يُعد الفصام اضطراباً مزمناً، إذ تؤثر أعراضه على العديد من أفكارك، مشاعرك وسلوكك. ويمكن أن تتغير شدة هذه الأعراض وتتفاوت لدرجة أن شخصاً مصاباً بالفصام يمكن أن يبدو طبيعياً دون علاج دوائي. كما أن سكون هذه الأعراض لا يعني أن المرض قد تلاشى. إذاً هل يمكن التعايش أو التأقلم مع الفصام (انفصام الشخصية)؟ وكيف يمكن مساعدة مرضى الفصام؟
تقلل الأدوية الحديثة المضادة للذهان بشكل كبير من شدة الأعراض ومقدار الوقت الذي تقضيه في مواجهة الأعراض النشطة. ومع ذلك، يجب أن تتوقع مرور بعض أوقات الهدوء وأوقات الانتكاس.
تأثير أعراض الفصام
من المهم بالنسبة لك وبمساعدة طبيبك ومدير الحالة والأحباء معرفة أنواع الدعم التي تحتاجها ومن ثم وضع هذا الدعم في مكانه الصحيح.
اعتماداً على شدة الفصام الذي تعاني منه يمكن أن تواجه مشاكل بأداء مهارات مهمة مثل:
- التركيز والمحافظة على الانتباه
- تذكُّر المواعيد أو الاجتماعات أو المحادثات السابقة
- امتلاك الطاقة والتحفيز للقيام بالأنشطة العادية
- الشعور بالأمل أو التفاؤل لمحاولة القيام بأشياء جديدة
- إدراك وتفسير الإشارات الاجتماعية وتعبيرات الوجه بدقة
- المشاركة في محادثة بطرقٍ يتوقعها الآخرون
- التصرف اجتماعياً بالطرق التي يتوقعها الآخرون
- التغلب على العزلة الاجتماعية
التعايش والتأقلم الاجتماعي مع انفصام الشخصية
من المهم التخطيط مسبقاً، حتى عندما تشعر بتحسن نسبي، وذلك للأوقات التي قد تبدأ فيها بالمعاناة من الأعراض بشكل أكبر مرة أخرى.
يمكن أن يجعل الفصام في بعض الأحيان من الصعب عليك التعرف على علامات هذه الأعراض لديك، لذلك قد تحتاج إلى الاعتماد على ردود فعل وآراء أشخاص آخرين بأن سلوكك يتغير.
الأشخاص الذين يمكنك الطلب منهم مراقبة التغييرات لديك هم الناس الذين يعيشون معك، الأطباء أو الأخصائيون الاجتماعيون الذين تراهم بانتظام، الأشخاص الذين يعملون معك أو يذهبون معك إلى المدرسة وأفراد الأسرة.
عندما تقرر من يمكنه رعايتك، أعطهم رقم هاتف طبيبك. قد ترغب أيضاً في إعطاء طبيبك قائمة بالأشخاص المعتمدين الذين قد يتصل بهم بخصوص رعايتك.
لن يقوم طبيبك أو الأخصائي الاجتماعي بإعطاء أي شخص معلومات عنك دون إذنك، ولكن يمكنهم الاستماع إلى المعلومات التي يقدمها هؤلاء الأشخاص.
كيف يمكن للآخرين مساعدة مرضى الفصام؟
لا يدرك الناس غالباً ما يعنيه التعايش مع مرض الفصام، قم بإعلام الأشخاص الداعمين لك حول أنواع التغييرات عندك التي يجب البحث عنها. ونظراً لأنك قد تواجه مشكلة في بعض هذه المجالات حتى عندما تكون بصحة جيدة نسبياً، فيجب أن يراقب هؤلاء الأشخاص تغييرات سلوكك.
تتضمن التغييرات المهمة التي يمكنك إخبار الأشخاص الداعمين لك البحث عنها أشياء مثل:
- صعوبة الاستيقاظ في الصباح.
- التأخر عن العمل أو المدرسة.
- الحيرة أو تشتت الانتباه بسهولة أكثر من المعتاد.
- الحزن
- العصبية أو الهيجان.
- ضعف الذاكرة ومواجهة صعوبة أكبر في المهام العقلية.
- الاستجابة للهلوسات.
- التحدث بشكل سريع أو الشعور بالضيق حيال شيء يبدو غريباً أو وهمياً.
إذا طلبت المساعدة من طبيبك أو الأخصائي الاجتماعي بمجرد حدوث هذه التغييرات، فمن المحتمل أن يمنع التغيير المؤقت في الدواء حصول انتكاسة كاملة.
في كثير من الأحيان، ستتمكن من العودة إلى الجرعة السابقة بعد تجاوز الأزمة، أو قد يقوم طبيبك بتغيير أدويتك إلى شيء يكون ذا مفعول أفضل بالنسبة لك.
خطوات يمكنك القيام بها لتساعد المرضى في التعايش مع الفصام
يرغب الجميع تقريباً في إقامة روابط اجتماعية وعاطفية مع الآخرين. والفصام مرض يسبب العزلة، خاصة عندما تجعلك الأعراض النشطة ترى وتسمع وتصدق أشياء لا يشاركك فيها أحد. حتى إذا كنت لا تعاني من الأوهام أو الهلوسة النشطة، فإن الأعراض المتبقية والسلبية يمكن أن تجعل التفاعلات الاجتماعية أكثر صعوبة.
تشمل الأشياء التي يمكنك القيام بها لتحسين تجاربك الاجتماعية ما يلي:
- انضم إلى مجموعة دعم الأقران: يمنحك هذا فرصة لمقابلة أشخاص آخرين يفهمونك ويشاركونك نفس التحديات ويرغبون في مساعدة مرضى الفصام. ستتعلم الاستراتيجيات التي كانت مفيدة للآخرين في التأقلم مع انفصام الشخصية، وستكون قادراً على ممارسة مهاراتك الاجتماعية في جو لا يصدر أحكاماً، يمكن العثور على هذه المجموعات عبر الإنترنت أو في مجتمعك.
- اطلب آراء الآخرين: لا تخف من سؤال أحبائك أو الاستشاريين (مقدمي المشورة) والأصدقاء المقربين عن آرائهم ومساعدتهم في تحسين مهاراتك الاجتماعية. تريدك مجموعة الدعم الخاصة بك أن تشعر بالرضا وأن تعيش حياة أفضل وستفعل ما في وسعها للمساعدة في حدوث ذلك.
- فكر بالإسكان المجتمعي: يمكن أن يوفر الإسكان المجتمعي والمنازل الجماعية فرصاً ترفيهية اجتماعية وجماعية، من المهم أن تبحث بعناية عن حالة معيشية توفر رعاية عالية الجودة وبيئة آمنة وودودة.
- شارك في التدريب على المهارات الاجتماعية: قد تجد هذا من خلال فريق خدمات الصحة النفسية الخاص بك أو من خلال مجموعة مجتمعية. على غرار فوائد مجموعة الأقران، يمكن أن توفر هذه الفصول التدريبية مساحة لمشاركة التحديات والتقليل مما تشعر به من وحدة وعزلة.
- خدمات التعارف: تتوفر خدمات المواعدة والتوفيق بين الأصدقاء للأشخاص الذين يعانون من حالات صحية نفسية في بعض المناطق. اطلب من مجموعة المساعدة الذاتية للمستهلك الحصول على اقتراحات.
التعايش والتأقلم العاطفي مع الفصام (انفصام الشخصية)
يمكن أن يكون تنظيم المشاعر أمراً صعباً مع مرض الفصام، أو أن يكون محبطاً لك ولمجموعة الدعم الخاصة بك عندما تبدو لك العواطف وكأنها تتحسن، يمكن أن تجعلك مثل هذه اللحظات تشعر بالعزلة وأن تؤدي إلى شعور الشخص بالألم.
من المهم اتخاذ تدابير لتعلم كيفية التأقلم عاطفياً في هذه الرحلة، وهناك العديد من الأشياء التي يمكنك القيام بها للمساعدة في هذه العملية.
العلاج النفسي لمرض الفصام
تعد معرفة ماهية مشاعرنا ولماذا تعتلينا جزءاً كبيراً من تعلم كيفية تنظيم عواطفنا وستساعد في عملية التأقلم مع الفصام (انفصام الشخصية).
يمكن أن توفر لك المشاركة الفعالة و المستمرة في العلاج النفسي، مثل الاستشارة الفردية والعائلية والجماعية، الوقت لاستكشاف ومعرفة كيفية تحديد المشاعر التي تختبرها وكيفية إدارتها بشكل أفضل عندما تبدأ بالتفاقم.
البحث عن الدعم
تماماً مثل أي شخص آخر، قد يكون من المفيد التحدث مع شخص داعم عندما تزداد مشاعرنا أو نواجه صعوبة في معالجة ما نمر به. أن تكون قادراً على اللجوء إلى شخص داعم هو أمر شجاع ويمكن أن يكون مفيداً في رحلتك مع الفصام.
إن مجرد قضاء بعض الوقت في تهدئة نفسك مما تمر به والتحدث عن تجربتك يمكن أن يساعد على التخفيف من التصعيد و على الوصول إلى إحساس بالهدوء مرة أخرى.
كتابة اليوميات
قد تمر بأوقات تشعر فيها أن عواطفك تغمرك للغاية أو لا تشعر بالراحة إزاء التحول إلى شخص ما في تلك اللحظة؛ البديل الرائع لذلك هو كتابة اليوميات.
كما هو الحال في التحدث عن تجربتك، فإن الكتابة في دفتر يوميات تساعد على إبطاء وتيرة ما يحدث لنا وتتيح فرصة التعرف على عواطفنا وأنماط سلوكنا.
العناية الذاتية لمرضى الفصام
يمكن أن تكون فكرة الرعاية الذاتية صعبة بالنسبة لمعظمنا. ومع ذلك، قد يكون الأمر أكثر صعوبة عندما تصارع أعراض الفصام.
من المهم تذكر أن تخصص وقتاً للاهتمام بصحتك وعافيتك. يمكن أن تكون هذه أشياء بسيطة كالاستمتاع بالقهوة أو الشاي، الجلوس في الخارج، مشاهدة الحياة البرية، الكتابة في دفتر يومياتك، ممارسة الرياضة وقضاء الوقت مع الأصدقاء الذين يرغبون في مساعدة مرضى الفصام.
الحياة اليومية العملية
يحتاج كل شخص إلى المساعدة في بعض الأحيان لمواكبة مهام الحياة اليومية. على سبيل المثال، يتعين على معظم الأشخاص استخدام التقويمات أو الهواتف الذكية لمساعدتهم على تذكر المواعيد وملاحقة الأشياء التي يحتاجون إلى القيام بها.
يعتمد بعض الناس على الزوج في انتقاء ملابسهم لهم أو لمساعدتهم على تذكر الأعمال المنزلية. لا توجد إجابة صحيحة لمقدار المساعدة “التي يجب” على الشخص أن يحتاجها.
ينطوي العيش المستقل لشخص مصاب بالفصام على عدد من المهارات المحددة. يسمي الأخصائيون الاجتماعيون هذه المهارات بـ أنشطة الحياة اليومية (activities of daily living / ADLs).
يمكن أن تشمل المهارات التي قد يحتاج الشخص إلى تحسينها ما يلي:
- تناول الأدوية في الوقت المناسب كل يوم
- الاستحمام، غسل الشعر، تنظيف الأسنان وتقليم الأظافر
- ترتيب السرير وتغيير الملاءات عند الحاجة
- تحضير وجبات صحية وتناول الطعام بانتظام
- تنظيف مكان المعيشة الخاصة به مثل المطبخ والحمام
- شراء البقالة وإدارة المهمات
- إدارة الأموال والالتزام بالميزانية
- استخدام المواصلات العامة
قد ترغب في قضاء بعض الوقت في التفكير بالمهام التي تشعر أنها أصعب بالنسبة لك من الآخرين. بالنسبة للأشياء التي تجد صعوبة في القيام بها على أساس منتظم، فمن المفيد تعيين عضو نظام الدعم الخاص بك للمساعدة والاعتماد عليه. تحدث معه حول تحديد الأهداف الشخصية في هذه المجالات وناقش كيف يمكنه مساعدتك.
لا تتردد في طلب المساعدة إن واجهتك صعوبة في التعايش مع الفصام
غالباً ما تتراكم أعراض الفصام تدريجياً، لذا يصعب على الأشخاص التعرف على أنماطها حتى تصبح واضحة. يساعدك التحدث مع الطبيب على الفور في فهم ما يحدث بشكل أفضل ويسمح لك ببدء عملية العلاج في وقت أقرب.
لا تدع الفصام يحدد شخصيتك
ينطوي الفصام على الشعور ببعض الأعراض الواضحة. ومع ذلك، من المهم أن تتذكر أن هذه الحالة وحدها ليست كل ما أنت عليه. التواصل مع العائلة والأصدقاء مهم جداً لتذكيرنا بأننا لسنا وحدنا وليس هناك ما نخجل منه.
لا تحاول إصلاح الأمور بنفسك
حتى عندما تلاحظ أنماطاً مثيرة للقلق في سلوكك، فقد يكون من السهل محاولة إخفائها عن الآخرين و”إصلاحها” بمفردك
ينطوي الفصام على أعراض معقدة يمكن أن تزداد شدتها إذا لم تتم معالجتها من خلال طرق العلاج المناسبة.
لا تتخطى العلاجات أو المواعيد
عندما تبدأ الأعراض بالانخفاض في شدتها، قد تشعر أنه ليس من الضروري الذهاب إلى مواعيد العلاج أو جلسات العلاج الجماعي أو مواعيد إدارة الأدوية الخاصة بك.
يمكن أن يكون لعدم حضور مواعيد العلاج باستمرار تأثير سلبي على نجاحك الكامل في هذه الرحلة، لذا من المهم أن تستمر في مواعيدك.
ثقف نفسك أكثر عن الفصام
قد تكون رعاية أحد أفراد أسرتك المصاب بالفصام أمراً صعباً، لكن لا يجب أن تشعر بأن الأمر مستحيل. تتمثل الخطوة الأولى في معرفة ما يمكنك فعله حيال هذه الحالة.
يجد الكثير من الناس أن الفصام أمر مخيف بسبب طبيعة الأعراض التي يعانون منها. لذا يمكن أن يساعدك التعلم من أخصائيي الصحة النفسية والمصادر الأخرى في عملية الحصول على معلومات مفيدة.
ابحث عن الدعم
على الرغم من أن دورك يتمثل في دعم من تحب في رحلة العلاج، تذكر أنك ستحتاج إلى الدعم أيضاً من أجل التأقلم مع الفصام.
في كثير من الأحيان، يركز مقدمو الرعاية كثيراً على مساعدة الآخرين لدرجة أنهم يتجاهلون تخصيص بعض الوقت للاهتمام بصحتهم.
يمكن أن يكون العثور على مجموعات دعم محلية وحتى موارد خاصة بمجموعات الدعم عبر الإنترنت منفذاً رائعاً لمشاركة التجارب وتلقّي التشجيع.
اقرأ أيضاً: أعراض الفصام المعرفية واعتبارات تشخيصية مهمة لتشخيص المرض
اقـرأ أيضاً: العوامل الوراثية والبيئية المسببة لمرض الفصام
اقـرأ أيضاً: الفصام عند الأطفال، أعراضه، تشخيصه، أسبابه وعلاجه
المصدر: Living With Schizophrenia
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم