التسمم بالليثيوم (Lithium toxicity) هي حالة صحية خطيرة ومحتملة، تنتج عن وجود الكثير من الليثيوم في جسمك. ونظراً لأن الليثيوم يُستخدم طبياً بشكل أساسي كعامل يساعد في استقرار الحالة المزاجية، تحدث معظم حالات التسمم هذه بين الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب (bipolar disorder).
في الواقع، العديد من الأشخاص الذين يتناولون الليثيوم بانتظام يعانون من التسمم بهذا الدواء لمرة واحدة على الأقل، لذلك من المهم جداً للأشخاص الذين يتناولون الليثيوم أن يكونوا على دراية بالأعراض التي يسببها، كما يجب أيضاً تثقيف أحبائهم وأصدقائهم بخصوص تلك الأعراض كي يتمكنوا من تقديم المساعدة لهم في حال عدم قدرتهم على تولي الأمر بأنفسهم.
أنواع تسمم الليثيوم
هناك ثلاثة أنواع من التسمم بالليثيوم: حاد، مزمن، وحاد مزمن.
أنواع تسمم الليثيوم، التسمم الحاد
تحدث حالة التسمم الحاد بالليثيوم عندما يقوم شخص لا يتناول الليثيوم على الإطلاق بابتلاعه، يمكن أن يحدث هذا عندما يأخذ أحد أفراد الأسرة حبوباً من العبوة الخطأ أو عندما يتناول الطفل أدوية أحد الوالدين أو عند محاولة انتحار شخص لا يستخدم الليثيوم.
قد تحمل السمية الحادة مخاطر طبية أقل إلى حد ما وأعراض أقل حدة من الأنواع الأخرى، وذلك اعتماداً على الكمية التي تم تناولها، لأن الليثيوم سيخرج من الجسم بسرعة أكبر عندما يكون جسم الشخص غير معتاد عليه.
أنواع تسمم الليثيوم، التسمم المزمن
قد يحدث الشكل المزمن من التسمم بالليثيوم عندما تتناول الليثيوم بشكل منتظم يومياً، ولكن في مرحلة ما وصل مستوى الليثيوم في الدم إلى حده السام. والأسباب المحتملة لهذه الزيادة في المستوى تعزى إلى: زيادة الجرعة، الجفاف، التفاعلات مع الأدوية الأخرى ومشكلات في وظائف الكلى.
يقل احتمال اكتشاف هذا النوع من السمية مبكراً مقارنةً بالأنواع الأخرى، لذلك قد تظهر أعراض أكثر حدة قبل تحديدها. وتشمل الأدوية التي يمكن أن تساهم في الجفاف أو تتسبب عدم عمل الكلى بشكل طبيعي التالي:
- مدرات البول.
- مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (angiotensin-converting enzyme).
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (nonsteroidal anti-inflammatory drugs).
أنواع تسمم الليثيوم، التسمم الحاد المزمن
يحدث التسمم الحاد المزمن لدى الأشخاص الذين يتناولون الليثيوم بانتظام عند أخذ جرعة أعلى من الموصوفة عن طريق الخطأ أو عن عمد.
على اعتبار أن مستويات الدم التي تجعل الليثيوم فعالاً والمستويات التي تجعله ساماً متقاربة للغاية، قد لا تكون الكمية الإضافية التي تسبب تسمماً حاداً مزمناً مرتفعة بشكل رهيب.
كما أن هذا النوع من التسمم بالليثيوم يعد الأكثر شدةً مع أعلى احتمال حدوث عواقب طويلة الأمد.
الاختبارات
الليثيوم معدن لين يمكن أن يكون مفيداً عند تناوله بجرعات صحيحة، وضاراً إذا زاد تناوله أكثر من اللازم.
من إحدى الأسباب التي تجعل الأطباء يطلبون إجراء اختبارات دم دورية عند تناول الليثيوم، هي أن الفرق بين الجرعة الفعالة والجرعة السامة ضئيل للغاية.
ومن المحتمل أن تكون الجرعة الآمنة والفعالة لشخص ما سامة لشخص آخر، فكلما ارتفع مستوى المصل لديك زادت احتمالية حدوث آثار جانبية وظهور أعراض سامة.
يتراوح مستوى الليثيوم العلاجي بين 0.6 إلى 1.2 mEq/L. عندما يصل مستوى الليثيوم في الدم إلى 1.5 mEq/L أو أكثر، تبدأ أعراض التسمم بالظهور.
يتم تصنيف مستويات السمية على النحو التالي:
- معتدلة: 1.5 إلى 2.5 mEq/L
- متوسطة: 2.5 إلى 3.5 mEq/L
- شديدة: فوق 3.5 mEq/L
أعراض التسمم بالليثيوم
تختلف أعراض تسمم الليثيوم تبعاً لنوع التسمم، وفيما يلي نستعرض كل نوع مع الأعراض المرافقة له.
التسمم الحاد
تشمل الأعراض الشائعة للتسمم الحاد ما يلي:
- إسهال.
- دوخة.
- غثيان.
- آلام المعدة.
- التقيؤ.
- التعب.
قد تشمل أعراض الجهاز العصبي التي يُحتمل أن تظهر لاحقاً بمجرد امتصاص الدواء، ما يلي:
- رعشة اليدين.
- النعاس.
- ارتباك أو هيجان.
- عدم القدرة على التحكم الكامل في الذراعين والساقين (ترنح).
- تشنج العضلات.
- كلام غير واضح.
- حركات العين التي لا يمكن السيطرة عليها (رأرأة).
في الحالات الشديدة، قد تظهر أعراض مثل:
- نوبات صرع.
- غيبوبة.
- إصابة الدماغ.
وفي حالات نادرة، قد تكون هناك مشاكل في القلب.
التسمم المزمن
على عكس حالات التسمم الحاد بالليثيوم، فإن الأشخاص الذين يعانون من التسمم المزمن بالليثيوم هم أقل عرضة للإصابة بمشاكل في المعدة والأمعاء لكن التسمم يتمثل عادةً بأعراض عصبية أولاً، مثل:
- كلام غير واضح.
- النعاس.
- اختلاج الحركة.
- ارتباك أو هيجان.
- ارتعاش.
- زيادة ردود الفعل.
قد تؤدي الحالات الشديدة من التسمم المزمن إلى ظهور أعراض مثل:
- مشكلات الذاكرة وأنواع أخرى من الضعف الإدراكي.
- مشكلات حركية كبيرة.
- ذهان.
- فشل كلوي.
- نوبات صرع.
- غيبوبة.
في حالة حدوث أعراض شديدة، فقد تستمر لفترة طويلة حتى بعد العلاج الناجح. وذلك ينطبق على عدد قليل من الأشخاص.
التسمم الحاد المزمن
تشمل أعراض هذه الحالة عادةً مزيجاً من الأعراض المعدية والمعوية الشائعة للتسمم الحاد وبعض الأعراض الشديدة للتسمم المزمن.
متى يجب الحصول على المساعدة
إذا ظهرت عليك أنت أو أحد أفراد أسرتك أي علامات تسمم بالليثيوم، وخاصة إذا كانت شديدة، فيجب عليك التوجه إلى غرفة الطوارئ أو الاتصال بالإسعاف حالاً. وإذا أمكنك خذ زجاجة الدواء الحاوي على الليثيوم معك حتى يتمكن الطاقم الطبي من رؤية الاسم والجرعة ومدى فاعلية الدواء. حاول معرفة متى تم أخذ الليثيوم والكمية التي تم تناولها أيضاً.
التشخيص
يشخص طبيبك حالتك بناءً على العلامات والأعراض التي تظهر عليك ونتائج الفحص البدني والتاريخ السريري الخاص بتناول الليثيوم واختبار الدم لمعرفة مدى ارتفاع مستوى الليثيوم في دمك. قد لا يعكس مستوى الليثيوم الذي يظهر في دمك مقدار التسمم الذي تعاني منه إذا كنت مصاباً بتسمم حاد أو مزمن، لذلك سيعتمد طبيبك أكثر على الأعراض التي تظهرها في هذه الحالة.
العلاج
يعتمد ما يستلزمه العلاج على شدة التسمم والنوع الذي تعاني منه، لكن في جميع الحالات سيتم إعطاء السوائل الوريدية (intravenous IV) للتأكد من عدم الإصابة بالجفاف وللمساعدة في إخراج الليثيوم من جسمك.
التسمم الحاد
يعتمد العلاج هنا على الكمية التي تناولتها والمدة التي استغرقت حتى تم كشف ابتلاع الليثيوم، وقد يشمل الفحم المنشط (الكربون الفعّال) إذا كنت تتناول مواد أخرى، أو غسيل الكلى في الحالات الشديدة أو غسل الأمعاء بالكامل، إذ يتم استخدام محلول بولي إيثيلين جلايكول (polyethylene glycol) لصرف كميات كبيرة أو ممتدة المفعول من الليثيوم من جسدك.
يتم غسيل الأمعاء بالكامل فقط إذا كنت لا تعاني من أعراض الخمول أو الارتباك.
التسمم المزمن
يتم إزالة الليثيوم من جسدك في حالة التسمم المزمن بشكل أبطأ من التسمم الحاد. وإذا تم اكتشاف الأعراض في وقت مبكر، فقد يكون تقليل جرعة الليثيوم أو إيقافها تماماً علاجاً كافياً، ويمكن استئناف جرعة أقل عند الحاجة. وبخلاف ذلك، قد يكون من الضروري اللجوء إلى سلسلة من عمليات غسيل الكلى لإزالة الليثيوم الزائد من جسمك.
التسمم الحاد المزمن
عادةً ما تستخدم السوائل الوريدية وجلسات غسيل الكلى لعلاج التسمم الحاد والمزمن جنباً إلى جنب مع العلاجات الأخرى الخاصة بالأعراض المحتملة كأدوية الغثيان أو السيطرة على الصرع.
نظرة عامة
عندما يتم إدخالك إلى المستشفى بسبب تسمم الليثيوم، ستحتاج إلى المكوث فيها حتى تختفي الأعراض ويكون مستوى مصل الليثيوم لديك أقل من 1.5 mEq/L. ويتعافى معظم الناس من سموم الليثيوم دون حدوث مشكلات.
لكن قد يعاني عدد قليل من الأشخاص المصابين بالتسمم الحاد من مضاعفات طويلة الأمد، والتي تكون على الأرجح في حالات تسمم الليثيوم الحاد المزمن، وأكثر هذه المضاعفات شيوعاً المشاكل المتعلقة بالجهاز العصبي، وقد تتأثر الغدة الدرقية والكلى والغدد جارات الدرقية والقلب.
خلاصة
تأكد من التحدث إلى طبيبك عندما تبدأ بتناول أي أدوية جديدة دون وصفة طبية أو حتى مع وصفة طبية للتأكد من أنها لا تتفاعل مع الليثيوم. هذا ينطبق بشكل خاص على الأدوية المذكورة سابقاً والتي يمكن أن تؤدي إلى الجفاف أو عدم عمل الكلى بشكل طبيعي، بما في ذلك مدرات البول، مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE)، ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) كالأسبرين (aspirin)، موترين/أدفيل Motrin/Advil، إيبوبروفين (ibuprofen)، أليف (naproxen).
تأكد أيضاً من زيارة الطبيب دورياً وفق المواعيد المحددة حتى يتمكن من مراقبة مستوى الليثيوم لديك بانتظام.
اقرأ أيضأً: تاريخ اكتشاف واستعمال الليثيـوم كمثبت للمزاج
اقرأ أيضأً: مثبتات المزاج، آلية عملها، استخداماتها وآثارها الجانبية
اقرأ أيضأً: أدوية اضطراب ثنائي القطب وفعاليتها العلاجية
المصدر: Lithium Toxicity: Types, Symptoms, Diagnosis, and Treatment
تدقيق: أماني عباس
تحرير: جعفر ملحم