رهاب المثلية الجنسية

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

 رهاب المثلية الجنسية (homophobia) هو الخوف المصنوع ثقافياً أو التعصّب ضد المثليين. والذي يتجسد أحياناً على شكل قيود قانونية؛ أو في الحالات المتطرفة، على شكل تنمر أو حتى عنف تجاه المثليين. (يدعى أحياناً بـ ضرب الشواذ / gay bashing). 

صيغ مصطلح رهاب المثلية في أواخر الستينات واستُخدم بشكل أساسي من قبل جورج واينبرغ (.George Weinberg) وهو عالم نفس سريري أمريكي؛ وذلك في كتابه “المجتمع والمثلية الصحيحة” (1972).

على الرغم من أن اللاحقة “فوبيا (الرهاب)” تعبّر عن الخوف غير المنطقي. لكنها في حالة رهاب المثلية تشير عوضاً عن ذلك لنزعة موقفية تتراوح من الكره الخفيف إلى الاشمئزاز من الناس الذين ينجذبون جسدياً أو عاطفياً للجنس نفسه. 

يعد رهاب المثلية استجابة تكيفية ثقافية للمثلية الجنسية، وتتنوع السلوكيات تجاه المثليين الجنسيين حسب الثقافة وعلى مرّ الوقت.

تاريخ المثلية الجنسية

على الرغم من معرفة القليل فقط عن الميول والهوية الجنسية الأنثوية قبيل الحداثة. إلا أنه كان من المعتقد أن الرغبة الجنسية من رجل تجاه آخر كانت شكلاً مقبولاً وأحياناً مقدساً من الحب في الثقافات القديمة.

تفاقم التعصب تجاه السلوكيات المثلية في العصور الوسطى تحديداً وبين معتنقي الديانة المسيحية والإسلامية على وجه الخصوص.

من أجل فهم التأثير الثقافي الواسع لرهاب المثلية، لا بد من الوعي المجتمعي العام بما يتعلق بطبيعة المثلية الجنسية. في الثقافات الغربية، في أواخر القرن التاسع عشر، بدأ بعض علماء النفس باعتبار المثلية الجنسية على أنها أكثر من سلوك مؤقت ومدركين أنه غير قابل للتغيير.

ومع ازدياد الهجرة من المناطق الريفية إلى المدن بعد انتشار التحوّل الصناعي، سمح تزايد كثافة السكان في المدن للأفراد المنجذبين لنفس الجنس بالتنظيم (بدايةً خلف ستار من إخفاء الهوية). وهو ما جعل هذا الأمر أكثر وضوحاً وأدى إلى تزايد الدراسة العلمية للمثليين.

تم استخدام مصطلح المثلية الجنسية لأول مرة عام 1868. وصوّر بحث “الاضطرابات النفسية الجنسية” الذي ألفه ريتشارد فون كرافت إيبينغ (.Richard von Krafft- Ebing) المثلية الجنسية على أنها رغبةٌ جنسيةٌ ثابتة.

وفي عام 1905 روج فرويد Sigmund Freud للمفهوم الخاطئ القائل بأن المثلية الجنسية هي نتاج تربية الطفل. حيث كتب: “يلعب وجود كلا الأبوين دوراً مهماً، وإن غياب أب قوي في مرحلة الطفولة ليس نادراً أن يزيد من حدوث هذا التحول.” وأعطى فرويد نصائح لتنشئة الطفل من أجل مساعدة الآباء في توصيل أبنائهم للتكيف الجنسي المغاير (الانجذاب للجنس المغاير).

مع تحذير فرويد ونتيجة ساعات العمل الطويلة التي يقضيها الرجال بسبب التحول الصناعي، تم إنشاء منظمات اجتماعية مثلية (مثل النوادي الرياضية وصبيان الكشافة.) من أجل تعريف الشبان الصغار على نماذج ذكورية مغايرة الجنس لا تمتلك أباً.

وقد ساد الاعتقاد الخاطئ (وما يزال) بأن تعليم الذكورية للصبيان والأنوثة للبنات قادر على حماية الأطفال من أن يصبحوا مثليي الجنس.

هيستيريا المثلية الجنسية

دائماً ما ارتبط النوع الاجتماعي بالميول الجنسي، وزادت محاكمات الكاتب الإيرلندي أوسكار وايلد (Oscar Wilde.) الذي اتُّهم بالفحش الشديد عام 1895 من هذا الاعتقاد إذ ساعد المظهر الجمالي غير الاعتيادي الذي قدمه وايلد. بالإضافة إلى ولعه بالفن الجميل وبالجمال على تشكيل هذا الشك بالمثلية عند الرجال الذين يشاركون وايلد ذوقه الأنثوي.

كما وساعدت إدانة وايلد بالترويج للصورة النمطية المشيرة إلى انتشار المثلية الجنسية بين الرجال الأنثويين. وبالتالي نزع الشك بشكل خاطئ عن أن يكون الرجال الذكوريين مثليي الجنس.

بلغت قوة رهاب المثلية للحد الذي يجد فيه الأفراد المثليون أنفسهم مجبرين ثقافياً على التمثيل الخاطئ لميولهم الجنسي (وهو ما يشار إليه بأن تكون “في الخزانة”.) من أجل تجنب الوصمة الاجتماعية.

ولكن يؤثر رهاب المثلية على الأشخاص غير المثليين لأنه من المستحيل إثبات التغاير الجنسي بشكل قاطع. ووفقاً لذلك يجبر كل من المثليين وغير المثليين على تمني أن يراهم الناس غير مثليين. وذلك لتجنب أي أمر قد يرمز للمثلية وهو ما يمكن تحقيقه من خلال الربط الدائم مع الرموز الثقافية للتغاير الجنسي والابتعاد عن رموز المثلية الجنسية.

وعلى العكس، غالباً ما يقع الشك بأن شخصاً ما مثلي الجنس عندما يُظهر سلوكاً يرمز للنوع الاجتماعي يلائم الجنس الآخر. بالنسبة للرجال، ارتبطت رياضات الفرق التنافسية، العنف، السيارات، الجعة ومظهر انعدام المشاعر بـ الذكورية وبالتالي بالتغاير الجنسي. بينما ارتبط تقدير الفنون، الطعام الراقي، الرياضات الفردية و التعابير العاطفية بالمثلية الجنسية، وتنعكس المعادلة عند النساء.

يمكن خلق ثقافة هيستيريا المثلية (وهو مصطلح صاغه عالم النفس الأمريكي Eric Anderson). من خلال الدمج بين الوعي للمثلية والدرجة العالية من رهاب المثلية.

وضمن هذه الثقافة يعتقد أن أي شخص يمكنه أن يكون مثلياً. ونتيجة لذلك يتم الحد من التصرفات متغايرة الجنس الاجتماعية والجنسية والشخصية لأن الرجال يخشون أن يتم ربطهم بالأنوثة. وتخشى النساء أن يتم ربطهم بالذكورية.

في ثقافة هيستيريا المثلية الجنسية يقلق الأفراد حيال إثبات مغايرتهم الجنسية لأن المثلية الجنسية موصومة بالعار. وبالعكس، عندما يكون رهاب المثلية قوياً ثقافياً لدرجة لا يعتقد بها المواطنون أن المثلية موجودة أساساً (.كما في العديد من ثقافات الشرق الأوسط. والثقافات الآسيوية والإفريقية المعاصرة.)، لا تكون هناك حاجة لأن يُثبت أحد ما لغيره أنه ليس مثلياً. 

يمكن ملاحظة تجلي هذا المفهوم في إيران بقول رئيسها محمود أحمدي نجاد في أحد خطاباته في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2007 بأنه ليس في بلده أي مثلي.

في حين أطلق آخرون اسم “الداء الأبيض” على المثليين. ومما يثير السخرية أنه في بعض ثقافات رهاب المثلية (وليس حالة هيستيريا المثلية.) يُعطى المثليون حرية أكبر في التعبير الجنسي. إذ يمكن للرجال على سبيل المثال أن يمسكوا أيدي بعضهم البعض في العديد من ثقافات رهاب المثلية الشديد (.لأن الآخرين لا يتلقون هذا التصرف أنه يرمز للمثلية الجنسية). بينما يثير ضم الأيدي من قبل الرجال الشك بالمثلية في الغرب.

المواقف الحالية تجاه المثلية 

بلغ رهاب المثلية و هيستيريا المثلية في الغرب في ثمانينات القرن الماضي ذروته مع انتشار فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب AIDS. وقد زاد هذا المرض من الوعي العام تجاه وجود مثليي الجنس في كل مؤسسة اجتماعية، وقد فاقمت طبيعة عدوى المرض من وصمة العار تجاه الرجال المثليين. وانتهى الاعتقاد المسبق بالتغاير الجنسي خصوصاً في الثقافات الغربية.

ومع تزايد قوة التعصب المسيحي في الولايات المتحدة خلال هذه الفترة. كان لا بد للرجال من أن يجعلوا سلوكهم وهويتهم تتماشى مع التغاير الجنسي وبالتالي تلاشت التعابير الأنثوية بين الرجال. وبالتزامن مع رهاب المثلية وهيستريا المثلية هاتان ، تزايدت المناصرة السياسية لحقوق المثليين والتقليل من القوانين المعادية للمثلية الجنسية.

ومع بداية القرن الواحد والعشرين، تم الاعتراف بأن الإيدز AIDS منتشر بين مغايري الجنس. بالإضافة إلى مثليي الجنس وتم سحب القوانين المعادية للمثلية من معظم الدول الغربية.

ترافق ذلك مع ازدياد ظهور المثليين من الذكور والإناث وانخفاض رهاب المثلية من بعض فروع المسيحية. قدرة مغايري الجنس على التواصل مع المثليين على الإنترنت وازدياد نسبة اعتراف المثليين بمثليتهم. وازدياد الوعي بأن المثلية الجنسية تنشأ بيولوجياً، كل هذه الأسباب قللت من رهاب المثلية الثقافي. 

كما وحصلت الأقليات الجنسية في أوروبا وأمريكا الشمالية على أغلب حقوق مغايري الجنس. والتي تتضمن في بعض الولايات الزواج أو اعتراف الولاية بالشراكة المدنية. وأظهرت الأبحاث في أوائل القرن الواحد العشرين أن الشباب في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية بدأوا بالابتعاد عن رهاب المثلية بشكل سريع.

وبالتالي إضعاف هيستيريا المثلية وأصبح بإمكان الشباب التعبير عن نطاق واسع من السلوكيات ذات الطابع المتعلق بالنوع الاجتماعي بغض النظر عن هويتهم الجنسية. ومع الانخفاض السريع في رهاب المثلية أصبح هذا الرهاب هو ما يتم اعتباره عاراً بدلاً عن المثلية بحد ذاتها.

لكن، كان هذا التناقص الثقافي والقانوني في رهاب المثلية غير متعادل. فبينما تم إلغاء تجريم المثلية بكل من أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا وأستراليا، فقد ظلت الصورة مجزأة أكثر في أفريقيا وأجزاء من آسيا.

على سبيل المثال، وعلى الرغم من أن إفريقيا الجنوبية منعت التفرقة العنصرية تجاه المثليين في دستور ما بعد الفصل العنصري، الذي تم اعتماده في منتصف التسعينات وشرعت زواج مثليي الجنس في أول عقد من القرن الواحد والعشرين. إلا أن المثلية الجنسية قد ظلت غير قانونية في الدول المحيطة بها.

كما وبقيت القوانين المعادية للمثليين (ذكور وإناث) صارمة جداً في معظم دول الشرق الأوسط. على سبيل المثال، يُمكن أن يعاقب الفرد المتورط في سلوك مثلي الجنس بالموت في بعض الدول التي تُطبق فيها القوانين الإسلامية المحافظة. 

اقرأ أيضاً: رهاب الغرباء، تعريفه، أنواعه وكيف نواجهه

المصدر: homophobia

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: