الصمت الانتقائي أو الخرس الانتقائي ( Selective Mutism / SM) هو اضطراب قلق طفولي يتسم بعدم القدرة على الكلام أو التواصل في مواقف معينة. يتم أولاً تشخيص هذه الحالة في مرحلة الطفولة عادة. يفشل الأطفال الذين يعانون من أعراض الصمت الانتقائي في الحديث في مواقف اجتماعية محددة مثل المدرسة والمجتمع.
يقدر أن حوالي أقل من 1% من الأطفال لديهم صمت انتقائي، وتعود أول حالة موصوفة إلى عام 1887 عندما وصف الطبيب الألماني أدولف كوسمول (Adolph Kussmaul) الأطفال الذين يعانون من عدم القدرة على الكلام بأنهم يعانون من (الحبسة الطوعية/Aphasia voluntaria).
يمكن أن ينتج عن الصمت الانتقائي عدد من التبعات، خاصة إذا لم تتم معالجته. إذ قد يؤدي إلى مشكلات في الدراسة، انخفاض تقدير الذات، العزلة الاجتماعية والقلق الاجتماعي.
أعراض الصمت الانتقائي (الخرس الانتقائي)
إذا كنت تعتقد أن طفلك يعاني من الصمت الانتقائي وعدم القدرة على الكلام، ابحث عن الأعراض التالية:
- التعبير عن الرغبة في الكلام لكن يقف القلق والخوف والإحراج في طريقها.
- التململ، تجنب التواصل البصري، قلة الحركة أو التعبير عندما يكون في مواقف مخيفة.
- عدم القدرة على الكلام في المدرسة أو مواقف اجتماعية محددة.
- عندما يريد التعبير عن احتياجاته يستخدم التواصل غير اللفظي مثل الإيماء بالرأس أو الإشارة باليدين.
- الخجل والخوف من الناس والعزوف عن الكلام بين عمر 2-4 سنوات.
- التحدث بسهولة في أماكن محددة (المنزل أو مع الأشخاص المألوفين لديه) ولكن ليس بغير ذلك (المدرسة أو الأشخاص غير المألوفين).
بينما تعد هذه السلوكيات حماية للذات، يفهمها الأطفال والبالغين الآخرين على أنها مقصودة ويعتبرونها نوعاً من التحدي.
تشخيص الصمت الانتقائي (الخرس الانتقائي)
رغم الاعتقاد الشائع أن أصول الصمت الانتقائي متجذرة في القلق، فإنه لم يصنف كاضطراب قلق حتى أُصدرت النسخة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) الذي نشر عام 2003.
تم تبني استخدام مصطلح “انتقائي” عام 1994، إذ كان يعرف الاضطراب بـ “الصمت الاختياري” إذ تم التغيير للتأكيد على أن الأطفال الذين يعانون من الصمت الانتقائي لم يختاروا الصمت بل هم يشعرون بالخوف الشديد من التحدث.
المعيار الأساسي لتشخيص الصمت الانتقائي هو الإخفاق المستمر في التكلم ضمن مواقف اجتماعية محددة حيث يتوقع فيها الحديث (المدرسة)، على الرغم من الكلام في في الأوساط الأخرى.
بالإضافة إلى هذا العَرَض الأساسي، يجب أن يظهر الأطفال الاتي:
- أعراض الصمت الانتقائي لمدة لا تقل عن شهر واحد وبالطبع ليس أول شهر من المدرسة.
- أن يفهم الطفل اللغة المحكية ولديه القدرة على الحديث بشكل طبيعي في بعض المواقف (في المنزل عادة مع أشخاص مألوفين).
- أخيراً، تداخل قلة الكلام مع أداء الطفل التعليمي والاجتماعي.
قد لا يتم تشخيص “الصمت الانتقائي” عند الأطفال الذين توقفوا مؤقتاً عن الكلام بعد الهجرة إلى بلد أجنبي أو تعرضهم لحدث صادم.
أسباب الصمت الانتقائي (الخرس الانتقائي)
نظراً لميل الحالة إلى الندرة نوعاً ما، لم يتم الفهم الكامل لعوامل الخطر. اعتقد سابقاً ان الصمت لانتقائي كان نتيجة سوء المعاملة، الصدمة أو الاضطرابات في مرحلة الطفولة.
تشير الأبحاث الآن أن هذا الاضطراب مرتبط بالقلق الاجتماعي الشديد ويرجح السبب أيضاً للعوامل الجينية. كما كافة الاضطرابات النفسية، فمن غير المحتمل أن يعزى لسبب واحد.
قد يظهر لدى الأطفال الصغار الذين شُخصت لديهم هذه الحالة ميل للخجل الشديد وقد يعانون من اضطراب القلق والخوف من إحراج أنفسهم أمام الآخرين.
تتضمن الأسباب الأخرى المحتملة طبع الطفل ومزاجه والبيئة، ويمكن أن يكون الأطفال الذين يعانون من التثبيط السلوكي أو صعوبات في اللغة أكثر عرضة لنشوء هذا الاضطراب. ويمكن أن يلعب الأهل المصابون بالقلق الاجتماعي أو لديهم تثبيط سلوكي دوراً في ذلك أيضاً.
يمكن أن يترافق حدوث الصمت الانتقائي مع اضطرابات أخرى بما فيها:
- القلق.
- الاكتئاب.
- تأخيرات النمو.
- مشاكل اللغة.
- اضطراب الوسواس القهري (OCD).
- اضطراب الهلع.
علاج الصمت الانتقائي
الصمت الانتقائي هو الأكثر تقبلاً للعلاج عندما يتم اكتشافه مبكراً. إذا كان طفلك صامتاً في المدرسة لمدة شهرين أو أكثر، فمن المهم أن يبدأ العلاج على الفور.
عندما لا يتم اكتشاف الصمت الانتقائي في عمر مبكر، يكون الطفل معرضاً لخطر التعود على عدم الكلام، وكنتيجة لذلك يصبح الصمت أسلوب حياة ويصعب تغييره
قد يشمل علاج الصمت الانتقائي العلاج النفسي، العلاج الدوائي أو مزيجاً من الاثنين.
العلاج النفسي
العلاج النفسي الشائع للصمت الانتقائي هو استخدام برامج إدارة السلوك. تتضمن هذه البرامج تقنيات مثل ازالة الحساسية والتعزيز الإيجابي، والتي يتم تطبيقها في المنزل والمدرسة تحت إشراف أخصائي نفسي.
العلاج الدوائي
قد يكون الدواء مناسباً أيضاً، خاصة في الحالات الشديدة أو المزمنة أو عند عدم تحسن الحالة مع طرق العلاج الأخرى. يجب أن يتم اختيار ما إذا كنت ستستخدم الدواء بالتشاور مع طبيب لديه خبرة في وصف أدوية القلق للأطفال.
التأقلم مع الصمت الانتقائي
بالإضافة إلى البحث عن العلاج المختص المناسب، هناك أشياء يمكنك القيام بها لمساعدة طفلك على ضبط حالته:
- إخبار المعلمين وغيرهم ممن يعملون مع طفلك: يمكن أن يصاب المعلمون في بعض الأحيان بالإحباط أو الغضب من الأطفال الذين لا يتكلمون. يمكنك المساعدة من خلال التأكد أن معلم طفلك يعرف أن سلوكه ليس مقصوداً. عليكما سوية تشجيع طفلك وتقديم الثناء والمكافآت على السلوكيات الإيجابية والصحيحة.
- اختيار الأنشطة المناسبة لمهاراته الحالية: لا تجبر طفلك على الانخراط في المواقف الاجتماعية أو الأنشطة التي تتطلب التواصل اللفظي. بدلاً من ذلك، اختر الأنشطة التي لا تتضمن الكلام مع الآخرين مثل القراءة أو الفن أو حل الألغاز.
- مكافأة التقدم وتجنب العقاب: في حين أن مكافأة الخطوات التي يتخذها طفلك نحو الكلام أمر جيد، إلا أن المعاقبة على الصمت ليس كذلك. إذا كان طفلك خائفاً من الكلام، فلن يتغلب على هذا الخوف من خلال الضغط أو العقاب.
- عدم الضغط على الطفل: يعد قبول الوالدين ومشاركة الأسرة أمران مهمان في العلاج، ولكن يجب تجنب محاولة إجبار طفلك على التحدث. إن الضغط عليه لن يؤدي إلا إلى زيادة مستويات القلق لديه وجعل الأمر أكثر صعوبة، لذا ركز على إظهار دعم طفلك وقبوله.
بشكل عام، هناك تشخيص جيد للصمت الانتقائي. ما لم تكن هناك مشكلة أخرى تساهم في هذه الحالة، فإن أداء الأطفال المصابين بها يكون جيداً بشكل عام في مجالات ومواقف أخرى ولا يحتاجون إلى وضعهم في صفوف التعليم الخاص.
على الرغم من احتمال استمرار هذا الاضطراب خلال فترة البلوغ، فإن ذلك أمرٌ نادر ومن المرجح أكثر أن يتطور اضطراب القلق الاجتماعي في هذه المرحلة.
اقرأ أيضاً: اضطرابات التواصل عند الأطفال، أعراضها، أنواعها وعلاجها
اقرأ أيضاً: اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي، التشخيص والأعراض
اقرأ أيضاً: رهاب الكلام، أعراضه، أسبابه وعلاجه
المصدر: ?What Is Selective Mutism
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم