العلاج بالألوان المفهوم التأثير الإيجابيات العلاقة مع العلم
يعتمد العلاج بالألوان (Color Therapy)، المعروف أيضاً باسم علاج الكرومو.(Chromotherapy)، على فكرة أن الألوان والأضواء الملونة قد تساعد في تحسين الصحة البدنية والنفسية. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث العلمي لدعم فوائد هذا العلاج المزعومة بشكل كامل.
خلال فترة انتشار فيروس (كوفيد-19)، كتبت سيمون إم سكلي (Simone M. Scully)، أم وصحفية مختصة بالكتابة عن الصحة، العلم والتربية قائلة:
لقد مر شهر تقريباً على الحجر الصحي، وكنت جالسة في غرفة المعيشة وأنا أشعر.بالإحباط؛ ليس بسبب شيء ما خاطئ على وجه الخصوص، بل لأنني شعرت وكأنني “منطفئة”. نظرت في جميع أنحاء الغرفة، والتي طليتها باللون الرمادي المزرق المحايد عندما انتقلت إلى منزلي هذا. في ذلك الوقت، وجدت أن هذا اللون يبعث الهدوء في نفسي، ولكن الآن تبدو لي الجدران باهتة. في الواقع، كان كل شيء في الغرفة يشعرني بالكآبة. الأثاث والديكور ألوانها جميعاً من تدرجات اللونين الأزرق والرمادي، الكئيبة مجدداً. رغم اللون الساطع للسقف، لكنه لم يضفي أي حماس إلى المكان أبداً.
العلاج بالألوان المفهوم التأثير الإيجابيات العلاقة مع العلم
في محاولة مني لرفع معنوياتي، قررت الذهاب في نزهة على الأقدام. وجعلني ضوء الشمس والأشجار أشعر بتحسن طفيف.
لم أفكر في تلك التجربة وما عايشته فيها مجدداً إلا بعد مرور شهر،.عندما وصلني مصباح جديد أحمر وذهبي اللون كنت قد طلبته. عندما أضأته، شعرت بالدفء والبهجة يملآن أرجاء الغرفة على الفور. وهنا أدركت أن مجرد التواجد حول الألوان الدافئة،.سواء كان ذلك خلال يوم مشمس في الفناء الخلفي لمنزلي أو غرفة مطلية بتدرجات مشرقة، جعلني أشعر بتحسن قليل.
وهذا ما دفعني إلى التساؤل، كيف يمكن للون والضوء أن يؤثرا على الحالة المزاجية والصحة؟ وبذلك سمعت لأول مرة عن العلاج بالألوان.
ما هو العلاج بالألوان؟
يعتمد العلاج بالألوان على فكرة أن الألوان والأضواء الملونة قد تساعد في تحسين الصحة البدنية والنفسية. ووفقاً لهذه الفكرة، فإن تلك الأضواء أو الألوان تسبب تغيرات طفيفة في الحالة المزاجية والبيولوجية.
للعلاج بالألوان تاريخ طويل، إذ تشير السجلات إلى أنه البعض مارسه في مصر القديمة واليونان والصين والهند.
تقول خبيرة العلاج بالألوان ولاء المحيطب (Walaa Al Muhaiteeb): “لقد تطورت علاقتنا بالألوان.جنباً إلى جنب مع ثقافاتنا ودياناتنا وحياتنا”، وتشرح بتفصيل أكثر قائلة: “اللون،.باعتباره تجسيداً للضوء، يحتل مكانة مقدسة عند الكثيرين؛ إذ كان المعالجون.المصريون يرتدون رداء أزرق اللون للدلالة على قدسيته. وفي اليونان، اكتست أثينا ثوباً ذهبياً للدلالة على الحكمة والقداسة.”
العلاج بالألوان المفهوم التأثير الإيجابيات العلاقة مع العلم
اليوم، يُنظر إلى العلاج بالألوان على أنه علاج طبي مكمل أو بديل إلى حد كبير. على سبيل المثال، تقدم المنتجعات الصحية حمامات ساونا قائمة على العلاج بالألوان وتزعم أنها توفر فوائد للزبائن. يمكن لمن يرغب تجربة ذلك اختيار الضوء الأزرق إذا كان يريد الاسترخاء أو.الشعور بالهدوء، أو اختيار الضوء الوردي في حال أراد التخلص من السموم الموجودة في جسمه.
تقول المحيطب أنها تستخدم العلاج بالألوان لمساعدة مرضاها في التخلص من القلق،.تخفيف الاكتئاب والتواصل بشكل أفضل مع أنفسهم من خلال ورش عمل.وتمارين تنفس قائمة على الألوان إضافة إلى التأملات والجلسات الفردية.
العلم وراء العلاج بالألوان
الحقيقة هي أن الأبحاث المدعومة علمياً حول العلاج بالألوان لا تزال.محدودة جداً، ويُعتبر الألوان مجالاً بحثياً حديثاً، في عالم الطب على الأقل. وقد واجه العديد من الباحثين رفضاً عند محاولتهم الحصول على تمويل للدراسات التي تتضمن علاجات بالألوان.
يقول مهاب إبراهيم (Mohab Ibrahim)، دكتوراه في الطب، وأستاذ مشارك في.علم التخدير في كلية الطب بجامعة أريزونا: “لقد قوبلت بالكثير من المقاومة عندما اقترحت استخدام الضوء كمقاربة علاجية. والعديد من الناس سيقولون، لماذا لا نعمل على العقاقير الدوائية؟ سيكون من الأسهل انتشار هكذا بحث؛ وهذا صحيح إلى حد ما.”
ومع ذلك، فإن إبراهيم ملتزم بعمله. ويتابع: “للألوان تأثيرات بيولوجية ونفسية معينة على الأشخاص، وأعتقد أن الوقت قد حان للبدء في الاستفادة منها.”
حتى الآن، لا يمكن للطب تأكيد ما إذا كانت الألوان أو الأضواء الملونة.ستعالج الأمراض الجسدية أو تساعد في تحسين الصحة النفسية. لكن، هناك بعض الأدلة التي تدعم فكرة.أن الأضواء الملونة يمكن أن يكون لها تأثيرات على أجسادنا، مستويات الألم لدينا وحالتنا المزاجية أيضاً.
العلاج بالألوان المفهوم التأثير الإيجابيات العلاقة مع العلم
على سبيل المثال، يُستخدم العلاج بالضوء لعلاج الاضطراب العاطفي الموسمي.(seasonal affective disorder)، وهو نوع من الاكتئاب الذي يظهر عادة خلال فصلي الخريف والشتاء. ويُستخدم العلاج بالضوء الأزرق تحديداً بشكل شائع في المستشفيات.لعلاج يرقان الرضّع (neonatal jaundice)، وهي حالة تصيب الأطفال.وتسبب ارتفاع مستويات البيليروبين (bilirubin) في الدم، ما يسبب اصفرار الجلد والعينين.
أثناء العلاج، يوضع الأطفال تحت مصابيح الهالوجين الأزرق أو مصابيح الفلورسنت.أثناء نومهم حتى يتمكن جلدهم ودمهم من امتصاص موجات الضوء. تساعدهم هذه الموجات الضوئية على تخلص أجسامهم من البيليروبين.
بالإضافة إلى ذلك، تشير الأبحاث إلى أن الضوء الأزرق خلال النهار يمكن أن يحسن:
1- اليقظة
2- الانتباه
3- سرعة رد الفعل
4- المزاج العام
العلاج بالألوان المفهوم التأثير الإيجابيات العلاقة مع العلم
الجدير بالذكر أن الضوء الأزرق في الليل يمكن أن يسبب لنا الأذى لأنه يعطل .ساعة الجسم البيولوجية، أو بعبارة أخرى نظام أو إيقاع نومنا اليومي (circadian rhythm)،.وذلك لأنه يثبط الميلاتونين (melatonin)، وهو الهرمون الذي يساعد أجسامنا على النوم.
توجد أيضاً بعض الأدلة على أن التعرض للضوء الأزرق خلال الليل قد يزيد من خطر الإصابة بالسرطان،.السكري، أمراض القلب والسمنة؛ على الرغم من عدم تأكيد ذلك.
أبحاث الضوء الأخضر والألم
بحث إبراهيم في تأثيرات الضوء الأخضر على الصداع النصفي والألم العضلي الليفي. استهل البحث عندما أبلغه شقيقه، الذي يعاني من الصداع المتكرر، عن شعوره.بالتحسن بعد قضاء بعض الوقت في حديقته المليئة بالأشجار والمساحات الخضراء الأخرى.
رغم أن بحث إبراهيم لم يُنشر بعد، فإنه يدعي بأن النتائج التي توصل إليها مشجعة للغاية. ويقول المشاركون بأنهم عانوا من الصداع النصفي بشكل أقل شهرياً،.وألم عضلي ليفي أخف حدة بعد 10 أسابيع من التعرض اليومي لضوء أخضر.
يقول إبراهيم أيضاً: “حتى الآن، أبلغ العديد من الأشخاص عن فوائد الضوء الأخضر، ولم يبلغ أحد عن أية آثار جانبية. في الواقع، يراودني اعتقاد بأن العلاج بالضوء.الأخضر سيحل محل مسكنات الألم التقليدية، ولكن إذا تمكنا من تقليل استخدام مسكنات الألم بنسبة 10%، فهذا إنجاز كبير. قد يكون لهذا العلاج انعكاسات قوية على مستقبل السيطرة على الألم.”
حالياً، تقوم بادما غولور (Padma Gulur)، دكتوراه في الطب وأستاذة التخدير والصحة السكانية.في كلية الطب بجامعة ديوك، بالبحث في تأثير نظارات تنقية الألوان على مستويات الألم، وتشير النتائج الأولية.التي توصلت إليها أن الأطوال الموجية الخضراء تقلل الألم الحاد والمزمن.
وبالنظر إلى وباء المواد الأفيونية والآثار الجانبية للعديد من أدوية الألم، تقول غولور أن هناك حاجة ملحة لخيارات.غير دوائية تساعد في إدارة الألم، وتشرح قائلة: “ما زلنا في المراحل المبكرة من البحث،.ولكن (الضوء الأخضر) يمكن أن يكون بديلاً آمناً وفعالاً إلى حد معقول للأدوية التي تساعد المرضى في علاج آلامهم”.
العلاج الذاتي (DIY/ do-it-yourself)
لا تزال الأبحاث قيد التنفيذ، لكن لا ضير في استخدام الألوان بطرق بسيطة لتعزيز مزاجك أو تحسين نومك.
حماية الساعة البيولوجية
لمنع تأثير الأضواء الزرقاء المنبعثة من هاتفك أو جهاز الحاسب على إيقاع ساعتك البيولوجية،.قم بإطفاء أية أجهزة إلكترونية قبل عدة ساعات من النوم. تتوفر برامج يمكن أن تساعد في ذلك، إذ تعمل على تعديل لون ضوء جهاز الكمبيوتر.اعتماداً على وقت اليوم، فتظهر ألوان دافئة في الليل وألوان ضوء الشمس في النهار، مثل برنامج فلوكس (Flux).
يمكنك أيضاً تجربة النظارات المضادة للضوء الأزرق، والتي تقي من الضوء المنبعث من الحاسب والهاتف الذكي والجهاز اللوحي وشاشات التلفزيون.
ضوء الليل
إذا كنت بحاجة إلى ضوء الليل، استخدم أضواء حمراء خافتة؛ فقد أظهرت الأبحاث أن تأثير.الضوء الأحمر على إيقاع الساعة البيولوجية أخف من تأثير الضوء الأزرق.
استراحات في الخارج
إذا كنت تواجه صعوبة في التركيز أو البقاء متيقظاً،.يمكنك المشي في الخارج حيث تحصل على كمية وفيرة من الضوء الأزرق الطبيعي. قد يكون التفاعل مع النباتات الخضراء أيضاً طريقة طبيعية لتخفيف التوتر.
التزيين بالألوان
على غرار ما قامت به الصحفية سيمون في بداية المقال، يمكنك استخدام الألوان في منزلك.للمساعدة في تحسين حالتك المزاجية، والملفت أن مصممي الديكور الداخلي أوصوا بذلك لسنوات عديدة.
يقول سو كيم (Sue Kim)، مدير تسويق الألوان في إحدى شركات الطلاء: “في عالم الطلاء الداخلي،.يتم استخدام العلاج بالألوان ببساطة عن طريق اختيار لون الجدار الذي يناسبك ذوقك الخاص،.وتشكيل الحالة المزاجية التي ترغب في أن تبثها المساحة. فمثلاً، الألوان التي تجلب لك الهدوء والتوازن رائعة للحمامات وغرف النوم، وهي مساحات نموذجية تستخدم للاسترخاء. بينما يمكنك استخدام الألوان النابضة بالحياة والمنشطة في المطابخ وغرف الطعام، وهي مساحات حيوية وتستخدم للتواصل الاجتماعي.”
التجربة
لا بأس أيضاً في زيارة المنتجعات الصحية أو الحصول على مصابيح ضوء ممتعة لمنزلك. حتى طلاء أظافرك أو صبغ شعرك يمكن أن يكون نوعاً من العلاج بالألوان.
تدابير احتياطية
يؤكد إبراهيم على حقيقة أن بحثه لا يزال في أولى بداياته، ويراوده قلق.من استخدام الناس الأضواء الخضراء لعلاج الصداع قبل استشارة الطبيب. صحيح أنه لم يلحظ أي آثار جانبية، لكن لا يزال أمامه شوط طويل من الأبحاث.
إذا كنت تعاني من مشاكل في العين، فهو يشجعك على مراجعة طبيب العيون الخاص بك،.ويحذر أيضاً من فكرة مهمة، وهي في حال بدأت فجأة بالشعور بالصداع النصفي الشديد أو.الصداع الذي لم تكن تعاني منه من قبل، فيجب عليك مراجعة طبيبك لاستبعاد أي حالات صحية كامنة.
الخلاصة
هناك الكثير مما لا نعرفه عن الطريقة التي تؤثر بها الألوان والضوء على صحتنا،.ولا يزال الباحثون يكتشفون المزيد من المعلومات. لكن، إلى حين التوصل إلى نتائج.مدعومة علمياً، لا ضير في استخدام الألوان في منزلك وحوله إذا كان ذلك يرفع معنوياتك.
اقرأ أكثر: اختيار الطريقة المناسبة للعلاج النفسي
اقرأ أكثـر: العلاج النفسي الديناميكي في علاج اضطراب ما بعد الصدمة
اقـرأ أكثر: التحليل التفاعلي، ما علاقته بالعلاج النفسي ومن يستفيد منه؟