سيكولوجيا الشرطة، دراسة مجال الشرطة من وجهة نظر علم النفس الشرعي

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

لطالما كان علم نفس الشرطة، أي ممارسة علم النفس على بيئة شرطية، جزءاً من حقل الشرطة الأمريكية منذ أواخر الستينيات ومسعىً سريرياً تقليدياً لعلماء النفس السريري.

على الرغم من أن العديد من وكالات الشرطة الكبرى والمتوسطة قامت بتوظيف علماء نفس سريري بنظام الدوام الكامل، عملت معظم الوكالات بعقود عمل جزئي معهم والذين كانوا يديرون أعمالهم الخاصة إضافة إلى ذلك. 

كانت ممارسة علم النفس ضمن بيئة الشرطة أيضاً مسعى بحث واستشارة وتدريب لعلماء النفس الذين يمتلكون خلفيات وأسساً لها علاقة بذلك. على سبيل المثال، علم النفس التجريبي، علم النفس الاجتماعي وعلم النفس التنظيمي الصناعي.

لذلك، وبشكل عام، يشكل علم نفس الشرطة مجال ممارسة. إذ يتقصى علماء النفس من مختلف نواحي التدريب المعرفة النفسية ويطبقونها على بيئة ومشاكل الشرطة.

لا يشمل هذا بيئات وأخصائيي تطبيق القانون الأخرى مثل العمداء أو الحراس أو الضباط الإصلاحيون الذين يؤدون أحياناً مهمات وظيفية شبيهة لمهمات ضباط الشرطة.

شملت الخدمات النفسية المقدمة للشرطة بشكل تقليدي تقييم المتقدمين لوظيفة الشرطة، تثقيف وتدريب ضباط الشرطة وتقييم المهام والواجبات الوظيفية وإجراء تقييمات اللياقة البدنية للعمل.

تقييم المتقدمين للعمل في الشرطة

منذ ستينات القرن الماضي، أوصت العديد من الهيئات واللجان كـ اللجنة الرئاسية المعنية بتطبيق القانون وإقامة العدل، ولجنة اعتماد وكالات تنفيذ القانون والرابطة الدولية لرؤساء الشرطة بأن تقيّم وكالات الشرطة اللياقة النفسية للمتقدمين إلى العمل في سلك الشرطة.

اليوم، تستخدم معظم وكالات الشرطة التقييم النفسي كجزء من عملية انتقاء ضباط الشرطة. يُجري علماء النفس السريري المرخص لهم بشكل اعتيادي هذا التقييم ويستخدم بعضهم استراتيجية التقييم القائمة على الاختيار.

إذ يبحثون عن المتقدمين الذين يتمتعون بالمؤهلات الضرورية لأن يكونوا ناجحين في عملهم كعناصر شـرطة. ويقوم آخرون بفحص المتقدمين الذين يُظهرون ميزات غير مرغوبة وينصحون بألا تقوم وكالات الشـرطة بتعيينهم بعد ذلك. 

يستخدم العديد من علماء النفس هاتين الاستراتيجيتين، الاختيار والفحص عند التقييم. ومن خلالهما يفحصون الأمراض النفسية ويختارون السمات الشرطية المثالية، وتركز الاستراتيجيتان على الفحص لانتقاء المتقدم المناسب. تشمل التقييمات عادة إدارة مجموعة من الاختبارات النفسية، إجراء مقابلات شخصية، اختبارات ظرفية، ووضع توصيات خاصة بالاختيار.

الاختبارات النفسية التي تجري للمتقدمين إلى الشرطة

تضمنت مجموعة الاختبارات النفسية التي يشرف عليها علماء النفس اختبارات الذكاء، اختبارات الشخصية، اختبارات الإسقاط والاختبارات الظرفية. تقيس اختبارات الذكاء كـ اختبار ستانفورد بينيه للذكاء القدرات المعرفية للمتقدمين. 

ربطت الأبحاث الأكاديمية اختبارات الذكاء بالنجاح في العمل وفي تدريب المتطوعين. ويستخدم علماء النفس اختبارات الشخصية لقياس الخصائص أو الصفات المستقرة نسبياً لدى المتقدمين.

من الاختبارات المستخدمة بشكل شائع استبيان مينسوتا المتعدد الأوجه للشخصية (MMPI)، جرد كاليفورنيا النفسي (CPI)، جرد انوالد للشخصية (IPI). تعتمد هذه الاختبارات على الإفادات الذاتية واستبيانات الشخصية الكتابية. 

أظهرت الدراسات دعماً عملياً تجريبياً لفوائد هذه الاختبارات في التنبؤ فيما يمكن أن يقوله أو يفعله المتقدمون أثناء العمل. على سبيل المثال، التأخر أو التغيب عن العمل، تعاطي المخدرات، خرق إجراءات وقواعد الشرطة واستخدام القوة المفرطة.

يستمر عدد قليل من علماء النفس في استخدام اختبارات الإسقاط، والتي تطلب من المتقدم الاستجابة لمواقف أو مثيرات غير منظمة، مثل اختبار رورشاخ انكبلوت (Rorschach Inkblot).

وتُستخدم الاختبارات الظرفية بشكل أقل من قبل علماء النفس، والتي يشترك فيها المتقدمون لوظيفة الشرطة في تمارين لعب أدوار تمثل عادة شروط عمل ترتبط بالمهنة.

ظهرت بعض الأدلة العملية التجريبية القليلة التي تدعم استخدام اختبارات الإسقاط والاختبارات الظرفية في فحص المتقدمين لوظيفة الشـرطة من أجل التدريب على تطبيق القانون.

زود علماء النفس مصادر الاختبارات من مجموعة من الاختبارات النفسية بمعلوماتٍ تم الحصول عليها من مقابلات شخصية، وهي مكون شائع للتقييم النفسي. وقد استخدم علماء النفس استبياناً يتعلق بالتاريخ الشخصي لجمع معلومات حول خلفية المتقدم ( أي العائلة، العمل، الصحة وأي سلوك إجرامي).

تضمنت مقابلاتهم، في جزء منها، أسئلة منظمة تتتبّع أجوبة المتقدمين وطرح أسئلة طلبها منهم عملاؤهم في وكالة الشـرطة بعض الأوقات. تساعد المقابلات الشخصية مع المتقدمين للعمل علماء النفس في تفسير مصادر بيانات الاختبارات والتحقق منها.

تثقيف وتدريب ضباط الشرطة

يتحمل الشرطة مسؤولية الحفاظ على السلم والنظام وإنفاذ القانون وحماية سلامة المجتمع. ينطوي أداء هذا الواجب على احتمال التعرض للخطر طوال الوقت، وتعريض ضباط الشـرطة للخطر أيضاً ويتطلب التثقيف والتدريب.

تشمل المشاكل الحرجة في عملية التثقيف والتدريب والتي يوليها علماء النفس اهتماماً خاصاً حالات التفاوض بشأن الرهائن والمشتبه بهم المحصنين. التعامل مع الأشخاص ذوي الأمراض النفسية، إجراء تحقيقات جنائية، وإدارة التوتر الناجم عن العمل.

مواقف التفاوض بشأن الرهائن والمشتبه بهم المحصنين (HBS)

تملك معظم وكالات الشرطة وتوظف فرقاً للحوادث الحرجة، تسمى أحياناً فرق الاستجابة الخاصة (SRT) أو فرق التكتيكات والأسلحة الخاصة (SWAT). وذلك لحل أو المساعدة في حل التهديد الكبير أو حالات التهديد الخاصة، مثل التفاوض بشأن الرهائن والمشتبه بهم المحصنين.

تطور استخدام الشـرطة لفرق المهام الخاصة منذ الحدث المشهور عام 1972 خلال الألعاب الأولمبية في ميونخ، ألمانيا. كانت أول طريقة يتبعها الشـرطة لمعالجة موقف رهائن ومشتبه بهم محصنين هي هجوم شمل ضباطاً استخدموا بشكل أساسي خيارات القوة، وحمل معه تبعات مميتة للمشتبه بهم.

في بعض الأوقات، يقوم أفراد عائلة المشتبه به باتخاذ خطوات قانونية ضد عناصر الشرطة نتيجة ذلك.

في بدايات السبعينيات، طور علماء النفس والأفراد المحلفون تكتيكات لفظية كبديل عن خيار الهجوم. تركز مثل هذه التكتيكات على ضباط الشرطة وهم يحاولون تمديد وقت الحادثة وذلك لخفض وتيرة الموقف ومحاولة إقناع المشتبه بهم بالاستسلام.

أظهرت تسجيلات الشرطة أن فرق الحوادث الحرجة قد حلت معظم المواقف دون إلحاق الأذى بأي أحد عندما تم التفاوض مع المتورطين شفهياً. عندما استخدمت وكالات الشرطة علماء النفس للتفاوض في مثل هذه المواقف، ارتفعت نسبة النجاح دون إصابات لأي من الأطراف.

يتوفر التدريب على التفاوض بشأن الرهائن والمشتبه بهم المحصنين في أكاديمية مكتب التحقيقات الفيدرالي في كوانتيكو، فيرجينيا. وتقدم وحدة مفاوضات الأزمات في مكتب التحقيقات الفيدرالي التدريب لكل المفاوضين فيه وغيرهم من مفاوضي تطبيق القانون.

هناك أيضاً شركات خاصة تطور وتقدم تدريباً متخصصاً في مهارات التفاوض. عادة ما يكون المدربون مفاوضي شرطة ذوي خبرة والذين يكونون أحياناً علماء نفس.

استخدام علم النفس السريري في التفاوض

تستخدم وكالات الشـرطة التي توظف علماء نفس سريري بدوام كامل بعض الأوقات هؤلاء الأفراد في تثقيف وتعليم وتدريب مفاوضي فريق الحوادث الحرجة الخاص بهم. ويعملون معهم في أوقات عدة لحل أو المساعدة في حل ما يواجهونه من مواقف.

تركز نشاطات التفاوض في المقام الأول على احتواء المشتبه بهم، التفاوض معهم، الكشف عن العوامل الشخصية التي دفعت لسلوكهم هذا، وإطالة وقت الحدث ما يمنح المشتبه بهم فرصة للتنفيس عن مشاعرهم واتخاذ قرارات منطقية.

تؤكد تدريبات التفاوض عادة على تطوير مهارات الإصغاء الفعالة عبر أسلوب لعب الأدوار. لا تزال الأبحاث الأكاديمية التي تتناول فعالية تدريبات التفاوض في مراحلها الأولى. 

أظهرت نتائج تمهيدية حديثة أن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي تحسنت لديهم مهارات الإصغاء الفعال بشكل ملحوظ بعد المشاركة في دورة مفاوضات الأزمات الوطنية التابعة لمكتب التحقيق الفيدرالي. لكن هناك حاجة لإجراء الكثير من الأبحاث بهدف تقييم فعالية التدريب على مفاوضات الأزمات عموماً.

معالجة الأشخاص ذوي الأمراض النفسية

أصبحت الشرطة على احتكاك أكبر مع الأشخاص المصابين بأمراض نفسية. إذ قدرت الدراسات أن حوالي 5 – 10 بالمئة من عمليات الاحتكاك بين الشرطة والمدنيين شملت أشخاصاً مصابين بأمراض نفسية.

يحدث هذا الاحتكاك عادة في المنزل، إذ يطلب أفراد العائلة خدمات الشـرطة، ويلبي عناصر الشرطة هذه النداءات ويحلون المشكلات فيها دون وقوع حوادث تذكر.

اقترحت بعض الأبحاث أن تفكيك مستشفيات الأمراض النفسية الحكومية، وتغير جموع المصابين بأمراض نفسية. وتشديد متطلبات تلقي دعم الصحة النفسية وتقديم خدمات نفسية محدودة هي تفسيرات محتملة لذلك.

على الرغم من أن المصابين بأمراض نفسية يمكن أن يرتكبوا جريمة ما، أن يكونوا ضحية جريمة أو يبلغوا عن حدوث جريمة. إلا أن استجابات الشـرطة لحالات المواجهة معهم تحسنت مع التدريب. 

طور أفراد الشرطة، علماء النفس وأخصائيو صحة نفسية آخرون مناهج تدريب تشمل موضوعات مثل أعراض المشاكل النفسية، خيارات الاعتقال وعدم الاعتقال، واستجابات الشرطة المجتمعية.

وقد طوروا وأتاحوا سياسات شرطة نموذجية للتواصل مع الأشخاص المصابين بأمراض نفسية. ساعدت هذه السياسات إدارات الشرطة على توحيد طبيعة استجابة قسمهم إضافة إلى منح الشرطة المرونة لتلبية احتياجات هؤلاء المرضى.

إجراء تحقيقات جنائية

درس علماء النفس الإجراءات والتكتيكات المستخدمة من قبل عناصر الشرطة في التحقيقات الجنائية، وقدموا معرفة نفسية ساعدوا الشـرطة في تطبيقها على تقنيات التحقيق الجنائية مثل تحديد شهود العيان.

على سبيل المثال، بين يدي محقق الشرطة مشتبه به في جريمة ما وسأل شاهد عيان أن يتعرف عليه أو عليها عن طريق الصور. ويعرض عليه ثمانية صور كل صورة على حدى (بشكل متسلسل) بدلاً من عرضها كلها دفعة واحدة (بشكل متزامن). وذلك لتقليل احتمالات الخطأ في التعرف الناجمة عن مقارنة شاهد العيان بين الصور ومحاولة تقرير أي منهم يشبه المشتبه به أكثر. 

تقل فرص حدوث الخطأ في التعرف على المشتبه به عندما لا يعلم المحقق الهوية الحقيقية للمشتبه به. وعندما يخبر شاهد العيان بأن صورة المشتبه به يمكن أن تعرض أمامه أو لا، دون تقديم ردود فعل أثناء أو بعد إجراء التعرف، وطرح أسئلة على شاهد العيان حول درجة ثقته بالتعرف على هوية المشتبه به.

ما خبره علماء النفس عن تكتيكات الشـرطة في الاستجواب والتحقيق هو أن بعضها يقود إلى اعترافات زائفة. على سبيل المثال، أمام محقق الشرطة مشتبه به في جريمة ما و يقوم باستجاوبه لساعات عدة. يشكل الاستجواب تجربة مجهدة للمشتبه به.

وفي حالة التوتر الشديد، يصبح بعض المشتبه بهم أكثر سهولة في الإقناع ويمكن أن يصلوا إلى مرحلة يصدقون فيها أن الاتهامات الموجهة لهم حقيقية. 

يمكن أن يعترف آخرون إذا ما قام المحقق بتهديدهم بالعقاب أو تقديم وعود أثناء الاستجواب، حتى لو كان المشتبه به يعلم أنه بريء. في حالات أخرى، يمكن أن تدفع الرغبة في لفت الانتباه والشهرة، خاصة في الجرائم المعلن عنها، المشتبه به إلى الاعتراف على الرغم من أنه بريء.

الاعترافات الكاذبة

حظيت تحريات الشرطة حول الأكاذيب التي يطلقها المشتبه بهم خلال الاستجواب باهتمام خاص في الأبحاث التي أجراها علماء النفس. يعلم عناصر الشرطة أن الإثارة النفسية الخارجة عن السيطرة تترافق أحياناً مع كذب المشتبه به.

على سبيل المثال، يستخدم محقق الشـرطة جهاز كشف الكذب في استجواب أحد المشتبه بهم في الجريمة. يسأل المختبر المشتبه به عدة أسئلة لا علاقة لها بالجريمة والتي تولد استجابات عاطفية (مثل السلوك السابق) وأسئلة أخرى تتعلق بالجريمة.

كلا النوعين من الأسئلة يحرض استجابات نفسية، إلا أن الأسئلة المرتبطة بالجريمة تحث استجابات نفسية أكثر من تلك التي تحثها الأسئلة غير المرتبطة بتلك الجريمة (مجموعة التحكم)، والتي تبين أن المشتبه به مذنب.

لا تقبل معظم المحاكم نتائج جهاز اختبار الكذب كدليل. واقترحت الأبحاث النفسية أن درجة تقصي الخداع بدقة منخفضة وأن معدل الإيجابيات الكاذبة مرتفع.

لكن، يستمر عناصر الشـرطة في استخدام هذه التقنية مع الآخرين ويحاولون إقناع المشتبه بهم أنهم لا يستطيعون هزيمة الجهاز وأنهم يجب أن يعترفوا بحقيقة ارتكابهم الجرائم المنسوبة إليهم.

التنويم المغناطيسي هو أحد التقنيات الأخرى المتاحة أمام عناصر الشـرطة. يجري علماء النفس، الأطباء النفسيون، المنوّمون المغناطيسيون الشرعيون والمدربون مقابلات باستخدام التنويم المغناطيسي.

يستخدمون هذه التقنية غالباً للحصول على معلومات من شهود العيان أو الضحايا، وقلما يستخدمونها للحصول على معلومات من المشتبه بهم. توجد أدلة تجريبية قليلة تدعم الاعتقاد القائل أن التنويم المغناطيسي يستنبط ذكريات موثوقة.

التوصيف الجنائي هو مجموعة من تقنيات الاستجواب المستخدمة في التعرف على صفات المشتبه بهم الأكثر احتمالاً لارتكاب الجريمة. على سبيل المثال، يحلل محقق شـرطة مسرح الجريمة، ويتحرى التاريخ الشخصي للضحية. ويأخذ بالاعتبار العوامل الدافعة، ويربط طبيعة الجريمة بسلوكيات مشابهة للمجرمين. ويصيغ في النهاية فرضية حول جنس المشتبه به، عمره، عرقه، ثقافته، وضعه الاجتماعي، شخصيته والخصائص الشخصية الأخرى.

يستخدم محلّلو الشـرطة تقنيات العلم السلوكي إلى جانب تقنيات التحقيق الجنائي الأخرى. ويستخدمون المحللين الجنائيين لتركيز التحقيقات في جزء منها على أنماط معينة من المشتبه بهم. مع استمرار بذل الجهود في التحقيق على كل الجوانب الممكنة. 

إلى أي مدى يكون التوصيف الجنائي فعالاً؟ تقترح بعض الأبحاث أن المحللين الجنائيين يقومون بعمل أفضل في استخلاص المعلومات من الجرائم والتنبؤ حول المشتبه بهم مقارنة بغير المحترفين.

إدارة الإجهاد المرتبط بالعمل

يمثل إجهاد عناصر الشرطة رد الفعل (أثر) الناجم عن ضغوط جسدية ونفسية واجتماعية غير مواتية. قد تتضمن ردود الأفعال هذه تغييرات جسدية، ذهنية، سلوكية وعاطفية في تصرفات الشرطة.

يمكن أن ينشأ إجهاد عناصر الشرطة من الأعمال التي يقتضيها تطبيق القانون، الحياة الشخصية، نظام العدالة الجنائي، مؤسسة الشرطة، أو من العموم. 

ركزت اهتمامات العديد من الأبحاث، التدريبات والاستشارات بشكل كبير على الإجهاد المتعلق بمجال تطبيق القانون. خاصة الحوادث التي تنطوي على استخدام القوة ضد الشرطة، مثل إطلاق النار على الضباط.

تعمل وكالات الشرطة على تثقيف وتدريب الضباط حول إدارة المهام الوظيفية المجهدة. يتضمن منهاج التدريب إدراك استجابات التوتر وتعلم مهارات إدارة التأثيرات الضارة المحتملة. تزود وكالات الشرطة بشكل روتيني الضباط التابعين لها وعائلاتهم بمعلومات حول التوتر الناجم عن العمل والدعم الخاص بالصحة النفسية. 

يعد استخلاص المعلومات بعد وقوع الحادثة أمراً شائعاً يعقب الحوادث الشرطية الحرجة، فهو بمثابة جهد للتدخل المبكر في الأزمات. ويسهل النقاش مع الضباط، ويساعد في استعادة الحياة الطبيعية لهم. ويفيد مدراء الشرطة في تحديد الضباط الذين هم بحاجة إلى دعم صحي نفسي. تكون فرق دعم الأقران عادة جزءاً من استخلاص المعلومات بعد وقوع الحادثة.

تقييم مهام العمل وواجباته

ساهم علماء النفس الحاصلون على تدريب في علم النفس الصناعي المؤسساتي بشكل كبير في دراسة ضباط الشرطة ضمن العمل. حيث يحدد تحليل العمل المسؤوليات التي يحملها الضابط على عاتقه، المهام التي يؤديها، ما يمتلكه من معرفة ومهارات، والنتائج التي يحققها.

تشمل نهج التحليل بشكل أساسي مراجعة المؤلفات الخاصة بالشرطة، أدبيات الأقسام ( كتيبات العمل، القواعد والإجراءات، السياسات والأوامر العامة.) ومراقبة الشرطة ضمن العمل ( الترقية والتدريب) إجراء مقابلات مع أفراد الشرطة، وإدارة جرود المسوح.

هذه المجموعة من التقنيات تفرض قائمة مرهقة من واجبات العمل، مثل الاعتقالات وكتابة التقارير. تستخدم وكالات الشرطة معلومات من تحليل العمل وذلك لاتخاذ قرارات مستنيرة إزاء العمليات التنظيمية مثل اختيار عناصر الشرطة والإجراءات التشجيعية.

تحليل العمل أمر طويل ومكلف ويتطلب تعاوناً والتزاماً تنظيمياً على كافة المستويات. فهو يتحقق من صحة معايير ما قبل التوظيف وإجراءات الاختيار.

نبه قانون الأمريكيين ذوي الإعاقة وكالات الشرطة أنهم ملزمون بربط معايير ما قبل التوظيف الخاصة بهم، وإجراءات اختيار عناصر الشرطة مع السلوكيات المتصلة بالعمل.

إن مواكبة التحليلات الوظيفية والاتساق معها يوفر لوكالات الشرطة بعض الحماية ضد ادعاءات أن إجراءات الاختيار قائمة على التمييز.

إجراء تقييمات اللياقة لأداء الواجب

يقع على عاتق وكالات الشرطة مسؤولية مراقبة اللياقة النفسية للضباط التابعين لها. ولهم الحق في طلب إجراء تقييم نفسي للضباط الذين تنشأ لديهم أنماط من السلوكيات الإشكالية المرتبطة بالعمل.

يمكن أن يأخذ  سوء السلوك شكل الإساءة للسلطة، استخدام القوة المفرطة، سوء تعاطي العقاقير المخدرة والكحول، والانخراط في سلوكيات إجرامية. على وكالات الشرطة أن تجمع وتوثّق المعلومات المتعلقة بالسلوكيات الإشكالية الراغبين في تصحيحها. 

يمكن أن يشمل التوثيق تقييمات الأداء، تقارير الفحص النفسي قبل التوظيف، إجراءات الانضباط ، التسجيلات الطبية أو الاستشارية. والأنواع الأخرى من التقارير ذات الصلة التي تدعم تقييم اللياقة لأجل العمل. ويجب أن يقدم الضباط الذين يجرون تقييم اللياقة موافقة خطية.

يجري علماء النفس المرخص لهم أو المعتمدون (الأطباء النفسيون) الذين يمتلكون خبرة سريرية فقط هذا التقييم. وكالة الشرطة التي تطلب التقييم هي العميل وليس الضابط الذي يجريه. يجري هذا التقييم في أقسام الشرطة الكبرى علماء النفس الداخليون.

لكن، يمكن أن تقوم العلاقة الثنائية عندما يستشير علماء النفس داخل وخارج الوكالة. أو كانوا استشاروا أحد الضباط ممن تفضلهم وكالة الشرطة لإجراء تقييم اللياقة لأداء الواجب الشرطي.

تتعاقد معظم وكالات الشرطة مع علماء نفس خارج الوكالة تجنباً للنزاعات التي يمكن أن تنتج عن مثل هذه العلاقات المزدوجة ويجب على أقسام الشرطة بذل كل الجهود لتجنب هذه العلاقات.

ينصح قسم الخدمات النفسية في الاتحاد الدولي لرؤساء الشرطة أن يكون علماء النفس مدربين ويتمتعون بالخبرة في الاختبارات النفسية. وتقنيات تقييمات الشرطة وأن يمتلكوا المعرفة الخاصة بالوظائف المتعلقة بعمل الشرطة و القضايا القانونية التي تحيط بممارسات التوظيف.

ينطوي تقييم اللياقة النفسية المرتبطة بالعمل عادة على مراجعة المعلومات الخاصة بخلفية المتقدم، إدارة مجموعة من الاختبارات النفسية، إجراء مقابلات سريرية، صياغة تقرير وتقديم التوصيات.

إن نطاق التقييم واسع وعميق فيما يخص اللياقة النفسية، مع هدف تحديد وجود أو غياب السمات الشخصية الأساسية في أداء السلوكيات المرتبطة بالعمل والتي تنطوي على تقصير من الضابط إزاء القيام بها.

تحدد توصيات النتيجة أولاً “الملاءمة” أو “عدم الملاءمة”. و يمكن أن يطلب رؤساء الشرطة أو أصحاب الشأن (العملاء) تقديم توصيات إضافية، مثل استشارة صحة نفسية، تدريبات علاجية، أو علاجات أخرى.

اقرأ أيضاً: علم النفس الشرعي السريري، تعريفه والمجالات التي يختص بها

المصدر: Police Psychology

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: