الدوبامين، خصائصه ودوره في الجسم، وما الاضطرابات التي يمكن أن يسببها اختلاله؟

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

يُعدّ هرمون الدوبامين أحدَ النواقل العصبية المسؤولةِ عن توصيل الإشارات بين خلايا الدماغ العصبية، وغالباً ما يُطلَق عليه اسم “المُرسِل الكيميائي“. 

يلعب الدوبامين دوراً فعّالاً في الجسم، وله تأثيرٌ مباشرٌ على الجهاز العصبي المركزي.

خصائص هرمون الدوبامين

بالرغم مما يُنسَب إلى الدوباميـن غالباً أنه “مادةٌ كيميائيةٌ للسعادة”، إلا أن هذه التسميةَ خاطئة؛ فهرمون الدوبامين لا ينتِج السعادة بشكلٍ فعلي. لكنّه على الرغم من ذلك يعزّز مشاعرَ البهجة عن طريقِ ربطِ الإحساسِ بالسعادة بسلوكياتٍ معينة.

تقول تانيا جي بيترسون (Tanya J. Peterson)، وهي بروفيسورة في الصحة العقلية:

“إن هرمون الدوبامين مادةٌ كيميائيةٌ تبعثُ على الشعور بالرّضا والبهجة، وهو جزءٌ من مركز المكافأة الدماغيّ لدينا. عندما يُنتِج دماغنا هذا الهرمون كاستجابةٍ لما نقوم به، فإننا نشعرُ بالرضا. ونريد أن نفعل المزيَد ممّا يمنحنا الشعورَ بأننا معافون عقلياً ونفسياً؛ هذا ما يؤدّي في المقابل إلى إنتاج المزيد من هرمون الدوبامين”.

يَظهر إنتاجُ هرمون الدوباميـن أيضاً في استجابات الجسم للمواجهة والقتال أو للهروب، فعندما نتعرض لتهديدٍ مباشر، حقيقيّ أو مُتخيَّل، ينشطُ الجهاز العصبي الحسيّ (SNS). مما يحفّز إطلاقَ الدوبامين والمركّبات الأخرى (الكاتيكولامينات/catecholamines) بحيث يساعد على الاستجابة للتوتر.

حسب الدكتور جيمس جيوردانو  (James Giordano)، وهو بروفيسورٌ ألمَعي في الطب، وأستاذٌ في علم الأعصاب والكيمياء الحيوية في جامعة جورج تاون، يتم إنتاج الدوبامين في عددٍ من الأماكن المختلفة في الدماغ ؛ في المادة السوداء، منطقة سقف البطين، الغدة النخامية، وفي المسارات العصبية للوطاء.

دور هرمون الدوبامين في الجسم

يقول الدكتور جيوردانو أن للدوبامين تأثيراً مباشراً على العديد من الوظائف العصبية، السلوكية و المعرفية للجسم، وتتضمن مايلي:

  • الحركة والنشاط.
  • التعزيز والمكافأة.
  • الأفكار والعواطف.
  • الشعور بالإثارة.
  • تنظيم بعض الهرمونات والغدد.

يؤثّر الدوبامين على كلّ شيء بدءاً من طريقة تفكيرنا وصولاً إلى الطريقة التي نتذكر ونتصرف بها.

يختلف تأثيرُ الدوبامين من شخصٍ إلى آخر، ومن الصعب أحياناً تقصّي اختلال التوازن في مستوياته، إلا أننا تستطيع ملاحظته إذ أنه يؤثر مباشرةً على صحتنا و حالتنا النفسية.

إن وجود نسبةٍ قليلةٍ أو مفرطةٍ من الدوبامين يمكن أن يسبب العديد من المشاكل، فمع نقص نسبة الدوبامين، من الممكن أن تواجه عدداً مختلفاً من الأعراض مثل:

  • فقدان التوازن.
  • تغيّر الوزن.
  • تشنج وضمور العضلات.
  • الطاقة المنخفضة.
  • القلق والتوتر.
  • تقلبات المزاج.
  • فقدان الشغف الجنسي.
  • الإمساك.
  • الارتعاش.
  • صعوبة النوم والأرق.
  • الهلوسة.

على الرغم من قدرةِ المستوياتِ العاليةِ من الدوبامين على زيادة الانتباه، الطاقة، الرغبة الجنسية والقدرة على التركيز، إلا أنها قد تؤدي أيضاً إلى سلوكٍ تنافسيّ وعدوانيّ، وتسبب أعراضاً تتضمن القلقَ ومشاكلَ النوم والتوتر.

الاضطرابات الصحيّة (الجسدية و النفسية) الناجمة عن اختلال مستوى الدوبامين في الجسم

عندما تعاني من اختلال الدوباميـن، فقد تواجه تراجعاً في الوظائف الإدراكية العصبية المرتبطة بذاكرتك وانتباهك وقدرتك على حلّ المشاكل.

يرتبط هرمون الدوباميـن بالعديد من الأمراض النفسية، مثلُه مثلُ السيروتونين (ناقلٌ عصبيّ يساعد على تعديل المزاج).

تلعب مستقبلات الدوباميـن، عندما لا تعملُ بشكلٍ طبيعيّ، دوراً هاماً في معظم الاضطرابات الصحيّة، الجسديةِ والنفسية.

مرض الشلل الرّعاشي (داء باركنسون)

وضّح الدكتور جيوردانو بأن نقصَ مستويات الدوبامين في الجسم يمكن أن يَحدُثَ نتيجةَ بعض الأمراض العصبية التنكسيّة، مثل داء باركنسون، إذ تموت الخلايا العصبية المسؤولة عن إنتاج هرمون الدوبامين عند الإصابة بهذا الداء.

اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)

أظهرت الدراسات أن الاضطرابات في مستويات الدوبامين موجودةٌ في حالات الإصابة باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، والذي يترافق مع أعراض التشتّت وفرط النشاط، إذ يمكن أن يواجه بعض الأفراد المصابون بهذا الاضطراب نقصاً في الشعور بالمكافأة العقلية والحماس، مما يجعلهم عاجزينَ عن تعديل سلوكهم للتكّيف مع الظروف المتغيرة.

انفصام الشخصية (الفُصام)

يرتبط الانفصامُ بالتغيرات التي تحدث في مستقبلات الدوبامين الدماغية، وفي المسارات التي يسلكها الدوبامين لتوصيل الإشارات العصبية، يمكن أن تعمل مضادات الذهان كـ “خصم” للدوبامين إذ تمنع تأثيره. بالتالي يساعد بعض المرضى في معالجة انفصام الشخصية.

الإدمان وتعاطي المواد المخدرة

يؤدي تحفيزُ الدوبامين للاستجاباتِ التكيّفية الناتجةِ عن تصرفاتٍ محددة، مثل شرب الكحول أو القمار، إلى الإدمان.

يرجع سبب معاناة البعض من مشاكلِ الإدمان أكثرَ من غيرهم إلى الاختلافات الموجودةِ مسبقاً في مسارات الدوبامين لديهم.

اضطراب الاكتئاب الحادّ (MDD)

يُعد الاكتئابُ الحادّ أحدَ أكثر الأمراض النفسية شيوعاً، والذي يسبب نقصُ الدوبامين فيه إلى انعدام اللّذة (anhedonia) أي عدم القدرة على الشعور بالسعادة، والذي عادةً ما يكون أحدَ أعراض اضطراب الاكتئاب الحاد.

يقول الدكتور جيوردانو: “يمكن أن يتناقصَ نشاطُ الدوبامين بعد الإجهاد والتعب في أنواعٍ معينة من اضطرابات الاكتئاب”.

يؤدي انخفاضُ فعالية استقلاب الدوبامين إلى ظهور علامات وأعراض مختلفة، مثل:

  • فقدان الطاقة.
  • انعدام الشهية.
  • الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة الدهنية و/ أو الحلويات.
  • انخفاض الرغبة بالقيام بالعديد من الأنشطة والاستمتاع بها.
  • تغّيرات في الرغبة الجنسية.

في مثل هذه الحالات، يوضّح الدكتور جيوردانو، يمكن معالجة المرضى بالأدوية المضادة للاكتئاب، والتي من الممكن أن تطيل أمدَ فعالية الدوبامين الموجود في أماكن مستقبلاته؛ وبهذه الطريقة، تتضاعف التأثيرات التي يسببها الدوباميـن وبالتالي تقلُّ مثل هذه العلامات والأعراض.

إذا كنت تعاني من اضطرابٍ صحيّ، نفسيّ أو جسديّ. بسبب اختلال نسبة الدوباميـن، فإن طريقةَ العلاج ستعتمدُ على نوع هذا الاضطراب. وإذا كنت تعاني من أعراضٍ محددة، فمن الأفضل أن تُقابل طبيبك وتخبرَه عن نمط حياتك، نظامك الغذائي وتاريخك الطبي لتحديد الخطوة القادمة الواجب اتخاذها.

طرقٌ طبيعيةٌ لموازنة مستويات الدوبامين في الجسم

من الصعب تتبّعُ مستويات الدوباميـن طالما أنها تحدث في الدماغ، ولكن هناك طرقٌ عدة لموازنة معدّل الدوباميـن في الجسم دون استعمال الدواء، حيث تكمن الطريقة الأمثل لموازنة مستويات الدوباميـن في التركيزِ على العادات الصحية.

إذا كنت تبالغُ في فعل بعض الأنشطة المرتبطة بإنتاج الدوباميـن، مثل ممارسة الجنس أو استخدام التكنولوجيا أو المقامرة، فإنك تحتاج لأخذ راحةٍ مخصصة من هذه الأمور. أما إذا كنت تواجه صعوبةً في التركيز، أو كنت تشعر بالتعب واليأس، فإنك تحتاج إلى زيادة إنتاج الدوباميـن في جسمك.

تناولُ الأطعمة المغذّية

يقول الدكتور بيترسون: “يتمّ إرسالُ العناصرِ الغذائية الموجودة في بعض الأطعمة إلى الدماغ، فتساهمُ في إنتاج الدوباميـن”. إذ يساعد تناولُ العديد من الفواكه والخضروات، وخاصةً الموز، على زيادة إنتاج الدوباميـن.

ينصح الدكتور بيترسون بتناول الأطعمةِ الغنيّة بالبروتينات أيضاً، وتتضمن اللحومَ الخالية من الدهون، الأسماك، الفاصولياء، والبروتين النباتي، بالإضافة إلى الأغذية الغنية بأحماض (أوميغا-3) الدهنية، مثل سمك السلمون، سمك الاسقمري البحري، المحار، بذور الكتان، بذور الشيّا والجوز.

ممارسة التمارين الرياضة بانتظام

يمكن أن يساعد المشيُ لمسافاتٍ قصيرة، ممارسةُ اليوجا أو. حتى الرقصُ في مطبخك والتمارينُ المنزلية على إنتاج مستوياتٍ صحيةٍ من الدوباميـن. كما تعمل التمارين الرياضية على تحسين عادات النوم لديك، والتي تدعم المستويات المتوازنة للدوبامين.

يقول بيترسون: ” قُم بأيّ نشاطٍ جسدي يمكن أن تستمتع به. إذا فرضتَ على نفسك القيامَ بشيءٍ تكرهُه لمجرد التمرين، ستحصل على الفوائد الجسدية فقط. ولكن، من أجل الحصول على الفائدة الكلية للصحة النفسية المرتبطة بالدوبامين على وجه التحديد، اختر التمارين التي تجدها ممتعةً “.

الاستمتاع باللحظات البسيطة

يقول بيترسون: ” إن القيام بأمرٍ بسيط تستمتع به وربطَه عمداً بتحقيق أمرٍ رائعٍ تلحَظُه، يخبرُ الدماغَ بأن شيئاً مميّزاً يحدث، وقد حدث بسببك أنت”.

يمكن أن يتضمن هذا القيام بأمورٍ بغاية البساطة مثل ملاحظةِ جمال الزهور في الحديقة، الاستماع إلى أغنيتك المفضلة، شمّ رائحة حبوب القهوة، أو نفخ الفقاعات.

يشرح لنا بيترسون أن هذه الأمور تؤدي إلى دفع عملية إنتاج هرمون الدوباميـن. بالتالي تتعزّزُ صحتُك النفسية بشكلٍ ملحوظٍ ومستمر.

خلاصة

إذا كنت قلقاً بشأن مستويات الدوبامين في جسمك، تحدّث إلى طبيبك الخاص.

من المهم جداً متابعةُ ومعالجةُ اختلال توازن الدوبامين نظراً للدور الكبير والأساسيّ الذي يقوم به هذا الهرمون في الجسم والعقل.

كُن على علمٍ بأن هناك العديدُ ممن يعانون اختلالَ توازن مستويات الدوباميـن لكن ابقَ مطمئنّاً، فهذا الأمرُ يمكن معالجته بسهولةٍ تامة.

اقرأ أيضاً: تأثير الاكتئاب على الجنس والنشوة الجنسية

المصدر: What Is Dopamine

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

Clear Filters
error: