يتعرض الكثير من الأشخاص إلى مواقف عصيبة تشكل تجربة صادمة لهم، لذا أصبح الناس أكثر درايةً بحالات الصدمة بوصفها مرضاً سريرياً واسع الانتشار. الإساءة النرجسية اضطراب ما بعد الصدمة المعقد الناتج عن سوء المعاملة. علامات اضطراب ما بعد الصدمة المعقد الناجم عن الإساءة النرجسية
في دراسة أجريت على عامة السكان في 24 دولة مختلفة، تعرض 70% من المشاركين لحدث صادم واحد على الأقل. وفي نفس الدراسة، أفاد 30% من الأشخاص بأنهم تعرضوا لأربعة أحداث صادمة أو أكثر في حياتهم.
مع توسع المعارف المكتسبة حول الصدمات، بات هناك وعي متزايد بأنواع مختلفة من الاستجابة للصدمات. في هذه المقالة سنناقش اضطراب ما بعد الصدمة المعقد (C-PTSD) الناجم عن الإساءة النرجسية (narcissistic abuse).
تابع القراءة لمعرفة المزيد حول علامات وتشخيص وعلاج اضطراب ما بعد الصدمة المعقد الناتج عن سوء المعاملة. سنبدأ أولاً باستكشاف اضطراب ما بعد الصدمة المعقد والإساءة النرجسية كل على حدة، ثم نتعمق في الرابط بينهما.
اضطراب ما بعد الصدمة المعقد
لنبدأ بفهم ما هو اضطراب ما بعد الصدمة المعقد بالتحديد. أولاً، هذا ليس تشخيصاً رسمياً مسجلاً في أحدث إصدار من الدليل التشخيصي والإحصائي لاضطرابات الصحة النفسية (DSM-5-TR)، الذي يُعد بمثابة أداة التشخيص الأساسية التي يستخدمها مقدمو خدمات الصحة النفسية.
بدلاً من ذلك، فإن هذا الاضطراب هو مجموعة من الأعراض التي تظهر أنواع مختلفة من اضطـراب ما بعـد الصـدمة PTSD.
وعلى اعتبار أنه لم يكن تشخيص رسمي معترف به، كانت هناك جهود مناصرة حديثة شجعت الجمعية الأمريكية للطب النفسي على إدراجه في الإصدار التالي من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية.
ولم يتم الرد على هذا الطلب حتى الآن، لكن قد يدرجه المتخصصون في الإصدارات المستقبلية. لكن من الواجب التنويه إلى أنه يعد تشخيصاً رسمياً في الإصدار الحادي عشر الذي أُصدر مؤخراً من التصنيف الدولي للأمراض (ICD-11).
اضطراب ما بعد الصدمة المعقد في جوهره هو مجموعة من استجابات عدم القدرة على التأقلم التي تظهر في الحياة اليومية.
تتضمن هذه الاستجابات مشكلات تتعلق بالتنظيم العاطفي، والحديث الذاتي السلبي، ومشكلات في العلاقات. سببه الأساسي هو التعرض المتكرر للصدمات النفسية ولفترات طويلة، مثل كونك أسير حرب، أو تجربة/مشاهدة الإساءة في مرحلة الطفولة، أو الإهمال. ويمكن لهذه الإساءة أن تكون جسدية أو نفسية.
العنف النرجسي
كلمة “نرجسي” مألوفة جداً وإلقاؤها لوصف شخص مهووس بذاته ليس بالأمر الغريب. يشير مصطلح النرجسية بصفة عامة إلى السمات النرجسية. وهناك فرق بين الشخص الأناني بكل بساطة، وبين الشخص مفرط العظمة والذي يفتقر إلى التعاطف. هذا الأخير هو مثال لاضطراب الشخصية النرجسية (NPD).
سواءً الشخص الذي تبرز لديه سمات نرجسية أو الشخص الذي يعاني من اضطراب الشخصية النرجسية كلاهما مؤذي لمن حوله، وغالباً ما تكون تلك النرجسية نتيجة لفرط الحساسية ويعانون في الشعور بالتعاطف مع العالم المحيط.
من الضروري إدراك أن ليس كل الأشخاص الذين لديهم سمات نرجسية أو تجربة مع اضطراب الشخصية النرجسية سيصبحون سيئين في معاملتهم.
طوّر مختصو الصحة النفسية في البداية مصطلح الإساءة النرجسية لوصف آثار الإساءة النفسية التي يمارسها الوالدان على الأطفال.
من ثم توسع هذا التعريف ليشمل الإساءة النفسية بين البالغين. قد تشمل هذه الإساءة التلاعب المستمر والإذلال وتقليل قيمة الشخص.
اضطراب ما بعد الصدمة الناجم عن الإساءة النرجسية
تذكر أن اضطراب ما بعد الصدمة المعقد ناتج عن التعرض المتكرر لسوء المعاملة ولفترة طويلة، بما في ذلك الإيذاء النفسي.
وهذا يعني احتمال تفاقم الحالة وتطورها إلى اضطراب ما بعد الصدمة المعقد نتيجة علاقة الفرد مع شخص نرجسي أو في حال كان أحد الوالدين لديه سمات نرجسية.
علامات اضطراب ما بعد الصدمة المعقد الناجم عن الإساءة النرجسية
تتضمن العلامات التي تدل على هذا الاضطراب عامل خطر إضافي يتمثل في وجود علاقة وثيقة مع شخص مصاب باضطراب الشخصية النرجسية أو لديه الصفات النرجسية المفرطة.
وفيما يلي بعض العلامات الشائعة:
- استرجاع ذكريات الماضي البصرية أو العاطفية.
- تجنب المحفزات أو الذكريات المرتبطة بالأحداث الصادمة.
- اليقظة المفرطة والشعور بالتهديد في التفاعلات اليومية.
- مشكلات في التنظيم العاطفي.
- الشعور بالخزي والذنب وعدم القيمة.
- صراعات مستمرة في العلاقات الشخصية.
- فقدان الذاكرة.
- وجود علاقة وثيقة مع شخص مصاب باضطراب الشخصية النرجـسيـة أو الصفات النرجـسيـة الشديدة.
علاج اضطراب ما بعد الصدمة المعقد الناجم عن الإساءة النرجسية
الشفاء ليس بالأمر المستحيل. رغم أن اضطراب ما بعد الصدمة المعقد غير معترف به من قبل الجمعية الأمريكية للطب النفسي أو الدليل التشخيصي والإحصائي لاضطرابات الصحة النفسية كتشخيص رسمي، لكنه عموماً ينطوي على مجموعة من الأعراض المميزة التي يتعامل معها الأطباء المطلعون على الصدمات لفهم تجربتك العاطفية بشكل أفضل.
لذلك، فإن الخطوة الأولى في البحث عن العلاج هي العثور على متخصص مدرب في مجال الصدمات. وسيقوم المعالج بتقييم أي تشخيص للصحة النفسية من شأنه أن يسبب ضيق عاطفي.
تشمل العلاجات الموصى بها كلاً من العلاج النفسي والعلاج الجسدي. وغالباً ما تكون هناك فترة استقرار في المراحل الأولى من بدء العلاج النفسي. خلال فترة الاستقرار، سيعمل المعالج مع المريض لمساعدته على تخطي الأزمة، وتتضمن هذه العملية دعماً مكثفاً لتطوير مهارات التنظيم العاطفي.
بعد الاستقرار، يوصي المتخصصون باستخدام العلاجات الجسدية لمعالجة الصدمات، متبوعة بأساليب أخرى مستنيرة للصدمات للمساعدة في تعزيز تجارب حياة الناس.
علاج إزالة الحساسية وإعادة المعالجة من خلال حركة العين (EMDR)، هو شكل من أشكال العلاج الجسدي. تم تطويره خاصةً لعلاج الصدمات، ويدعم الدليل السريري قدرة هذا العلاج على تقليل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة المعقد بشكل كبير.
تشمل الطرق الجسدية الأخرى: التجربة الجسدية، والعلاج بتحديد نقاط الدماغ، ونموذج نظام الأسرة الداخلي (IFS)، والعلاج القحفي العجزي، والعلاج الحسي الحركي، وغيرها.
وكجزء من العلاج، يقدم المعالجون أنشطة لمساعدة الأشخاص على الشعور بالأمان والارتباط مع بيئتهم. بما في ذلك تقنيات معينة مثل التنفس من البطن، والتأريض، والوخز بالإبر، والرسائل القائمة على معرفة تأثير الصدمات، واليوغا التي تستهدف الصدمات وتخففها، والتمارين البدنية.
طريقة التعامل مع الاضطراب
أحد الجوانب الأكثر إيلاماً لاضطراب ما بعد الصدمة المعقد (C-PTSD) الناجم عن الإساءة النرجسية، هو إحساس الوحدة الذي تخلقه الإساءة العاطفية. لذا فإن أحد سبل العلاج هي استيعابك لفكرة أنك لست وحيد.
تأثير الإساءة النرجسية قد يصل لدرجة أن يعيق فهم الشخص للنمط الذي تبدو عليه العلاقات الصحية، لذا فإن اكتساب المعرفة عن ديناميكيات العلاقات الصحية أو العمل مع متخصص موثوق به قد يساعدك في الحصول على توضيح بشأن الأمر والبدء في بناء نظام دعم آمن.
فكّر في البحث عن مجموعة دعم للناجين من الإساءة النرجسية. إذا كان الشخص الذي يؤذيك مدمناً على الكحول أو شكل آخر من أنواع الإدمان فلا تتوانى عن طلب المساعدة، وتذكر أنت لست وحدك.
اقـرأ أيضاً: اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، تشخيصه، أعراضه وهل له علاقة بالضغط العصبي؟
اقرأ أيضـاً: العلم الكامن وراء أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، كيف تغير الصدمة الدماغ؟
اقـرأ أيضاً: استخدام عقار إكستاسي (MDMA) في علاج اضطراب ما بعد الصدمة