يخطئ البعض في اعتقادهم بأن تدخين النرجيلة بديلٌ صحيّ لتدخين السجائر. يرجع سبب إقبال الناس على تدخين النرجيلة بشكل رئيسي إلى رائحتها الجميلة ومذاقها اللذيذ.
لكن، لا وجود لما يسمى خياراً صحياً للتدخين. إذ أن تدخين النرجيلة ليس صحياً أكثر من تدخين السجائر، فهي تحمل معها أخطاراً مشابهة لتدخين السجائر، بما فيها الإصابة بالسرطان و أمراض القلب والرئتين.
ما هي النرجيلة؟
النرجيلـة عبارة عن أنبوب مملوء بالماء قليلاً يُستخدم لتدخين التبغ المُنكَّه والمحلّى. لها تسميات عدة مثل (الأركيلة، الشيشة، hubble-bubble ،hookah و الغوزة)
يكون أنبوب النـرجيلة عادةً كبير الحجم ويتضمن مكاناً لتعبئته بالماء. ومكاناً لوضع التبغ ويخرج منه خرطوم أو أكثر يكون ليّن وقابل للطيّ؛ ما يسمح لعدد أكبر من الأشخاص بتدخين النـرجيلة نفسها في ذات الوقت.
يكون تبغ النـرجيلة مُحلّى أحياناً بمعززات النكهة، لبّ الفاكهة أو بالعسل إضافة إلى نكهات أخرى مثل جوز الهند، النعنع أو القهوة. تزيد هذه النكهات من حلاوة طعم ورائحة التبغ، ما يجعلها أكثر إغراءً للناس.
بعيداً عن التبغ، من الضروري الانتباه إلى أن النـرجيلة يمكن أن تُستخدم في تدخين الشيشة العشبية، الماريجوانا والحشيش أيضاً.
يُعتقد أن أصل تدخين النـرجيلة يعود للهند أو بلاد فارس في القرن الخامس قبل الميلاد، ومنذ ذلك الحين اكتسب تدخين النـرجيلة شعبية واسعة حول العالم.
آلية عمل النرجيلة
تتكون حجرة التبغ في النـرجيلة من وعاء يحتوي على فحم مشتعل يوضع فوق التبغ المنكّه. ويتم فصل الفحم عن التبغ بواسطة ورق ألمنيوم مثقَّب.
ينتج دخان النـرجيلة عندما يبدأ الفحم بتسخين التبغ أسفله، وعندما يستنشق الشخص من خلال الخرطوم الموصول بها، يندفع الهواء عبر المكان المملوء بالماء فيتم تبريده قبل أن يدخل رئتي الشخص.
المواد السامة الموجودة في النـرجيلة
يشيع مفهومٌ خاطئ بين الناس بأن تدخين النـرجيلة يؤدي إلى إزالة النيكوتين والمواد السامة الأخرى من التبغ.
على الرغم من أن تأثير الدخان المُبرَّد بواسطة الماء أقلّ قساوة على الأنسجة الرئوية الحساسة، إلا أن ما يحتويه من سموم لا يتغير وهذه العملية لا تؤدي إلى تنقية تبغ النـرجيلة وتصفيته من المواد السامة المسببة للسرطان.
يحتوي دخان النـرجيلة على العديد من المواد الكيميائية الضارة التي يحتويها دخان السيجارة التقليدية. مثل:
- أسيتالديهايد (Acetaldehyde)
- اكرولين (Acrolein)
- الزرنيخ (Arsenic)
- الكادميوم (Cadmium)
- أول أكسيد الكربون (Carbon monoxide)
- الكروم (Chromium)
- الكوبالت (Cobalt)
- الفورمالديهايد (Formaldehyde)
- الرصاص (Lead)
- نيكل (Nickel)
- بولونيوم 210 (Polonium 210)، النظير المشع (radioactive isotope)
- القطران
يدّعي البعض أن التبغ الخاص بالنرجيلة لا يحتوي على القطران. إلا أن ذلك غير صحيح، إذ أن التبغ لا يحتوي على القطران إلا عندما يَحترق أو كما هو الحال في النـرجيلة؛ عندما يتم تسخينه.
يدفع هذا الاختلاف بالبعض إلى الاعتقاد بأن سمومية القطران في النـرجيلة يمكن أن تكون أقل من السجائر. إلا أن هذا ليس صحيحاً أيضاً.
إضافة إلى ذلك، فإن الفحم المشتعل المُستخدَم لتسخين التبغ يحتوي على أحادي أوكسيد الكربون ومعادن وغيرهما من المواد المسرطنة. مثل الهيدروكربونات متعددة الحلقات، ما يفاقم من الخطر المحدق بمدخنيّ النرجيلة.
هل تدخين النرجيلة أقل ضرراً من تدخين السجائر؟
تحتوي السيجارة وسطياً ما بين 7 إلى 22 مليجرام من النيكوتين، ويمتص المدخن حوالي الميلي غرام منها. بينما يحتوي وعاء تبغ النرجيلة المتوسط ما يعادل علبة سجائر (20 سيجارة) من النيكوتين. ويعد النيكوتين عقاراً مسببا للإدمان، لذا فإن تدخين النرجيلة يمكن أن يسبب الإدمان تماماً كتدخين السجائر.
يستنشق مدخّن النرجيلة حوالي 90,000 مليليتر من الدخان خلال 45 دقيقة، بينما يستنشق مدخن السجائر من 500 إلى 600 ميلي ليتر من الدخان في السيجارة الواحدة نسبياً.
يستنشق مدخن النرجيلة تسعة أضعاف كمية أحادي أوكسيد الكربون التي يستنشقها المدخن من سيجارة واحدة و كمية من النيكوتين أكثر بمقدار 1,7.
يمكن أن يدخل جسم مدخني النرجيلة كميةٌ أكبر من المواد السامة الموجودة في السجائر أيضاً. مثل القطران والمعادن الثقيلة، ذلك لأن الاستنشاق عبر أنبوب المياه يتطلب سحب الهواء واستنشاقه لفترة أطول.
المخاوف الصحية لتدخين النرجيلة
تشابه المخاوف الصحية المرتبطة بتدخين النرجيلة تلك المرتبطة بتدخين السجائر، بما فيها خطر الإصابة بالسرطان وانخفاض الخصوبة وأمراض القلب وغيرها الكثير.
السرطان
يحدق خطر الإصابة بأنواع متعددة من السرطان بمدخنيّ النرجيلة، بما فيها سرطان المثانة ، سرطان المريء، سرطان الرئة، سرطان الفم وسرطان المعدة.
ضرره على صحة النساء
وجدت إحدى الدراسات أن النساء اللواتي يدخنّ النرجيلة هم أكثر عرضة للإصابة بانقطاع الطمث المبكر وبانخفاض كثافة العظام.
انخفاض الخصوبة
يمكن أن يؤدي تدخين النرجيلة إلى انخفاض الخصوبة عند الرجال والنساء على حدّ سواء.
وجدت إحدى الدراسات أن حركة الحيوانات المنوية (قدرتها على السباحة في السائل المنوي بالاتجاه الصحيح) وبـُـنيتها (حجم وشكل الحيوانات المنوية) قد تأثرت سلباً نتيجة التدخين المتكرر للنرجيلة عند مدخنيها مقارنة مع غيرهم ممن لا يدخنونها.
أمراض القلب والسكتات الدماغية
يزيد تدخين النرجيلة من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب؛ ما يفاقم خطر الإصابة بجلطات القلب والسكتات الدماغية. ويمكن أن يؤدي أيضاً إلى انسداد الشرايين والإصابة بأمراض القلب.
أمراض الرئتين
يرتبط التدخين قصير المدى حتى بتعطيل وظيفة الرئتين. إذ يمكن أن تشعر بأنك غير قادر على التقاط أنفاسك عندما تقوم بمهمة بدنية ما. بمرور الوقت، يُفاقم تدخين النرجيلة من خطر تعطيل الوظيفة الرئوية والإصابة بأمراض الرئة مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD).
أخطار تدخين النرجيلة على الحمل
يرتبط تدخين النرجيلة عند النساء خلال فترة الحمل بالعديد من المخاطر بما فيها الاضطرابات الصبغية، الحمل خارج الرحم، أمراض الرُّضع ووفياتهم، الحدّ من نمو الجنين داخل الرحم وانخفاض الوزن عند الولادة. ويزيد تدخين النرجيلة أثناء الحمل أيضاً من خطر إصابة الطفل بأمراض الجهاز التنفسي.
التدخين السلبي
يشكل تدخين النرجيلة السلبي خطراً أيضاً، فإذا تواجدت في غرفة تشتعل فيها النرجيلة، فإنك تستنشق السموم المسرطنة تماماً كاستنشاق دخان سجائر الآخرين.
يمكن أن يسبب التدخين السلبي أمراض القلب أيضاً وسرطان الرئة والسكتات الدماغية عند الأشخاص المعرضين له، حتى لو لم يكونوا مدخنين.
نشر المرض
يمكن لتدخين النرجيلة أن يساهم في نشر العديد من الأمراض، ذلك لأن بعض الأشخاص يتشاركون الخرطوم ذاته وأحياناً المَبْسِم ذاته؛ خاصة في المناسبات واللقاءات الاجتماعية.
يمكن بالتالي أن تنتقل العديد من الأمراض من شخص إلى آخر بسهولة بما فيها الزكام والأمراض المعدية مثل الهربس الفموي (القروح الباردة).
خلاصة
يؤدي تدخين التبغ في النرجيلة إلى الإدمان ويشكل خطراً على صحتك تماماً كخطر التدخين التقليدي.
إن أفضل ما يمكنك فعله للحفاظ على صحتك يتمثّل في تجنّب جميع المنتجات التي تحتوي على التبغ لأنها غير آمنة بالمطلق. وإذا كنت مدخّناً و ترغب في الإقلاع عنه، تتوفر العديد من المصادر ونُظم الدعم التي بإمكانها مساعدتك في الإقلاع عن التدخين إلى الأبد.
المصدر: Hookah Smoking and Its Risks
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم