يقترح بحث جديد أن بإمكان المخدر شائع الاستخدام والمعروف باسم “غاز الضحك” أن يكون بديلاً فعالاً وآمناً لمضادات الاكتئاب حين تفشل في كبح جماح الاكتئاب الشديد.
ويأتي هذا الاكتشاف في أعقاب العمل مع 28 مريضاً يعانون من “الاكتئاب الشديد المعند على العلاج”.
وهي حالة خطيرة تصيب حوالي ثلث المرضى المصابين بالاكتئاب الشديد، ما يقدر بحوالي 17 مليون أمريكي بالغ بحسب ما أشاد به الباحثون.
غالباً ما تفشل مضادات الاكتئاب في تخفيف أعراض الاكتئاب عند هؤلاء المرضى، في حين أنه بعد ثلاث جلسات من استنشاق غاز الضحك. والتي توزعت على مدار ثلاثة أشهر، مدة الجلسة منها ساعة واحدة. أبدى 85% من المرضى تحسناً ملحوظاً في أعراض الاكتئاب، وقد استمر هذا التحسن لأسابيع بعد العلاج.
وقد أوضح مؤلف الدراسة “بيتر ناجيلي” رئيس قسم التخدير والعناية المشددة في جامعة شيكاغو. أن غاز الضحك (أوكسيد النيتروز) هو واحد من أقدم وأشيع مواد التخدير استخداماً.
ويقول “ناجيلي” أن الفريق القائم على هذا البحث، أن استخدام هذا الغاز بتراكيز أخفض بكثير من التراكيز المستخدمة عادة، كاستخدامه لغرض تركيني في الإجراءات السنية على سبيل المثال، يمكنه أن يساعد في علاج المرضى الذين يعانون من الاكتئاب الشديد المعند.
استخدام غاز الضَحك على مرضى الاكتئاب
جرّب فريق “ناجيلي” تركيبتين مختلفتين لغاز أوكسيد النيتروز، واحدة بتركيز 50% والأخرى بتركيز 25%.
وكانت قد أظهرت دراسات سابقة تأثيرات مضادة للاكتئاب لهذا الغاز باستخدام تراكيز مرتفعة منه.
في حين أن تلك التراكيز المرتفعة، قدمت فائدة من العلاج بالغاز امتدت لأربع وعشرين ساعة فقط.
بالإضافة إلى أن الأعراض الجانبية لاستخدام الغاز كانت أشيع عند استخدام تراكيز مرتفعة منه. وشملت الغثيان، التركين ودرجة متوسطة من الانفصال عن الواقع، ويمكن وصفها على أنها نوع من أنواع أحلام اليقظة.
في هذه الدراسة الأخيرة، تراوح عمر المرضى بين 18 و75 عاماً، وطُلب منهم جميعاً الاستمرار في علاجهم المعتاد للاكتئاب والحفاظ على النظام العلاجي نفسه.
تعُرّض ثلث المرضى للعلاج المكون من ثلاث جلسات من استنشاق غاز أوكسيد النيتروز بتركيز 50%، وتم تعريض الثلث الثاني للعلاج بالغاز بتركيز 25%. أما الثلث الأخير فقد تم تعريضه لعلاج بغاز الأوكسجين فقط دون استخدام غاز الضحك.
تم تقديم العلاج باستخدام قناع التخدير الاعتيادي، وتمت مراقبة جميع المرضى لمدة ساعة بعد العلاج.
بعد انسحاب أربع مرضى من الدراسة. جُمّعت نتائج الدراسة من 20 مريضاً أكملوا ثلاث جلسات من العلاج، وأربع مرضى أكملوا جلسة واحدة على الأقل.
وجد الباحثون أن كلا التركيزين أثمر عن تحكم ملحوظ في الأعراض الاكتئابية. ولاحظوا في الحقيقة أن جلسة واحدة (من أي من الجرعتين) نجم عنها سيطرة سريعة على الاكتئاب.
وقد امتد هذا التأثير عبر الزمن ليصل إلى شهر واحد بعد العلاج عند بعض المرضى.
إذ وجد الفريق أنه في غضون ثلاثة أشهر، تحسنت الأعراض عند 85% من المرضى في حين أنه قد تعافى 40% بشكل تام.
وربما يكون اكتشاف الفريق لحقيقة أن استخدام تراكيز منخفضة من غاز أوكسيد النيتروز يخفف خطر الأعراض الجانبية لأربع مرات، أمراً في بالغ الأهمية.
كيف يخفف غاز الضحك من الاكتئاب؟
يقول ناجيلي إن الآلية التي يمارس بها غاز الضحك دوراً مضاداً للاكتئاب غير معروفة. وهي غالباً مختلفة عن الآلية التي يمارس فيها دوراً مركناً، مبدداً للوعي ومسكناً للألم.
لذا فإن النظرية الأكثر قبولاً هي أن غاز أوكسيد النيتروز يثبط مستقبلات معينة في الدماغ تدعى بمستقبلات NMDA. وهي تعتبر الآلية الرئيسية التي يتبعها دواء الكيتامين.
يصنف الكيتامين كدواء من الفئة الثالثة، وهو يستخدم بشكل تقليدي كمخدر، لكن تمت دراسة إمكانية كونه علاجاً غير معروف للاكتئاب.
وفقًا لستيفن هولون، أستاذ علم النفس في جامعة فاندربيلت في برينتوود بولاية تينيسي. يعد الكيتامين من أكثر الأمور إثارة في عالم أبحاث العلاج البديل للاكتئاب.
صرّح “هولون” أن السيطرة على الاكتئاب الملاحظة عند هؤلاء المرضى الذين تعرضوا لجرعة منخفضة من غاز الضحك كانت جيدة. أو أفضل مما يمكن توقعه من تجربة أدوية مضادة للاكتئاب ذات جرعة مضبوطة، وذلك عند أولئك المرضى المعندون على العلاج.
ويقول أيضاً، أنه في حال أثبتت هذه الأبحاث تقدماً من خلال البيانات الأولية، فذلك سيعمل على تمويلهم لإجراء تجربة على عدد أكبر من المرضى.
المصدر: Laughing Gas