الإعاقة الذهنية (Intellectual Disability) هي حالة نمائية عصبية تتطور في مرحلة الطفولة تؤثر على قدرة الفرد على التعلم والاحتفاظ بالمعلومات الجديدة وعلى السلوك اليومي مثل المهارات الاجتماعية وعادات النظافة. يعاني المصابون بهذه الحالة من قيود كبيرة في الأداء الفكري وتطوير المهارات التكيفية مثل المهارات الاجتماعية والحياتية. تتعدد أسباب الإعاقة الذهنية، كما تتضمن أنواع الإعاقة الذهنية متلازمة داون، متلازمة برادر ويلي وغيرها.

كيف يتم تحديد الإعاقة الذهنية؟

يحدد اختبار حاصل الذكاء (IQ) الإعاقة الذهنية، تشير الدرجات الأقل من 70 إلى وجود إعاقة ذهنية وتتراوح شدة الحالة من خفيفة إلى شديدة أو عميقة.

الإعاقة الذهنية الخفيفة: يعاني غالبية الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنيـة من شكل خفيف إلى متوسط منها. يمكنهم تعلم مهارات الحياة العملية والأداء اليومي بأقل قدر من الدعم وربما يواجهون صعوبة بفهم كيف تسير الأمور ومشكلات في تطوير المهارات الاجتماعية.

الإعاقة الذهنية الحادة: قد يعاني طفلك في هذه الحالة من تأخر ملحوظ في النمو إذ يحتاج إلى دعم أكثر من الأطفال الذين يعانون من إعاقات ذهنـية خفيفة إذ تكون مهارات التواصل محدودة لديه.

الإعاقة الذهنيةالعميقة: في هذه الحالة، يجد الأطفال غالباً صعوبة في التواصل الاجتماعي خصوصاً وفي أداء الأنشطة البدنية عموماً، هم أيضاً أكثر عرضة للإصابة بحالات طبية ذات صلة،  لذا يحتاجون رعاية ودعم على مدار الساعة.

يمكن أن يعيش الأطفال الذين يعانون من إعـاقة ذهنية خفيفة حياة فعالة بصورة كاملة بوجود الدعم المناسب. أما الأطفال الذين يعانون من إعـاقة ذهنية حادة فهم يحتاجون إلى دعم مكثف ومستمر.

كان يشار إلى هذه الحالة سابقاً بـ “التخلف العقلي” وكان لها مدلول سلبي في المجتمع واستبدلت بـ “الإعـاقة الذهنية” نظراً لأن هذا المصطلح أقل إساءة ويصف خطورة الحالة.

الإعـاقة الذهنية هي واحدة من أكثر الاضطرابات النمائية شيوعاً عند الأطفال، إذ يقدر أن حوالي 6.5 مليون أمريكي يعانون من إعاقة ذهنية. 

أنواع الإعاقات الذهنية

هناك إجمالاً مجموعة من الحالات المصنفة على أنها إعاقة ذهنية، تتضمن بعض أكثر هذه الحالات شيوعاً ما يلي.

متلازمة الصبغي X الهش (Fragile X syndrome)

هي حالة وراثية ناتجة عن طفرة في الكروموسوم X وهو أكثر الإعاقات الذهنية الوراثية شيوعاً. تشمل أعراضه مشكلات في الكلام ومشكلات حسية وتغيرات سلوكية.

متلازمة داون (Down syndrome)

تعد متلازمة داون من أكثر أشكال الإعاقة الذهنية شيوعاً. تسبب هذه الحالة نشوء كروموسوم (صبغي) إضافي يغير آلية تطور الدماغ والجسم.

تظهر على المصابين بمتلازمة داون ملامح جسدية مميزة تعد بمثابة علامة على هذه الحالة، مثلاً قد يمتلكون وجهاً وأنفاً مسطحين، أذن وأطراف صغيرة، عنق قصير وعينان لوزيتان. علماً أن معدل ذكائهم أقل من المتوسط ​​ويعانون من تأخيرات في النمو.

متلازمة برادر ويلي (PWS)

متلازمة برادر ويلي هي حالة وراثية نادرة تؤثر على نمو الطفل العقلي والبدني. وإن العرض الرئيسي هنا هو فرط الأكل (hyperphagia) والمعروف باسم الأكل المزمن، إذاً من الطبيعي أن يسبب البدانة.

أما الأعراض الأخرى لمتلازمة برادر ويلي هي ضعف العضلات ومشكلات سلوكية وتأخر عقلي. 

اضطرابات طيف الكحول الجنيني (FASDs)

تشير اضطرابات طيف الكحول الجنيني إلى مجموعة من الحالات الناجمة عن تعاطي الكحول أثناء الحمل حتى ولو بكمية قليلة. تشمل الأعراض الشائعة له مشكلات بصرية أو سمعية، ملامح وجه غير طبيعية، انخفاض معدل الذكاء وصعوبات معرفية. 

التوحد (Autism)

التوحد هو حالة نمائية عصبية تسبب تحديات اجتماعية ومشكلات سلوكية وصعوبات في التواصل. رغم أن سبب تطور الحالة غير واضح، فهناك مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية المشتبه بها.

تشمل بعض الأعراض الشائعة عدم القدرة على التواصل البصري، افتقار الاهتمام بالتفاعلات الاجتماعية، التواصل غير اللفظي والمشكلات الحسية.

أعراض الإعاقة الذهنية 

تبدأ الأعراض في الظهور خلال مرحلة الطفولة المبكرة عادةً. وفي بعض الحالات، قد تكون هذه العلامات جسدية، مثلاً قد تلاحظ أن رأس طفلك كبير أو صغير بشكل غير عادي أو لديه تشوهات في اليدين أو القدمين أو اختلافات جسدية أخرى. لكن لا تكون هذه الأعراض موجودة في كل الحالات.

قد يعاني الأطفال من الإعـاقة الذهنية حتى لو كانت تبدو عليهم الصحة الجيدة والملامح الطبيعية. وقد تظهر الأعراض لدى الأطفال الذين يعانون من إعاقة ذهنية حادة في سن مبكرة أكثر مقارنة بمن لديهم إعـاقة ذهنية أقل شدة.

إذا انتابك قلق حول احتمال إصابة طفلك بإعـاقة ذهنية، إليك بعض العلامات المبكرة التي يجب البحث عنها:

• صعوبة عند الكلام.
• تأخر في البدء بالحركة مقارنةً بالأطفال الآخرين.
• معاناة في اتباع التوجيهات البسيطة.
• مشكلات في تطوير المهارات الاجتماعية.
• تأخر المهارات الحركية.
• نوبات عصبية.
• نوبات الغضب.
• سلوك عدواني.
• معاناة في تذكر الأشياء.
• صعوبة في حل المشكلات.
• صعوبة تطوير المهارات الاجتماعية.
• صعوبة التعبير عن المشاعر.
• عدم القدرة على العناية الشخصية مثل ارتداء الملابس أو الاستحمام.

تحديد الإعاقة الذهنية 

 يجب استيفاء المعايير التالية للتشخيص بالإعاقة الذهنية: 

الأداء الذهني المحدود: يقاس هذا عادةً من خلال اختبار حاصل الذكاء، تشير درجة الاختبار الأقل من 70 إلى الأداء الذهني المحدود. 

مهارات تكييف محدودة: مواجهة مشكلات خلال أداء المهارات الاجتماعية والعملية اللازمة للوظائف والمهام اليومية وتشمل المهارات المفاهيمية أو النظرية (القراءة أو الكتابة) والمهارات الاجتماعية (التواصل مع الآخرين أو حل المشكلات) والمهارات العملية (الأكل أو المشي أو ارتداء الملابس). 

ظهور الأعراض قبل سن 18: تنشأ هذه الحالة عادةً في مرحلة الطفولة وتتراوح الأعراض في شدتها مثل العلامات المبكرة التي أدت لتأخير المهارات الحركية وصعوبة في حل المشكلات وصعوبة تذكر الأشياء وتأخر الكلام. 

تظهر بعض الأبحاث أنه من المحتمل إصابة حوالي 20-35% من الأشخاص الذين لديهم إعاقة ذهنية بحالات صحية نفسية مثل  القلق أو الاكتئاب. عند تشخيص طفلك، قد يطلب مقدم الرعاية الصحية وفريق من الأخصائيين الذين يعتنون بطفلك عدة اختبارات تشمل: 

• الاختبارات العصبية مثل مخطط كهربية الدماغ (EEG) أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لتحديد ما إذا كان هناك أي تشوهات في الدماغ.
• الاختبارات الجينية للمساعدة في تحديد ما إذا كان هناك اضطراب وراثي مثل متلازمة الصبغي  X  الهش التي يمكن أن تسبب إعاقة ذهنية.
• الفحوصات الطبية العامة حسب الأعراض التي تظهر لدى طفلك.
• اختبارات تربية وثقافة خاصة.
• اختبارات فحص نمائية لتحديد مستوى الأداء الفكري والاجتماعي لطفلك.
• فحص ما قبل الولادة لتحديد ما إذا كانت هناك أي مشكلة في النمو خلال فترة الحمل. 
• تقييم السمع في حالة وجود مشكلة سمعية مسؤولة عن ضعف الأداء الفكري وليس الإعاقة الذهنية. 

أسباب الإعاقة الذهنية 

 يمكن أن يسبب أي شيء يتداخل مع النمو والتطور السليم للطفل إعاقة ذهنية. وقد يصعب في بعض الحالات تحديد سبب معين للإعاقة الذهنية. يمكن أن تؤثر عدة عوامل في نشوء أو تطور الإعاقة الذهنية، أكثرها شيوعاً: 

• مضاعفات الحمل.
• المورثات.
• أمراض الطفولة التي تؤثر على نمو الدماغ.
• العوامل البيئية مثل التلوث.
• الإساءة العاطفية أو الجسدية الشديدة.
• سوء التغذية.
• الولادة المبكرة.
• تشوه الكروموسومات مثل متلازمة داون.
• إصابات الرأس.

علاج الإعاقة الذهنية

لا يوجد علاج وحيد وثابت للإعاقة الذهنية، فهي حالة تستمر مدى الحياة وبحاجة إلى رعاية متواصلة.

يعد التدخل المبكر مفتاح العلاج المناسب؛ علاوةً على ذلك، فإن التشخيص الدقيق وخطة العلاج المناسبة.،بمجرد ملاحظة الأعراض المبكرة للحالة، عاملان بالغا الأهمية.

يأتي العلاج على شكل دعم ورعاية لتحسين الأداء اليومي المصاب، علماً أنه لا يوجد علاج للإعاقة الذهنية حالياً وأن الهدف الرئيسي منه هو تحسين الأداء اليومي لمن يعاني من هذه الحالة. 

التأقلم مع الإعاقة الذهنية

من الضروري تذكر أن احتياجات الأطفال ذوي الإعاقات الذهنية مماثلة لأي طفل آخر ويفضل بقاؤهم بين أقرانهم ومشاركتهم في أنشطة مرحلة الطفولة بانتظام لأنها أمور حيوية لنموهم وتطورهم.

يشعر آباء الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية غالباً بالحاجة إلى عزلهم لحمايتهم من السخرية أو التنمر، ولكن هذا لا يساعد في تطوير مهاراتهم الاجتماعية.

إذا كنت طفلك يعاني من إعاقة ذهنية، فإليك بعض الأمور التي يمكنك القيام بها لضمان عيشه حياة صحية والعمل بكامل طاقته: 

• انضم إلى مجموعة دعم: يمكن لمجموعة دعم الآباء والأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة توفير المعلومات الموثوقة والدعم العاطفي. 
• تعرّف أكثر عن الحالة: من الضروري أن تخصص وقتاً جيداً لإجراء البحوث الخاصة بك ومعرفة أكبر قدر ممكن عن حالة طفلك. 
• لا تسرع في تخطي أو القيام بأي إجراء: الإعاقة الذهنية هي حالة تستمر مدى الحياة. قد يستغرق علاج طفلك وقتاً طويلاً قبل أن ترى أي تقدم ولا تتوقع أن يحرز تحسناً سريعاً في الحالات الشديدة. 
• لا تعزله اجتماعياً: من الضروري الحفاظ على الحياة الاجتماعية له، لأن العزل قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض. 
• شارك في علاجه: من الضروري أن تكون جزءاً من عملية علاج طفلك التي يجريها مجموعة من أخصائيي رعاية الأطفال وذلك لتحسين أدائه.

اقرأ أيضاً: اضطرابات التعلم (إعاقات التعلم)، ما هي وما أنواعها وتأثيراتها؟

اقرأ أيضاً: الاضطرابات النمائية في مرحلة الطفولة، أنواعها وتأثيراتها بعد البلوغ

اقرأ أيضاً: الاضطرابات السلوكية وتأثيراتها على الفرد منذ الطفولة وحتى البلوغ

المصدر: Intellectual Disability: Definition, Symptoms, Traits, Causes, Treatment

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم