اضطراب طيف التوحد (Autism Spectrum Disorder/ASD) هو مجموعة من الحالات التي تؤثر على نمو الأطفال. يواجه الأطفال المصابون به غالباً صراعاً أثناء التواصل مع الآخرين ومن الممكن أن يفقدوا مهارات اجتماعية اعتيادية. تختلف علامات التوحد عند الأطفال بشكل واسع ولكن تؤثر عادةً على سلوكيات الطفل وتواصله ومهاراته الاجتماعية. ونظراً لاختلاف أعراض التوحد عند الأطفال، تختلف وسائل وطرق العلاج، إلا أن التشخيص المبكر مهم جداً في علاج الأعراض.
على الرغم من أن بعض الأطـفال يمكن أن يُظهروا أعراضاً معتدلة فقط من أعراض التوحـد، إلا أن آخرين يمكن أن يعانوا من أعراض حادة والتي بدورها تؤثر على أدائهم اليومي.
في حين أن هناك حاجة للمزيد من الأبحاث التي تتناول أسباب التوحد وعلاجاته الأكثر فعالية، إلا أن تشخيص ومعالجة اضطراب طيف التوحد في وقت مبكر قدر الإمكان يصب في صالح الطفل بشكل كبير.
من المرجح أن ينشأ لدى الأطـفال المصابين بالتوحـد حالات نفسية مثل الاكتئاب واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD) والصرع والقلق.
يبحث هذا المقال في الأمور الواجب معرفتها في حال كان طفلك مصاباً بالتوحد، وفي خيارات العلاج المتوفرة أمامك، إذ يعاني ما يقارب واحد من كل 160 طفلاً من التوحد في العالم اليوم.
أعراض التوحد عند الأطفال
يعاني الأطـفال المصابون بالتوحد نطاقاً واسعاً من الأعراض وتظهر بشكل مختلف عند طفل وآخر، ويمكن أن تبدو علامات هذا الاضطراب مختلفة بين الفتيات والفتيان.
تُبدي الفتيات هدوءاً أكثر وقدرة أكبر على إخفاء الأعراض، ما يجعل التشخيص عندهن أكثر تعقيداً منه عند الفتيان. وتبدو أعراض طيف التوحد مختلفة قليلاً أيضاً عند الأطـفال الأصغر سناً.
تشمل بعض الأعراض الأكثر شيوعاً لهذا الاضطراب ما يلي:
- مشاكل في إجراء والحفاظ على التواصل البصري مع الآخرين.
- صعوبة في التواصل مع الآخرين.
- صعوبة في تعلم أشياء جديدة.
- مشكلات في التعامل مع المتغيرات الجديدة.
- رد فعل قوي على الضوضاء والأضواء الساطعة.
- سلوك متكرر مثل التصفيق بشكل متكرر أو هز الجسم للأمام والخلف.
علامات التوحد عند الأطفال الصغار
يمكن تقصّي التوحد عند الأطفال الصغار من عمر السنتين. تُظهر الأبحاث أنه بالإمكان البدء بملاحظة الأعراض مبكراً في عمر الـ 18 شهراً، تتضمن بعض الأعراض المبكرة التي يمكن البحث عنها عند الأطفال الصغار والرضّع ما يلي:
- عدم الاستجابة عند مناداته باسمه
- عدم القدرة على لفت انتباهك عندما يريد ذلك
- عدم القدرة على تتبع الأشياء المرئية
- مقاومة محاولات الاحتضان أو الاتصال الجسدي
- عدم القدرة على تقليد تعابير وجه أو حركات من حوله
- عدم القدرة على التواصل حتى باستخدام لغة الأطفال معه.
علامات التوحـد عند الأطفال الأكبر سناً
مع تقدم الأطفال بالعمر، يصبح الانتباه إلى علامات التوحد أكثر سهولة. وتشمل بعض هذه الأعراض ما يلي:
- عدم الاستجابة أو الرد بعدوانية عند محاولة لمسه
- إيجاد صعوبة في فهم الإشارات والتلميحات العاطفية
- صعوبة في إيصال ما يحتاجه للآخرين
- تجنب التواصل البصري مع الآخرين
- تفضيل البقاء في عزلة على التفاعل مع الآخرين
- الالتزام بروتين صارم والانزعاج في حال تغيره.
تشخيص التوحد عند الأطفال
لا يوجد اختبار طبي محدد مستخدم في تشخيص اضطراب طيف التوحد عند الأطفال (ASD)، لكن يمكن استخدام أدوات تشخيص معينة في تقصي التوحد عند الأطفال في الصغر في سن الثانية.
يمكن للتشخيص المبكر أن يسهل العلاج المبكر والذي من شأنه أن يساعد الأطفال المصابين بهذه الحالة على التأقلم بشكل أفضل معها.
تشمل بعض الأعراض التي يمكن البحث عنها لدى الطفل عند محاولة تحديد فيما إذا كان مصاباً باضطراب طيف التوحد ما يلي:
- عدم القدرة على التواصل البصري.
- عدم القدرة على التواصل اللفظي (النطق) أو ما يعوضه في عمر الـ 16 شهراً.
- قلة الكلام أو التحدث بلغة غير مألوفة.
- عدم القدرة على التواصل باستخدام اليدين في عمر السنة.
- فقدان مهارات اجتماعية أو لغوية.
- التصرف بسلوك متكرر (تكرار كل كلمة يسمعها أو إيماءات معينة).
أسباب اضطراب طيف التوحّد عند الأطفال
من الصعب تحديد أسباب التوحد سواء عند الأطـفال أو البالغين. لكن هناك عوامل خطر متعددة يُعتقد أنها تساهم في تطور هذا الاضطراب.
تم تحديد كل من العوامل الجينية والبيئية كأكثر عوامل مسؤولة عن نشوء التوحد. إذ توجد دلائل جوهرية تربط التوحد بالعوامل الجينية، لكن لا يوجد جينٌ محدد يسبب نشوء هذا الاضطراب. لكن هناك احتمال أن جينات مختلفة يمكن أن تسبب هذه الحالة النفسية.
أظهرت الدراسات بالفعل أن دماغ الأطـفال المصابين بالتوحد يبدو مختلفاً قليلاً عن غيرهم من الأطفال غير المصابين به. في السنوات الأولى، يبدو دماغ الأطفال المصابين بالتوحد وكأنه ينمو بشكل أسرع من أدمغة الأطفال الأصحاء. ليس واضحاً فيما إذا كان هذا هو سبب سرعة النمو عندهم، إلا أن ذلك يؤثر على الطريقة التي يتصرف بها الدماغ.
تاريخياً، تم الربط بشكل خاطئ بين اللقاحات ونمو الدماغ عند أطـفال التوحد، لكن مرت عقود من الأبحاث تناولت ما يدحض ويكشف زيف هذا الاعتقاد؛ إذ لا وجود للقاحاتٍ يمكن ربطها مع نشوء التـوحد أو خطر تطور الحالة عند الأطـفال.
علاج التوحد عند الأطفال
حالياً لا يوجد ما يُشفي من التوحد؛ لكن مع العلاج المناسب، يمكن للأعراض أن تُدار بشكل ملائم. يعتمد علاج اضطراب طيف التوحد (ASD) عند الأطفال على حدة الأعراض الحاصلة، فيما يلي خيارات العلاج المتوفرة:
العلاج الدوائي
لا يوجد دواء معتمد بشكل معين من قبل إدارة الغذاء والدواء (FDA) لعلاج اضطراب طيف التوحد، لكن يمكن وصف بعض الأدوية المحدَّدة لأعراض أو حالة معينة ناجمة عن التوحد.
العلاج النفسي
يمكن اتباع أشكال علاج نفسي مختلفة لعلاج التوحد عند الأطفال ويعتمد ذلك على احتياجات الطفل الفريدة. فيما يلي أكثر طرق العلاج النفسي شيوعاً في علاج التوحد:
العلاج الوظيفي: يهدف هذا العلاج إلى تجهيز أطـفال التوحد بالمهارات اللازمة للأداء خلال حياتهم اليومية.
تحليل السلوك التطبيقي (ABA): أظهرت الأبحاث أن هذا المنهج هو واحدٌ من أكثر أشكال علاج التوحد فعالية سواء كانت الأعراض خفيفة أم شديدة. فهو يجهز الأطفال بمهارات التواصل والمهارات الاجتماعية التي تساعدهم على التفاعل مع الآخرين.
نصائح لآباء وأمهات الأطفال المصابين بالتوحد
يمكن أن يشكل وجود طـفل مصاب بالتوحد تحدياً أحياناً. بالرغم أن هذا الاضطراب قد يتأثر إيجاباً عند اتباع العلاج المناسب؛ إلا أنه لا شفاء منه، ما يعني أنه حالة ترافق الشخص مدى الحياة وبالتالي يحتاج إلى ضبطها وإدارتها، فيما يلي بعض النصائح التي يمكن توظيفها في مساعدة طـفلك على إدارة أعراض اضطراب طيف التوحد:
تابع خطة العلاج الخاصة بطفلك بدقة: يتضمن هذا عادةً العلاج الدوائي والنفسي معاً. إذ يستطيع الطـفل المصاب بالتوحد من خلال العلاج المناسب عيش حياة صحية.
انضم إلى مجموعات دعم محلية: مشاركة تجربتك مع أولياء الأمور الآخرين واستماعك لتجربته قد يكون مفيداً.
لا تهمل الاهتمام بنفسك أيضاً: من السهل جداً أن تشعر بالإرهاق وأنت تتابع حالة طـفلك المصاب بالتوحد وتلبي احتياجاته. لكن إذا لم تكن في أفضل حالاتك الصحية فلن تستطيع تقديم الرعاية المناسبة له.
ابحث عن العلامات المبكرة للتوحد التي تظهر لدى طـفلك: وجود طـفل مصاب بالتـوحد في العائلة يعني أن خطر الإصابة به يحدق بالأطـفال القادمين. تتوفر العديد من المصادر التي تحتوي على معلومات ومواد تساعد الأهل في ملاحظة العلامات المبكرة للتوحد وغيره من اضطرابات النمو.
اقرأ أيضاً: التوحد عالي الأداء، التشخيص والعلاج
اقرأ أيضاً: الاضطرابات النمائية في مرحلة الطفولة، أنواعها وتأثيراتها على الفرد في مرحلة البلوغ
اقرأ أيضاً: تأخر النطق عند الأطفال، علاماته، أسبابه وعلاجه
المصدر: What to Know About Autism in Kids
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم