يعد التوتر أمراً طبيعياً وجزءاً ضرورياً في الحياة إلى حد ما. على الرغم من معاناة الجميع من التوتر، إلا أن سببه يمكن أن يختلف من شخص لآخر. لكن ما يؤثر عليك ليس بالضرورة أن يؤثر على الآخرين أيضاً.
على سبيل المثال، يمكن أن يغضب شخص ما و يشعر بالارتباك من الازدحام المروري، بينما يقوم آخر برفع صوت الموسيقى في سيارته معتبراً الازدحام إزعاجاً خفيفاً بالنسبة له. ويمكن أن يتبع شجارٌ مع صديق التفكير بالموضوع طوال النهار لشخص ما بينما يتجاهله الشخص الآخر بسهولة.
قد تدرك جيداً ما يسبب لك التوتر بالفعل ولكن نظراً لأهمية السيطرة عليه عندما يتعلق الأمر بتخفيف الآثار التي يمكن أن تحدثه على صحتك الجسدية والعقلية، فإن الأمر يستحق التعرف على احتمال وجود عوامل أخرى تلعب دوراً أيضاً؛ صمم خطتك للحد من التوتر وضع كل ذلك في الاعتبار.
المشاكل المالية
وفقاً للجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA)، تتربع المشاكل المالية على عرش أسباب التوتر في الولايات المتحدة الأمريكية. في استطلاع أجري عام 2007 ، أفادت الجمعية الأمريكية لعلم النفس أن 72 % من الأمريكيين عانوا من التوتر بسبب المشاكل المادية معظم الوقت خلال الشهر المنصرم على الأقل. إذ أبلغ المشاركون في الاستطلاع أن المال كان مصدراً كبيراً للتوتر، وشعر 77 % منهم بمقدار كبير من القلق إزاء الوضع المالي.
يمكن أن تشمل علامات التوتر الناجم عن الشؤون المالية ما يلي:
- الجدال مع الأحباء بخصوص المال.
- الخوف من فتح البريد الإلكتروني أو الرد على المكالمات الهاتفية.
- الشعور بالذنب من إنفاق الأموال على الأمور غير الأساسية.
- الهمّ والشعور بالقلق حيال المال.
يؤدي التوتر المتعلق بالشؤون المالية للشخص إلى الإجهاد على المدى الطويل والذي ينتج عنه مشاكل في ضغط الدم إضافة إلى الصداع، تلبك المعدة، الألم في الصدر، الأرق والشعور العام بالمرض.
ارتبطت الضغوط المالية أيضاً بمجموعة من المشاكل الصحية بما فيها الاكتئاب، القلق، مشاكل البشرة، مرض السكري والتهاب المفاصل.
ضغوط العمل
وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، يقضي الأمريكيون الآن وقتاً في العمل أكثر بنسبة 8% مقارنة مع العشرين سنة الفائتة، ويعمل حوالي 13% عملاً إضافياً. أفاد 40% على الأقل بأن وظيفتهم وعملهم مرهقين، و26% منهم بأنهم يشعرون أحياناً بالإنهاك الشديد نتيجة العمل.
يمكن لأي شيء أن يساهم في الشعور بالتوتر ضمن العمل بما في ذلك الإفراط به، انعدام الأمن الوظيفي، عدم الرضا إزاء العمل أو المهنة والخلافات مع المدير و/أو الزملاء في العمل.
سواء كنت تشعر بالقلق حيال إنجاز مشروع محدد في عملك أو بأنك لا تُعامل بإنصاف، فإن تفضيل عملك على كل الأشياء الأخرى يمكن أن يؤثر على نواحي كثيرة في حياتك بما فيها العلاقات الشخصية والصحة الجسدية والنفسية.
توجد أيضاً عوامل أخرى خارج نطاق العمل بحد ذاته تلعب دوراً في التوتر الناجم عن العمل وتتضمن بنية الفرد النفسية، الصحة العامة، والحياة الشخصية له إضافة إلى مقدار الدعم العاطفي الذي يحظى به من الآخرين.
يمكن أن تكون علامات التوتر الناجم عن العمل جسدية ونفسية بما فيها:
- القلق
- الاكتئاب
- صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرارات
- الإرهاق
- الصداع
- تسارع ضربات القلب
- تقلبات المزاج
- تشنج وألم عضلي
- مشاكل في المعدة
قد يغمر شعور الارتباك البعض ويصارعون للتأقلم مع ضغوط العمل ما يمكن أن يؤثر على سلوكهم أيضاً. يمكن أن يحرض التوتر الناجم عن العمل ما يلي:
- تضاؤل حس الإبداع والمبادرة
- فقدان الاهتمام (اللامبالاة)
- إخفاق في الأداء الوظيفي
- ازدياد الإجازات المرضية
- العزلة
- قلة الصبر وارتفاع مستويات الإحباط
- مشاكل في العلاقات الشخصية
مشكلات في العلاقات الشخصية
في حياتنا جميعاً أشخاص يسببون لنا التوتر. يمكن أن يكون أحدهم فرداً من العائلة أو شريكاً مقرباً أو صديقً أو زميل العمل. يقبع الأشخاص السامون في كل جزء من حياتنا ويمكن أن يؤثر التوتر الناجم عن علاقتنا مع هؤلاء الأشخاص على صحتنا النفسية والجسدية.
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى التوتر في العلاقات العاطفية، وعندما يكون الشريكان تحت الضغط الدائم، تصبح علاقتهما على المحك.
تشمل ضغوط العلاقات الاجتماعية بمختلف أشكالها الشائعة ما يلي:
- الانشغال الدائم الذي يمنعك عن قضاء الوقت مع الشريك ومشاركة المسؤوليات سوية.
- تصبح العلاقة الحميمة أمراً نادراً نتيجة الانشغال الدائم أو المشاكل صحية أو أي شيء آخر.
- تتّسم العلاقة بسوء المعاملة أو السيطرة من أحد الطرفين.
- فقدان التواصل بين الشريكين.
- تعاطي الكحول أو المواد المخدرة أو كليهما بشكل مفرط من قبل أحد طرفي العلاقة أو كليهما.
- يفكر أحدهما أو كلاهما بالطلاق.
تشابه علامات التوتر الناجم عن العلاقات الشخصية تلك المتعلقة بالأعراض الشائعة للتوتر بشكل عام ويمكن أن تنطوي على مشاكل نفسية وجسدية، اضطرابات النوم، الاكتئاب والقلق.
يمكن أن تجد نفسك في بعض الأحيان تتجنب أو تختلف مع هذا الشخص أو تنفعل بسهولة لمجرد وجوده معك.
في بعض الأحيان، يمكن أن يرتبط التوتر الناجم عن العلاقات الشخصية مع علاقاتنا بالناس المتواجدين على منصات التواصل الاجتماعي مثل الـ فيس بوك. على سبيل المثال، تميل وسائل التواصل الاجتماعي إلى دفع الشخص بشكل طبيعي إلى مقارنة نفسه مع الآخرين ما يؤدي ربما إلى الشعور بالتوتر من إحساس عدم التكافؤ، ويمكنها أيضاً أن تسهل من التنمر بين الأشخاص.
ضغوط الأبوة والأمومة
يواجه الأهل عادة أموراً تتعلق بإدارة جداول ممتلئة بالمهام تتضمن العمل والواجبات المنزلية وتربية الأطفال، وكلها عوامل تؤدي على التوتر.
يمكن أن تؤدي المستويات العالية من التوتر الناجم عن تربية وتنشئة الأطفال بكافة جوانبها إلى أن يصبح الوالدان أكثر قسوة وسلبية وتسلّطاً في طريقة تعاملهم مع أطفالهم. ويمكن له أن يقلل من جودة وجودة علاقة الأبوين مع أطفالهم.
على سبيل المثال، يمكن ألا يكون هناك تواصل مفتوح بينكما؛ فلا يطلب منك طفلك النصيحة كنتيجة لذلك أو من الممكن أن يسيطر الجدال على نقاشاتكم سوية في كثير من الأحيان.
تنطوي مصادر التوتر الناجم عن التربية على العديد من الأمور بما فيها الدخل المادي المحدود أو ساعات العمل الطويلة أو الأب الأعزب أو الأم العزباء أو توتر العلاقة الزوجية أو تنشئة طفل تم تشخيصه بالإصابة باضطراب سلوكي أو عجز في النمو.
يحدق خطر المعاناة من التوتر الناجم عن التربية بذوي الأطفال المصابين باضطرابات السلوك أو تأخر النمو. في الواقع أظهرت العديد من الدراسات أن أهالي الأطفال المصابين بالتوحد أفادوا بمستويات أعلى من التوتر الأبوي مقارنة مع ذوي الأطفال الذين لا يعانون من هذه الحالة النفسية.
ضغوط الحياة اليومية والانشغال
تشكل ضغوطات الحياة اليومية معوقات دائمة وتشمل أموراً مثل فقدان المفاتيح والتأخر ونسيان جلب الأشياء المهمة عند مغادرة المنزل. عادة تكون هذه الأمور الصغيرة مجرد نكسات، لكن إذا تكررت يمكن أن تصبح مصدر قلق يؤثر على صحة الفرد الجسدية والنفسية.
التوتر الناجم عن الانشغال الكثيريزداد شيوعاً أكثر فأكثر بشكل كبير. هذه الأيام، ينشغل الناس أكثر من أي وقت مضى ما يضيف المزيد من التوتر على حياتهم.
في بعض الأحيان تحتّم الضرورة الانشغال الدائم، كالعمل الإضافي. وفي أحيان أخرى يكون ناجماً عن الشعور بالذنب وعدم الرغبة في خذلان الآخرين. إذ يمكن ألا يرفض بعض الأشخاص طلب أحد وينتهي بهم الأمر دون أن يخصّصوا وقتاً لأنفسهم أو يهملون احتياجاتهم الأساسية كتناول الطعام بشكل صحي أو ممارسة الرياضة بسبب قلة الوقت.
ضغوط ناتجة عن الطباع الشخصية وقلة مصادر الدعم
ترتبط سمات شخصيتك والمصادر المتوفرة بين يديك ارتباطاً وثيقاً بكل ما سبق ويمكن أن تشكل مصدراً مستقلاً للتوتر أيضاً.
على سبيل المثال، يميل الفرد ذو الشخصية المنفتحة إلى المعاناة بشكل أخف من التوتر في حياته اليومية ويمتلك مصادر دعم اجتماعية أكبر والتي من شأنها أن تمنع وتعزل التوتر عنه.
في المقابل، يجلب الشخص ذو الشخصية المثالية التوتر لنفسه دون ضرورة وذلك بسبب معاييره الدقيقة ما يؤدي إلى المزيد من العواقب السلبية على الصحة الجسدية والنفسية له مقارنة مع أولئك الذين بالكاد يركزون على الإنجازات عالية المستوى.
يمكن أن يشكل الأشخاص أصحاب النمط (أ) من الشخصية مصدر توتر لمن حولهم بما فيهم أنفسهم أيضاً. يمكن لأولئك الذين لديهم أموال كافية لتوظيف المساعدة لهم تفويض المهام المجهدة لغيرهم، بالتالي يمكن لهذا المورد أن يشكل ميزة تتفوق على أولئك الذين يكافحون لتغطية نفقاتهم ويتوجب عليهم العمل بجدية أكبر لتوفير المال.
اقرأ أيضاً: كيف يخفف إمتلاكنا لـ الحيوانات الأليفة من التوتر؟ وما تأثير الكلاب على الصحة النفسية؟
المصدر: The Main Causes of Stress
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم