الفرق الرئيسي بين الطفل لين المراس والطفل صعب المراس هو أن الطفل الذي يتسم بمزاجٍ ليّن (ليّن المراس) لديه وظائف جسدية أكثر انتظاماً وردود فعل إيجابية أكثر للمحفزات على عكس الطفل الذي يتسم بمزاجٍ صعب (صعب المراس) من لديه وظائف جسدية أقل انتظاماً وردود فعل سلبية أكثر للمحفزات. إذاً، هل هناك مزاج جيد أو سيئ؟ ما هي أنواع طباع الأطفال وما علاقة الحساسية التفاضلية بمزاج الطفل؟
ويتمنى جميع الآباء إنجاب أطفالٍ ذي طباعٍ ليّنة إذ غالباً ما يشعرُ آباء الصنف الشقي بالغيرة تجاه آباء الصنف الهادئ من الأولاد. إلا أن الأبحاث تؤكد أن إنجاب طفل يتسم بمزاجٍ صعب ليس بالأمر السيئ في واقع الأمر.
سنشرح لكم في هذه المقالة ما هو المزاج والأنواع الثلاثة من المزاج لمساعدتكم على معرفة ما يجدر بكم فعله إذا رُزِقتم بطفل صعب المراس.
يختلف مزاج كل طفل ونوع اشخصيته منذ ولادته حتى ولو ترعرع في نفس المنزل. وهذا ما يعرفه الآباء الذين لديهم عدة أطفالٍ بالفعل. منذ البداية يظهِر الأطفال حديثي الولادة بالفعل أنماطاً متميزة في الاستجابة للبيئة المحيطة.
ما هو المزاج؟
المزاج هو الاختلاف الذي يظهر في وقت مبكر عند الطفل عند الاستجابات العاطفية ورد الفعل تجاه البيئة المحيطة.
يتكون مزاج الطفل نتيجة عوامل بيولوجية وبيئية تعمل معاً طوال فترة مراحل نمو الطفل منذ الحمل وليس اعتماداً كلياً على الوراثة.
هناك تصنيفات مختلفة للمزاج من قبل باحثين مختلفين، وتم إجراء البحث الأكثر تأثيراً من قبل الأطباء وعلماء النفس، تشايس وتوماس. وقد استمرت دراستهم الطولية المعروفة في نيويورك لعدة عقود (1956-1988). ووجدت 9 سمات مزاجية يمكن تحديدها بشكل شائع في الأطفال الصغار.
السمات التسع للمزاج التي حددها توماس وتشايس
- النشاط: مستوى ومدى النشاط الحركي.
- الانتظام: الإيقاعية أو درجة من الانتظام من وظائف مثل الأكل والإطراح ودورة النوم واليقظة.
- رد الفعل الأولي: استجابة الطفل للأشياء الجديدة أو الأشخاص الجدد، من ناحية اقتراب وخوضه التجارب الجديدة أو الانسحاب منها.
- قابلية التكيُّف: تكيف السلوك مع التغيرات المحيطة به.
- الحساسية: العتبة الحسيّة أو الحساسية للمحفزات.
- الشدة: مستوى الطاقة أو شدة التفاعلات.
- المزاج: مزاج الطفل أو “ميوله” العامة، سواء كانت مرحة أو موجهة للبكاء أو لطيفة أو غريبة، ودودة أو غير ودية.
- التشتت: درجة تشتت الطفل عما يفعله.
- مدى الانتباه والمثابرة: مدى اهتمام الولد ومثابرته على القيام بنشاط ما.
أنواع المزاج
من بين الأنواع التسعة من فئات السمات المزاجية، وجد الباحثون أن ستة منها وهي النشاط والانتظام ورد الفعل الأولي والقدرة على التكيف والشدة والمزاج، تميل إلى الاجتماع معاً لتشكيل ثلاثة أنواع من المزاج.
الأنواع الثلاثة لمزاجِ الأطفال:
- مزاج سهل
- مزاج صعب
- مزاج بطيء (بطيء الاستجابة إلى الإثارة/المحفز).
المزاج السهل
يتميز المزاج السهل بوظائف الجسم العادية، والنهج الإيجابي في التعامل مع الحالات الجديدة والقدرة على التكيف والمزاج الإيجابيّ ورد الفعل الشديد للمحفزات.
إن تربية هؤلاء الأطفال سهلة نسبياً لأنهم يتجاوبون مع مختلف ممارسات التربية الأبوية ويتكيفون بسهولة مع التعامل الأبوي المختلف.
المزاج الصعب
يتميز المزاج الصعب بعدم انتظام وظائف الجسم والانسحاب من المواقف الجديدة وبطء التكيف والمزاج السلبي ورد الفعل الشديد. وبعض أطفال هذه الفئة يتميزون بالحساسية الشديدة ما يجعل تربية هؤلاء الأطفال مهمة صعبة منذ البداية، لكن هذا لا يعني استحالة تربية أولئك الأطفال.
يدرك الآباء أن طفلهم يتسم بمزاجٍ صعب أو بمزاجٍ حاد عندما عندما يميل إلى البكاء كثيراً وبشدّةٍ وبصوتٍ عالٍ ومن الصعب تهدئته.
وهم أيضاً غريبوا الأطوار ويعانون من مشاكل في النوم ويواجهون صعوبة في الرقود والنوم العميق. مثلاً عندما يستيقظون في منتصف الليل، يجدون صعوبة في النوم مجدداً.
ويطلق على هؤلاء الأطفال الصعبين أيضاً اسم “مغص الطفل” (أي الطفل شديد البكاء) أو النشيط أو العنيد أو الطفل المتطلب بشدة، وهذا ما يجعل التربية أمر محبط جداً عند شعور الوالدين بالتعب والإرهاق.
المزاج البطيء من ناحية الاستجابة للمحفز
يتميز الطفل الذي يتسم بمزاج بطيء الإثارة إلى انخفاض مستوى النشاط ورد الفعل ولديه أيضاً ميل إلى الانسحاب من المواقف الجديدة، والتكيف البطيء والمزاج السلبي إلى حد ما.
يتسم هذا النوع من الأطفال بالحذر وبإمكانه التكيّف مع الحالات/المعطيات الجديدة إذا سُمِح له فعل ذلك بسرعته الخاصة، ومع ذلك، إذا تم الضغط على هؤلاء الأطفال للقيام بذلك قد يتراجعون نحو ميلهم الطبيعي إلى الانسحاب.
حوالي 40% من الأطفال لديهم مزاج سهل، 10% لديهم مزاج صعب، و 15% لديهم مزاج بطيء. و30% من الأطفال ليس لديهم أي نوع من الأنواع الثلاثة التي ذُكرت سابقاً.
مزاج صعب و حب أبوي صارم
العلاقة والتأثير بين مزاج الطفل وتربية الأطفال هي ثنائية الاتجاه، إذ تميل طباع الأطفال الصعبة إلى إثارة استجابة قاسية وانضباط غير متناسق من الآباء. يبكي الطفل باستمرار، قد تدفعك الرغبة في الصراخ عليه ليتوقف عن البكاء.
وعندما يصرخ طفلك الصعب المراس في وجهك، فمن الطبيعي أن ترغب في الصراخ في المقابل.
وبالتالي فإن الأبوة والأمومة عن طريق الحب القاسي تُستخدم في بعض الأحيان من قبل الآباء الذي يتسم أطفالهم بمزاجٍ صعب.
مع ذلك، ووفقاً للأبحاث فإن انخفاض الدعم العاطفي (على سبيل المثال، الأبوة والأمومة القاسية) في تربية أطفال يميل لحصولكَ على نتائج أسوأ، إذ وجدت الدراسات أن هناك رفاهية عقلية أقل بين الناس الذين تلقوا تربيةً من آباءٍ متسلطين.
ولكن غالباً ما تسمع أشخاصاً يتفاخرون بأنهم تلقوا التربية من آباءٍ متسلطين وأنهم نضجوا بشكلٍ سليم.
لماذا هناك تناقض؟
يمكن تفسير هذا الاختلاف في المرونة من خلال نموذج الاستعداد للمرض-الضغط (Diathesis Stress Model) وفقاً لهذا النموذج يحتاج الأشخاص الذين لديهم قابلية أو ضعف للمعاناة من اضطراب نفسي إلى عتبة ألم أقل لإحداث الاضطراب.
عندما يكون موقف الطفل الصعب أكثر ضعفاً_إذا تم تربيته من قبل آباءٍ متسلطين_فمن المرجح أن يصاب باضطرابات نفسية في وقت لاحق. وهذا يقودنا للقولِ بأن الحب القاسي ليس الحل لتربية الأولاد الذين يتسمون بمزاج صعب، بل على العكس تماماً قد يجعل الأمور أسوأ.
قد تستغرق وقتا طويلاً للوصول إلى طفلك، وقد تكون هذه العملية شاقة لكن بالمحافظة على هدوئك وحساسيّتك تجاه طفلك ستكون مكافأة لقب “الأبوين الصالحين” هائلة.
من أفضل، الطفل سهل المزاج أم صعب الطباع؟
لا يوجد ما يسمى بالمزاج الجيد أو السيء، إلا أن الآباء كثيراً ما يتساءلون حيال مزاج طفلهم غير الطبيعي: «هل طفليّ صعب؟».
إذا رُزِقت بطفلٍ سهل، هنيئاً لك! أنت على الأرجح تنام أكثر من العديد من الآباء الآخرين، لكن إن رُزقت بطفلٍ ذي مزاجٍ صعب فأمامك كثيرٌ من العمل ينتظرك.
الاعتناء بطفل صعب المراس أمرٌّ مرهق ومثيرٌ للقلق ولعل الجانب الأكثر إثارةٍ للقلق هو أن مزاج الطفل الصعب يرتبط بالمزيد من المشاكل السلوكية والاضطرابات العاطفية في وقت لاحق من الحياة. لكن لا تيأس إذا رزقت بطفل صعب.
الحساسية التفاضلية
أظهرت الدراسات أن الحساسية التفاضلية تلعب دوراً كبيراً في ما يحققه الطفل. وهذا يعني أن المزاج في حد ذاته لا يحدد كيف سينضج الطفل بسبب تفاعله العابر مع البيئة. لكن ما هي الحساسية أو القابلية التفاضلية؟
الحساسية التفاضلية تعني أن الأطفال الصغار ذوي المزاج الصعب يتأثرون بشكل غير مناسب خلال التربية. فهم يتجاوبون (أكثر حساسية) مع نوعية الأبوة والأمومة أكثر من الأطفال السهلين في السراء والضراء.
عندما ينشأ الطفل في بيئة تربوية جيدة، يميل الطفل ذو مزاج الطفل الصعب إلى أن يكون أفضل في التكيف المعرفي والأكاديمي والاجتماعي من نظرائه السهلين. من ناحية أخرى، عندما تكون تربية الأولاد سيئة، يكون الطفل الصعب اسوأ عندما يكبر.
في الواقع، يحظى الأطفال الذين يتسمون بمزاج الصعب بفرص أفضل للنجاح، إذا قمتم بدوركم في توفير تربية أبوية جيدة.
أنواع طباع الأطفال وأسلوبهم في التربية
في الدراسات التي أجريت حول الحساسية التفاضلية، يتم تعريف جودة التربية على أنها جيدة عندما يظهر الآباء مستوى عالي من الدعم العاطفي والاستقلالية. على عكس الأبوة والأمومة السيئة ألا وهي عندما يظهر الوالدان مستوى منخفض من الدعم العاطفي والاستقلال.
هذا التعريف مشابه لأحد المعايير المستخدمة لتصنيف أنماط أبوّة بومريندْ الأربعة. ومن بين الأنماط الأربعة تعد التربية الموثوقة (حازمة) التي توفر دعماً عاطفياً واستقلالياً عالياً، هي الأفضل وفقاً لعدد كبير من الدراسات.
وليس من المفاجأة أن يكون لأسلوب التربية هذا الأثر الإيجابي الأكبر على الأطفال الذين يعانون من صعوبات. وبسبب خاصية الحساسية التفاضلية هذه، فإنه من المهم أكثر بالنسبة لآباء الأطفال ممن لديهم طبع صعب أن يتبنوا أسلوب الأبوة والأمومة الحازم.
اقرأ أيضاً: اضطراب تقلبات المزاج التخريبية، الأعراض، الأسباب والعلاج
اقرأ أيضاً: أنواع التعلق عند الأطفال والبالغين، وكيف تؤثر على أسلوب التربية؟
اقرأ أيضاً: حماية الآباء المفرطة لأطفالهم، أسبابها، علاماتها ونتائجها
المصدر: Child Temperament & Examples – Easy Baby vs Difficult Baby
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم