6 انحيازات معرفية شائعة وأمثلة عنها

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

لا شك أن الجميع يعتقد أو يفضّل الاعتقاد بأن تفكيره عقلاني ومنطقي، ولكن هناك حقيقة لا يمكن دحضها وهي أن البشر خاضعون لتأثير الانحيازات المعرفية (cognitive biases) باستمرار. إذ تشوّه هذه الانحيازات المعرفية طريقة التفكير وتؤثر على المعتقدات وعلى طريقة اتخاذ القرارات والأحكام التي يقوم بها الجميع بشكل يومي.

من الممكن أن تظهر هذه الانحيازات المعرفية بشكل واضح إلى حد ما، وربما تلاحظ هذه الميول في نفسك أو في الآخرين. بالمقابل، هناك أنماط من هذه الانحيازات تكون غامضة إلى الحد الذي يستحيل فيه اكتشافها.

انحياز الفاعل – المراقب

انحياز الفاعل – المراقب (The Actor – Observer Bias) هو الميل إلى أن ننسب أفعالنا إلى التأثيرات الخارجية، وأفعال الآخرين إلى الداخلية منها.

ويتعلق الأسلوب الذي نتلقى به أفعال الآخرين وننسبها بعدد من المتغيرات. لكن يمكن أن يتأثر أيضا بما إذا كنا الفاعل أو المراقب في موقف ما.

عندما يتعلق الأمر بتصرفاتنا، من المرجَّح جداً أن ننسب الأمور والمشاكل إلى التأثيرات الخارجية. على سبيل المثال:

قد تشتكي من أن تأخرك عن اجتماع مهم كان بسبب المواصلات، و ليس بسببك. أو قد تقول أنك أخفقت في امتحانٍ ما لأن المدرّس طرح الكثير من الأسئلة الخادعة ولا ذنب لك في هذا.

في المقابل، عندما يأتي الأمر لتفسير تصرفات الآخرين، فمن المرجح أن نعزو هذه التصرفات إلى أسباب داخلية تتعلق بهم. على سبيل المثال:

عندما نقول أن عدم حضور زميل لنا عرضاً تقديمياً مهماً سببه أنه كسول وغير كفؤ (وغض النظر عن احتمال أنه تأخر بسبب المواصلات أيضاً). أو القول بأن أحد الزملاء قد فشل بأحد الاختبارات بسبب افتقاره إلى الذكاء (على الرغم من أنه أجرى نفس الاختبار ذي الأسئلة الخادعة).

رغم وجود العديد من العوامل التي قد تلعب دوراً في هذا الانحياز، إلا أن للمنظور الذي نفكر خلاله دور رئيسي.

فعندما نكون الفاعلين في موقف ما، نغدو قادرين على مراقبة أفكارنا وسلوكياتنا وتبرير ما نمر به.لكن عندما يتعلق الأمر بالآخرين، لا يمكننا تفهُّم ما يفكرون أو يمرون به.

هذا يعني أننا نركز على قوى الظروف والأحداث عندما نبرر لأنفسنا، لكننا نميل لتخمين الصفات الداخلية بأنها المسبب لتصرفاتهم.

تكمن المشكلة في أن هذا الانحياز غالباً ما يسبّب سوء التفاهم فكل طرف يلقي المسؤولية على الطرف الآخر. بدلاً من الأخذ بالاعتبار كل المتغيّرات الأصلية التي قد تلعب دوراً في وقوع الأمر أياً كان.

تأثير الإجماع الكاذب

تأثير الإجماع الكاذب (The False Consensus Effect) هو ميل الناس إلى التقييم المفرط لمدى توافق الآخرين مع معتقداتهم، تصرفاتهم، مواقفهم ومبادئهم. على سبيل المثال:

الظن بأن الآخرين يشاركونك رأيك في الموضوعات المثيرة للجدل. أو المبالغة في تقدير عدد الأشخاص الذين يتفقون معك أو يشبهونك. أو الاعتقاد بأن الأغلبية يتشاركون ما تفضله معك.

يعتقد الباحثون أن تأثير الإجماع الكاذب يحدث لأسباب متنوعة. أولها أن من نقضي معهم معظم الوقت سواء عائلتنا وأصدقائنا يميلون في الغالب إلى التشارك الكبير في الآراء والمعتقدات.

ونظراً لذلك، تتولَّد قناعة داخلنا بأن نمط التفكير الذي نتشاركه هو الغالب، حتى عند سماع آراء أخرى من أشخاص ليسوا ضمن المُقرَّبين منا.

السبب الرئيسي الآخر لهذا الانحياز المعرفي هو الاعتقاد بأن تشابه تفكيرنا مع الآخرين هو أمر إيجابي يعزز تقدير ذاتنا ويوفر لنا الشعور بأننا أشخاص “طبيعيون” ويحافظ على نظرة إيجابية إزاء أنفسنا بما يتعلق بالآخرين.

لا يقتصر هذا التأثير على الاعتقاد الخاطئ بأن الآخرين يتفقون معنا فحسب. بل قد يدفعنا أحياناً إلى المبالغة في تقدير آرائنا الخاصة. هذا يعني أيضاً أننا قد لا نأخذ بعين الاعتبار ما يمكن أن يفكر أو يشعر به الآخرون عند اتخاذهم للقرارات.

تأثير الهالة

يعبّر تأثير الهالة (The Halo Effect) عن الميل لأخذ الانطباع الأولي عن شخص ما بشكل تلقائي فيؤثر على ما نعتقده عنه عموماً. ويُعرف هذا الانحياز أيضاً باسم “القالب النمطي للجاذبية الجسدية”. أو “كل ماهو جميل يشكل شيئاً جيداً.، فنحن إما نتأثر بهالة معينة أو نستخدمها للتأثير على الآخرين في حياتنا اليومية تقريبا، على سبيل المثال:

الاعتقاد أن الأشخاص جميلي المظهر هم أيضاً أكثر ذكاءً ولطفاً وأكثر مرحاً ممَّن هم أقل جاذبية. أو الاعتقاد بأن المنتجات التي يروّج لها الأشخاص الجذابون ذات قيمة أكبر وأفضل لنا. وحتى الظن أن المرشح السياسي الواثق من نفسه من المُفترض أن يكون ذكياً وأكثر كفاءة أيضاً.

يتمثل أحد العوامل المؤثرة على تأثير الهالة في ميلنا إلى أن نكون محقين دائما؛ فإن كان انطباعنا الأولي إيجابياً عن شخص ما، فنحن نريد البحث عن دليل يثبت صحة تقييمنا هذا.

كما أنه يساعد البعض في تجنب التعرض للتنافر المعرفي (cognitive dissonance)، والذي يتضمن الميل الدائم لاعتماد المعتقدات المناقضة.

إذ يمكن أن يكون لهذا النوع من الانحيازات المعرفية تأثير كبير في عالمنا الواقعي. فمن الممكن مثلاً أن يتم اعتبار المتقدمين للوظائف في عمل ما أكثر كفاءة وذكاء وأكثر تأهُّلاً للوظيفة فقط لأنهم جذابون ومحبوبون.

انحياز الخدمة الذاتية

يعبّر هذا الانحياز (The Self-Serving Bias) عن اتجاه البعض لمنح أنفسهم الفضل في كل النجاحات. إلا أنهم يلقون اللوم في فشلهم على ظروف خارجية.

فمثلاً، عندما تقوم بعمل جيد في مشروع ما، قد تفترض أنه نتيجة عملك الشاق وجهودك وحدك فيه. ولكن عندما تخفق في أمر ما، فمن المُرجَّح أن تُلقي اللوم على الظروف الخارجية أو الحظ السيء. 

أمثلة أخرى على ذلك، نَسْب الدرجات الجيدة لذكائك أو دراستك المكثفة. أو الاعتقاد بأن أداءك الرياضي الجيد هو نتيجة للممارسة والعمل الشاق. أو ظنّك أنك حصلت على وظيفة ما بسبب جدارتك فقط.

يمكن أن يتأثر تحيز الخدمة الذاتية بمجموعة من مُختلف العوامل. إذ تبين أن العمر والجنس عاملان مهمان في ذلك. ومن المُرجَّح أيضا أن يعزو كبار السن الفضل في نجاحاتهم لأنفسهم. في حين أن الرجال هم الأكثر ميلاً إلى عزو إخفاقاتهم إلى الظروف الخارجية.

لهذا الانحياز الدور الأكبر في حماية تقدير الذات. لكن يمكن أن يؤثّر أيضاً في التفكير بصفات خاطئة عند الآخرين أحياناً، مثل لومهم على عيوبنا.

الانحياز للتوافر أو التوافر الإرشادي

يعني الانحياز للتوافر (The Availability Heuristic) الميل لتقدير احتمال حدوث أي شيء استناداً إلى عدد الأمثلة البديهية التي رأيتها خلال حياتك والتي تخطر ببالك بسهولة. على سبيل المثال:

بعد مشاهدة العديد من الأخبار حول حوادث السرقة في محيط منطقتك، قد تبدأ بالإيمان أن جرائم كهذه أكثر شيوعاً مما تبدو للبعض. وقد تعتقد أن كوارث تحطُّم الطائرات موجودة أكثر مما تبدو للغير، لأنك ببساطة تتذكر فوراً عدة حوادث حول هذا الأمر.

إن هذا الانحياز هو اختصار ذهني في الأساس صممه العقل تلقائياً ليوفر الوقت عندما نحاول استدراك المخاطر الموجودة تبعاً لما حولنا. والمشكلة هنا أن الاعتماد على أسلوب التفكير هذا يؤدي غالباً إلى تقديرات خاطئة وقرارات سيئة.

من الأمثلة أيضاً أنه يمكن للمدخنين الذين لم يعرفوا قط أحداً توفي بسبب الأمراض المرتبطة التدخين، أن يستخفوا بالمخاطر الصحية الناجمة عنه.

في المقابل، إذا كان لديك أخوات أو معارف أو جيران في حيّكم قد مروا بتجربة سرطان الثدي، سوف تعتقد بديهياً أنه أكثر شيوعاً مما تشير إليه الدراسات.

الانحياز للتفاؤل

الانحياز للتفاؤل (The Optimism Bias) هو الميل إلى التقييم المبالغ به لاحتمال حدوث أمور جيدة لنا والاستهانة بكل ما هو سلبي وأثره في حياتنا. في الأصل، نحن نتجه نحو الإفراط بالتفاؤل من أجل مصلحتنا وراحتنا الذاتية.

على سبيل المثال، نفترض أحيانا أن الأحداث المؤلمة لن تؤثر بنا كـ:

  • حالات الطلاق أو الانفصال
  • فقدان الوظيفة
  • المرض
  • الوفاة

ينبع الانحياز للتفاؤل من انحياز التوافر. ذلك لأنك ربما لا تفكر سوى بالأمور المؤلمة التي تحدث للآخرين فقط وليس لك، فيبدو لك بالطبع أنهم هم من سيتأثروا بالأمر.

يمكن لهذا الانحياز أن يدفع البعض إلى المخاطرة بصحتهم، مثل التدخين، اتباع نظام غذائي غير صحي أو عدم ربط حزام الأمان مثلاً.

السيئ في الأمر أن الدراسات حول انحياز التفاؤل قد وجدت أنه من الصعب السيطرة عليه.

بالمقابل، هناك أنباء جيدة تفيد بأن الميل نحو التفاؤل المفرط يعزّز الثقة والراحة إزاء ما سيحدث في المستقبل. وهو ما يمنح البعض الأمل والحافز الذين يحتاجون إليهما للاستمرار والمضي قدماً نحو أهدافهم.

خلاصة

هذه ليست جميع الانحيازات المعرفية، إنما هي أكثرها شيوعاً، وتمثل عينة فقط من العديد من الانحيازات التي يمكن أن تؤثر على تفكيرنا.

وتجتمع هذه الانحيازات في قدرتها على تغيير نمط تفكيرنا، وبالتالي التأثير على ما نتخذه من قرارات.

العديد من هذه الانحيازات حتمية ولا مفر منها. فنحن لا نملك الوقت الكافي لتقييم كل تفاصيل قراراتنا حتى نتقصى وجود أي انحياز.

بالتالي، يعد فهم أثر هذه الانحيازات أمراً مفيدا جداً لمعرفة مدى احتمال اتخاذ قرارات سيئة في حياة كل منا.

اقرأ أيضاً: الانحيازات المعرفية، أسباب حدوثها وبعض الأنواع الشائعة

المصدر: Common Cognitive Biases

تدقيق: هبة محمد

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: