لا أحد يحب كل شخص يقابله، و أغلب الناس يستطيعون على الأرجح تسمية بعض الأشخاص الذين لا يحبونهم بشكل خاص. لكنَّ بعض الأشخاص قد يصلون الى مرحلة حيث ينزعجون، يتألمون، أو يُحبطون من قِبل أشخاص أو ظروف وينتهي بهم المطاف بقول “أنا أكره الجميع”.
قد يصعّب الشعور بهذه الطريقة من المضي في حياتك والتفاعل مع الناس كل يوم و قد يُسبب الكثير من الخلافات في علاقتك مع عائلتك، أصدقائك، زملائك، وأشخاص آخرين في حياتك. كما أن الكراهية شعور شديد يمكن أن يؤثر سلبا على صحتك النفسية و الجسدية.
ما هي الأسباب التي تدفعك للقول “أنا أكره الجميع”؟
فيما يلي بعض الأسباب التي تجعلك تقول أنا أكره الجميع:
- الإجهاد، قد يجعلك الإجهاد تشعر بالارتباك، الهلع، الانفعال، والغضب أيضاً. ويمكن أن يؤدي الإجهاد الطويل إلى نوبات غضب قد تتصاعد إلى حد تشعر فيه بأنك تكره الجميع.
- القلق الاجتماعي، يُصعّب القلق الاجتماعي عليك التفاعل مع الناس ويؤدي إلى نشوء مشاعر العصبية، الخوف، الإحراج، والضيق. في بعض الحالات، قد يستجيب الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي للمواقف التي تجعلهم غير مرتاحين بالغضب والكراهية.
- الشخصية الانطوائية، في حين يميل البعض الى أن يكونوا اجتماعيين، يفضّل آخرون الاكتفاء بأنفسهم. إن كنت انطوائياً، فإن التواصل مع أشخاص خارج دائرتك المباشرة قد يستنزفك عاطفيا. في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي هذا إلى شعور الامتعاض وكراهية الناس والمواقف التي تحصل خارج دائرة الراحة خاصتك.
- الاختلافات الإيديولوجية (الفكرية)، إن اختلاف المعتقدات والقيم السياسية ، الدينية، الثقافية أو الاجتماعية يمكن أن يجعلك تشعر بالغضب، وربما الكراهية تجاه الآخرين الذين تشعر أنهم “ضدك“، كما تقول كريستين فاريل تيرنر؛ دكتورة وعالمة نفس ومعلمة في مركز برِيتيكن لِطول العمر. و تقول أيضاً أن عقلية “نحن ضدهم” يمكن أن تحثّ مشاعر الغضب والكراهية.
تأثير شعور الكراهية على الصحة النفسية
الكراهية شعور شديد الحِدّة، وإذا ما قورن بمشاعر أخرى غير مريحة مرتبطة بالغضب أو الإحباط، فإنه يترك مساحة ضئيلة، إن وجدت، للترابط أو التعاطف.
تقول تيرنر: “كما أن كراهية الآخرين تسلبك ما تملكه من تجارب ممتعة في الحياة. فهي لا تتطلب قدراً كبيراً من الجهد المعرفي والعاطفي فحسب، وتمنعك أيضا من التواصل مع الآخرين وإثراء حياتك”.
قد تشمل الكراهية أيضاً الشعور بالاشمئزاز، وإذا كنت مشمئزا من الجميع، فلن تريد أن تفعل شيئا معهم. عندما تُبعد الترابط والتعاطف من على طاولة اهتماماتك، فإنك بالتأكيد تقلل من خياراتك المعرفية والعاطفية للتأقلم.
تأثير شعور الكراهية على الصحة البدنية
الكراهية شعور مؤلم يتطلب الكثير من الطاقة العاطفية. تدفع المشاعر المزعجة غالبا الناس للبحث عن سلوكيات غير صحية لتهدئة النفس، مثل تناول الأطعمة أو استخدام الكحول أو مواد أخرى لقمع وتجنب الضغط النفسي.
وقد تقترن هذه المشاعر أيضا بميل إلى الابتعاد عن الأنشطة الصحية مثل ممارسة الرياضة وقضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة الداعمين.
لنفترض أيضاً أن المرء يشعر بالكراهية في كثير من الأحيان، إلى جانب استجابة الجُملة العصبية الودية للقتال أو الهروب. في هذه الحالة، قد يعاني هذا الشخص في نهاية المطاف بعض العواقب طويلة الأمد للإجهاد المزمن، مثل الالتهاب الجهازي.
لذلك، سواء من خلال التهدئة الذاتية غير الصحية للتعامل مع شعور الكراهية أو تنشيط الجُملة العصبية الودية لفترة طويلة، يمكن أن يؤثر الشعور المزمن بالكراهية تجاه الآخرين سلباً على صحتك.
أنا أكره الجميع، هل يمكنك التأقلم مع هذا الشعور؟
تقترح تيرنر بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تكون مفيدة إذا شعرت أنك تكره الجميع:
- تجنب نمط تفكير “الكل أو اللا شيء”، إذا كانت كراهية الآخرين سببها الخلاف معهم في مسألة معينة، فحاول تذكر أنه يمكنك أن تختلف، وحتى أن تغضب، على الآخرين دون أن تكرههم.
لا يعني عدم موافقتك بشدة على معتقدات شخص آخر أو سلوكه أنه شخص سيء تماما. هذا النوع من التفكير يسمى تفكير الكل أو اللا شيء، وهو تفكير غير عقلاني. ذكِّر نفسك أن مشاعر الكراهية التي تنتابك تتعلق بالمسألة لا بالشخص.
- تجنَّب التعميم، إذا تركَّزت كراهيتك للآخرين على مجموعة من الناس، مثل الأشخاص الذين ينتمون إلى عرق أو منطقة أو دين معين، يكون تفكيرك غير منطقي لأنك تعمِّم. أنت تجمع مجموعة كاملة من الناس في فئة “سيئة” واحدة وتضع الافتراضات حولها بناء على الخصائص الديموغرافية.
- ممارسة التعاطف، يعد الاختلاف والتعاطف ترياق الأفكار غير العقلانية. من المهم أن نفهم أنه لا يوجد أحد جيد تماماً أو سيء تماماً. إن وضع نفسك في مكان شخص آخر، رغم أنه ليس سهلا دائما، يمكن أن يساهم كثيرا في زيادة التعاطف والحد من البغض. فكما لديك الأسباب التي تدفعك الى معتقداتك وتصرفاتك، لدى الآخرين أسبابهم كذلك.
- ضع أولوية العناية بنفسك، من المهم أن تضع احتياجاتك و اعتناءك بنفسك على سلّم أولوياتك. مثلا، اذا كنت مرهقا، فقد تحتاج إلى بعض التغييرات في حياتك لتتكيف بشكل أفضل. أو إذا كنت شخصا انطوائياً، فقد يلزم أن تضع حدودا معينة في علاقاتك تجعلك أكثر راحة.
- طلب العلاج: يمكن أن يساعد العلاج النفسي على استكشاف مشاعرك وفهم سبب كرهك للجميع. كما يساعدك أن تكون متعاطفا أكثر، أن تبني علاقات سليمة، وتطوّر مهارات بديلة للتغلب على المشاكل.
خلاصة
إن تكرار الإحساس بالغضب، الانزعاج، أو عدم الراحة يمكن أن يدفعك لقول أنا أكره الجميع، ويمكن لهذه المشاعر أن تؤثّر سلباً على صحتك النفسية والجسدية، وتجعل الحياة أقل متعة بكثير بالنسبة لك. يمكن أن تساعدك ممارسة التعاطف مع الآخرين على تغيير طريقة تفكيرك وجعل الأمور أكثر متعة.
المصدر: I Hate Everyone: Why You Feel This Way and What to Do
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم