضعف العلاقات الاجتماعية.
- تعاطي العقاقير المخدرة أو الكحول.
تلعب العوامل الوراثية دوراً في الاكتئاب وخطر الانتحار أيضاً، فمن المرجح أن يكون لدى المراهقين الذين يحملون أفكاراً انتحارية أفرادٌ من العائلة ماتوا منتحرين.
العلامات التحذيرية للأفكار الانتحارية
هناك بعض العلامات التي قد تدل أن ابنك المراهق يحمل أفكاراً انتحارية، لذلك ابق متيقظاً لــ :
- أن يصبح منفعلاً، منزعجاً، مكتئباً و/أو قلقاً.
- البدء بشرب الكحول و/أو تعاطي المخدرات، أو اللجوء لهما بشكل متكرر.
- تغيير صفات واضحة في شخصيته.
- سلوكيات خطرة أو مدمرة للذات.
- تغيرات بالنوم، الأكل وغيرها.
- التعبير عن فقدان الأمل أو الشعور بأنه عالق دون مخرج.
- تغيرات حادة بالمزاج.
- التحدث بشكل مستمر عن الموت والاحتضار.
- التخلي عن ممتلكاته دون أسباب محددة.
- العزلة والانسحاب من العلاقات الاجتماعية خاصةً إذا كان ذلك بشكل مفاجئ.
- البحث عن أو امتلاك وسائل للانتحار، كالحصول على مسدس أو الكثير من الأدوية.
- حرصه على توديع الآخرين.
- قول أشياء مثل: ” أتمنى لو كنت ميتاً” أو ” أتمنى لو أنني لم أولد”.
تذكّر بأن العلامات التحذيرية قد تختلف من شخصٍ لآخر، بالإضافة إلى أن بعض المراهقين قد يحتفظون بهذه الأفكار والمشاعر لأنفسهم. إذا شعرت أن ابنك المراهق يبدي أياً من هذه العلامات أو بأنه لا يتصرف على طبيعته، احرص على استشارة طبيبٍ بأقرب وقت ممكن.
يشكّل التدخل المبكر أمراً مهماً في أيّ مرض نفسي، وإذا كان المراهق يفكر مليّا بالانتحار ، فهذه إذاً حالة طارئة.
مثال عن الأفكار الانتحارية
شعرت إيفانا، ذات الـ 15 عاماً ، بحزنٍ شديد عندما رحلت صديقتها بعيداً، وأصبحت تعاني من إحساسٍ عميق بالوحدة وانعدام الأمان. في إحدى الليالي، وجدت نفسها تفكر بالانتحار كوسيلةٍ لإنهاء الشعور المؤلم الذي تشعر به.
تتخيّل نفسها تأخذ عبوةً كاملةً من الحبوب وتغطّ في نوم عميق لا استيقاظ منه. عندما تستيقظ في الصباح التالي، تجد أن الأفكار الانتحارية قد تغيرت، هي تعلمُ أن الانتحار خيارٌ موجود، لكنها اليوم تشعر بتحسن وتقرر بأن تتصل بصديقةٍ لم تحدثها منذ مدة.
ماذا عليك أن تفعل عندما يحمل ابنك أو ابنتك أفكاراً انتحارية؟
هناك خطوات يمكن للوالدين، الأصدقاء أو الأوصياء اتخاذها في حال كان المراهق يعاني من أفكار انتحارية.
الوالدين
- كن داعماً، متفهّماً ولا تحكم بشكلٍ مسبق عليه.
- ضع الأسلحة والأدوية بعيداً عن متناول الأطفال والمراهقين.
- تعلّم العلامات التحذيرية الخاصة بالانتحار والاكتئاب.
- تحدّث بانفتاحٍ مع ابنك المراهق ودَعه يشعر بأنك تتفهّم ألمه.
- انتبه لعلامات تعاطي المواد المخدرة، وساعده فوراً إذا شعرت بأن هناك مشكلة ما.
عالج الأمراض النفسية الأخرى (في حال وجودها)
تحدّث مع طبيب الأطفال إذا كان ابنك/ابنتك يعاني من أعراضٍ اكتئابية مثل القلق أو أية حالة نفسية أخرى. على الرغم من أن أغلب الناس المصابين بحالةٍ نفسية ما لا يحاولون الانتحار، إلا أن وجود حالة غير مشخّصة أو غير معالَجة، بالإضافة إلى عوامل الخطورة الأخرى، يمكن أن يزيد احتمال الإقدام على الانتحار.
لا تتجاهل التهديد بالانتحار مطلقاً
لا تنظر للكلام عن الانتحار على أنه “دراما مُراهَقةٍ اعتيادية”. إذا كان ابنك/ابنتك يطرح تعليقات مثل “قد أقوم أيضاً بقتل نفسي” أو “أتمنى لو كنت ميتاً”، فيجب أن تنصت له وتدرك ألمه. احرص على أن يعلم بأنك تتفهم الألم الذي يشعر به وبأنك هنا لدعمه ومساندته للحصول على المساعدة التي يحتاجها.
أمّن لهم ما يحتاجونه من مساعدة
سواء كنت والداً أم وصياً، تحدث مع طبيب الأطفال الخاص بالعائلة ودعه يوجهك إلى أخصائي صحة نفسية. قد ينصحك طبيب الأطفال أو المعالج بالعلاج النفسي، الأدوية وتغيير نمط الحياة الذي يمكن أن يقلل خطر الانتحار.
إذا كنت مراهقاً وتشعر بالقلق من أن صديقك يفكر بالانتحار، اتبع ما يلي:
- تعامل مع علامات الانتحار بجديّة.
- شجّع صديقك على التحدث مع طبيبٍ أو شخصٍ بالغ تثقون به.
- تحدث مع المعلّم، أحد الوالدين أو أي شخص بالغ آخر بخصوص صديقك والمخاوف التي تنتابك تجاه أفكاره تلك.
المصدر: Understanding Suicidal Ideation in Teens
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم