طور عالم النفس الأمريكي هنري موراي (1893-1988) نظرية تتعلق بالشخصية تقوم على جوانب عدة وهي الدوافع، الضغوطات والحاجات. وصف موراي الحاجات على أنها ” إمكانية أو استعداد للاستجابة بطريقة معينة في ظل ظروف محددة “.
أنواع الحاجات حسب نظرية موراي للحاجات النفسية
تقترح نظريات الشخصية القائمة على الحاجات والدوافع أن شخصياتنا ما هي إلا انعكاس لسلوكياتنا التي تحكمها الحاجات. في حين أن بعض الحاجات مؤقتة ومتغيرة، فإن بعضها الآخر متجذر بشكل أعمق في طبيعة كل فرد.
وفقاً لـ موراي، تعمل هذه الحاجات نفسية المنشأ بالشكل الأقصى في مستوى اللاوعي لكنها تلعب دوراً مهماً في الشخصية. حدد موراي الحاجات بنوعين:
الحاجات الرئيسة: هي الحاجات الأساسية التي تستند إلى المتطلبات البيولوجية، مثل الحاجة إلى الأوكسجين، الطعام والماء.
الحاجات الثانوية: تكون هذه الحاجات نفسية عموماً، مثل الحاجة إلى الرعاية، الاستقلالية والإنجاز. في حين قد تبدو أساسية للبقاء، إلا أنها ضرورية وجوهرية للصحة والرفاه النفسي.
الحاجـات ذات المنشأ النفسي (Psychogenic Needs)
فيما يلي قائمة جزئية تتضمن 24 حاجة حددها موراي وزملاؤه. وفقاً له، هي حاجات عند جميع البشر، لكن يختلف مستوى كل منها من شخص لآخر، ويلعب هذا المستوى الفريد دوراً في تشكيل وقولبة الشخصية الفردية.
كل حاجة مهمة بحد ذاتها، لكن يعتقد موراي أن الحاجات يمكن أن تكون مرتبطة بعضها ببعض، تدعم غيرها من الحاجات وتتصارع مع أخرى
على سبيل المثال، قد تتصارع الحاجة إلى الهيمنة مع الحاجة إلى الانتماء عندما يدفع السلوك المسيطر الأصدقاء، العائلة وشركاء الحب بعيداً جداً.
اعتقد موراي أيضاً أن العوامل البيئية لها دور في تظاهر هذه الحاجات نفسية المنشأ في السلوك، وأطلق عليها اسم” الضغوط/presses”
حاجات الطموح
تفترض نظرية موراي للحاجات النفسية أن حاجات الطموح ترتبط مع الحاجة إلى الإدراك والإنجاز. يتم التعبير عنها أحياناً من خلال النجاح، بلوغ الأهداف والتغلب على العقبات. تُلبى الحاجة إلى الإدراك (اعتراف الآخرين بالفرد وإدراكه) من خلال اكتساب مكانة اجتماعية وإظهار الإنجازات. تتمحور حاجات الطموح أحياناً حول الحاجة إلى الاستعراض أو الرغبة في إبهار الآخرين أو إثارة إعجابهم.
الحاجات المادية
تتركز الحاجات المادية على الكسب، البناء، الترتيب والاستبقاء (الاحتفاظ بالشيء)، وتتمحور حول الحصول على العناصر مثل شراء الأشياء المادية التي نرغبها. في حالات أخرى، تجبرنا هذه الحاجات على خلق أشياء جديدة، ويعد الحصول عليها أو ابتكارها جزءاً مهماً من الحاجات المادية، لكن الاحتفاظ بالأشياء المادية وتنظيمها هما على قدر كبير من الأهمية أيضاً.
حاجات القوة
تميل حاجات القوة إلى الارتكاز على استقلال الفرد بالإضافة إلى حاجته إلى التحكم بالآخرين. اعتقد موراي أن الاستقلالية هي حاجة قوية تدور حول الرغبة في التحرر والمقاومة.
تتضمن حاجات القوة الأخرى المهمة والتي حددها موراي التنازل (الاعتراف والاعتذار)، العدوانية (مهاجمة الآخرين أو السخرية منهم)، تجنب اللوم (اتباع القواعد)، المراعاة ( إطاعة الآخرين والتعاون معهم) والهيمنة (السيطرة على الآخرين).
حاجات العاطفة
ترتكز هذه الحاجات على رغبتنا بأن نحب ونحظى بالحب، فلدينا جميعاً حاجة إلى الانتماء ونسعى إلى صحبة الآخرين. الرعاية أو الاعتناء بالآخرين مهمان جداً للصحة النفسية، وتتمحور الحاجة إلى الإغاثة والعون حول الحصول على المساعدة أو الحماية من الآخرين. اقترح موراي أن اللعب والاستمتاع بالوقت مع الغير هو أيضاً حاجة عاطفية جوهرية.
في حين أن أغلب حاجات العاطفة قائمة على بناء العلاقات والروابط، أدرك موراي أيضاً أن الرفض يمكن أن يكون حاجة أيضاً. في بعض الأوقات، الابتعاد عن الناس جزء مهم في الحفاظ على الرفاه النفسي، إذ يمكن أن تكون العلاقات غير الصحية ضارة جداً لصحة الفرد وعافيته، لذا فإن معرفة متى تبتعد عن الآخرين قد يكون مهماً في بعض الأوقات.
حاجات المعرفة
تتمركز حاجات المعرفة حول اكتساب المعرفة ومشاركتها مع الآخرين. وفقاً لـ موراي، لدى البشر حاجة فطرية للتعلم أكثر حول العالم المحيط بهم. أشار إلى الاطلاع والإلمام بأنهما حاجة السعي وراء المعرفة وطرح الأسئلة.
بالإضافة إلى اكتساب المعرفة، اعتقد موراي أيضاً أن للناس حاجة إلى ما أشار إليه بـ العرض أو الإظهار (Exposition )؛ وهو الرغبة في مشاركة ما تعلموه مع الآخرين.
أبحاث ذات صلة
تناولت الأبحاث ما طرحة موراي من حاجات ذات منشأ نفسي بشكل معمق. على سبيل المثال، كشف أحد الأبحاث الذي تناول الحاجة إلى الإنجاز أن ذوي هذه الحاجة يميلون إلى انتقاء المهام الصعبة والتي تحمل معها تحديات لهم.
وجدت الدراسات أيضاً أن الأشخاص ممن لديهم درجة مرتفعة من الحاجة إلى الانتماء يميلون إلى أن يكونوا ضمن مجموعات اجتماعية بشكل أكبر وقضاء وقت أطول في التفاعلات مع الأخرين، وأنهم أكثر عرضة للمعاناة من الوحدة إذا كان تواصلهم قليلاً مع الغير.
اقرأ أيضاً: الشخصية، سماتها، أنواعها والنظريات النفسية الكامنة وراء تطورها
اقرأ أيضاً: ما هو عدد سمات الشخصية الموجودة؟
اقرأ أيضاً: نظرية تقرير المصير والدافع، آلية عملها وكيفية تطبيقها
المصدر: Murray’s Theory of Psychogenic Needs
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم