كيف تنتشر وصمة العار المتعلقة بالصحة العقلية عن طريق وسائل الإعلام؟

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

مفهوم وصمة العار وصم المرض العقلي تأثير وسائل الإعلام على الصحة العقلية

في أعقاب أي عمل غير مقبول من أعمال العنف العشوائي، يميل الكثير من الناس إلى وصف مرتكب الجريمة بأنه “مجنون”. على الرغم من أن المجرم قد يكون مصاباً بمرض عقلي،.إلا أن وصفه تلقائياً بـ “المجنون” يلحق ضرراً كبيراً به كل يوم.

في الواقع، من المرجح أن يكون الشخص المصاب بمرض عقلي.ضحية للعنف وليس مرتكباً له، إن وصف الجاني في تلك الحالة بأنه “مجنون” ينشر. صورة نمطية خطيرة ويخرب العلاقة الحرجة بين الإجرام والمرض العقلي.

مفهوم وصمة العار وصم المرض العقلي تأثير وسائل الإعلام على الصحة العقلية

تخبرنا وسائل الإعلام عن الأشخاص الذين لا نتفاعل أو ننخرط.معهم بشكل روتيني، إذ يمنحنا هذا التدفق المستمر للبيانات إشارات اجتماعية متواصلة حول. طبيعة الجماعات الأخرى من الناس، وأي منها يجب مدحها أو الازدراء منها.

تميل التصورات الإعلامية للأشخاص المصابين بمرض عقلي غالباً إما نحو الوصم أو التقليل من شأنهم والاستخفاف بهم. ونتيجة لذلك، تعرضت جميع أشكال وسائل الإعلام بما.في ذلك التلفزيون والأفلام والمجلات والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي لانتقادات بسبب نشرها.الصور النمطية السلبية والأوصاف غير الدقيقة للمصابين بأمراض عقلية.

ما المقصود بالوصمة؟

تتضمن الوصمة (Stigma) معتقدات ومواقف وسلوكيات سلبية توجه نحو الأشخاص بناءً على بعض السمات المميزة لهم. أي في حالة وصمة العار المتعلقة بالصحة العقلية،.فإنها تنطوي على وجود أعراض تتعلق بالصحة العقلية أو التشخيص بأحد حالات الصحة النفسية. وفي حالات أخرى، يمكن أن تشمل الوصمة أيضاً المشكلات الصحية، العجز (الإعاقة)، الجندر، العرق الجنس، الثقافة، والدين.

تحدث الوصمة عندما يُنظر إلى شخص ما على أنه “شخص مختلف لا يطابق المعايير المرسومة” ويُحرم من القبول الاجتماعي الكامل.

مفهوم وصمة العار وصم المرض العقلي تأثير وسائل الإعلام على الصحة العقلية

تؤثر وصمة العار تأثيراً شديداً على الصحة العقلية؛ إذ تشير الأدلة. إلى ارتباطها بتدني مستوى الصحة النفسية لأنها تقلل من احتمالية طلب الشخص.للمساعدة وتلقي الرعاية الكافية والالتزام بخطة العلاج الخاصة به.

وصم المرض العقلي من قبل وسائل الإعلام

توصم الكثير من حالات الأمراض العقلية من قبل وسائل الإعلام. على سبيل المثال، يُنظر إلى بعض حالات الصحة العقلية مثل الفصام،.على أنها مدمرة ومزعجة للغاية لدرجة أنه يجب عزل الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالات عن المجتمع.

ويرتبط وصم المرض العقلي بوسائل الإعلام لدرجة استخدام الباحثين المقالات الصحفية كمقياس بديل للوصمة في المجتمع.

مفهوم وصمة العار وصم المرض العقلي تأثير وسائل الإعلام على الصحة العقلية

تميل وسائل الإعلام في تركيزها نحو الفرد المصاب .بمرض عقلي بدلاً من تصوير المرض العقلي كقضية مجتمعية وبالتالي فإن المتلقي أكثر عرضة لإلقاء اللوم على الفرد بسبب المرض.

التعميم المُفرط للمرض العقلي 

قد يعاني المصابون بأي مرض عقلي أيضاً من التعميم.المبالغ فيه بعيون وسائل الإعلام، كما من المتوقع ظهور نفس العلامات.والأعراض لدى كل شخص يعاني من حالة صحية نفسية معينة.

من الصور الشائعة: جميع الأشخاص المصابين بالاكتئاب لديهم ميول انتحارية، وجميع الأشخاص المصابين بالفصام يعانون من الهلوسة. في الواقع، يعاني 60% و80% من المصابين بالفصام من الهلوسة السمعية، ويعاني عدد أقل من الهلوسة البصرية.

من الواضح إشادة تصورات وسائل الإعلام المنتشرة لعدم ضرورة الكشف والإفصاح عن الإصابة بمرض عقلي أمام الآخرين.

بالأحرى، غالباً لا يتم التعرُّف على المرض العقلي (سواءً عن قصد أم لا). إذ تميل تصورات وسائل الإعلام إلى إظهار الحالات التي يعرف فيها كل فرد ما مرضه العقلي.

ولعل الأمر الأمر المقلق للغاية هو تصوير وسائل الإعلام غالباً على أن المرض العقلي غير قابل للعلاج أو للشفاء.

استخفاف وسائل الإعلام من المرض العقلي 

يمكن لوسائل الإعلام أيضاً التقليل من شأن المرض العقلي،.إما عن طريق الترويج له باعتباره ليس خطيراً أو أقل خطورة مما هو عليه بالفعل.

على سبيل المثال، يشعر العديد من الأشخاص الذين يعانون.من اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية العصبي أو القهم العصبي (anorexia nervosa) أن حالتهم أقل خطورة مما هي عليه بالفعل. ويرجع ذلك جزئياً إلى تقليل الأشخاص الذين يعانون.من حالة مُصوّرة من قبل وسائل الإعلام من خطورة هذه الحالة وإخفاء العواقب الوخيمة للمرض.

الحقيقة هي أن معدل الوفيات بين الأشخاص الذين يعانون.من فقدان الشهية العصبي (القهم العصبي) مرتفع، وهو واحد من أعلى معدلات الوفيات.بين أي حالة صحية عقلية؛ إذ تشير الأبحاث إلى أن خطر الوفاة أعلى. بعشر مرات بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من فقدان الشهية العصبي.

مفهوم وصمة العار وصم المرض العقلي تأثير وسائل الإعلام على الصحة العقلية

يمكن أيضاً أن تبالغ وسائل الإعلام في تبسيط المرض العقلي. على سبيل المثال، غالباً تصور الشخص المصاب باضطراب الوسواس القهري (OCD) على أنه مهتم بشكل مفرط بالنظافة والكمال. ومع ذلك، يتم إخفاء الأفكار الوسواسية التي تدفعهم إلى السلوكيات القهرية أو التغاضي عنها.

كما أنها تصور أحياناً الجانب المفيد من أعراض المرض العقلي. على سبيل المثال، في المسلسل التلفزيوني الشهير “مونك”، يولي.البطل المحقق المصاب بالوسواس القهري (OCD) اهتماماً شديداً بالتفاصيل والتي تساعده في حل الجرائم والترقي في حياته المهنية.

يمكن للأشخاص الذين لا يعانون من أمراض عقلية استخدام.القنوات الإعلامية للسخرية من الأشخاص الذين يعانون من الأمراض، مثل تخصيص مصطلحات المرض العقلي. على سبيل المثال، يُستخدم هاشتاغ الوسواس القهري #OCD بشكل شائع على تويتر لوصف اهتمام الشخص بالنظافة أو التنظيم.

تصورات الفصام في الأفلام

من المحتمل أن أحد أكثر أنواع الوصم استخفافاً بالمرض.العقلي في وسائل الإعلام يَكمن في تصوير الأفلام على أن “الخصوم” مصابين بمرض عقلي. على وجه الخصوص، عندما يتم تقديم الشخصيات المصابة بالفصام على أنها “مهووسة بالقتل” كما في أفلام “slasher” أو “psycho killer”.

تنشر الصور غير الدقيقة للمرض العقلي في وسائل الإعلام معلومات خاطئة حول أعراض وأسباب وعلاج مرض انفصام الشخصية وغيره من أشكال الأمراض العقلية الشديدة. ولسوء الحظ، يمكن للأفلام والبرامج التلفزيونية الشعبية أن تمارس تأثيرات قوية على تشكيل المواقف لدى الناس.

في إحدى الدراسات، حلّل الباحثون 41 فيلم تم إصداره بين عامي 1990 و2010 عن تصورات لمرض انفصام الشخصية. وبناءً على نتائج التحليل، توصل الباحثون إلى عدة استنتاجات:

مفهوم وصمة العار وصم المرض العقلي تأثير وسائل الإعلام على الصحة العقلية

  • أظهرت معظم الشخصيات أعراضاً “إيجابية” لمرض انفصام الشخصية، مع ظهور الأوهام في أغلب الأحيان، تليها الهلوسة السمعية والبصرية.
  • أظهرت غالبية الشخصيات سلوكاً عنيفاً تجاه أنفسهم أو تجاه الآخرين.
  • يشارك ما يقرب من ثلث الشخصيات العنيفة في سلوك القتل.
  • انتحر حوالي ربع الشخصيات.
  • نادرا ما ذُكِر سبب الفصام. ومع ذلك، أظهرت حوالي ربع الأفلام، إشارة ضمنية إلى أن حدثاً صادماً في حياة الشخصية كان عاملاً سببياً مهماً.
  • كانت الأدوية النفسية هي الأكثر شيوعاً في الأفلام التي لمحت أو أظهرت طرائق علاج الأمراض العقلية.

وقد وجدت الأبحاث أيضاً أن 75% من تصورات المرض العقلي في ألعاب الفيديو الشائعة تكون سلبية أو نمطية.

لماذا تعد مثل هذه التصورات مؤذية؟

ليست هذه التصورات غير صحيحة فحسب، بل إنها ضارة أيضاً وذلك لعدة أسباب:

نشر الخرافات المتعلقة بالمرض العقلي

تُركز تصورات الفصام على أعراض مثل الهلوسة البصرية، والأوهام الغريبة، والكلام غير المنظم، وتقدمها على أنها من الأعراض والعلامات الشائعة. لكن في الواقع، تعد الأعراض مثل انخفاض الدافع واضطرابات الكلام وتبلد المشاعر وانعدام المبادرة أكثر شيوعاً.

ربط المرض العقلي بالعنف

نشرت العديد من الأفلام الصورة النمطية الخاطئة عن عنف الأشخاص المصابين بالفصام والسلوك غير المتوقع لهم. حتى أن بعض الأفلام قدمت أشخاصاً مصابين بالفصام على أنهم “معتوهون”.

تؤثر هذه الصور النمطية العنيفة على المشاهدين وتولد سلوكيات سلبية قاسية تجاه المصابين بمرض عقلي.

المبالغة في مخاطر الانتحار

في حين يمثل الانتحار مصدر قلق كبير لدى المصابين بالفصام، فقد وجد البحث الذي أُجري على تصوير وسائل الإعلام للفصام في الأفلام والتلفزيون تضخيمهم لهذا الخطر. وفي إحدى الدراسات، انتحر 24% من الشخصيات المصابة بالفصام.

لكن في الواقع، تشير التقديرات إلى وفاة ما بين 4% إلى 13% من المصابين بالفصام بسبب الانتحار، وأن حوالي 18% إلى 55% يحاولون الانتحار في مرحلة ما من حياتهم.

إساءة تصوير الأشخاص المتأثرين

 العوامل السكانية (الديموغرافيا) هي جانب آخر من جوانب المرض العقلي المُحرَّفة غالباً من خلال تصوير وسائل الإعلام للمرض العقلي.

على سبيل المثال، كثيراً تصوَّر الشخصيات المصابة بالفصام على أنهم ذكور من ذوي البشرة البيضاء، لكن الفصام يؤثر بشكل غير متناسب على الأمريكيين من أصل أفريقي كما أنه يؤثر على الرجال والنساء بالتساوي تقريباً.

نشر الخرافات حول أسباب المرض العقلي

في عدد قليل من الأفلام، تم تصوير مرض انفصام الشخصية على أنه عامل ثانوي لأحداث الحياة المؤلمة أو يمكن علاجه عن طريق الحب، وكلاهما تحريف لأسباب الحالة وعلاجها.

ما هي التصورات الدقيقة التي تصورها الأفلام؟

ليست كل المعلومات التي تصورها الأفلام عن الفصام غير دقيقة ومضللة ويتم وصمها. على سبيل المثال، ما يزيد عن نصف الأفلام التي تم تحليلها وإجراء إحصائيات عنها، يستخدمون الأدوية النفسية لعلاج الفصام.

تم تصوير ما يقارب من نصف الشخصيات المصابة بالفصام على أنهم فقراء، وهو ما يتوافق مع البيانات الوبائية التي تشير إلى تشخيص مرض انفصام الشخصية بشكل أقل تواتراً لدى الأشخاص ذوي المكانة الاجتماعية والاقتصادية الأعلى.

ورغم عرض الأفلام لتلك الأفكار بالشكل الصحيح فإن الصورة الإعلامية السلبية وخاصة التي تُظهر جانب العنف لدى المصابين بالفصام وغيره من الاضطرابات العقلية الشديدة، لا تزال سبباً مساهماً في انتشار الوصمة، والقوالب النمطية، والتمييز العنصري، والرفض الاجتماعي.

تأثير وسائل الإعلام على الصحة العقلية

يمكن أن تؤثر الوصمة التي تتعلق بالصحة العقلية من قبل وسائل الإعلام في عدة نتائج مختلفة:

الوصم الذاتي: يمكن أن تساهم صور وسائل الإعلام في الوصمة الذاتية، والتي تشير إلى مشاعر الخزي والعار الداخلي للفرد، والمعتقدات السلبية، والسلوكيات الضارة لدى الناس بشأن حالتهم العقلية.

معلومات خاطئة: غالباً ما يحصل الأشخاص على أفكار غير صحيحة حول أعراض حالات الصحة العقلية. ويمكن أن يؤدي إلى تطوير أفكار غير دقيقة حول كيفية تشخيص المرض وعلاجه.

العقبات التي تعترض العلاج: يمكن للوسائل الإعلامية أيضاً أن تخلق عقبات أمام العلاج. نظراً لإضفاء طابع السلوكيات الموصومة للمرض العقلي، فمن القليل طلب المساعدة أوالبحث عن العلاج عند معاناة الفرد من أي أعراض.

ضعف الالتزام بالعلاج: من المرجح أن يلتزم الأشخاص بعلاجهم إذا حصلوا على الدعم الاجتماعي والتشجيع من الآخرين. قد تساهم السلوكيات السلبية والقوالب النمطية للمرض النفسي التي تصورها وسائل الإعلام في خلق مواقف أسوأ متعلقة بعلاجات الصحة العقلية وقلة الالتزام بها.

التشخيص الذاتي: قد يكون الأشخاص أكثر عرضة للتشخيص الذاتي لأنفسهم بناءً على منشورات وسائل التواصل الاجتماعي واسعة الانتشار التي تظهر على “تيك توك” أو “إنستغرام”. وغالباً يشارك هذه المعلومات أشخاص غير متخصصين في الصحة العقلية وغالباً تكون غير دقيقة.

اقتراحات حول تحسين تصورات وسائل الإعلام للأمراض العقلية

نحن بحاجة إلى فهم أفضل لكيفية نشر وسائل الإعلام لهذه الرسائل قبل أن نتمكن من تصحيحها. هناك أبحاث محدودة تبحث في كيفية ترويج وسائل الإعلام للصور النمطية المتعلقة بالأمراض العقلية والوصمة والاستخفاف بها.

ومع ذلك، فقد تم تقديم بعض الاقتراحات حول كيفية تحسين تصوير الأشخاص المصابين بأمراض نفسية في وسائل الإعلام، مثل:

  • تحليل إجراءات إنتاج وسائل الإعلام من أجل فهم أفضل للممارسات والاحتياجات والقيَّم والحقائق الاقتصادية الحالية لكتاب السيناريو والمنتجين والصحفيين (على سبيل المثال، فهم التوازن بين كونك جديراً بالنشر أو مثيراً للعاطفة وتستحق الثقة).
  • إنشاء دورة تدريبية في الصحة النفسية عند تدريب الصحفيين.
  • السماح بمداخلات الخبراء من الأطباء والمعالجين النفسيين أثناء إنتاج الفيلم.
  • تفضيل الأوصاف غير الفردية للأمراض النفسية والتركيز على الجوانب المجتمعية.
  • إظهار المرض العقلي فقط في حال ارتباطه بالقصة.
  • استخدام مصطلحات الصحة العقلية بدقة وإنصاف وخبرة.

أفضل ما يمكننا فعله كأفراد ينخرطون جداً بوسائل الإعلام ويتفاعلون مع وسائل التواصل الاجتماعي، هو التوقف عن استخدام كلمات مثل “مجنون” و”مختل” بطريقة مهينة أو وقحه وكأنه أمر عادي. ومن الأفضل تجنب إجراء تشخيص نفسي خارج الإطار السريري.

الخلاصة

فقط الأخصائي يستطيع تشخيص اضطراب الوسواس القهري والاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب والفصام وحالات الصحة العقلية الأخرى. أي عندما نسمي شخصاً ما بأنه مريض عقلياً دون دليل سريري، فإننا نؤذي الأشخاص الذين يعانون من مرض عقلي يوماً بعد يوم.

اقرأ أكثر: سفاح القربى العاطفي، تعريفه، أسبابه والشفاء منه

اقـرأ أكثر: المساعدة الذاتية، تعريفها، أهدافها، وهل من الممكن إدمانها؟

اقرأ أكثـر: كيف تتأكد أن العيش قبل الزواج مناسب لكلا الشريكين

المصدر: How the Stigma of Mental Health Is Spread by Mass Media

تدقيق: هبة محمد
مراجعة: أوبستان
تحرير: مريم العجي
خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: