المرونة، ما تعريفها وما هي عادات وصفات أصحاب الشخصية المرنة؟

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

بعد تحليل التعريف الذي قدمته الأكاديمية الملكيَّة الإسبانية للغة (RAE)، من الممكن اعتبار المرونة لا تتجاوز كونها قدرة البشر على التعامل بهدوء وثبات مع مواقف مثيرة للغضب دون أن يُشكل ذلك عائقاً أمام تجاوزها. كيف تعرف إن كنت من أصحاب الشخصية المرنة؟ ما هي صفات الشخص المرن ؟ وهل توجد المرونة عند الأطفال أم تقتصر على البالغين فقط؟

في علم النفس يمتد تعريف المرونة لما هو أوسع من التعريف السابق. إذ يعد القدرة على مواجهة أو تحمل أي أزمة صادمة عموماً والاستفادة من التجربة في نمو وتطور الشخصية بعد تجاوز الأزمة. 

ما هي المرونة؟

أفضل تعريف يمكن إطلاقه على المرونة هو أنه الهيكل الجديد للموارد النفسية والعقلية عند مواجهة الاحتياجات والظروف الجديدة التي قد تظهر فجأة.

لذا يستطيع الأشخاص ممن يتصفون بالمرونة التطور والتقدم والاستفادة من المآسي لتطوير قدراتهم إضافة إلى إمكانية تجاوز الصعوبات المختلفة التي تظهر في حياتهم بقوة. 

أصحاب الشخصية المرنة لا يعيشون حياة مليئة بالشكوى لإدراكهم أنهم سيمرون بلحظات صعبة أو مواقف مستعصية ولكنهم قادرون على اجتيازها. 

لذلك المرونة ليست أكثر من طريقة إيجابية ومختلفة لرؤية الحياة، لأن هذا التفاؤل يسمح لهم أن يدركوا أن الهدوء سيأتي بعد العاصفة.

من صفات الشخص المرن أنه يتلقى المواقف برضى وهدوء، مُفاجئاً من حوله من قدرته على تجاوز الصعوبات واستقبالها بكل روح رياضية وأخذ تلك المواقف بروح من الدعابة مما يثير شكوكهم من حدوث أي مشكلة.

كيف يمكنك أن تكون أكثر مرونة؟

من الملاحظ أنّ المرونة ليست صفة فطرية أو وراثية حتى (رغم إمكانية وجود ميل وراثي لظهورها في العائلات)، بل هي صفة مميزة يمكن لأي شخصٍ أن يكتسبها وينميها خلال حياته بصرف النظر عن سنه وظروفه الشخصية.

هناك أشخاص يكتسبون المرونة من خلال البيئة التي يعيشون فيها نتيجة وجود مثال يحتذى به في حياتهم، بينما يكتسب آخرون المرونة من تلقاء أنفسهم نتيجة ظروف معينة.

هذا يعني أن لدينا جميعاً القدرة على أن نكون مرنين، فقط إذا أجرينا تغييرات ملحوظة في العادات اليومية.

الشخص المرن هو شخصٌ كان ضحية للفشل والإحباط بسبب العديد من المشاكل ولكن تعرضه لهذه المشاكل دفعه إلى تطوير مهارات مثيرة للاهتمام ومميزة لمواجهة التحديات التي تواجهه يومياً.

كيف تعرف إن كنت من أصحاب الشخصية المرنة؟ 

يمتلك أصحاب الشخصية المرنة صفات جيدة وفريدة، وبشكل عام فإن صاحب الشخصية المرنة يكون:

مدرك لإمكانياته

عندما يعرف الشخص نفسه، يكون من السهل عليه مواجهة المشاكل حيث يوظف قدراته لصالحه، لأنه يعرف نقاط قوته وإمكانياته وكذلك نقاط ضعفه. 

يساعد هذا الأمر الشخص المرن على وضع أهداف واقعية تشمل رغباته وأحلامه وفق الموارد المتاحة التي ستدفعه للمضي قدماً.

يتصف بالإبداع

لا يركز الشخص الذي يتمتع بالمرونة فقط على المشكلة بل يركز على الحلول ليحصل على نتيجة مبهرة مثل الفسيفساء يتحول بنتيجته النهايئة إلى شكل خلاق ومبدع من قطع مدمرة.

من يتصف بالمرونة يكون واثقاً بقدراته

بسبب معرفته المسبقة لإمكانياته وقدراته، يكتسب الشخص المرن صفات مميزة مثل الثقة بالنفس وبقدراته وهذا بدوره يُساعده على إبقاء تركيزه على أهدافه ويمنحه اليقين بأنه قادر على تحقيقها. كما أنه سيكون مدركاً لأهمية العمل الجماعي ومتقبلاً لفكرة طلب المساعدة عند الحاجة. 

يغتنم الصعوبات كفرصة لتطوير ذاته

تثبط همة معظم الأشخاص ويشعرون بالألم عند المرور بمشكلة ما ولكن الصعوبات تُصبح فرصة لتعلم الشخص المرن.

نتيجة لذلك فإنه يهيئ الأسباب لإحداث تغييرات جذرية في حياته وفي مواقفه وحتى في شخصيته بحيث يكون من الممكن التطور والتعلم من الأخطاء.

يتقبل شخصيته كما هي تماماً 

تسمح المرونة للشخص بتقبل ذاته بالكامل، لذلك فإن صاحب الشخصية المرنة يعيش في الحاضر بأفضل شكلٍ ممكن. وينظر للماضي على أنه شيء لا يستحق منحه الأولوية ويتطلع للمستقبل دون خوفٍ أو قلق.

لذلك فهو يعيش يومه بكل تفاصيله دون التفكير بالصعوبات التي قد يواجهها. بل يعتمد على تحقيق الاستفادة القصوى من أي موقف صعب والاستمتاع بالتفاصيل الصغيرة التي قد تخفي قيمة كبيرة.

موضوعي ومتفائل

من صفات الشخص المرن أنه شخص موضوعي للغاية لأنه يعلم ما هي قدراته الحقيقية وحدوده والمدى الذي يمكنه أن يصل إليه. ولكنه في ذات الوقت يمتلك سلوكاً إيجابياً متفائلاً لأنه لا يغفل عن حقيقة أن هناك دائماً جانباً إيجابياً في كل تحدي يواجهه.

يحيط نفسه بأشخاص إيجابيين

يتعلم من يتمتع بالمرونة كيفية إنشاء علاقات صداقة جيدة. وذلك من خلال إحاطة نفسه بأشخاص إيجابيين والابتعاد عن كل شخص سلبي مما يوفر له الدعم من المحيط عند التعرض لمواقف صعبة.

يتحكم بعواطفه

يترافق التوتر النفسي دوماً بمحاولة الشخص لأن يتحكم بكافة تفاصيل حياته والشعور بالذنب عندما لا يتمكن من تحقيق ذلك.

ولكن الإنسان المرن في المقابل، يتمكن من التغلب على التوتر لأنّه يعلم أنّ الأمر لا يستحق محاولة السيطرة على كل جانب من جوانب الحياة وتغيير الواقع بالكامل ويكتفي بالسيطرة على مشاعره

يتعامل مع التغييرات بمرونة

على الرغم من أن الشخص الذي يتمتع بالمرونة يمتلك أهدافاً واضحة، إلا أنّه يمتلك قدرة كبيرة على تعديل خططه وتغيير أهدافه إذا لزم الأمر.

فكونه مرناً يجعله منفتحاً تماماً على التغييرات ويسمح له بتحليل البدائل الجديدة دون الاكتفاء بطريقٍ واحد.

يحقق غرضه

الكلام في النقطة السابقة لا يعني أنّ لديه استعداداً للتخلي عن الأهداف. بل على العكس تماماً فهم يُظهرون قدرة كبيرة على المثابرة ويحاربون من أجل ما يرغبون بتحقيقه بحضرة الدافع الصحيح للاستمرار بثبات حتى النهاية. 

يواجه الأوقات الصعبة بروح الدعابة

من صفات الشخص المرن أنه يستطيع الابتسام وإلقاء نكتة والضحك على المشاكل أثناء حدوثها. لأن الفكاهة تمثل داعماً أساسياً لرفع مستوى التفاؤل لأفضل مستوى مما يسمح بالتركيز على الجوانب الإيجابية من المشكلة.

يطلب المساعدة والدعم الاجتماعي من الآخرين

في اللحظة التي يمر فيها الشخص المرن بموقفٍ مؤلم، فإن الحاجة إلى التغلب عليه تحفزه على طلب المساعدة والدعم. فهو يفهم أهمية طلب المساعدة وتأثيرها المحتمل على حياته.

الصفات الأساسية لأصحاب الشخصية المرنة

  1. يستطيعون كشف أسباب المشكلة بسرعة.
  2. يتحكمون في عواطفهم بشكل جيد.
  3. يحافظون على ثباتهم في مواجهة الضغوطات.
  4. لديهم رؤية واقعية.
  5. يثقون تماماً بقدراتهم وبما يمكنهم القيام به.
  6. يظهرون التعاطف مع أنفسهم ومع الآخرين.
  7. من صفا الشخص المرن أيضاً أنه قادر على تحفيز الذات.
  8. يتصرفون على الفور دون التفكير بأفكار سلبية.

هل يمكن للأطفال أن يكونوا مرنين؟

هل توجد المرونة عند الأطفال أم تقتصر على البالغين فقط؟ من المهم أن يتمكن كل طفل من بناء بيئة من المرونة لكي يقدر على مواجهة مشاكل الحياة وتجاوز الصعاب بطرق أفضل. 

لا يتعلق اكتساب المرونة بتجنب الصعاب وحماية الذات من السقوط. بل بأن يتعلم الطفل بأنّ عليه الوقوف مجدداً بنظرة متفائلة وذلك بمساعدة من الوالدين بالطبع ومنحه شعور الثقة. 

هذا لا يعني بالطبع تعريض الطفل إلى مواقف معقدة بهدف التعليم لأن لذلك أثراً سيئاً. ولكن تدريب الطفل على المرونة بخطوات بسيطة من ناحية أخرى يمكن أن يُساعد بشكل كبير في التمتع بالمرونة.

يمكن مثلاً أن تسأل الطفل عند تعرضه لموقفٍ معين: “ماذا تعلمت مما حصل معك؟ وهل تعتقد أن شيئاً جيداً حصل ضمن المساوئ التي حصلت معك؟

استخدام هذه الوسائل سوف يساعد الطفل على تصور وجود فرص لشيء جيد في أي موقفٍ يتعرض له حتى لو تَسِر كل الأمور على ما يرام وذلك بالتحلي بالتفاؤل والثقة والتعاطف.

كما يعد دعم الأسرة في هذه الحالة ضرورياً لمواجهة أي صعوبة، لأن ذلك يساعد الأطفال على إيجاد مخرج بسبب الثقة المتبادلة والتحلي بالمرونة.

تجاوز الصعاب ليس بالأمر السهل على الأطفال والبالغين، لأنه في كثير من الأحيان تتمكن منهم عاطفتهم وتمنعهم من رؤية الأمور بوضوح وإيجابية، ومع ذلك كما ذكرنا في البداية إن اكتساب المرونة ليس مستحيلاً مع وجود الإرادة والدافع والجهد الصحيحان.

نصائح لاكتساب المرونة

من المهم وضع بعض الأهداف الواضحة والبسيطة على أساس يومي وهذا سيساهم في اكتساب المرونة بشكل تدريجي لتصبح جزءاً من طباعك وروتينك وليس فقط لك وحدك بل أيضاً تغمر الوسط المحيط بك.

فيما يلي بعض النصائح التي يمكنك أخذها في الاعتبار:

  1. ثق بإمكانياتك وقدراتك.
  2. عزز صداقاتك مع الأشخاص الداعمين والإيجابيين.
  3. اعمل على تطوير شخصيتك وإجراء بعض التغيير.
  4. أوجد 3 عوامل إيجابية في كل مشكلة تواجهها.
  5. ابحث عن شريك داعم في الأوقات الصعبة.
  6. لا تفكر في السبب ولكن فكر في الحل.
  7. حدد أهدافاً واقعية يمكنك تحقيقها على أساس يومي.
  8. لا ترفض الحلول البديلة بشكل قطعي واطلب المساعدة من الآخرين.
  9. تجنب مواجهة الذات ولا تحول نفسك لعدو لنفسك.
  10. تصرف بعزم وتصميم.

عوامل تساعد في الحفاظ على المرونة

بالإضافة إلى كل هذا، من المهم أن تأخذ في عين الاعتبار العوامل التي تحافظ على المرونة، مثل:

  • العلاقات الأسرية التي يتم تعزيزها من خلال الثقة والدعم الشخصي والتفاهم، مما يساهم في زيادة مستويات المرونة والشعور بامتلاك القدرة الكافية على تجاوز الصعاب.
  • امتلاك رؤية واقعية دون الانحياز الإيجابي أو السلبي والذي يساعد على إيجاد الحلول المناسبة دون تخيل أشياء مستحيلة.
  • التمتع بالثقة بالنفس أمر ضروري حتى لا يتعثر الشخص في الرغبة في مواصلة تطوير المرونة في حياته، لأنه سيشعر بالرضا عن نفسه.
  • الذكاء العاطفي هو القاعدة الرئيسية لاكتساب المرونة، على الرغم من أنها تتطلب الكثير من العمل والجهد، مما يسمح لخلق قدرات وإمكانيات تساعدك في مواجهة الصعوبات.

عند اتباع هذه النصائح لن تكون مستعداً لتجاوز أي عقبة تواجهك في حياتك وحسب، بل ستجد فرصة للتعلم والنمو والتمتع بنظرة واضحة ومتفائلة وإيجابية للمستقبل، علاوةً على ذلك ستسمح لك بالشعور بالقوة والقدرة على الاستمرار.

تجدر الإشارة إلى أن أهمية تطوير قدرة المرونة تساعد في اكتساب موقف أفضل تجاه الحياة، كما أنها تحسن مؤشرات الرفاه وحالة العافية البدنية باجتناب الإجهاد والقلق والأمراض المترتبة على ذلك.

لذلك عندما تبدأ برؤية الأشياء بمنظور مختلف ومن زاوية أخرى، ستبدأ المشاكل بالتغيُّر تلقائياً. بالطبع لن تختفي من تلقاء نفسها ولكنك سوف تتقبلها بهدوء وثبات ودون الشعور بالضغط أو الحزن أو القلق.

حتى الطريقة التي ترى بها الأشياء يمكن أن تتغير كثيراً بحيث يمكنك أن تتجاوز جميع مشاكلك بابتسامة هادئة.

اقرأ أيضاً: المخططات العقلية، أنواعها وكيف تؤثر على حياتنا

اقـرأ أيضاً: كيف تتعلم أموراً جديدة؟ فهم التكييف في علم النفس

اقرأ أيضاً: التقبل الجذري، تعريفه، أصوله وكيفية ممارسته

المصدر: Resilience: habits of resilient people

تدقيق: هبة محمد

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: