ربما سمعت يوماً عن التخيل الموجه كتقنية لإدارة الإجهاد والتخفيف منه. لكن هل تعرف كيف تعمل هذه التقنية؟ وبماذا تفيد؟ وكيف يتم قياسها مقارنة مع الوسائل الأخرى التي تقلل التوتر؟
التخيل الموجه أو التصور الموجّه هو أسلوب فعّال في إدارة الإجهاد، ومازال شائعاً للعديد من الأسباب.
نظرة عامة عن تقنية التخيل الموجه
يمكن للتخيل الموجَّه أن يساعد في تهدئة جسمك وإراحة عقلك في الوقت ذاته. من الممتع تعلّم وممارسة هذا الأسلوب لدوره الكبير والسريع في تخفيف التوتر بسرعة والحفاظ على المرونة والصمود في وجه التوتر خلال المواقف الصعبة.
التخيل الموجَّه هو تقنية استرخاء مريحة وبسيطة تساعد في إدارة وتقليل التوتر بشكل سهل وسريع، وتشبه الانغماس في أحلام اليقظة الحية. مع الممارسة ستساعدك هذه التقنية في الوصول إلى ما تتمتع به من حكمة داخلية بشكل أفضل.
إذا شعرت أن هذه الاستراتيجية يمكن أن تفيدك في حياتك، فنحن ننصحك بقراءة المزيد عنها وعن دورها في تخفيف التوتر.
في هذه المقالة سنعرض عليك فوائد وعيوب تقنية إدارة الإجهاد البسيطة والجذابة هذه. واستكشاف كيفية مقارنتها بالطرق الأخرى حتى تتمكن من تحديد مدى ملاءمة التخيل الموجّه لحياتك.
تعلم تقنية التخيل الموجه
هناك عدة طرق مختلفة للتدرب على استعمال التخيل الموجه. كالانضمام إلى درس يكون دور المدرب فيه “الموجّه” والمرشد نحو كيفية استخدام هذه التقنية باستخدام التسجيلات الصوتية أو إنشاء تسجيلات خاصة بك أو استخدام صوتك الداخلي وخيالك.
هناك عدة أساليب لممارسة تقنية التخيل الموجه وتختلف طرق استخدامها. وأشهر هذه الطرق تلك التي تستخدم فيها أفكارك الخاصة، وذلك ببساطة لقلة ما تتطلبه تحضيراتها وانخفاض تكلفتها.
يمكن استكشاف التخيل الموجه في العديد من الغرف المجهزة لممارسة اليوغا أو التسجيلات الصوتية أو بمساعدة معالج متخصص. بالإضافة إلى إمكانية تسجيل شريط خاص بك لاستخدام التخيل الموجه.
أثار التخيل الموجه على الجسم
تم ابتكار التخيل الموجه لتوفير فوائد كبيرة خاصة بالحد من التوتر، بما في ذلك الاسترخاء البدني للجسم بسرعة وكفاءة عالية. ولمساعدة المشاركين على التواصل مع مستويات أعمق من الحكمة (المثبّتة على مستوى اللاوعي) والتي من شأنها أن تساعدهم على إدارة حياتهم بشكل أفضل بطرق تحدّ من التوتر.
الدراسات التي تفسر وتوضح الفوائد الصحية للتخيل كثيرة لدرجة أن العديد من المشافي تلجأ لإدراجه كخيار للمساعدة في العلاج.
لحسن الحظ أن هذه التقنية بسيطة جداً إلى الحد الذي يمكن عنده استخدامها في المنزل والحصول على نتائج إيجابية أيضاً.
مضمون التخيل الموجه
يدخل ممارسو هذه التقنية في حالة استرخاء وتخيل كاملة بمساعدة الصور الموجّهة المسجلة أو المساعد المختص أو خيالهم الشخصي فقط. وفي تفاصيل جميلة مرتبطة بكامل الحواس، أي مشهد يبعث على الاسترخاء.
يمكن أن يتخيّل الممارس شيئاً من عالم الطبيعة كشلال جميل في هاواي، أو يمكن أن يتخيّل نفسه يتنزه في غابة باردة وكثيفة. ويمكن أيضاً أن يكون المشهد عبارة عن حدث سعيد ومريح، كأن يتخيّل الممارس أنه ربح اليانصيب وأصبح بإمكانه شراء ما يريد. أو أنه وجد على الأرض مبلغاً من المال وتناول الطعام في مطعم قرب الشاطئ.
قد يتخيّل أولئك الذين يستخدمون التخيل الموجّه للحد من التوتر “مُرشداً” حكيماً يجيبهم على أسئلتهم ويطرح عليهم أسئلة للتفكير بها. إن تخيّل “المُرشد” هو تمثيل لعقلهم الباطن الذي لا يمكنهم الوصول إليه.
ما هي إيجابيات التخيل الموجه؟
يمكن للتخيل الموجه أن يوفر الاسترخاء والبصيرة والحكمة، كما يمكنه أن يساعد في التخفيف والحد من التوتر النفسي والجسدي في الوقت ذاته. بالإضافة لدوره في تشتيت انتباه الفرد عمّا قد يجهده، وإدخاله ضمن إطار ذهني أكثر إيجابية.
بهذه الطريقة، يمكن للتخيل الموجه أن يفيد في تعطيل أنماط اجترار الأفكار. وأن يساعد في بناء مصادر جديدة في الحياة من شأنها أن ترفع من مرونة الشخص تجاه التوتر من خلال الانخراط في دوامة تصاعدية من الإيجابية.
التخيّل الموجّه هو علاج مجاني للتخلص من التوتر، ومع التدريب يمكن إجراؤه في أي مكان تقريباً.
ما هي سلبيات التخيل الموجه؟
على غرار التنويم المغناطيسي الذاتي، يمكن أن يتطلّب الأمر بعض الممارسة لإتقان التخيل الموجّه بشكل مستقل. قد يكون العمل مع مساعد محترف مكلفاً، لكنه يستحق ذلك.
بالمقابل، توجد العديد من التسجيلات التي يمكن تحميلها واستخدامها للبدء، أو يمكن اتباع التعليمات البسيطة في هذه المقالة عن التخيل الموجه.
مقارنة التخيل الموجه مع التقنيات الأخرى
بالنسبة للفوائد التي تقدمها هذه التقنية، فهي خيار ممتاز لإدارة الإجهاد. ويمكن أن تكون خياراً أسهل من اللجوء للرياضة واليوغا لمن يعانون من بعض القيود الجسدية (اللياقة البدنية الكافية).
كما لا يعقب ممارستها آثار جانبية مثل بعض العلاجات الطبية والعلاجات البديلة، واستخدامها للاسترخاء البسيط أمر سهل ويمكن لأي شخص القيام به.
إن هذه التقنية مشابهة للتنويم المغناطيسي الذاتي من حيث دخول الشخص في حالة عميقة من الاسترخاء والتعامل مع عقله الباطن. أما الفرق بينهما أن التنويم المغناطيسي الذاتي غالباً ما يغرس الأفكار في العقل الباطن، بينما التخيل الموجه يركز أكثر على استخراج الأفكار منه.
يتطلّب الوصول إلى “مُرشد” داخلي تدريباً أكثر مقارنةً بالطرق الأخرى مثل استرخاء العضلات التدريجي أو تمارين التنفّس.
ممارسة التخيل الموجه
الآن وبعد معرفة وفهم أساسيات أداة إدارة الإجهاد هذه، سنتعرف على كيفية ممارستها. فيما يلي بعض الإرشادات العامة التي ستساعدك في فهم عملية التخيل الموجَّه، والقدرة على ممارستها بمفردك وكيفية جعلها تعمل لصالحك.
اشعر بالراحة والاسترخاء
خذ وضعية مريحة لك، كالوضعية التي تستخدمها للتأمل أو التنويم المغناطيسي الذاتي. إذا كان من المحتمل أن تساهم الوضعية في خلودك للنوم، فاختر واحدة أخرى مثل مصالبة الأرجل أو الاتكاء على كرسي مريح وحاول أن تختار وضعية لا تكون فيها راحتك الجسدية مصدر تشتت لك.
تنفس من الداخل (بطنك)
استخدم التنفس العميق الحجابي وأغلق عينيك، مع التركيز على “التنفس بهدوء لطرد التوتر خارجاً”. يتم التنفس الحجابي عن طريق ترك البطن يتمدد ويتقلص مع التنفس. إذا وجدت كتفيك يرتفعان وينخفضان، فمن المحتمل أنك تحمل التوتر في جسدك ولا تتنفس بأكثر الطرق استرخاءً.
تخيّل مشهدك بوضوح وكأنه مشهد حي
بمجرد وصولك إلى حالة الاسترخاء، ابدأ بتصوّر نفسك وسط أكثر بيئة ذهنية مريحة يمكنك تخيّلها. بالنسبة للبعض، فقد يتخيلون أنفسهم عائمين في المياه الباردة والصافية لجزيرة استوائية نائية حيث يُحضر الناس الجذابون المشروبات وتعزف الموسيقى الهادئة ألحانها في الخلف.
وبالنسبة للأشخاص الآخرين، فقد يتخيلون أنفسهم جالسين بجوار المدفأة في حجرة ثلجية أو في أعماق الغابة وهم يحتسون الكاكاو الساخن ويقرؤون أكثر الكتب مبيعاً التي صدرت حديثاً.
قد ترغب في تذكّر الوقت والمكان الذي شعرت فيه بالراحة والاسترخاء والروعة، أو مشهد موصوف بوضوح من كتاب تحبه أو الطريقة التي تتخيل بها مكاناً رغبت دائماً بزيارته.
انغمس في التفاصيل الحسية
بينما تتخيل مشهدك، حاول إشراك كل حواسك، كيف يبدو المشهد؟ ما هو شعورك؟ ما هي الروائح الخاصة التي يحتويها؟ هل تسمع أجيج النار، أو ارتطام الشلالات، أو تغريد الطيور؟
اجعل المشهد حقيقياً لدرجة أنه يمكنك حتى الإحساس التام به! تعد ملاحظة هذه التفاصيل في حياتك اليومية وسيلة لزيادة اليقظة الذهنية، كما تحمل بجعبتها فوائد لمعالجة التوتر على المدى الطويل أيضاً.
استرخ
ابق في هذا المشهد للمدة التي تفضلها، استمتع بـ “محيطك” ودع نفسك تذهب بعيداً عمّا يوترك.
عندما تكون مستعداً للعودة إلى الواقع، عدّ تنازلياً من عشرة أو عشرين، وأخبر نفسك أنه عندما تصل إلى “واحد”، ستشعر بالصفاء واليقظة وتستمتع ببقية يومك. عندما تعود، ستشعر بالهدوء والانتعاش مثل العودة من إجازة صغيرة، لكن دون أن تغادر غرفتك.
نصائح هامة لتعزيز التخيل الموجه
جرب هذه النصائح لتعزيز تجربة التخيل الموجه:
- استخدم الأصوات المكثفة التي تُكمّل تصوّرك إذا رغبت في ذلك، ستشعر بهذه الطريقة بمزيد من الانغماس في “بيئتك” بالإضافة إلى حجب أصوات الحياة الواقعية.
- اضبط المنبه إذا أضعت التوقيت الزمني (خلل في الساعة البيولوجية مثلاً) أو إذا كنت ستنام، في هذه الحالة ستكون أكثر قدرة على الاسترخاء لطالما علمت بأن جدولك الزمني لن يكون في خطر.
- تمرّن أكثر، فكلما تمرنت أكثر ستتمكن من المضي بعمق وسرعة أكبر، وقد ترغب أيضاً بالتواصل مع عقلك الباطن بواسطة شريط تسجله بنفسك أو تشتريه أو بمساعدة المعالج المختص.
اقرأ أيضاً: تقنية جاكبسون للاسترخاء والتخلص من القلق والتوتر
المصدر: Use Guided Imagery For Relaxation
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم