You do not have permission to view this result. الإرهاب في علم النفس | Obstan - أوبستان

الإرهاب في علم النفس

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

الإرهاب، شأنه شأن العديد من أشكال العنف المروعة الأخرى. يتساءل الكثيرون في أذهانهم عن تفسير نفسي له، بيد أن البحوث والتحليلات المنهجية التي تناولت هذا الموضوع تُبيّن أن المرض النفسي أو مجرد “افتقار الضمير” ليسا السببان الرئيسيين للإرهاب.

لا توجد “شخصية إرهابية” معروفة، والمسارات والتأثيرات التي تؤدي بأفراد معينين إلى التحول لإرهابيين متنوعة إلى حد كبير.

تساعد الأبحاث النفسية والتحليل المنهجي في إلقاء الضوء على العمليات التي يلجأ من خلالها الناس والجماعات إلى اعتماد أيديولوجيات متطرفة ثم استخدامها لتبرير أعمال العنف. 

نظرة سريعة

منذ الهجمات على الولايات المتحدة في 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، اتفق قادة الاستخبارات والدبلوماسية ومجتمعات تطبيق القانون في الولايات المتحدة على أن الإرهاب يشكل حالياً أخطر تهديد للأمن القومي الأمريكي.

إن فهم أسباب ودوافع ومحددات السلوك الإرهابي يشكل تحدياً هائلاً في مواجهة هذا التهديد. الأمر الذي يؤدي إلى تزايد الاهتمام بـ “سيكولوجية الإرهاب”. 

يركز هذا المقال الذي يعد بمثابة مدخل لهذا الموضوع على الأبعاد النفسية للسلوك الإرهابي. ويقلل من التأكيد على تحليل التفسيرات القائمة على أساس اجتماعي (يشار إليها أحياناً باسم الأسباب الجذرية.) أو النظريات الاقتصادية والسياسية على المستوى الكلي، إلا أنه لا يعالج الآثار النفسية للإرهاب. 

بعد عقود من أبحاث العلوم الاجتماعية، لم تظهر أي نظرية واحدة للعدوانية كنموذج تفسيري لجميع أنواع العنف. حتى وإن كان السؤال الأساسي عن أفضل تعريف للإرهاب في حد ذاته مشكلة عويصة. إلا أن الإرهاب شكل واضح من أشكال العنف.

على الرغم من ذلك، وللكشف عن مجريات الأمور، يتفق معظم الناس على أن الإرهاب يشمل أعمال العنف (مقابل التهديدات أو الإكراه العام.) التي تُرتكب عمداً ضد غير المقاتلين المدنيين بهدف تعزيز بعض الأهداف الأيديولوجية أو الدينية أو السياسية.

تضيف القضايا المتعلقة بالنوايا، التكتيكات، الدوافع، الإيديولوجيا وشرعية الأهداف تعقيداً وتعدديةً إلى بنية الإرهاب كشكل من أشكال العنف وتتحدى نشوءَ نظرية تفسيرية موحدة.

وتعليقاً على البحث عن تفسير جيد للإرهاب عموماً، لاحظ والتر لاكير (Walter Laqueur) بديهياً أن هناك “أعمال إرهابية كثيرة”. وأن العوامل التي تسببها أو تبقيها أو تضعفها قد تختلف اختلافاً كبيراً بين مجموعات شتى في سياقات متباينة وأوقات مختلفة.

من منظورٍ نفسيّ، يعتقد الطبيب النفسي جيرولد بوست (Jerrold Post) أنه لا يوجد سيكولوجية إرهابي واحدة، بل العديد منها. 

تطورت النظريات النفسية والبحوث المتعلقة بالإرهاب بشكل كبير منذ الستينيات. إذ كان خط العمل الأول مستمداً بشكل أساسي من نظرية التحليل النفسيّ. ويميل إلى التركيز على النرجسية والعداء تجاه الأهل كمتغيرات تفسيرية، وقد ابتعدت التفسيرات الحديثة عن هذه المقاربة.  

كيف ولماذا يدخل الناس إلى المنظمات الإرهابية ويبقون فيها ويغادرونها؟

تُبيّن البحوث المتعلقة بالإرهابيين والمتطرفين الذين يمارسون العنف والذين يتبعون طائفة واسعة من الأيديولوجيات، أن المسارات والدوافع المؤدية إلى الإرهاب متنوعة ومتباينة جداً. 

يعد كل من “الدافع” و “الضعف/ قابلية التأثر” من بين العوامل النفسية الرئيسية في فهم ما إذا كان الأفراد في بيئة معينة يدخلون في عملية التحول إلى إرهابيين، وكيفية ذلك ومن هم هؤلاء الأفراد.

حسب التعريف، فإن “الدافع” هو العاطفة، الرغبة، الحاجة الفيزيولوجية أو أي محفز مماثل يعمل كمحرّض على الفعل. أما “الضعف/ قابلية التأثر” فيشير إلى القابلية للاستسلام أو الشيء المسؤول عن الإذعان والخضوع مثل الإقناع أو الإغراء.

فيما يتعلق بالدافع، بدأ الباحثون في التمييز بين أسباب الانضمام والبقاء وترك المنظمات الإرهابية. ووجدوا أن الدوافع قد تكون مختلفة في كل مرحلة وليس بالضرورة أن تكون مرتبطة ببعضها بعض. 

وفيما يتعلق بالضعف، يبدو أن هناك بعض أوجه الضعف المشتركة والتصورات بين أولئك الذين يتحولون إلى الإرهاب. كالظلم والحاجة إلى الإحساس بالهوية وإلى الانتماء على الرغم من وجود أشخاص يتشاركون هذه الانطباعات دون أن يصبحوا إرهابيين.

وفي عام 2006، في جامعة ولاية بنسلفانيا، عُقدت ورشة عمل بحثية متقدمة للمهنيين الذين يدرسون سيكولوجية الإرهاب. وشملت “عوامل الخطر” الشائعة التي حددها المشاركون في ورشة العمل ما يلي: 

  • مفاهيم العزلة أو الانسلاخ عن المجتمع العام
  • تصورات الإذلال الفردي أو الجماعي، أو الظلم أو الخزي أو الإهانة
  • العزلة الاجتماعية
  • الحاجة إلى الهوية والرغبة في الانتماء
  • الإحساس بخيبة الأمل مع البدائل المتاحة
  • الإيديولوجية التي تضفي الشرعية على الإرهاب
  • وجود قدوة يحتذى بها
  • الإحساس بشعور الضحية أو التماهي معها

وقد تركزت مجالات التحقيق الواعدة على المراحل والعمليات المشتركة في تبني الأيديولوجيات المتطرفة بدلاً من التركيز على مضمون الدافع أو التبرير في حد ذاته.

نظريات حول التطرف

هناك ثلاث نظريات معاصرة تصف تبني الإيديولوجيات المتطرفة. منها نموذج العقلية الإرهابية الشامل ذو الأربع مراحل الذي ابتكره راندي بورم (Randy Borum)، والذي يحاول شرح كيف يتحول الظلم والضعف إلى كراهية لمجموعة مستهدفة، وكيف تغدو الكراهية بالنسبة للبعض مبرراً أو دافعاً للعنف. 

وطرح سلّم علي موغادام (Ali Moghaddam) نحو نموذج الإرهاب، والذي يصف فيه التقدم ذو الخطوات الخمسة المتقارب (أي ينتقل عدد أقل من الناس إلى كل مرحلة متعاقبة.) والذي يحول التجربة الشخصية الشديدة (المحن) إلى عمل إرهابي عنيف. 

باستخدام إطار أكثر اجتماعية في دراسة الأشخاص المنتمين إلى “المهاجرون” في المملكة المتحدة، يحدد كوينتا فيكتوروفيتش (Quintan Wiktorowicz.) عملية تنموية من أربعة أجزاء تستند إلى نظرية الحركة الاجتماعية. على الرغم من أن كل نموذج قد تم تطويره بشكل مستقل ومتزامن تقريباً، إلا أن اتساق المواضيع الرئيسية عبر النماذج الثلاثة مذهل للغاية. 

إلى أي مدى يرتبط علم النفس المَرَضي بفهم الإرهاب أو منعه؟

أجمعت الأبحاث في علم نفس الإرهاب تقريباً على الاستنتاج القائل بأن المرض النفسي والشذوذ لا يشكلان عادة عاملين حاسمين في تفسير السلوك الإرهابي. إذ وجدت الدراسات أن انتشار المرض النفسي بين عينات من الإرهابيين المحتجزين منخفض أو أقل منه عند عامة الناس.

علاوة على ذلك، وبالرغم من أن الإرهابيين كثيراً ما يرتكبون أعمالاً شنيعة. إلا أنهم نادراً ما يعتبرون مرضى سيكوباتيين بالمفهوم التقليدي، وعادةً ما يكون للإرهابيين بعض الصلة بمبادئ أو أيديولوجيا أو أشخاص آخرين (بما في ذلك إرهابيون آخرون) يشاركونهم إياها.

لكن، المعتلون نفسياً لا يتخذون مسرى هذه العلاقات ولن يضحوا بأنفسهم على الأرجح (بما في ذلك الموت) في سبيل قضية ما. 

ما مدى أهمية شخصية الفرد في فهم الإرهاب أو منعه؟

لا يوجد “نوع” شخصية إرهابيّة واحدة ولا أي “مواصفات شخصية” للإرهابي دقيقة من الناحية النفسية أو غيرها. علاوة على ذلك، فإن سمات الشخصية وحدها لا تميل إلى أن تكون مؤشراً جيداً على السلوك.

وربما من الأفضل لنا أن ننظر للتحول إلى إرهابيّ باعتباره عملية مستمرة وليس قراراً منفرداً وبأن تلك العملية لا تتأثر بالخصائص النفسية للفرد فحسب. بل بالعوامل الظرفية أيضاً والتجارب الأخيرة، الروابط مع الآخرين، البيئة السياسية المحيطة وتأثير الجماهير الشعبية. 

ومن المرجح أن يكون السعي إلى فهم الإرهاب عن طريق دراسة السمات الشخصية للإرهابيين بشكل أساسي مجالاً غير مجدٍ ولا يؤدي إلى المزيد من التحقيق والتحري. 

إلى أي مدى تكون تجارب الحياة الفردية ذات صلة بفهم الإرهاب أو منعه؟

هناك تجارب حياتية معينة شائعة بين الإرهابيين، إذ يبدو أن تاريخ الاعتداء والصدمات في مرحلة الطفولة منتشرٌ على نطاق واسع. وبالإضافة إلى ذلك فإن مواضيع الظلم والإذلال المتصوَّر غالباً ما تكون بارزة في سير الإرهابيين الذاتية وتاريخهم الشخصي.

لا تسهم أي من هذه العوامل كثيراً في تفسير الإرهاب تفسيراً سببياً. ولكن قد يُنظر إليها باعتبارها علامات ضعف أو مصادر محتملة للدافع أو آليات لاكتساب أو تقوية إيديولوجية الفرد المتشددة.

ما هو الدور الذي تلعبه الأيديولوجيا في السلوك الإرهابي؟

يتم تعريف الأيديولوجيا غالباً على أنها مجموعة شائعة ومتفق عليها من القواعد التي يؤيّدها الفرد والتي تساعد في تنظيم وتحديد السلوك.

يبدو أن الأيديولوجيات التي تدعم الإرهاب رغم تنوعها الشديد، تتسم بثلاث خصائص هيكلية أو بنيوية مشتركة. فهي توفر مجموعة من المعتقدات التي توجه وتبرر سلسلة من التفويضات السلوكية. وهذه المعتقدات لا يجوز المساس بها ولا ينبغي مساءلتها أو التشكيك فيها. و تكون السلوكيات موجَّهة نحو هدف وينظر إليها على أنها تخدم قضية ما أو هدفاً ذا معنى. 

تعد الثقافة عاملاً حاسماً في تطور الإيديولوجيا، ولكن تأثيرها على الأيديولوجيات الإرهابية على وجه التحديد لم يتم دراسته على نطاق واسع.

فالأيديولوجيا توجه السلوك وتتحكم فيه، ربما من خلال توفير مجموعة من الاحتمالات السلوكية التي تربط السلوك المباشر والأفعال بالنتائج والمكافآت الإيجابية على المدى الطويل. أو من الأفضل النظر إليها على أنها شكل من أشكال سلوك إتباع القواعد. 

ما الذي يميز المتطرفين الذين يرتكبون أعمال العنف عن أولئك الذين لا يرتكبونها؟

لا تتيح كل الأيديولوجيات المتطرفة العنف، و لا يتصف كل المتطرفين بالعنف. إحدى الفوارق المفيدة التي يمكن النظر فيها هو اتجاه النشاط؛ أي ما إذا كان التركيز أكثر على تعزيز قضية أو تدمير أولئك الذين يُعارضونها.

وحتى في إطار التطرف الموجه نحو التدمير، فإن الأمر يتطلب عادة ما هو أكثر من الأيديولوجيا لفرض أعمال العنف. ويجب أن تؤدي التأثيرات النفسية والاجتماعية إلى إضعاف الحواجز القوية التي تنشأ بشكل طبيعي وتمنع انتشار قتل البشر.

وهناك طريقتان رئيسيتان للهجوم على هذه الحواجز. وهما: من الخارج إلى الداخل (أي آثار المجموعة أو البيئة الاجتماعية) ومن الداخل إلى الخارج (أي إجراء تعديل معرفي داخلي حول كيفية إدراك البيئة أو الموقف). 

ما هي مواطن الضعف لدى الجماعات الإرهابية؟

لدى الجماعات الإرهابية، مثل جميع الجماعات الاجتماعية، نقاط ضعف معينة في وجودها وبعضها يأتي من داخل المنظمة وبعضها يعمل من الخارج. 

تشمل نقاط الضعف الداخلية: عدم الثقة الداخلية، الملل، عدم النشاط، المنافسة على السلطة والخلافات الكبرى. تتمثل بعض نقاط الضعف الخارجية الأكثر شيوعاً بـ: الدعم الخارجي والجمهور (الفئات المستهدفة) والصراع بين المجموعات. 

كيف تتشكل المنظمات الإرهابية وتعمل وتفشل؟

من المفاجئ أن القليل من البحوث والتحليلات تناولت مراحل ودورات التطوّر التنظيمي والوظيفي للجماعات الإرهابية. وعلى وجه الخصوص، لم يكن هناك تحقيق منهجي يُذكر بشأن عملية تجنيد الإرهابيين. على الرغم من أن إحباط إرهابيي الغد لا يقل أهمية عن فهم المتطرفين في الماضي والحاضر. 

هناك ثلاثة استنتاجات مبدئية بشأن تجنيد المتطرفين:

  1. يركز الإرهابيون تجنيدهم في مواضع تكون فيها المشاعر المتعلقة بالحرمان المتصور أعمق وأشد انتشاراً.
  2. توفر الشبكات الاجتماعية والعلاقات بين الأشخاص روابط جوهرية للتجنيد في المنظمات الإرهابية.
  3. يعمد القائمون فعلياً بتجنيد الإرهابيين إلى إما تحديد أو إيصال شعور بالحاجة الملحة والوشيكة إلى “إنهاء الصفقة”.

وعلى الرغم من وجود بعض التقارير المروية عن كيفية انضمام بعض الأفراد المحددين إلى جماعة إرهابية. لم يكن هناك إلا القليل من الدراسات العلمية أو المنهجية الجادة عن عمليات التجنيد والتشدد أو الراديكالية.

اعتماداً على أبحاث الجماعات المتطرفة القائمة على مبادئ السلوك التنظيمي، يبدو من الواضح أن الجماعة يجب أن تكون قادرة على الحفاظ على كل من التماسك والولاء، ولا بد أن  يكون القادة الفاعلون للمنظمات الإرهابية قادرين على الحفاظ على نظام عقائدي جماعي وإنشاء روتين تنظيمي والحفاظ عليه وضبط تدفق الاتصالات والتلاعب بالدوافع (والأهداف المقصودة) لأتباعهم وتحويل الصراع إلى أهداف خارجية والاستمرار في العمل دون توقف.

الأبحاث التي تتناول سيكولوجيا الإرهاب

يكاد باحثو العلوم الاجتماعية في مجال الدراسات المتعلقة بالإرهاب يُجمعون على أن الأبحاث تفتقر الفائدة والدقة إلى حد كبير.

لا تزال عدة مشاكل رئيسية دون حل. إذ لا يوجد هناك تعريف متفق عليه للإرهاب، ومعظم البحوث الحالية ليست تجريبية أو تستند إلى أي بيانات، وغير قابلة للتطبيق إلى حد كبير على الاعتبارات العملياتية (التنفيذية).

ينبغي أن تكون المساعي المستقبلية المصممة لتقديم تقارير إلى عمليات مكافحة الإرهاب مُطّلعة من الناحية التشغيلية، وتحافظ على تركيز قائم على السلوك، وتستمد التفسيرات من تحليلات السلوكيات المرتبطة بالحوادث. 

بالإضافة إلى ذلك، ولتعزيز العلوم الاجتماعية الأساسية للسلوك الإرهابي، طرحت ورشة البحث المتقدمة لمنظمة حلف شمال الأطلسي (NATO.) الأهداف البحثية ذات “الأولوية العالية” للمستقبل:

  • فهم أكثر دقة وتحديداً للحركات الاجتماعية والسياسية التي لا تشارك في العنف، من أجل فهم ما يدفع بعض المنظمات نحو العنف.
  • إجراء المزيد من الأبحاث الأساسية المتاحة بشكل أفضل والمقابلات مع الناشطين والإرهابيين.
  • تحسين وتعدد أدوات جمع البيانات التي يتم الحصول عليها من هذه المصادر.

من المأمول أن تعزز مواصلة البحوث النفسية وغيرها من البحوث العلمية السلوكية بشأن الإرهاب الأمن الدولي وتمنع أعمال العنف ضد المدنيين الأبرياء.

اقرأ أيضاً: سيكولوجية الإرهاب، تعريفه وشرحه من وجهة نظر علم النفس

المصدر: Terrorism

تدقيق: هبة محمد

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: