مَنْ يحاولون معاقبة ولدهم أو حرمه من الامتيازات أو ضربه، يعرفون على الأرجح أنّ أيّاً من هذه الطرائق غير نافعة في تحسين درجاته، حتى ولو أتت بنتائجٍ جيدة على المدى القصير، فهي على المدى الطويل ليست بحلولٍ. والعقاب مثل هذه الطرق، يؤدي أيضاً إلى الصراع على السلطة والعلاقات المدمرة. إذاً كيف يمكن مساعدة المراهقين في التحصيل الدراسي للحصول على درجات أفضل؟ وكيف يمكن تأديب المراهق لحصوله على درجات سيئة؟
فلنلقِ نظرة جديدة على كيفية مساعدة ولدك على قيامه بأداءٍ أفضلَ دون الحاجة لتدابيرِ التأديب وآثارها السلبية التي عفا عنها الزمن.
كيف يمكن للآباء مساعدة أبنائهم في سن المراهقة في الحصول على درجات أفضل؟
إذا كنت تبحث عن طرائق لتأديب ولدك المراهق على درجاته الرديئة، ستكون هذه المقالة عوناً لك. ضع في الحسبان هذه النصائح أولاً واختر منها ما يناسبك.
عدم اتباع نظام العقوبة أو المكافأة للتشجيع
عندما يحرز ولدك درجاتٍ رديئة، أول ما قد يجول بذهن آباء كثيرون هو نوعية العواقب التي يجب أن تترتب على ذلك.
غالباً ما يبتكر الوالدان «عواقب» ليعلّموا أولادهم لماذا يحتاجون الحصول على علامات جيدة، وعادة ما تتخذ تلك العواقب شكل عقوبة أو مكافأة.
إنّ استخدام التهديدات أو الرشاوى للتحفيز ليست استراتيجية جيدة إذا أردت أن يُحسِن ولدك أدائهُ في المدرسة ولا تعد طريقة جيدة لمساعدة المراهقين في التحصيل الدراسي؛ لأن العقاب والمكافأة يُعدان دافعاً خارجياً.
تُظهرُ الأبحاث أن الدوافع الخارجية تعود بنتائجٍ عكسية في تحفيز المراهقين لأنها تقوض الدافع الداخلي لطفلك، وقد لا يساعدهم العقاب في الحصول على درجات ممتازة، بل تم إثبات أنه يضر بنمو طفلك.
قد تحصلون مؤقتاً على نتائجٍ إيجابية لأن ولدكم يرغب في تجنب العقاب أو الحصول على المكافآت، لكن عاجلاً أم آجلاً ستنفذ منك الأشياء التي ستأخذها أو ستضطر إلى الاستمرار في زيادة المكافآت.
فالمراهق الذي لديه دوافع جوهرية يفعل شيئاً ما لأنه يستمتع بالعملية بدلاً من الرغبة في المكافآت أو تجنب العقاب.
عندما يكون لدى الأطفال محفزاً داخلياً للتعلم، تزداد فرصهم بتحسين درجاتهم.
تحدث بهدوء عن سبب حصوله على الدرجات السيئة
نعتمد أحياناً بوصفنا أباء افتراضات غير صحيحة، إذا قضى أطفالنا الكثير من الوقت في لعب ألعاب الفيديو، مثلاً قد نفترض على الفور أن النتائج السيئة تأتي من لعب الكثير من ألعاب الفيديو.
إذا بدا أولادنا كسالى واستمروا في تأجيل واجباتهم المدرسية، فقد نعتقد أن الكسل هو الجاني. ولكن ماذا لو كان الولد يعاني القلق بصمت ويواجه صعوبة في اجتياز الامتحانات؟ قد تكون ألعاب الفيديو طريقتهم في التعامل مع تحديات الصحة العقلية دون وعيهم بذلك.
ماذا لو كان الولد يعاني من عجز بسيط في التعلم أو اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) ولا أحد يعلم بهذا؟ فهم لا يستطيعون اللحاق بما يتعلمونه وبالتالي يفتقرون دافعاً داخلياً والافتقار إلى الحافز سوف يبدو وكأنه كسل.
لن نعرف السبب وراء الأداء الأكاديمي الهزيل حتى نمعن في هذه القضية ونتحدث عنها. لذلك أول خطوة هي أن تتناقش بهدوء مع ولدك عن سبب حصوله على هذه الدرجات دون تقديم افتراضات أو اتهامات.
ابدأ بطرح الاسئلة التالية بنبرة مساعدة ولا توجه الاتهام:
- هل تواجه صعوبة في فهم المادة؟
- هـل يصعب عليك تذكر المواد؟
- هل أنت متوترٌ جداً في الامتحانات بحيث لا تستطيع النجاح؟
- ليس لديك وَقتٌ كافٍ لِلدَّراسة؟
- هـل تواجه صعوبة في التركيز في الصف؟
- لديك الكثير من الوظائف المدرسية؟ مملة جداً صحيح؟
وإن التحدث إلى معلم الطفل ومرشده الجامعي فكرة جيدة أيضاً أو أن تحضر مؤتمرات الآباء والمعلمين للحصول على آرائهم، وأن تستمر في البحث بأسلوب هادئ ومتساهل للوصول إلى السبب الكامن وراء الدرجات الرديئة.
ساعد أبناءك في سن المراهقة على وضع خطة
بناءً على النتائج السيئة التي حصل عليها في المدرسة، ساعد ولدك المراهق أن يضع خطة لتغيير أدائه الدراسي دون فرض الدرجات التي تريد منه أن يحققها، يجب أن تكون خطة يوافق عليها طفلك وإلا ستضعه في دائرة الفشل في تنفيذها لكن استمر واقترح الحلول الممكنة. إليك بعض الأمثلة:
- إذا كانت مسألة تدبير الوقت هي المشكلة، فهل تعتقد أن عدم صرف الكثير من الوقت في النشاطات اللامنهجية يساعد؟
- إذا بذلت قصارى جهدك، ربما يساعدك ذلك أن تحصل على مساعدة إضافية وتعلُّم المزيد من مهارات الدراسة.
- هل تمرّ بأوقات عصيبة في التركيز في الحصة الدراسية؟ هل يمكننا أن نساعدك بالتحدث مع مرشد المدرسة؟.
إنّ السماح لولدك المراهق بوضع خطته الخاصة تحت توجيهك قد يساعده على التحكم في تعليمه، إذ يتم تحفيز المراهقين عندما يشعرون بأن أفعالهم هي اختياراتهم الخاصة.
بالإضافة إلى ذلك، يلزم أن يعرف الأولاد أنهم يتعلمون من أجل أنفسهم لا من أجل آبائهم، ويساعدهم إضفاء الطابع الداخلي على قيمة التعليم في تنمية قدراتهم الذاتية وهذا أهم عامل في الحصول على درجات أعلى.
علِّمهم العواقب الحقيقية المترتبة عند الحصول على درجات سيئة
عندما نُنزل العقاب بـ “العواقب”، فإننا نشتت أولادنا المراهقين عن رؤية العواقب الحقيقية. حصولهم على درجة سيئة هي ليست مثل فقدان الآيفون (العقاب) بل تؤثر سلباً على طلباتهم الجامعية ومستقبلهم.
إذا واصلنا دفع العواقب الوهمية أمام أطفالنا، سوف يستمرون في القتال معنا بدلاً من إدراك المشكلة الحقيقية، وإنّ فهمهم بشكل أفضل لماذا يلزم عليهم تحسين أدائهم هو خطوة مهمة ليصبحوا تلاميذ أفضل.
عندما ينحرف ولدك عن الخطة، ذكِّره بالعواقب الحقيقية التي تؤثر على مستقبله. قد يكون من السهل أن ننسى العواقب عندما تكون بعيدة أو في المستقبل، إذا حدث ذلك فإن أفضل طريقة هي تذكيرهم بلطف.
قدم المساعدة وليس السيطرة إذا كنت تريد تأديب ابنك المراهق لحصوله على درجات سيئة
من المغري أن ينشغل الآباء بتسلطِهم أكثر فأكثر بتعليم أبنائهم المراهقين ومع ذلك، فإن توفير بيئة داعمة لاستقلاليتِهم أمرٌ بالغ الأهمية لتطوير الدافع الداخلي.
الأطفال الذين يحصلون على دعم ذاتي من آبائهم يتسمون بموقف أكثر إيجابية وبصحة عقلية أقوى و بدرجاتٍ أفضل في المدرسة.
الآباء الذين يدعمون ويسمحون بالاستقلالية يعبرون عن تقديرهم لوجهات نظر أطفالهم، يسمَحون لهم بالاختيار ويستخدمون الحد الأدنى من لغة التحكم (السيطرة)، يتمتعون بالمرونة وتقديم مبررات معقولة لطلباتهم من الأطفال.
من جهة أخرى، يشعر المراهقون مع الآباء المسيطرين أو كما ندعوهم الآباء الحوامون (helicopter parents) بالعجز عن التحكم في حياتهم ولا يمتلكون دافع وقد يترددون في إنفاق الكثير من الجهد في الدراسة.
تقوية العلاقة بين الآباء والأبناء
إن امتلاك علاقة قوية بين الوالدين والأولاد قد يعزز من دافع ولدك الحقيقي للإنجاز. عند قبول طفلك لك وتعلقه بك، سوف يرغب في تبني قيمك. بعبارةّ أخرى، إذا كنت تقدر التعليم فإنهم سوف يرغب بالمثل.،
والمحافظة على علاقة إيجابية مع ولدك أمرٌ أساسيّ لأنك سوف تصبح القوة الدافعة نحو التحسن في المدرسة وهذا سببٌ آخر لعدم نفع استخدام العقاب في تحقيق النجاح الأكاديمي للطفل.
يعدُ الحب محفزاً مؤثراً على عكس العلاقة الضعيفة أو المتضررة.
الحب الذي يأخذ شكل التسلط لا يدفع التحفيز وسوف يساهم في ضرر العلاقة بين الطفل ووالديه فقط، بدلاً من ذلك عليك تربية أولادك بطريقة إيجابية لتنجح في هذه المهمة (تحسين العلامات الدراسية مثلاً).
أفكار أخيرة حول كيفية تأديب المراهق لحصوله على درجات سيئة
إن التعليم مهم، ولكنه ليس الشيء الوحيد المهم في نجاح الطفل أو نموه الصحي. وفي النهاية يمكننا القول أن الأداء الأكاديمي لا يحدد ما إذا كانوا أطفال صالحين أم لا.
إن وجود علاقة قوية مع ولدك المراهق لا يقل أهمية إن لم يكن أكثر أهمية من الحصول على علامة تامة.
خلاصة القول: فكر فيما هو الشيء الأكثر أهمية بالنسبة لك خلال 20 عاماً قادماً فهذا سينفعك جداً على المدى الطويل.
اقرأ أيضاً: تشجيع المراهق على الدراسة استناداً إلى علم الدماغ
اقرأ أيضاً: المراهق الغاضب، كيف تتعامل معه وتضبط سلوكياته؟
اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع المراهق الناكر للجميل؟
المصدر: Bad Grades – How Parents Can Help Teenagers Achieve
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم