الزواج الخارجي، البلوغ والمراهقة

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

يتبلور مفهوم الزواج الخارجي (Exogamy) خلال مرحلة المراهقة، عندما يُصبح الحب موجهاً خارج إطار الأسرة. هذا المسار هو ما يسمح  للفرد بالدخول إلى عالم الكبار.

يبدأ الطفل في نهاية مرحلة الكمون (التي تحدث عنها فرويد– في العمر بين ست إلى عشر سنوات تقريباً)، بالانسحاب عن شخصيات الوالدين تدريجياً لأن الارتباط معهم لم يعد كما عهده سابقاً. إذ يحول انتباهه عن والديه ويوجهه نحو أقرانه حصراً معتبراً إياهم عوناً له.

سابقاً، يرى الطفل والديه بنظرة المثالية، وألعابه هم شركاؤه في اللعب، بمعنى أن الموضوع يتمحور حول الطفل نفسه ومركزية الذات. ولكن خلال هذه المرحلة هناك انفتاح معرفي وعاطفي للطفل. فما يحمله بشكل غريزي تجاه والديه قد تغير وسيقارنهم بغيرهم من الناس، كالمعلمين مثلاً.

البلوغ والمراهقة

يمثل البلوغ نهاية مرحلة الكمون، ما يعني اختفاء ذاك الطفل الصغير وظهور شخص ناضج مكانه. تحدث هذه العملية ضمن فترة المراهقة، وتقول منظمة الصحة العالمية أن مرحلة المراهقة تبدأ تقديرياً من سن العاشرة. مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل شخص، نظراً لكونها لا تتبع حدوداً زمنية معينة. لكن، يمكن القول أن المراهقة تبدأ حوالي عمر الثانية عشر، مع أخذ المتغيرات السياقية في عين الاعتبار دائماً. 

تتعلق بعض الانتكاسات التي تكثر في هذه المرحلة بالعمليات العاطفية. ما يؤكد حقيقة أن المراهقين يعانون من صراعات فردية أكثر خلال مرحلة نموهم وتطورهم.

يتعلق البلوغ بشكل أساسي بالحيض عند النساء والقذف الأول عند الرجال، ولكن يصحب ذلك تغيرات نفسية أيضاً. وصف كل من المحللة النفسية أرميندا أبيراستوري (Arminda) و الطبيب النفسي موريسيو نوبل (Mauricio Knobel) عشر تحديات نفسية في هذه المرحلة نذكر أهم اثنتين منها.

الحداد على جسد الرضيع المفقود

بالنسبة للفتى، يُصبح جسده غريباً عنه وغير مألوف له. والجسد الذي اعتاد يوماً عليه وكان يشعره براحة أكبر أو أقل من الآن اختلف تماماً. فالآن لديه احتمالات وإمكانيات جديدة لاكتشافها، ويتعين عليه اعتياد هذا الجسد والعيش معه.

تتعدد الأسئلة حول حالة الصراع هذه التي موضوعها الجسد الجديد، فإن كان هذا الجسد مختلفاً تماماً ويتمتع بالقدرة على إكساب الفرد إمكانيات جديدة ذات قيمة اجتماعية كبيرة وعلى اكتشاف الحياة الجنسية بطريقة مغايرة، فلن يكون الأمر صراعاً أو مبارزة فعلياً. وهذا ما يدعو أيضاً إلى تساؤلات حول شدة التغييرات التي يواجهها المراهقون ومدى إيلامها لهم. لذا، بحكم اختلاف هذه المرحلة وتميز المراهقين عن غيرهم من الفئات العمرية، يجب أن يأخذ المجتمع ومن حولهم الأمر بروية.

الحزن على آباء مرحلة الطفولة

خلال الفترة الكامنة التي سبق وذكرناها، ينظر الطفل للوالدين باعتبارهما واقعيين نسبياً. لكن في المراهقة، يريد الفرد التفريق والتمييز بين الأمور؛ وإحدى الطرق لذلك هي التشكيك المستمر بما حوله وما كان يظهر واقعياً حتى مرحلة ما.

من وجهة النظر النفسية، في هذه المرحلة يحدث شيء أشبه بإعادة إصدار مكثفة للغاية لعقدة أوديب. إذ تظهر ذات هذه الرغبات المحرمة في عمر خمس إلى ست سنوات (انجذاب الفتى لوالدته) ولكن مع الاختلاف بأن عقدة أوديب الآن يمكن أن تكون مكتملة.

على مستوى اللاوعي، يحدث انتقال فعلي يتمكن فيه المراهق من الانفصال عن شخصيات والديه لأن البقاء على ارتباط معها يعزز تلك الرغبات المحرمة، ومن هنا جاءت الخلافات بين الأهل والأبناء. لكن، من المتوقع أن يترك ذلك خلفه رغبات أخرى خارجية وبذلك يحول الأبناء اهتمامهم نحو شخص خارج إطار الأسرة.

على الرغم من أن عقدة أوديب لا تُحل في بعض الأحيان، لكن من الضروري محاولة ذلك على الأقل، لأن عدم حلها يمكن أن يخلق تطوراً سيئاً لـ الأنا العليا، وبالتالي الركود والتثبيت في إحدى مراحل التطور النفسي الجنسي. 

لا يتم التخلي تماماً عن خصائص المرحلة ما قبل التناسلية، ولكن تنشأ المتعة الأكبر في الأعضاء التناسلية، إذ يتوقف المراهق عن الاستثارة الذاتية ويعوضها بحب كامل تجاه شخص معين، رغم وجود شهوانية ذاتية في بعض الأحيان. تظل سلوكيات الاستمناء على الرغم من ممارسة الجنس مع شخص آخر.

نهاية عقدة أوديب والتفرد عند المراهقين

مع نهاية عقدة أوديب واحتمال العلاقات المحرمة، يبحث المراهق عن شخص خارج إطار أسرته ليقع معه في الحب، ويزول عبء الشهوة عن عاتق الوالدين ويبدأ السعي بحثاً عن مجموعة من المساوين؛ فلم يعد الوالدان هما النموذج الذي يتماهى معه الفرد ويعرف نفسه من خلاله.

الأمر أشبه بالتفرد الثاني، إذ كان الأول هو الانفصال عن الأم في مرحلة الطفولة. وهنا يجب على المراهق أن ينظر إلى والديه كبالغين حتى يميز نفسه عنهم.

هذا لا يعني أن الآباء والأمهات غير مبالين بوضع أطفالهم، فهم في حالة فقدان طفل فعلياً، ما يدفع نحو مرحلة من الصراع والمبارزة أيضاً. وحقيقة أن أمام المراهق حياة كاملة تنظره الآن هي بمثابة تأكيد على فكرة أن الوقت قد مضى بالنسبة للآباء. في المقابل، تحركهم عقدة أوديب الخاصة بهم.

التغييرات في سن البلوغ

خلال البلوغ، يسعى المراهقون جاهدين لمواكبة أقرانهم والشعور بأنهم مقبولون. لذا، عندما تبدأ التغييرات في أجسادهم، سيشعرون بالاختلاف ويدركون بأنفسهم المخاوف التي تخلقها هذه التغيرات.

تغيرات جسدية

في سن البلوغ، يكون الشاغل الرئيسي عند الفتيات بشكل عام هو المظهر الجميل والرشيق وموضوع فقدان الوزن، على الرغم من أنهن يركزن أحياناً على بناء عضلاتهن والتباهي بأرجلهنّ الجميلة وأردافهنّ المشدودة. في النهاية، لم يعدن فتيات صغيرات؛ هنّ يتغيرن.

بشكل عام يبدأ الجسم بالتطور بشكل مختلف بالنسبة للنساء والرجال خلال مرحلة البلوغ.

عند النساء:  تنمو عضلاتهنّ، يزداد حجم الثديين بسبب نمو أنسجتهما، تبدأ فترات الحيض، يتغير قوام الفتاة بسرعة ويزداد الشعر في مناطق معينة كالساقين والإبطين والعانة.

عند الرجال: تزيد كثافة شعر الوجه، الساقين، الذراعين والعانة، يرتفع معدل التعرق، تنمو العضلات والقوة الجسدية بشكل عام، إضافة إلى النمو المتسارع (زيادة الطول)، كما يبدأ انتصاب القضيب وتضخمه إضافة إلى الخصيتين.

تغيرات نفسية

تتقلب الحالة المزاجية للمراهق خلال فترة البلوغ بين الإثارة، الغضب، القلق والاكتئاب. ونظراً للهمّ الأكبر الذي يعيشه الشباب والشابات فيما يتعلق بصورة أجسادهم، فغالباً ما يؤدي ذلك إلى انخفاض تقدير الذات لديهم، وهو ما يعتبر أمراً خطيراً إذا لم يتم علاجه بشكل صحيح خلال هذه المرحلة.

ليس من الغريب أن يكون المراهقون الذين يعانون من تدني تقدير الذات ضحايا  للتنمر أو أي  نوع آخر من الإساءة، والذي يعتبر أيضاً مشكلة خطيرة يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة إذا لم يتم علاجها في الوقت المناسب.

أما بالنسبة للمشاعر التي تزدهر خلال فترة البلوغ فإن أكثرها بروزاً هو الحب. على الرغم  من أنه يحدث عند النساء أكثر من الرجال، إلا أن الوقوع في الحب في مرحلة المراهقة أمر لا مفر منه عملياً. بالنسبة للبعض،”حب المراهقين” ليس ذا أهمية كبيرة، ولكن ثبُت أنه جزء جوهري للغاية من نموهم، وتجربة ستفتح الأبواب أمام عواطف ومشاعر جديدة لا تزال غير معروفة لهم.

الإثارة الجنسية

مع تغير الهرمونات خلال مرحلة البلوغ، يبدأ المراهقون برؤية الجنس الآخر من زاوية مختلفة وتجربة الإثارة الجنسية. في هذه الفترة، من الطبيعي أن يبدأ المراهقون بالانخراط ضمن علاقات عاطفية وتجربة السلوكيات الجسدية التي تصحب هذه العلاقات، مثل التقبيل واللمس وحتى البدء في الأحاديث واللقاءات الجنسية. في نفس الوقت، يتأثر المراهقون بدرجة أكبر بالأدوار الجندرية وقد يطورون تفضيلات لمزيد من الأنشطة المحددة جندرياً.

الهرمونات في سن البلوغ

الهرمونات هي مواد كيميائية في الجسم تفرزها خلايا متخصصة موجودة في الغدد الصماء. تؤثر الهرمونات على التمثيل الغذائي، النمو، التطور، التكاثر وردود الفعل الأخرى في الجسم.

يبدأ سن البلوغ بالدرجة الأولى في الدماغ، وعندها يبدأ تدفق الهرمونات عبر أجسام الشباب.

عند البلوغ، يحدث التفاعل الهرموني عندما يفرز الوطاء هرموناً يسمى غونادوتروبين gonadotropin (هرمون يعمل على الغدد الجنسية) والذي بدوره يتصل مع الغدة النخامية (غدة التحكم) التي تنتج الهرمون اللوتيني (Luteinizing hormone) والهرمون المنبه للجريب (follicle-stimulating hormone)؛ لتبدأ بعدها هذه الهرمونات عملية التطور الجنسي وبالطبع تعمل بشكل مختلف تبعاً لكل جنس.

الهرمون اللوتيني والهرمون المنبه للجريب مسؤولان عن إنتاج هرمون التستوستيرون لدى الرجال؛ وهو هرمون الذكورة الذي ينظم الخصوبة، كتلة العضلات، توزيع الدهون وإنتاج خلايا الدم الحمراء. 

أما عند النساء، فيعملان بشكل مختلف عن الرجال، إذ ينظمان تنظيم وظيفة المبيضين اللذين ينتجان الهرمونات الأنثوية: الإستروجين (estrogen) والبروجسترون (progesterone)، المسؤولة عن نمو الثدي وشكل الجسم المنحني الذي تتميز به النساء عن الرجال.

اقرأ أيضاً: نظرية التطور الجنسي العاطفي وفقاً للتحليل النفسي ومراحلها الثلاث

اقرأ أيضاً: التطور الاجتماعي العاطفي عند الأطفال، ما هو وكيف يمكن تعزيزه؟

اقرأ أيضاً: عقدة أوديب، كيف تفسر انجذاب الطفل الذكر إلى والدته؟

المصدر: Exogamous path, puberty and adolescence

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: