يعني النوم الصحي القوي وجود بيئة وغرفة نوم وروتين يومي يحفز على نوم مستمر دون انقطاع. الحفاظ على جدول للنوم، توفر غرفة نوم مريحة خالية من الإزعاجات، اتباع روتين معين قبل الخلود إلى النوم وتطوير عادات صحية خلال اليوم يمكن أن تساهم جميعها في نوم صحي مثالي. إذاً ما أهمية النوم الصحي وكيف تمارسه؟ وما هي علامات ضعف صحة النوم؟
يعد إيلاء الاهتمام للنوم الصحي من أكثر الطرق وضوحاً التي يمكنك تحضير نفسك من خلالها لنوم أفضل.
يمكن أن يصمم كل نائم ممارسات نوم صحي خاصة به لتوائم احتياجاته. في هذه العملية، يمكنك تسخير العادات الإيجابية لجعل النوم بعمق خلال الليل والاستيقاظ مرتاحاً في الصباح أكثر سهولة.
أهمية النوم الصحي
يعد الحصول على نوم صحي مهماً من الناحية الصحية سواء الجسدية أو النفسية، وتحسين الإنتاجية وجودة الحياة بشكل عام. يمكن أن يستفيد الجميع دون استثناء من النوم بشكل أفضل، إذ يمكن أن يلعب النوم الصحي دوراً أساسياً في تحقيق ما يصبو إليه الفرد.
أظهرت الدراسات أن تشكيل عادات النوم الصحي يعد جزءاً جوهرياً من الصحة. يؤدي تصميم روتين دائم ومفيد إلى تحويل السلوكيات الصحية إلى سلوكيات تلقائية إلى حد ما ويخلق عملية مستمرة من التعزيز الإيجابي. في المقلب الآخر، يمكن أن تترسخ العادات السيئة حتى لو أن لها تبعات وعواقب سلبية.
لحسن الحظ، يمتلك البشر قدرة هائلة ومثيرة في جعل العادات في خدمة مصالحهم على المدى الطويل. إذ يمكن أن يكون بناء بيئة ومجموعة من الروتين التي تدعم وتعزز أهدافنا أمراً مجدياً بالفعل.
يشمل النوم الصحي البيئة والعادات على حد سواء، ويمكنه أن يمهد الطريق أمام جودة نوم عالية وصحة أفضل عموماً.
لا يكلف تحسين صحة النوم إلا القليل وليس له مخاطر حرفياً، ما يجعله جزءاً مهماً من استراتيجية الصحة العامة في مواجهة المشاكل الجسيمة الناجمة عن النوم غير الكافي والأرق في العديد من البلدان.
علامات ضعف صحة النوم؟
تتمثل أكثر علامات ضعف صحة النوم التي يفيد بها الناس بـ صعوبة في الخلود إلى النوم، المعاناة من تقطع في النوم بشكل متكرر والنعس خلال النهار.
بشكل عام، فإن النقص في مقدار وجودة النوم يمكن أن يكون أيضاً عرضاً من أعراض وعلامات ضعف صحة النوم.
كيف تمارس النوم الصحي؟
تتجسد أهمية فكرة ممارسة النوم الصحي الأساسية في وضع نفسك في أفضل وضعية للنوم الجيد كل ليلة وعلى الدوام.
يعد تحسين جدول النوم، روتين ما قبل النوم والروتين اليومي جزءاً من تسخير العادات لجعل جودة النوم تبدو أكثر تلقائية. في الوقت ذاته، فإن خلق بيئة مريحة تبعث على الهدوء في غرفة النوم يمكن أن تكون بمثابة دعوة للاسترخاء والغفو.
فيما يلي بضع نصائح تتعلق بكيفية ممارسة النوم الصحي، هي ليست متطلبات صارمة. إذ يمكنك تكييفها لتلائم ظروفك وإنشاء قائمة مرجعية لنوم صحي خاص بك بهدف مساعدتك في الحصول على أفضل نوم ممكن.
ضع جدول نوم خاص بك
إن وضع جدول للنوم يجعل منه جزءاً أساسياً من يومك ويعتاد جسمك وعقلك على الحصول على المقدار الكافي من النوم الذي تحتاجه.
وقت استيقاظ محدد: سواء كان يوم عمل أو عطلة نهاية الأسبوع، حاول أن تستيقظ في نفس الوقت نظراً لأن جدول الاستيقاظ المتقلب يمنعك من النوم المتسق والمنتظم.
أولوية النوم: قد يكون مغرياً تفضيل العمل، الدراسة ، التواصل الاجتماعي أو التمرين على النوم إلا أنه من الضروري والأساسي إيلاء النوم الأولوية في حياتك.
ضع وقتاً للخلود إلى النوم بناء على وقت الاستيقاظ المحدد الخاص بك وابذل ما بوسعك حتى تكون مستعداً للخلود إلى النوم في نفس الوقت كل ليلة.
إجراء تعديلات على وقت النوم بشكل تدريجي: إذا رغبت بتغيير مواعيد نومك، لا تحاول أن تقوم بذلك دفعة واحدة. إذ يجعل هذا الأمر جدول النوم الذي وضعته دون فائدة.
بدلاً من ذلك، قم بإجراء تعديلات بسيطة وخطوة بخطوة على وقت الاستيقاظ بحيث يكون الوقت أكثر أو أقل بساعة أو ساعتين حتى تتأقلم مع الجدول الجديد.
عدم الإفراط في القيلولة: يمكن أن تكون القيلولة طريقة مفيدة لاستعادة الطاقة خلال اليوم. إلا أن الإفراط في القيلولات يمكنه أن يمنع النوم خلال الليل. لتجنب ذلك، حاول أن تجعل القيلولات قصيرة نسبياً ومحدودة بأوقات الظهيرة المبكرة.
اتبع روتينا ليلياً
يمكن أن يؤثر إعداد السرير على سهولة الخلود للنوم. يمكن لبعض الخدع التالية قبل النوم أن تجعلك تشعر بالراحة وتسهل الحصول على نوم عميق.
انتظام واتساق الروتين: يمكن أن يعزز اتباع نفس الخطوات كل ليلة على تعزيز فكرة أنه وقت الخلود للنوم في دماغك بما في ذلك، ارتداء لباس النوم وتنظيف الأسنان .
ضبط الوقت لمدة 30 دقيقة حتى يخمد الجسم: حاول استغلال أي شيء يضعك في حالة هدوء مثل الموسيقى الناعمة، الضوء الخافت، القراءة و/أو تمارين الاسترخاء.
خفت الضوء: حاول الابتعاد عن الإضاءة الساطعة إذ يمكن أن تعيق إنتاج الميلاتونين، وهو الهرمون الذي ينتجه الجسم لتيسير النوم.
فصل الأجهزة الإلكترونية: حدد وقتاً من 30 إلى 60 دقيقة خال من الأجهزة الإلكترونية وغيرها مثل الهواتف الخليوية، الأجهزة اللوحية والحواسيب الشخصية. لأنها تؤدي إلى تنبيه يصعب إيقافه للدماغ ويبعث ضوء أزرقاً يمكنه أن يخفض إنتاج الميلاتونين.
تجربة أساليب الاسترخاء: يكون التركيز على الاسترخاء أحياناً أسهل من تحديد النوم كهدف. إذا بإمكان التأمل، اليقظة الذهنية، التنفس السريع وغيرها من تقنيات الاسترخاء أن تضع الدماغ في إطار النوم.
عدم التقلب والقلق: يساعد وجود اتصال عقلي صحي بين الجلوس في السرير والخلود فعلاً إلى النوم. لذلك، إذا لم تغط في النوم بعد عشرين دقيقة، انهض وتمدد. اقرأ أو افعل أي شيئ آخر بضوء خافت يجلب الهدوء لك قبل محاولة النوم مرة أخرى.
عادات يومية صحية مبتكرة
نظراًَ لأهمية النوم الصحي فإن اتباع عادات صحية قبل النوم لا يلعب دوراً في الحصول على النوم الجيد فحسب، فإدخال روتين إيجابي إلى يومك يمكن أن يدعم إيقاع الساعة البيولوجية ويحدّ من مشتتات النوم:
التعرض لضوء النهار: يعد الضوء وخاصة ضوء الشمس الضابط الأساسي لإيقاع الساعة البيولوجية التي يمكن أن تعزز جودة النوم.
النشاط الجسدي: يمكن أن تسهل ممارسة التمارين المنتظمة النوم خلال الليل وتؤدي أيضاً إلى مجموعة فوائد صحية أخرى.
عدم التدخين: يحفز النيكوتين الجسم بطريقة تشتت النوم، ما يساعد في تفسير سبب ارتباط التدخين مع مشاكل صحية جمة.
تقليل تناول الكحول: يمكن أن يجعل الكحول من النوم أمراً أسهل إلا أن تأثيره يتلاشى، ما يؤدي إلى عرقلة النوم لاحقاً خلال الليل. لذلك، من الأفضل الاعتدال في استهلاك الكحول وتجنب تناوله في المساء.
التوقف عن تناول الكافيين في فترة ما بعد الظهر والمساء: يعد الكافيين من المنبهات؛ لذا فهو قادر على إبقاء الذهن متيقظاً حتى وإن أردت الراحة. حاول أن تتجنب تناوله في وقت متأخر من النهار، وانتبه فيما إذا كنت تستهلك الكثير منه لتعويض قلة النوم.
عدم تناول العشاء في وقت متأخر: إن تناول وجبة العشاء في وقت متأخر يعني أنك لا تزال تقوم بعملية الهضم عندما يحين وقت النوم. خاصة إذا كانت وجبة ثقيلة، كبيرة أو تحتوي على الكثير من التوابل والحر. بشكل عام، يجب أن يكون تناول أي طعام أو مسليات قبل النوم بشكل خفيف.
تقييد النشاط في السرير: حتى يربط الدماغ بين النوم والتواجد في السرير، من الأفضل استخدام السرير للنوم فقط باستثناء ممارسة الجنس.
تحسين غرفة النوم
إضافة إلى عادات النوم الصحية، تعد بيئة النوم مكونا أساسياً في النوم الصحي أيضاً.
لتخلد إلى النوم بسهولة، يجب أن تكون غرفة النوم مصدر هدوء وسكينة.
في حين أن الطريقة التي تجعل من الغرفة مغرية للخلود إلى النوم تختلف من شخص لآخر. يمكن لهذه النصائح مساعدتك على جعلها هادئة وخالية من المشتتات:
وجود فراش ومخدة مريحان: يعد السطح الذي تنام فوقه أساسياً في النوم المريح دون ألم. لذا اختر بحكمة أفضل فراش ومخدة يناسبان ما تحتاجه لنوم هانئ.
استخدام مستلزمات السرير الممتازة: أول ما تلمسه عند النوم هو غطاء السرير والبطانية. لذا فمن المفيد التأكد أنها تلائم احتياجاتك و تفضيلاتك.
ضبط حرارة معتدلة ومريحة للغرفة: ناغم حرارة الغرفة لتلائم ما تفضله ولا تجعلها باردة جداً ( حوالي 56 درجة على مقياس فهرنهايت).
حجب الضوء: استخدم ستائر ثقيلة أو قناع العينين لمنع الضوء من مقاطعة نومك.
الابتعاد عن الضوضاء: يمكن أن تحجب سدادات الأذنين الصوت المزعج الذي يبقيك مستيقظاً. وإذا كنت لا ترتاح لاستخدامها، يمكنك أن تجرب ماكينة الضوضاء البيضاء أو حتى المروحة لمنع الأصوات المزعجة.
تجربة العطور المهدئة: يمكن أن تحرض العطور والروائح الخفيفة كـ اللافندر حالة الهدوء في الدماغ وتساعد على خلق مساحة إيجابية أمام النوم.
هل النوم الصحي واحد عند الجميع؟
ينطبق مفهوم النوم الصحي على الجميع تقريباً، أي تحسين البيئة والعادات لنوم أفضل. لكن يمكن أن يختلف شكل النوم الصحي المثالي تبعاً للشخص.
لهذا السبب، فإن إجراء تعديلات مختلفة على عادات وبيئة النوم للوصول إلى أفضل طريقة تساعدك على النوم هو أمر يستحق التجربة.
لا يتوجب عليك تغيير كل شيء دفعة واحدة، فالخطوات الصغيرة يمكن أن تمضي بك باتجاه نوم صحي أفضل.
من المهم أيضاً معرفة أن تحسين صحة النوم لا يحل مشاكل النوم دائماً. فالأشخاص الذين يعانون من الأرق الشديد واضطرابات النوم مثل انقطاع النفس الانسدادي النومي يمكنهم الاستفادة من النوم الصحي الأفضل، إلا أن العلاجات الأخرى ضرورية أيضاً.
بمعنى آخر، على الرغم من أهمية النوم الصحي وفوائده، فإن النوم الصحي ليس الحل السحري. إذا كنت تعاني من مشاكل طويلة الأمد أو خطيرة في النوم أو النعاس خلال النهار، من الأفضل التحدث مع طبيب يمكنه أن يوصي بأكثر مسارات العلاج ملاءمة لك.
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم