ألم الصدر المفاجئ (الذبحة الصدرية) هو أحد الأسباب الشائعة لدخول غرفة الطوارئ في المستشفى، وبينما من المنطقي افتراض أن السبب يُعزى لنوبة قلبية، فإن حوالي 58% من الحالات لا صلة لها بمشاكل القلب، بل قد يكون أحد أعراض نوبة قلق أو نوبة هلع.
يرسل الدماغ أثناء نوبة القلق دفعةً من هرمونات التوتر الأدرينالين (epinephrine) والكورتيزول في أنحاء الجسم مسبباً ارتفاع معدل ضربات القلب وضغط الدم؛ ونتيجة لذلك، قد يشعر الفرد ببعض الأعراض الجسدية مثل ألم أو ضيق في الصدر.
يشرح المقال أعراض وأسباب ألم الصدر عند الأشخاص الذين يعانون من نوبات هلع أو قلق، وكيف يتمكن مقدمو الرعاية من التفريق بين ألم الصدر الناجم عن النوبات القلبية والألم المرتبط بالقلق وما يمكن فعله لمنع حدوث نوبات في المستقبل.
ما هو ألم الصدر؟
ألم الصدر أو ما يطلق عليه الذبحة الصدرية (angina)، هو أحد أكثر الأسباب الشائعة التي تدفع الناس للذهاب إلى مقدمي الرعاية الصحية طلباً للراحة.
قد يكون ألم الصدر مزمناً ويحدث نتيجة أمراض يعاني منها الشخص لفترة زمنية طويلة مثل التهاب المفاصل (arthritis). أو قد يكون الألم حاداً نتيجة حادث مفاجئ مثل إصابة في الصدر.
وفقاً لمركز ويكسنر الطبي (Wexner Medical Center)، أكثر مسببات ألم الصدر شيوعاً هي:
- أمراض العضلات والعظام مثل الإصابات الرضية والتهاب المفاصل والألم العضلي الليفي (fibromyalgia).
- أمراض الجهاز الهضمي مثل ارتجاع المريء (acid reflux)
- نوبات القلق والهلع
- أمراض جهاز التنفس مثل الالتهاب الرئوي (pneumonia)
- أمراض مرتبطة بالقلب مثل النوبة القلبية
هل ألم الصدر أحد أعراض القلق؟
ألم الصدر (الذبحة الصدرية) هو أحد أعراض القلق الشائعة، ويكون غالباً شديداً أو عابراً أو يسبب “انقباضاً” مفاجئاً يعيق عملية التنفس. إذ يشعر الفرد بألم في جدار الصدر بسبب إجهاد أو تشنجات عضلية وقد يستمر أحياناً لساعات أو أيام بعد حدوث النوبة.
الألم الناجم عن نوبة القلق أو نوبة الهلع ليس كله محصوراً في الرأس. صحيح أن القلق يسبب أحياناً أعراضاً جسدية شديدة وبالغة (مثل الشلل أو العمى المفاجئان)، لكن يكون منشأ الأعراض مثل ألم الصدر فيزيولوجياً .
يفرز الجسم خلال أوقات الضغط والتوتر هرمونات الكورتيزول والأدرينالين التي تحرض بدورها استجابة الكر أو الفر (fight or flight response).
يتم إفراز الهرمونات استجابة للتهديد سواءً كان حقيقياً أو متصَوَراً وتؤثر الهرمونات تأثيرات مختلفة على الجسم:
- يعمل الكورتيزول على زيادة مستوى السكر في الدم بسرعة، ما يمنحك قدراً كبيراً من الطاقة فترةً طويلةً للتأقلم بأفضل شكل مع الضغوطات الحادة.
- يعمل الأدرينالين على مضاعفة إنتاج الطاقة عن طريق توسيع الشعب الهوائية وزيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم وإعادة توزيع الدم للعضلات.
عندما تحدث هذه الأعراض بشكل تلقائي نتيجة نوبة القلق أو نوبة الهلع، من السهل نسبُها خطأً للنوبة القلبية. علماً أن ارتفاع معدل ضربات القلب وضغط الدم بشكل مفاجئ لوحدهما يمكن أن يسبّبا ألم الصدر.
وقد يساهم فرط التنفس خلال نوبة الهلع أيضاً في زيادة الضغط على العضلات الوربية. [وهي العضلات الموجودة بين الأضلاع، وتقع أسفل العضلات الصدرية]. علاوة على ذلك، يزيد الخوف الذي تشعر به خلال النوبة من تضخيم تصور الشعور بالألم.
مقارنة بين نوبة القلق والنوبة القلبية من حيث ألم الصدر
عند حدوث نوبة القلق، يصعُب التفكير بشكل صحيح، ناهيك عن صعوبة تحديد فيما إذا كانت الأعراض مرتبطة بالقلب. إذا راودك الشك، لا تخاطر وابحث عن مقدمي الرعاية للحالات الطارئة.
هناك بعض الأعراض والعوامل التي تساعد في التفريق بين نوبة القلق والنوبة القلبية، وهي:
نوبة القلق:
- بقاء الألم مرتكزاً في الصدر
- يوصف ألم الصـدر غالباً على أنه ألم حاد أو على هيئة وخز
- الإحساس غالباً بتنميل أو حرارة في اليدين والأصابع
- يمكن أن تحدث نوبة القلق في أي وقت ولا تحدث عادة خلال القيام بمجهود جسدي
- يختفي ألم الصـدر عادةً خلال دقائق أو خلال ساعة
النوبة القلبية:
- ينتشر الألم في الكتف، الذراع، الفك والرقبة أو دونها
- يكون الألم أكثر ثقلاً وضغطاً مقارنة بشعور الوخز في نوبة القلق
- يكون التنميل أو الحرارة غالباً في الكتفين وأعلى الذراع بالإضافة إلى شعور بحرق أو ألم مُشابهان لحرقة المعدة
- تحدث النوبات القلبية غالباً بعد الجهد أو الإرهاق الجسدي
- قد يأتي ألم الصدر (الذبحة الصدرية) على شكل موجات أي يظهر ويخف لكنه لا يختفي.
علاج ألم الصدر والسيطرة عليه
إذا كان ألم الصدر ناجماً عن القلق، فأنت تحتاج إلى السيطرة على القلق أولاً لتتمكن من منع الألم. إليك بعض السبل المساعدة في ذلك:
استخدم تقنيات الاسترخاء: يمكن أن تساعدك تقنيات مثل اليوغا والتأمل وأساليب التنفس العميق أو حتى العد إلى الرقم 10 أو 20 ببطء في الاسترخاء عندما تشعر بالقلق.
تناول طعاماً صحياً: يساعد تناول طعام صحي ومتوازن بشكل كبير في تحسين الصحة والعافية، إضافة إلى عدم تخطي أي وجبة من الوجبات قدر الإمكان.
الحد من تناول الكافيين: تجنب تناول مشروبات الطاقة أو القهوة أو الشوكولا وأي مصدر آخر للكافيين.
ممارسة التمارين الرياضية بشكل يومي: التمارين الرياضية هي جزء موصى به ضمن خطة علاج القلق. إذ تساعد الأفراد في الابتعاد عن التفكير من خلال التركيز على الجسد بدلاً من ذلك.
قد يتطلب علاج ألم الصدر الناجم عن نوبة القلق تدخل طبيب نفسي أو طبيب أخصائي في اضطرابات القلق.
اعتماداً على شدة الأعراض وتكرارها، قد يشمل العلاج واحداَ أو أكثر مما يلي:
- العلاج المعرفي السلوكي (CBT)
- مضادات الاكتئاب (Antidepressants)
- الأدوية المضادة للقلق (Anxiolytics)
- البنزوديازيبينات (نوع من المهدئات)
- حاصرات بيتا (Beta-blockers)
متى يجب رؤية مقدم الرعاية الصحية؟
إذا كنت تعاني من نوبة قلق واحدة أو أكثر، تَحَدَّث إلى مقدم الرعاية الصحية. ففي حال لم تتم معالجة القلق المزمن، قد يؤدي إلى تراجع صحتك النفسية ويزيد خطر ارتفاع ضغط الدم المزمن وأمراض القلب.
في أغلب الأحيان، لا يكون سبب الألم في الصدر مهدداً للحياة. لكن نظراً لأنه عَرَض من أعراض حالات مهددة للحياة مثل النوبة القلبية أو انخماص الرئة (collapsed lung)، من الضروري زيارة الطبيب فوراً عند شعورك بألمٍ في الصدر.
ملخص
قد تسبب نوبات الهلع أو نوبات القلق ألماً في الصدر يشبه الألم الناجم عن النوبة القلبية، والتي يسببها إفراز هرمونات الكورتيزول والأدرينالين خلال لحظات القلق أو الخوف الشديدين.
قد يأتي الألم من تقلصات في جدار الصدر وإجهاد العضلات نتيجة فرط التنفس أو الارتفاع المفاجئ في ضغط الدم ومعدل ضربات القلب.
اقـرأ أيضاً: أربع عشرة خدعة ذهنية لتقليل القلق
اقرأ أيضاً: إزالة الحساسية المنهجية لعلاج اضطراب الهلع
اقـرأ أيضاً: تقنية جاكبسون للاسترخاء والتخلص من القلق والتوتر
المصدر: ?Can Chest Pain Be a Symptom of Anxiety
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم