الاستيعاب في علم النفس، تعريفه وأهميته في التكيّف والتعلم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

الاستيعاب (Assimilation) هو تلك العملية المعرفية التي تقوم بها لجعل المعلومات الجديدة تتناسب مع الفهم الحالي للعالم؛ عندما تصادف شيئاً جديداً، فإنك تقوم بمعالجته لجعله منطقياً من خلال ربطه بالأشياء التي تعرفها بالفعل. سنتحدث في هذا المقال عن تعريف مفهوم الاستيعاب والتكييف والفرق بين كل منهما وأهمية التوازن بينهما.

يشير الاستيعاب إلى جزء من عملية التكيّف التي اقترحها في البداية جان بياجيه (Jean Piaget)، ومن خلال الاستيعاب، نحن نتلقى المعلومات أو الخبرات الجديدة وندمجها مع أفكارنا الحالية.

هذه العملية ذاتية الى حد ما، لأننا نميل إلى تعديل التجربة أو المعلومات الجديدة لتتناسب مع معتقداتنا الموجودة مسبقاً. 

يلعب الاستيعاب دوراً هاماً في كيفية التعرف على العالم من حولنا، إذ يدمج الأطفال، في مرحلة الطفولة المبكرة، المعلومات والخبرات الجديدة مع معارفهم القائمة عن العالم باستمرار.

ومع ذلك، لا تنتهي هذه العملية مع مرحلة الطفولة؛ أثناء اختبار الناس لتجارب جديدة و تفسيرها، فإنهم يقومون بتعديلات صغيرة وكبيرة لأفكارهم الحالية حول العالم من حولهم. 

الفرق بين الاستيعاب والتكييف 

يعتقد بياجيه أن هناك طريقتان أساسيتان للتكيف مع التجارب والمعلومات الجديدة: الاستيعاب والتكييف (Accommodation).

يُعد الاستيعاب الطريقة الأسهل لأنه لا يتطلب قدراً كبيراً من التعديل على الأفكار والمعلومات الموجودة مسبقاً. وبهذه العملية، نضيف معلومات جديدة إلى قاعدتنا المعرفية القائمة، ونعيد أحياناً تفسير هذه التجارب الجديدة بحيث تتواءم مع المعلومات الموجودة سابقاً.

في الاستيعاب، يفهم الأطفال العالم من خلال تطبيق ما يعرفونه بالفعل. وينطوي على ملاءمة الواقع وما يختبرونه مع بنيتهم المعرفية الحالية؛ وبالتالي، فإن فهم الطفل لكيفية عمل العالم يصقل كيفية تفسيره للواقع ويؤثر عليه.

على سبيل المثال، تخيل أن جارك لديه ابنة طالما عُرفت بطباعها الودودة، المهذبة واللطيفة، وفي أحد الأيام، ألقيت نظرة من نافذتك ورأيت الفتاة تُلقي كرة ثلج على سيارتك؛ سيبدو تصرفاً غير لائق و فظّاً.

كيف تفسر هذه المعلومات الجديدة؟ إذا استخدمت عملية الاستيعاب، قد تتغاضى عن سلوك الفتاة معتقداً أنها شاهدت زميلتها ترمي الأشياء وأنها لا تقصد أن تكون غير مهذبة.

أنت لا تعيد النظر في رأيك عن الفتاة؛ أنت ببساطة تضيف معلومات جديدة إلى معرفتك الحالية؛ الفتاة لا تزال لطيفة، ولكن الآن تعرف أن لديها أيضاً جانباً مؤذياً في شخصيتها.

وإذا استخدمتَ الطريقة الثانية وهي التكييف التي وصفها بياجيه، فقد يدفعك سلوك الفتاة إلى إعادة تقييم رأيك فيها. هذه العملية هي ما أشار إليها بياجيه على أنها تكييف، إذ يتم تغيير الأفكار القديمة أو حتى استبدالها استناداً إلى معلومات جديدة.

يعمل الاستيعاب والتكييف جنباً إلى جنب كجزء من عملية التعلم، إذ يتم دمج بعض المعلومات في مخططاتنا الذهنية الحالية من خلال عملية الاستيعاب (الفهم). في حين تؤدي معلومات أخرى إلى تطوير مخططات جديدة أو تحولات كلية للأفكار الموجودة من خلال عملية التكييف.

بعد أن تعرفنا على الفرق بين الاستيعاب والتكييف إليكم بعض الأمثلة.

أمثلة على الاستيعاب

لم يعتقد بياجيه أن الأطفال يتلقون المعلومات بسلبية، وجادل بأنهم يحاولون بشكل نشط فهم العالم، تشكيل وتجربة أفكار جديدة باستمرار. 

ومن أمثلة الاستيعاب ما يلي:

  • يرى الطفل نوعاً جديداً من الكلاب لم يره من قبل ويشير على الفور إلى الحيوان ويقول: “كلب!”
  • يتعلم الطباخ تقنية طبخ جديدة
  • يتعلم مبرمج الكمبيوتر لغة برمجة جديدة

مثال آخر شائع هو كيفية تعلم الأطفال عن الأنواع المختلفة من الحيوانات، قد يبدأ الطفل بتشكيل مخطط ذهني للكلب؛ حيوان صغير بأربع أرجل. وعندما يتلقى الطفل معلومات جديدة في العالم، يتم استيعاب تلك المعلومات الجديدة أو ملاءمتها في هذا المخطط الموجود للتو. 

عندما يرى الطفل حصاناً، فإنه قد يستوعب هذه المعلومة ويطلق على الحيوان على الفور اسم الكلب. تسمح عملية التكييف للطفل حينها بملاءمة المخطط القائم بحيث يتم دمج المعرفة بأن بعض الحيوانات ذات الأربع أرجل هي خيول.

في كل مثال من هذه الأمثلة، يضيف الفرد معلومات إلى مخططه الحالي. ولكن إذا كانت التجارب الجديدة تجعل الشخص يبدل أو يغير تماماً معتقداته الحالية، فإن ذلك يعرف باسم التكييف. 

التوازن

اعتقد بياجيه أيضاً أن الأطفال أثناء عملية التعلم يحققون توازناً بين استخدام الاستيعاب والتكييف. تسمح هذه العملية، المعروفة باسم التوازن (Equilibrium)، للأطفال بإيجاد توازن بين تطبيق معرفتهم الحالية وتعديل سلوكهم مع المعلومات الجديدة.

وفقاً لبياجيه، تنطوي عملية التعلم على محاولة تفسير المعلومات الجديدة في إطار المعرفة الحالية (الاستيعاب). وإجراء تغييرات صغيرة على تلك المعرفة من أجل التأقلم مع الأشياء التي لا تتناسب مع تلك الأطر القائمة (التكييف). وفي نهاية المطاف تعديل المخططات الحالية أو تشكيل مخططات جديدة من أجل التعديل إلى فهم جديد (التوازن). 

خلاصة

الاستيعاب والتكييف عمليتا تعلّم مكملتان تلعبان دوراً في كل مرحلة من مراحل التطور المعرفي.

خلال المرحلة الحسية الحركية، على سبيل المثال، يتم استيعاب بعض المعلومات، وفي أحيان أخرى، يجب تكييف بعض الخبرات.

من خلال هذه العمليات، يكتسب الرضع والأطفال والمراهقون معارف جديدة ويتقدمون عبر مراحل النمو.

اقرأ أيضـاً: التفكير النقدي للأطفال، ما أهميته وكيف يمكن تعليمه للأطفال؟

اقرأ أيضاً: نظرية التوسع والبناء، المشاعر الإيجابية والقدرة على التحمل والصمود

اقـرأ أيضاً: المشاعر والاستجابات العاطفية والعناصر الأساسية التي تؤدي لتكونها

المصدر: ?What Is Assimilation in Psychology

تدقيق: هبة مسعود
مراجعة: أوبستان
تحرير: جعفر ملحم
خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: