علاج النوم (Sleep Therapy) هو شكل من أشكال العلاج صُمم ليحسّن جودة نومك ويساعدك على علاج اضطرابات النوم مثل الأرق (Insomnia)، وقد يساعد أيضاً في الحالات النفسية والجسدية الأخرى.
قد يتركك عدم النوم جيداً متعباً، سريع الانفعال وغير قادر على التركيز، ويؤثر على أدائك في المدرسة والعمل وربما على علاقاتك، صحتك وسلامتك.
لا يحصل على ما يزيد عن 100 مليون شخص في الولايات المتحدة الأمريكية على قدر كافٍ من النوم، وبذلك فإن ما يقارب 70 مليون شخصاً يعانون من اضطراب النوم.
عندما يتعلق الأمر باضطرابات النوم، فهناك دائماً سؤال يخص المنشأ: هل يسبب اضطراب النوم ظهور أعراض صحية نفسية أو أن صحتك النفسية تؤثر على نومك؟
تتضمن بعض الاضطرابات الشائعة لقلة النوم: الاكتئاب، القلق، اضطراب ثنائي القطب، تعاطي المخدرات، اضطراب الوسواس القهري واضطراب ما بعد الصدمة“، وفقاً لما تقوله سابرينا رومانوف (Sabrina Romanoff)، حاصلة على شهادة دكتوراه في علم النفس وهي دكتورة ومعالجة نفسية إكلينيكية، في مدينة نيويورك.
أنواع علاج النوم
تقول رومانوف: “أكثر أنواع العلاج الذي تمت دراسته واستخدامه للأرق هو العلاج السلوكي المعرفي للأرق (CBTi)، وهو معيار ذهبي مرتكز على الأدلة لعلاج مشاكل النوم.” ويعد العلاج المعرفي السلوكي للأرق (CBTi) شكلاً من أشكال العلاج التي تساعدك في إدراك الأفكار والسلوكيات غير السليمة المرتبطة بالنوم واستبدالها بعادات وتصرفات صحية أكثر.
“يهدف هذا النوع من العلاج إلى تضمين عادات وسلوكيات فعالة، وتخفيف السلوكيات غير الفعالة بالمقابل”، كما تقول رومانوف.
تقنيات علاج النوم
يستخدم المعالج الأخصائي في (CBTi) تقنيات مختلفة لمساعدتك على تحسين جودة نومك، لأن النوم قد يتأثر بالعديد من المشكلات الصحية النفسية. فقد يُجري معالجك تقييماً مفصلاً لتحديد سبب تأثر نومك ويعتمد على تقنيات العلاج المتعددة. حسب قول رومانوف، وتوضح بعض التقنيات التي يستخدمها المعالج أدناه:
النوم الصحي
يتضمن النوم الصحي بناء عادات صحية مرتبطة بالنوم، وهذا يعني تغيير اتجاهات أسلوب الحياة اليومي الأساسية المؤثرة على نومك مثل الحد من الكحول والكافيين والتدخين وزيادة التمارين الرياضية، كما أنه يركز على اتباع جدول ثابت للنوم والاستيقاظ.
تحسين بيئة النوم
قد يوصي المعالج الخاص بك تغيير ظروف بيئة نومك بحيث تكون مريحة وتساعد على النوم غير المتقطع. مثل الحفاظ على غرفتك هادئة ومظلمة ومعتدلة الحرارة وإخفاء أي ساعات من الغرفة.
التحكم في المحفزات
يتضمن التحكم بالمحفزات إزالة العناصر التي تعيق نومك. على سبيل المثال، قد تستلقي في سريرك وتشاهد عروضاً ترفيهية مما يجعلك تربط سريرك بالتسلية. يشجعك التحكم في المحفزات على الالتزام بوقت ثابت للنوم واستخدام السرير فقط للنوم. وقد يطلب منك المعالج أيضاً مغادرة الغرفة إذا كنت غير قادر على النوم خلال 20 دقيقة والعودة فقط عندما تشعر بالنعاس.
النية المتناقضة
يستخدم (CBTi) تقنية تدعى “النية المتناقضة/paradoxical intention” التي تتطلب منك الالتزام بأن تبقى صاحياً. وهذا يؤتي نفعه لأنك لا تقلق حول عدم قدرتك على النوم، إذ يؤدي التخلي عن مقاومتك وقلقك إلى تسهيل النوم.
بماذا يساعد علاج النوم؟
قد يكون علاج النوم مساعداً في ضبط كل الحالات تقريباً بما فيها:
اضطرابات النوم: مثل الأرق ومتلازمة تململ الساقين (restless leg syndrome) وتوقف التنفس أثناء النوم (sleep apnea) والخدار أو داء التغفيق (narcolepsy).
الحالات الصحية النفسية: مثل الاكتئاب، القلق، اضطراب ثنائي القطب، تعاطي المخدرات ، اضطراب الوسواس القهري واضطراب ما بعد الصدمة.
الحالات الصحية الجسدية: قد يزيد عدم نومك بشكل كافٍ مخاطر الإصابة بأمراض صحية مثل السكري وأمراض القلب والجلطة والبدانة.
فوائد علاج النوم
إليك بعض فوائد علاج النوم:
يحسن الوعي والإدراك: إن زيارة معالج مختص بعلاج النوم يزيد من فهمك بشكل أكبر لعدم قدرتك على النوم جيداً. وأيضاً زيادة وعيك بشأن الأنشطة الروتينية وعادات النوم الصحي.
يستهدف الأفكار غير المفيدة المتعلقة بالنوم: يمكن أن يساعد العلاج في تحديد الأفكار غير المفيدة وتصحيحها. مثل: “لماذا لا أستطيع النوم طوال الليل مثل أي شخص عادي؟” أو “أعلم أنني لن أستطيع النوم جيداً هذه الليلة” أو “احتاج الى النوم في الدقائق العشر القادمة للحصول على سبع ساعات من النوم”.
يعزز عادات النوم الصحية: يمكن أن يساعد العلاج على تطوير عادات وروتين صحي يتعلق بالنوم.
يعالج الحالات الصحية النفسية: يساعدك عـلاج النوم في تحديد وعلاج الحالات الصحية النفسية التي تشكل أساس عدم قدرتك على النوم، مما يجعله حلاً طويل الأمد.
يقلل الاعتماد على الأدوية: يعتمد بعض الأشخاص على الأدوية مثل الحبوب المنومة من أجل النوم وهو حل قصير المدى لا يعالج سبب المشكلة. يمكن أن يساعدك عـلاج النوم على تقليل اعتمادك على هذه الأدوية.
فعالية علاج النوم
تقول رومانوف: “تناولت البحوث فعالية العلاج المعرفي السلوكي للأرق (CBTi) على نطاق واسع (في الأوساط السريرية والمخبرية.) إضافةً إلى فعاليته في العالم الحقيقي”.
أظهرت دراسة أجريت عام 2011 تحسين (CBTi) للآتي:
- أعراض الأرق
- مستويات الطاقة الملموسة
- الإنتاجية
- تقدير الذات
- الصحة من كافة الجوانب
أظهرت دراسة أجريت عام 2019 أن برنامج (CBTi) المختصر ساعد على تحسين النوم والمزاج عند المرضى المصابين بالأرق والاكتئاب.
أمور مهمة في علاج النوم
تقول رومانوف: “يتطلب العـلاج المعرفي السلوكي للأرق (CBTi) ديمومة التطبيق والممارسة، فبعض أساليبه، مثل النية المتناقضة والتحكم في التحفيز، قد يسببان حقاً عدم النـوم على المدى القصير. ومع ذلك، فإن ديمومة التدريب والالتزام يؤديان لنتائج مستمرة على الأرجح ويمكنك ملاحظتها”.
من المهم الالتزام بالعملية العلاجية والتحلي بالصبر، لأن توقع نتائج سريعة وفورية يسبب لك الإحباط والاكتئاب.
كيف تبدأ علاج النوم؟
إذا كنت ترغب في بدء عـلاج النوم، فابحث عن معالج متخصص في العلاج المعرفي السلوكي للأرق (CBTi). يمكنك البحث عن معالج بالقرب منك أو استكشاف المعالجين ممن يعالجون عبر الإنترنت. لأن معالجي النوم قد يكونوا محدودين، وناقش تكاليف ومدة العلاج معه.
قبل أن تبدأ العلاج أو في زيارتك الأولى يمكنك توقع ملء استمارات واستبيانات متعددة يستخدمها معالجو النوم عادةً كعملية تقييم قوية لتحديد أسباب قلة النوم لديك.
نصيحة
النوم هو وظيفة أساسية مرتبطة بشكل وثيق بعدة حالات صحية نفسية وجسدية. في حال كنت تعاني مشكلات في النوم، يساعدك نوع العـلاج المتخصص الذي يشكله الـ (CBTi) في تحسين جودة النـوم لديك. يُحدث النوم بشكل هانئ وجيد تغييراً ملحوظاً في المزاج والإنتاجية والصحة العامة ككل.
اقرأ أيضاً: تدريب التحفيز الذاتي، تقنياته فوائده وفعاليته
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم