ماذا يجب أن يفعل المرء بعد الانتكاس؟

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

الانتكاس هو تدهور حالة طبية كانت قد تحسنت في السابق، وأما في سياق الإدمان، فيشير الانتكاس إلى الشخص الذي يمارس سلوك الإدمان بعد فترة من الامتناع عنه.

تعرِّف “الجمعية الأمريكية لطب الإدمان” (ASAM) الانتكاس بأنّه تكرر ظهور المؤشرات السلوكية أو غيرها من المؤشرات الأساسية لمرض نشط بعد فترة من خموده.

فعند الانتكاس، يعود الشخص إلى تعاطي عقار ما، الذي قد يتسبب حتى تعاطيه لمرة واحدة فقط في الشعور بغياب الدافع أو الذنب أو الخجل من فعلته. كما يمكن أن يثير رغبة ملحة في التعاطي، الأمر الذي يؤدي إلى تعاطي العقار أكثر. لذا، من المهم العودة إلى المسار الصحيح في أسرع وقت ممكن بعد الانتكاس.

أمثلة عن الانتكاسات

يمكن أن يتعرض شخص توقف عن تعاطي الكحول تماماً لفترة من الوقت (ستة أشهر مثلاً)، للانتكاس إذا بدأ الشرب بطريقة غير صحية. أما إذا أخذ مشروباً واحداً فقط، فيمكن أن يُعتبر “زلة”، وليس انتكاسة كاملة.

بالنسبة للأشخاص الذين يحاولون التحكم في سلوكهم بدلاً من محاولة الإقلاع عنه تماماً، يحدث الانتكاس عندما يتحكم الفرد في سلوكه، ولكنَّه يمر بفترة لا يتمكن فيها من ضبطه. فمثلاً: يمكن أن ينتكس شخص يحاول التحكم في شربه، عندما يفرط في الشرب خلال جلسة واحدة، أما مدمنو التسوق الذين يحاولون اتباع خطة فعالة للإنفاق، فيمكن أن ينتكسوا عند المرور بحالة من فرط الشراء.

وقد تحدث الانتكاسات في حالات الصحة الجسدية والنفسية؛ إذ تحدث في الحالات الجسدية عندما تظهر أعراض المرض مجدداً. بينما في مجال الصحة النفسية، قد تنطوي على عودة الأعراض بعد فترة من الشفاء.

ما مدى شيوع الانتكاسات؟

الانتكاس وارد جداً في حالة الإدمان؛ إذ من الشائع، بل من المتوقع، أن يمر الأشخاص الذين يحاولون التغلب على الإدمان بانتكاس أو حتى عدة انتكاسات قبل الإقلاع عن التعاطي بنجاح.

يُعد الانتكاس مرحلة من نموذج مراحل التغيير، والذي يتنبأ بأنَّ الناس سوف يمرون بالمراحل التالية خلال رحلة الشفاء: عملية التجنب، والتفكير في الإقلاع عن التعاطي، واتخاذ خطوات فعالة للإقلاع عنه، ثم الانتكاس. كما يمكن أحياناً أن يمر الناس عبر المراحل هذه عدة مرات قبل الإقلاع عن التعاطي كلياً.

هل الانتكـاس علامة على الفشل في التخلص من التعاطي؟

رغم أنَّ الانتكاس هو جانب معترف به للتعافي من الإدمان، لكن العديد من الأشخاص الذين يحاولون التخلص من الإدمان يشعرون بأنَّهم قد فشلوا إذا انتكسوا.

فتراهم يستسلمون ويتخلون عن المحاولة، لشعورهم بأنَّ الإقلاع عن التعاطي أمر صعب للغاية بالنسبة لهم، حتى أنَّ بعض برامج العلاج تتعامل بصرامة مع أولئك الذين ينتكسون.

لكنَّ تقبُّل حقيقة أنَّ الانتكاس جزء طبيعي من عملية التعافي هو طريقة مفيدة أكثر للنظر في الانتكاس. لذا، فإنَّ الأفراد وبرامج العلاج التي تتبنى الرأي هذا أكثر نجاحاً. أما على المدى الطويل، فيزيد احتمال أن يتغلب أولئك الذين يتقبلون الانتكاس، ويحاولون مجدداً بعد التعرض له، على إدمانهم في النهاية.

مراحل الانتكاس

لفهم كيفية تجنب الانتكـاس، من الضروري أولاً فهم عملية الانتكـاس بحد ذاتها؛ فهو لا يحدث فجأةً، بل هو عملية تحدث خلال فترة زمنية يمكن أن تتراوح من أسابيع إلى أشهر، إذ تشمل مراحل الانتكاس:

  • الانتكـاس العاطفي: خلال هذه المرحلة، لا يفكر الناس في تعاطي عقار ما. ولكنَّ سلوكاتهم وعواطفهم قد تعرضهم لخطر أكبر للتعاطي في المستقبل. على سبيل المثال: قد يعانون من العزلة والقلق وقلة الاهتمام بالنفس وانخفاض الدعم الاجتماعي.
  • الانتكاس العقلي: خلال هذه المرحلة، يفكر الناس في تعاطي المادة، وربما يشتاقون للأشخاص والأماكن التي كانوا يتعاطون فيها.
  • الانتكاس الجسدي: كما يوحي الاسم، تتضمن هذه المرحلة تعاطي المادة مجدداً.

أسباب الانتكاس

يمكن أن تتسبب مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية في التعرض لانتكـاس. إليك فيما يلي بعض الأسباب الشائعة لحدوثه:

  • مشكلات الصحة العقلية: يمكن أن تؤدي الإصابة بحالة صحية عقلية إلى زيادة خطر الانتكـاس. إذ قد يلجأ الناس إلى التعاطي أو ممارسة سلوكيات ضارة للتعامل مع أعراض حالتهم.
  • المشكلات الصحية المزمنة: يمكن أن تؤدي الحالات الطبية إلى الانتكـاس أيضاً، لا سيما إذا كان الشخص يستخدم عقاقير لتخفيف الألم أو التعامل مع التوتر المرتبط بحالته.
  • الرغبة الملحة بالتعاطي: على الرغم من أنَّ الرغبة الملحة بالتعاطي تقل بمرور الوقت، إلا أنَّها يمكن أن تكون قوية ويصعب مقاومتها. لا سيما في الأوقات التي يكون فيها الشخص أكثر عرضةً للاستسلام للإغراءات.
  • العوامل الظرفية: يمكن أن تتسبب بعض المواقف أو الأماكن أو الأشخاص في الانتكـاس. إذ قد يسهم قضاء الوقت في الأماكن التي اعتاد فيها الشخص على تعاطي عقار ما أو التواجد حول الأشخاص الذين يستمرون في ممارسة هذا السلوك، في التعرض للانتكاس.

عوامل خطر الانتكـاس

تشمل عوامل الخطر التي قد تزيد من احتمالية الانتكـاس ما يلي:

  • حالات الصحة العقلية التي لم تُعالج.
  • مرافقة الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات.
  • ضعف مهارات التأقلم.
  • غياب الدافع.
  • ضعف الدعم الاجتماعي.
  • غياب الكفاءة الذاتية.
  • المزاج السيئ.
  • التعرض لمواقف تثير الرغبة في التعاطي.
  • مشكلات النوم.
  • غياب برامج العلاج والشفاء المهنية.

علاجات الانتكاس

لا يعني هذا أنَّ الانتكـاس لا ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد؛ بل تخطط برامج العلاج الفعالة مسبقاً لاحتمالية حدوثه من خلال وضع الوقاية من الانتكاس كجزء من العملية.

طور كل من أستاذ علم النفس “جي ألان مارلات” (G. Alan Marlatt) والباحثة “جوديث غوردون” (Judith Gordon) “علاج الوقاية من الانتكـاس” (RPT) منذ أكثر من 40 عاماً. إذ يساعد هذا النهج الأشخاص في طور التعافي، على توقع العوامل التي قد تجعلهم يمارسون سلوكهم الإدماني مجدداً، والتخطيط مسبقاً لهذه المواقف.

ثمة ثلاثة مجالات رئيسة يركز عليها “علاج الوقاية من الانتكاس”:

  • الاستراتيجيات السلوكية وتغيرات نمط الحياة: وذلك لمساعدة الأشخاص على تكوين عادات تعزز التعافي وتمنع الانتكاس. بما في ذلك النوم المنتظم وممارسة التمارين الرياضية واتباع طرق للاسترخاء.
  • التدريب على مهارات التأقلم: وذلك لمساعدة الناس على التعامل مع الرغبة الملحة بالتعاطي، إلى جانب المواقف والعواطف عالية الخطورة المحتملة.
  • العلاج المعرفي: وذلك لمساعدة الأشخاص على تغيير طريقة تفكيرهم في الانتكاس، كي يتمكنوا من رؤيته كفرصة للتعلم، بدلاً من اعتباره عيباً في شخصيتهم.

التعامل مع الانتكـاس

إذا تعرضت أنت أو أي شخص تعرفه لانتكاس، فثمة أشياء يمكنك القيام بها للتعامل مع الأمر والحصول على المساعدة.

  • العناية الطبية: نظراً لأنَّ المدمنين يطورون تحملاً لعقار ما، فإنَّهم أكثر عرضة لخطر التعرض لجرعة زائدة في حالة الانتكـاس. فإذا ظهرت عليهم علامات أخذ جرعة زائدة، فعليك الاتصال بالإسعاف على الفور.
  • تقديم الدعم: الدعم الاجتماعي من الأصدقاء والأحباء أمر بالغ الأهمية. يمكن أن يشمل ذلك أفراد الأسرة أو الأصدقاء، ولكن قد يتضمن أيضاً مقدم الرعاية الأساسي للفرد أو مجموعات الدعم أو برامج العلاج الخاصة به.
  • التحلي بالصبر: غالباً ما يتطلب الأمر عدة محاولات قبل الإقلاع بنجاح عن ممارسة سلوك أو تعاطي عقار. فالانتكاسـات شائعة، وأفضل ما يمكنك فعله هو مساعدة الفرد على البقاء آمناً، والعودة إلى المسار الصحيح، وتشجيعه على التمسك به على المدى الطويل.

من المهم التركيز على التعافي فور حدوث الانتكاس، كما يُعد التفكير فيما أدى إلى الانتكـاس خطوة هامة في منع حدوثه مجدداً. على سبيل المثال: هل حدثت أي محفزات قبل الانتكـاس فأثارته، سواء أكانت إيجابية أم سلبية؟

أحياناً، يمكن أن تؤدي الأحداث التي تسبب التوتر إلى الانتكـاس. لا سيما إذا استخدم المدمن العقار أو مارس السلوك الإدماني للتغلب على التوتر، لكنَّ الأحداث المبهجة يمكن أن تؤدي أيضاً إلى الانتكاس، خاصةً إذا احتفل الآخرون، وتضمن الاحتفال شرب الكحول.

قد يتجاوز الناس الانتكاس مع التزام أقوى بتجنب أي انتكاسات في المستقبل، وذلك عبر تجنب المحفزات أو التحكم فيها قبل حدوثها.

كيفية الوقاية من الانتكـاس

الوقاية من الانتكاس مهمة في التعافي من تعاطي عقار أو الكحول أو ممارسة سلوك إدماني. ورغم أنَّ خطة التعافي تختلف من شخص إلى آخر بناءً على احتياجاته، فإنَّ بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد في تقليل خطر الانتكاس تشمل:

  1. تحديد المحفزات وتجنبها

اعمل على التعرف على المتغيرات التي تساهم في الانتكاسات، والتي يمكن أن تشمل الحالة المزاجية والسلوكات والمواقف والتغيرات البيئية التي تسبق الانتكاس.

  1. الحصول على العلاج والدعم

تُعد المشاركة في برنامج للتعافي وبناء شبكة من الأشخاص الداعمين ضرورية للوقاية من الانتكـاس. فإلى جانب البحث عن علاج بمساعدة خبير، قد يفيدك الانضمام إلى برنامج للتعافي مكون من 12 خطوة أو مجموعات دعم أخرى.

قد يساعد الحصول على العلاج المناسب لحالات الصحة العقلية والحالات الطبية المزمنة، في تقليل خطر الانتكـاس.

  1. الاهتمام بنفسك

العناية بصحتك العقلية والجسدية أمر بالغ الأهمية للوقاية من الانتكـاس بفاعلية. اتبع أسلوب حياة صحي يتضمن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام واتباع نظام غذائي متوازن والحصول على قسط كافٍ من النوم.

  1. إدارة مستويات التوتر

يجب إيجاد طرق للتعامل مع التوتر بعيداً عن الاعتماد على الكحول أو المخدرات أو السلوكات الضارة. تشمل مخففات التوتر التي قد تساعدك في إدارة التوتر الحاد والتوتر طويل الأمد: اليوجا والتنفس العميق والتأمل وممارسات اليقظة الذهنية.

في الختام

تذكر أنَّك إذا كنت تحاول الإقلاع عن التعاطي أو ممارسة سلوكات ضارة، فيجب عليك التخطيط ومحاولة تجنب الانتكاس، ولكن إذا حدثت انتكاسـة، فعليك أن تتقبل فكرة أنَّها جزء طبيعي من رحلة الإقلاع، وأن تعقد العزم على التعلم من التجربة.

يتمثل أحد أهداف العلاج في مساعدة الأشخاص على التعرف على علامات الانتكـاس خلال المراحل المبكرة من العلاج لزيادة احتمال التعافي بنجاح.

اقـرأ أيضاً: نظام المكافأة في الدماغ، وعلاقته بالإدمان بشكل رئيسي

اقرأ أيضـاً: نظرية العلاج الذاتي للإدمان

اقـرأ أيضاً: الامتناع في سياق علاج الإدمان

المصدر: What to Do After a Relapse

تدقيق: لبنى حمزة

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: