الفصام عند الأطفال، أعراضه، تشخيصه، أسبابه وعلاجه

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

إن معرفة إصابة طفلك بالفصام أو الاشتباه في ذلك يمكن أن يشعرك بالارتباك والخوف. لكن، التعرّف المبكر والعلاج مهمان في إدارة أعراض الفصام عند الأطفال وتحسين تشخيصه على المدى الطويل. نقدّم لكم في هذا المقال أسباب وعلامات مبكرة دالة على الفصام (انفصام الشخصية) عند الأطفال.

الفصام (Schizophrenia) هو مرض نفسي يجعل الناس يفسرون الواقع بشكل غير طبيعي، وينطوي على مجموعة من المشكلات المعرفية والعاطفية والسلوكية التي تضعف قدرة الطفل على الأداء.

تتناول هذه المقالة أعراض وأسباب وانتشار مرض الفصام عند الأطفال، كما تغطي كيفية ظهور هذا الاضطراب عند الأطفال والعلاجات المتاحة والأشياء التي يمكن للوالدين القيام بها لمساعدة الأطفال على التأقلم.

انتشار مرض الفصام عند الأطفال

يبدأ ظهور المرض عادة بين أواخر سن المراهقة ومنتصف الثلاثينات. وتكون ذروة ظهوره عند الذكور هي أوائل العشرينات وعند الإناث أواخر العشرينات. ولكنها قد تحدث في أي عمر.

وفقاً للمعهد الوطني للصحة النفسية، يعاني حوالي 0.25% إلى 0.64% من الأمريكيين من مرض الفصام.

يتميز مرض الفصام (انفصام الشخصية) في الطفولة بظهوره قبل سن 13 عاماً. إذ يصيب طفلاً واحداً من بين 40.000 طفل فقط. يمثل الفصام عند الأطفال تحديات خاصة من حيث التشخيص والعلاج.

أسباب مرض الفصام عند الأطفال

لم يعثر العلماء على مجموعة واحدة من أسباب الفصام عند الأطفال، و يُشتبه بوجود العديد من العوامل الجينية والبيئية التي تلعب دوراً في ذلك:

العوامل الجينية: تدعم دراسات الأسرة والتوائم والتبني وجود عنصر وراثي قوي في مرض الفصام. إذ يكون الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالفصام بعشرة أضعاف إذا كان الأهل مصابين به. وإذا كان أحد التوائم المتطابق مصاباً بالمرض، فإن احتمال إصابة التوأم الآخر بالفصام تزيد عن 40%.

العوامل البيئية: قد تكون هناك بعض العوامل البيئية التي تساهم في الإصابة بالفصام (انفصام الشخصية) عند الأطفال، خاصة إذا كان هناك بالفعل دور للمكونات الوراثية أيضاً. وقد تلعب العدوى قبل الولادة ومضاعفات الولادة وسوء تغذية الأمهات دوراً في ذلك أيضاً.

أعراض الفصام عند الأطفال

ظهرت كل من الهلوسات (Hallucinations) واضطراب الأفكار والتأثير المسطح (Flattened Affect) باستمرار لدى الأطفال المصابين بالفصام. وتحدث الأوهام (Delusions) والأعراض الجامودية (Catatonic Symptoms) بشكل أقل.

يرتبط الفصام في الطفولة غالباً بالتأخيرات المعرفية أيضاً. ويحدث التدهور المعرفي عادةً في وقت ظهور الفصام. ولكن بعد الانحدار الأولي، يبدو العجز الفكري مستقراً دون أن يزداد سوءاً تدريجياً.

علامات مبكرة دالة على الفصام

يمكن أن يكون تشخيص مرض الفصام (انفصام الشخصية) أكثر صعوبة عند الأطفال الأصغر سناً. فيما يلي علامات مبكرة دالة على الفصام:

  • سلوك عدواني
  • كلام غريب
  • الخلط بين الخيال والأحلام أو بين التلفزيون والواقع
  • صعوبة النوم
  • قلة النظافة الشخصية أو العناية بالنفس
  • الهيجان
  • انخفاض العاطفة
  • ضعف الدافع
  • مشاكل في التفكير
  • مخاوف غريبة

الأعراض اللاحقة للفصام

تلك كانت علامات مبكرة دالة على الفصام (انفصام الشخصية) عند الأطفال، إلا أن مع نمو الأطفال المصابين بالفصام، سيبدؤون في إظهار بعض الأعراض الأكثر شيوعاً للحالة التي غالباً ما تظهر أيضاً عند البالغين المصابين بها.

تشمل بعض هذه الأعراض:

الهلوسات: وتتضمن رؤية أو سماع أشياء ليست موجودة بالفعل. على سبيل المثال، قد يسمع الطفل أصواتاً غير موجودة في الحقيقة. في حين أن الأصوات ليست حقيقية، إلا أن الطفل يختبرها كما لو كانت كذلك.

الأوهام: تتضمن الأوهام أفكار زائفة ثابتة لا يؤمن بها إلا الطفل ولا تستند غالباً إلى الواقع. على سبيل المثال، قد يكون الطفل مقتنعاً بأن طفلاً آخر أو شخصاً بالغاً يضايقه أو يحاول إيذاءه بينما يكون الأمر غير ذلك.

التفكير غير المنظم: يتضح التفكير غير المنظم من خلال الكلام الغريب أو غير المترابط. قد يقدم الأطفال إجابات غير مكتملة على الأسئلة  أو لا علاقة لها بالأسئلة الأصلية. في بعض الحالات، قد يكون الكلام غير مفهوم أو لا معنى له.

التأثير المسطح: قد يتحدث الأطفال المصابون بالفصام بصوت رتيب ويبدون تعابير وجه قليلة ويَظهرون بمظهر اللامبالين. قد تشمل هذه السلوكيات المعروفة بـ الأعراض السلبية عدم التواصل بالعين وعدم تحريك الرأس أو الذراعين وعدم القدرة على إظهار العواطف أو الشعور بالسعادة.

ندرة الكلام أو التفكير: لا يتحدث الأطفال المصابون بالفصام (انفصام الشخصية) إلا عند الطلب ويردون بإجابات قصيرة. عند طرح سؤال يتطلب شرحاً أكثر تفصيلاً، قد يجيب الطفل بإجابة من كلمة واحدة لا تنقل سوى معنى أو معلومات قليلة.

السلوك الغريب: قد يُظهر الأطفال المصابون بالفصام أيضاً سلوكاً غير لائق أو غير منظم أو غريباً وغير مناسب لعمرهم. على سبيل المثال، قد ينخرطون في سلوكيات خاصة في الأماكن العامة أو يصبحون منفعلين بسهولة أو يتصرفون تصرفات صبيانية أو يجلسون ويحدّقون كما لو كانوا غير قادرين على الحركة.

بإيجاز، قد يكون تشخيص مرض الفصام عند الأطفال أمراً صعباً، لأن الأعراض المبكرة غالباً ما يتم الخلط بينها وبين سلوكيات الطفولة الطبيعية.

مع تقدم الأطفال في السن، غالباً ما تشبه أعراضهم إلى حد كبير العلامات المميزة للحالة، بما في ذلك وجود الهلوسات والأوهام والتفكير غير المنظم.

مسار الفصام عند الأطفال

يختلف مسار الفصام من شخص لآخر، ولكن هناك مراحل مميزة يميل الناس إلى المرور بها:

المرحلة البادرة (Prodrome phase): يعاني معظم المصابين بالفصام من بعض التدهور الوظيفي قبل ظهور الأعراض الذهانية. قد يبدأ الانسحاب الاجتماعي أو الاهتمامات الغريبة أو السلوك غير المعتاد أو الفشل الأكاديمي أو تراجع النظافة والرعاية الذاتية قبل ظهور أي علامات ذهانية.

المرحلة الحادة (Acute phase): تتميز هذه المرحلة بأعراض واضحة، مثل الهلوسات والأوهام والكلام والسلوك غير المنظمين والتدهور الكبير في الأداء؛ قد تستمر هذه المرحلة عدة أشهر وذلك حسب الاستجابة للعلاج.

مرحلة التعافي أو الشفاء (Recuperative or recovery phase): بعد انحسار الذهان الحاد، هناك عموماً فترة يستمر فيها الشخص في المعاناة من ضعف كبير. غالباً ما يكون التأثير المسطح والانسحاب الاجتماعي موجودين في هذه المرحلة.

المرحلة المتبقية (Residual phase): قد يكون لدى الأطفال المصابين بالفصام (انفصام الشخصية) فترات ممتدة من الوقت بين المراحل الحادة. ومع ذلك، سيستمر معظمهم في المعاناة على الأقل من الضعف إلى حد ما. لا يصل البعض أبداً إلى الأعراض المتبقية وتستمر الأعراض الحادة على الرغم من العلاج.

متى ترى الطبيب؟

من الصعب تحديد مرض الفصام (انفصام الشخصية) عند الأطفال رغم وجود علامات مبكرة دالة على الفصام. إذ يتمتع الأطفال الصغار بخيال ممتاز، لذا فمن الشائع أن يكون لديهم أصدقاء وهميون يجرون معهم المحادثات. هذا النوع من اللعب التخيلي لا يعني أن طفلك يعاني من هلوسة.

لا يجيد الأطفال أيضاً إخبار البالغين عن أعراضهم. عندما يُسألون أسئلة حول الهلوسة أو الأوهام. يقول الكثير منهم نعم، لكن هذا لا يعني أنهم مصابون بالذهان.

بدلاً من ذلك، وفي بحث نشر عام 2013، يعتقد الباحثون أن الأطفال قد يُبلغون عن ظهور هذه الأعراض لأن لديهم مخيلة مفرطة النشاط أو حدوداً معرفية أو ببساطة يسيئون فهم السؤال.

لذا، عند سؤال طفلك أسئلة مثل: “هل رأيت يوماً أشياء لا يراها أي شخص آخر؟” فليس من المرجح أن يعطيك جوابُه نظرة ثاقبة حول ما إذا كان ينبغي مراجعة الطبيب.

تميل الأعراض أيضاً إلى البدء تدريجياً؛ ومع ذلك، بمرور الوقت، قد يصاب الطفل بالذهان وتصبح الأعراض أكثر وضوحاً.

إذا لاحظت تأخيرات في النمو أو طقوساً غريبة لتناول الطعام أو سلوكاً أو أفكاراً غير مألوفة أو تغيراً في الأداء في الدراسة أو العزلة الاجتماعية فاستشر طبيب طفلك.

بإيجاز، نظراً لأن الفصام عند الأطفال نادر الحدوث، فهناك فرصة جيدة لحدوث أي سلوكيات قد تشبه أعراضاً معينة للحالة تنبع في الواقع من شيء آخر. لكن من المهم معرفة أسباب أي تغييرات مقلقة تلاحظها.

تشخيص مرض الفصام عند الأطفال

لا يوجد فحص مخبري يحدد مرض الفصام. يقوم أخصائيو الصحة النفسية بإجراء التشخيص بناءً على عدة عوامل بعد جمع التاريخ الكامل ومراقبة الطفل وإجراء المقابلات مع الوالد والطفل. ويجب أيضاً استبعاد الحالات النفسية الأخرى.

وُجدت العديد من أعراض الفصام (انفصام الشخصية) عند الأطفال أيضاً في اضطرابات أخرى، مثل اضطرابات طيف التوحد (ASD)، أو اضطرابات المزاج ذات السمات الذهانية أو اضطراب الوسواس القهري (OCD).

قد تؤدي الحالات الطبية أيضاً إلى أعراض متداخلة. على سبيل المثال، قد تؤدي عدوى الجهاز العصبي المركزي واضطرابات الغدد الصماء والمتلازمات الوراثية واضطرابات المناعة الذاتية والتعرض للمواد السامة إلى ظهور أعراض مثل الذهان لدى الأطفال.

قد يتسبب تعاطي المخدرات أيضاً في الإصابة بالذهان. إذ أن الفطر المهلوس، المنبهات، المخدرات المستنشقة والحشيش ليست سوى عدد قليل من المواد التي قد تؤدي إلى أعراض ذهانية.

قد يؤدي سوء استخدام الأدوية الموصوفة أيضاً إلى الذهان الحاد. وتتراجع الأعراض بشكل عام في غضون أيام قليلة إلى أسابيع بعد التوقف عن تناول الدواء.

يجب استبعاد جميع الحالات المحتملة الأخرى قبل إجراء تشخيص الفصام.

علاجات الفصام عند الاطفال

تُعد الأدوية المضادة للذهان هي العلاج الأساسي لمرض الفصام عند الأطفال والبالغين. الأشخاص المصابون بالفصام معرضون بشكل كبير لخطر الانتكاس إذا توقفوا عن تناول الأدوية المضادة للذهان.

من الضروري لذوي الأطفال الذين تم تشخيص إصابتهم بالفصام أن يتواصلوا مع الأطباء لمراقبة الأعراض والآثار الجانبية والالتزام بالعلاج.

قد يكون العلاج بالكلام مفيداً أيضاً للأطفال المصابين بالفصام، وقد يستفيد الأطفال وأولياء أمورهم من جلسات التثقيف النفسي وحل المشكلات، وقد يكون من المهم أن يشارك الأقارب في العلاج حتى يتمكنوا من فهم سلوك الطفل.

يكون التدريب على المهارات الاجتماعية والوقاية من الانتكاس والتدريب على المهارات الحياتية الأساسية أموراً مفيدة أيضاً، وقد يحتاج بعض الأطفال المصابين بالفصام (انفصام الشخصية) إلى برامج تعليمية متخصصة أو برامج تدريب مهني. 

إذا أصبح الطفل يشكل خطراً على نفسه أو على الآخرين، فقد يكون العلاج النفسي ضرورياً. يمكن أن يكون العلاج في العيادات الداخلية مفيداً للسيطرة على الأعراض الشديدة. 

معلومات هامة عن الفصام عند الأطفال

يرتبط بدء الفصام في الطفولة بانخفاض الأداء العقلي وبمعدلات أعلى من الأعراض السلبية على مدى العمر. وفقاً لدراسة أجريت عام 2011 ونشرت في “عيادات طب الأطفال في أمريكا الشمالية”، فإن الفصام الذي يصيب الأطفال في الطفولة يرتبط بعجز اجتماعي أكبر في مرحلة البلوغ مقارنة بأولئك الذين يعانون من أمراض نفسية.

كما تبين ارتباطه أيضاً بمستويات أخفض للتوظيف واحتمالات أقل للعيش بشكل مستقل مقارنة بالاضطرابات النفسية الأخرى.

يكون المراهقون أكثر عرضة لخطر السلوك الانتحاري خلال النوبة الأولى من الذهان. إذ يموت ما لا يقل عن 5% من الأشخاص الذين ظهرت عليهم أعراض الفصام قبل سن 18 انتحاراً أو بشكل عرضي مرتبط مباشرة بالسلوكيات الناجمة عن تفكيرهم الذهاني.

الأشخاص المصابون بالفصام هم أيضاً أكثر عرضة للإصابة بحالات صحية جسدية مثل أمراض القلب، السمنة، التهاب الكبد، السكري وفيروس نقص المناعة البشري الشائع باسم الإيدز(HIV). 

لا يوجد علاج لمرض الفصام، ولكن يمكن السيطرة على الأعراض بالعلاج، ويعد التدخل المبكر مفتاح تحسين نتائج الأطفال المصابين بالفصام.

التأقلم والدعم 

إن معرفة إصابة طفلك بالفصام أو الاشتباه في احتمال إصابته به يمكن أن يشعرك بالخوف والارتباك. لذا، من المهم أن تتعلم قدر الإمكان عن مرض الفصام عند الأطفال حتى تتمكن من دعمه والوقوف بجانبه بشكل أفضل. 

اسأل طبيب طفلك عن مصادر الدعم الخاصة بالفصام، إذ يُعد حضور مجموعات الدعم للأشخاص الذين تم تشخيص إصابة أحد أفراد أسرتهم بالفصام بمثابة ثروة من المعلومات.

ومن المهم أن تعتني بنفسك أيضاً، ويمكنك الانضمام إلى مجموعة دعم أو البحث عن علاج لنفسك. ستشكل إدارة مستوى التوتر لديك حلاً أساسياً في مساعدتك على الاستعداد بصورة أفضل لدعم طفلك. 

بإيجاز، يمكن أن يساعدك التعرف على حالة الفصام وطلب الدعم في الشعور بأنك تمتلك المزيد من المعرفة والتمكين عند التعامل مع هذا المرض لدى طفلك. من الضروري أيضاً الاعتناء بنفسك أثناء البحث عن العلاج المناسب له. 

خلاصة

في حين أنه لا توجد طريقة للوقاية من مرض الفصام ومنعه عند الأطفال، إلا أن الوعي بعوامل الخطر ومراقبة الأعراض المحتملة يمكن أن يساعد في التعرف المبكر على الحالة.

إن معرفة أسباب الفصام عند الأطفال يساعد في تفاديها، كما يمكن أن يساعد العلاج المبكر في تحسين النتائج إضافة إلى الحد من بعض الأعراض الأكثر خطورة مثل الذهان. 

بعد أن اطلعت على أعراض وأسباب الفصام عند الأطفال، إذا كانت تراودك الشكوك بأن طفلك يعاني من أعراض فصام الأطفال، فتحدث إلى طبيبه الخاص لمزيد من التقييم وخيارات العلاج.

اقرأ أيضاً: هل يمكن التعايش مع الفصام؟ وهل يستطيع مرضى الفصام التأقلم مع المجتمع؟

المصدر: Schizophrenia in Children

تدقيق: هبة محمد

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: