الذكاء العاطفي، تعريفه، مكوناته، أهميته وكيف تقوم بتحسينه؟

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

ربما رأيتم أولئك الناس الذين يبدون هادئين في موعد التسليم النهائيّ للعمل، وأولئك الذين يتعاملون مع وجبات العشاء العائلية الغريبة نوعاً ما أو المحرجة قليلاً براحة وابتهاج، وأولئك الذين بإمكانهم معرفة الكثير عنك دون أن تتكلم، ذلك لامتلاكهم مهارة معينة بدرجات عالية وهي الذكاء العاطفي (Emotional Intelligence). 

الذكاء بالمعنى العام، هو القدرة على تعلم مفاهيم جديدة وتطبيق هذه المعرفة على حل المشاكل. الذكاء العاطفي هو نفسه الحاصل أو المعادل العاطفي (EQ). ويعني القدرة على التعلم عن نفسك وتطبيق تلك الحكمة على العالم من حولك.

يسمح لك الذكاء العاطفي تعزيز المجالات الرئيسية في حياتك مثل المنزل والعمل والمدرسة.

تشير الأبحاث إلى أن ارتفاع معدل الذكاء العاطفي يرتبط بمجموعة من الفوائد، ابتداءً من تحسين الصحة النفسية والعلاقات وصولاً إلى رفع مستوى الرضا الوظيفي والأداء الأكاديمي. 

ما هي مكونات الذكاء العاطفي؟

صيغ مصطلح “الذكاء العاطفـي” في التسعينيات، ثم تم نشره من قبل عالم النفس والمؤلف دانيال جولمان (Daniel Goleman) في كتابه “الذكاء العاطفـي” (EQ): لماذا يُعَدُ مهمّاً أكثر من حاصل الذكاء (IQ). 

وفيما يلي المكونات الخمس التي يُشير إليها في كتابه.

أولاً، الوعي الذاتي

إذا كنت مدركاً لذاتك، فتستطيع رؤية أنماط السلوك والدوافع الخاصة بك وتعلم تماماً كيف تؤثر عواطفك وأفعالك على من حولك، وما إذ كان هذا التأثير نحو الأفضل أو الأسوأ.

ويمكنك تحديد ماهية المشاعر التي تنتابكَ وفهم لماذا تشعر بها. وإدراك محفزات تلك المشاعر وتحديد مواطن القوة لديك وإدراك حدودك.

أن تدرك ذاتك يعني أن تتواضع. فني النهاية، نحن جميعاً بشر. 

ثانياً، التنظيم الذاتي

يعني تنظيم النفس أنّ ردود فعلك العاطفية تتناسب مع الظروف المحيطة. أنت تعلم كيف تتوقف عند الضرورة وكيف تتحكم في دوافعك وتفكر قبل أن تتصرف وتأخذ العواقب في الاعتبار.

وتعلم كيف تخفف من حدة التوتر و تدير الخلافات وتتأقلم مع الحالات الصعبة وتتكيف مع التغييرات في بيئتك.

المسألة كلها تتعلق بإظهار جزءٍ من نفسك يساعدك على التحكم في العواطف. 

ثالثاً، الدافع

إذا كنت تمتلك دوافع داخلية جوهرية، فيعني ذلك أنك متعطش للتطوير الشخصي ومندفع جداً للنجاح، مهما يكن تصورك لشكل النجاح.

وتمتلك أيضاً الإلهام لتحقيق الأهداف لأنها تساعدك على النمو على الصعيد الشخصي، بدلاً من القيام بذلك للحصول على مكافآت خارجية مثل المال والشهرة والمكانة أو التقدير والاعتراف. 

رابعاً، التعاطف

إذا كنت متعاطفاً، فأنت على مستوى صحي من الاهتمام بالذات، لا التركيز على الذات.

وتمتع بالقدرة خلال المحادثات على فهم طبيعة الأشخاص والأمور التي خاضوها مسبقاً؛ أي يمكنك محاكاة تجاربهم والمواقف التي مروا بها. حتى لو لم يحدث لك ذلك السيناريو بالضبط، يمكنك الاستفادة من تجربتك في الحياة لتخيل ما يشعرون به وأن تكون متعاطفاً مع ما يمرون به.

وتكون غير متسرع في الحكم على الآخرين ولديك الوعي بأننا جميعا نبذل قصارى جهدنا مع الظروف التي نمر بها ومدركاً أنه عندما تزيد معرفتنا بالأمور يتحسن أداؤنا لها. 

خامساً، المهارات الاجتماعية

إذا كنت قد طوّرت مهاراتك الاجتماعية الخاصة، فأنت بارعٌ في العمل في المجموعات ومدرك لصفات الآخرين واحتياجاتهم في نقاش ما أو لحل نزاع ما. وترحب بالحوار والنقاش عبر الإصغاء الفعال والتواصل البصري ومهارات التواصل اللفظي ولغة الجسد المفتوحة.

وأيضاً، تعرف كيف تنمّي العلاقات مع الآخرين أو تكون سريع القيادة إذا تطلبت المواقف ذلك. 

أهمية الذكاء العاطفي

البشر عبارة عن مخلوقات اجتماعية متصلة ببعضها بروابط اجتماعية. وكلما تمكنا من بناء علاقات إيجابية وتطوير علاقات تعاونية، ازداد ثراء حياتنا.

ليس مفاجئاً ما أظهرته الأبحاث أن هناك علاقة بين ارتفاع معدل الذكاء العاطفي والسعادة. حتى عندما تصبح الأمور صعبة، يساعدنا الذكاء العاطفي في التعامل معها أيضاً.

وفقاً للأبحاث، يكون الطلاب في البيئة الأكاديمية، والذين يظهرون ذكاءً عاطفياً عالياً وخاصة في مجالات التنظيم العاطفي والتعاطف، أقل عرضة للتنمر. 

بيئة العمل هي مثال آخر، فوفقاً لدراسة أجريت عام 2013، فإن الذكاء العاطفي المطور جيداً يمكن أن يساعدك على تحقيق أهداف منظمتك وزيادة رضاك الوظيفي. ويرجع ذلك جزئياً إلى العلاقات الإيجابية المعززة في مكان العمل.

في الواقع، وفقاً لنفس الدراسة، يمكن أن يساعد معدل الذكاء العاطفي العالي الناس من حولك على تحقيق النجاح وخاصة في المشاريع الجماعية. فعندما تتحكم في مشاعرك، يؤثر ذلك على مَن حولك ليفعلوا الأمر عينه ومن هنا تعمّ الفائدة على الجميع. 

أمثلة على الذكاء العاطفي

الذكاء العاطفي موجود في سلسلة متصلة من الأمور، وفيما يلي بعض الأمثلة الشائعة التي تُظهر لنا ما قد يبدو عليه حاصل الذكاء العاطفي العالي مقابل الحاصل المتدني.

أولاً، التنظيم الذاتي

السيناريو: أنت في اجتماع ووجه رئيسك لك انتقاداً أمام زملاء العمل الآخرين.

التعامل مع الموقف بمعدل ذكاء عاطفي عالٍ: الحفاظ على رباطة جأشك خلال الاجتماع، ثم الاستئذان بأدب للخروج كي تعالج مشاعرك في بيئة آمنة.

التعامل مع الموقف بمعدل ذكاء عاطفي منخفض: قد تصبح دفاعياً وتنتفض خارجاً من قاعة الاجتماع.

ثانياً، التعاطف

السيناريو: يقول لك زملاؤك في الغرفة أن ما يزعجهم هو نسيانك إخراج القمامة، الأمر الذي توافقهم الرأي فيه.

التعامل مع الموقف بمعدل ذكاء عاطفي عالٍ: تشرح لماذا اقترفت هذا الخطأ وتخبرهم أنك تفهم سبب انزعاجهم، ثم تأتي بخطة عمل معاً حول كيفية تلبية كل من احتياجاتكم.

التعامل مع الموقف بمعدل ذكاء عاطفي منخفض: تجد صعوبة في فهم لماذا هم منزعجون للغاية وتشعر أنهم يهاجمونك بانتقادهم هذا. 

ثالثاً، الوعي الذاتي 

السيناريو:  كنت أنت وزملاؤك مستعدين للحصول على نفس الترقية، لكنهم حصلوا عليها بدلاً منك.

التعامل مع الموقف بمعدل ذكاء عاطفي عالٍ: إذا كنت صادقاً مع نفسك، ستدرك أنك لم تكن تعمل بجدّ مثل زملائك في العمل وأنهم يستحقون الترقية بجدارة.

التعامل مع الموقف بمعدل ذكاء عاطفي منخفض: قد ترسل بريداً إلكترونياً إلى مديرك تعبر فيه عن غضبك ومطالباً بتفسير ما حصل أو مهدداً بالاستقالة. 

رابعاً: الدافع

السيناريو: اجتزت إمتحاناً ونشرت عنه على مواقع التواصل الاجتماعي.

الذكاء العاطفي المرتفع: أنت فخور بنفسك للهدف الذي حققته وتقدر أي دعم تتلقاه.

الذكاء العاطفي المنخفض: قد تشكك في نجاحك أو مدى استحقاقك له لأن منشورك لم يحصل على الكثير من “الإعجابات”. 

خامساً: المهارات الاجتماعية

السيناريو: أنت في موعد غرامي ويبدو أنه لا يسير على ما يرام.

الذكاء العاطفي المرتفع: تطرح أسئلة مفتوحة مع المحافظة على تواصل بصري جيد بالإضافة إلى الإصغاء الفعال.

الذكاء العاطفي المنخفض: قد تتوقف عن الانتباه وتجزم أن هناك شيء خاطئ في هذا الموعد الغرامي. 

كيفية تحسين الذكاء العاطفي

يتمتع بعض الناس بالذكاء العاطفي منذ ولادتهم، في حين أن آخرين يعتقدون أنه مجموعة من المهارات التي تحتاج الاكتساب. بالممارسة والتدريب يمكن تطوير الذكاء العاطفي أو تقويته، إليك بعض الطرق لفعل ذلك.

على مستوى الوعي الذاتي: فكِّر في تخصيص وقت أو يوم لتدوين مذكراتك بشكل منتظم ما يتيح لك التأمل في تصرفاتك وكتابة الأمور التي أزعجتك.

ويمكنك أن تعود وتقرأها من وقت لآخر و” تدرس ” نفسك، كما يمكنك أن تتأمل أفكارك وتراقبها من خلال ذلك. 

من ناحية التنظيم الذاتي: قد يساعد على ذلك ممارسة تمارين التنفس العميق بانتظام وخاصة عندما تواجه تحدياتٍ.

أيضاً بوسعك أن تتعلم كيفية إعادة صياغة التحديات على هيئة فرص متنكرة و”الإخفاقات” على هيئة تجارب تعليمية، وحاول أن تمارس التقبل الجذري حيال أية مشاعر تنتابك وأن تعبِّر عنها. 

من جانب الدافع: فكّر في أخذ وقت مستقطع للاحتفال بكل فوز تحظى به، وعندما تقرر فعل شيئ جديد، فمن الجيد أن تحدد لماذا تريد فعله.

كما يمكن أن يساعد في ذلك تقسيم قائمة المهام إلى أجزاء أو مهام صغيرة والعمل مع شريك أو مدرب . 

من ناحية التعاطف: لبناء التعاطف بشكل جيد، حاول أن تراقب محيطك وانظر إن كنت تستطيع محاكاة “طاقة” بيئتك.

يمكنك أيضاً أن تحاول التحدث مع أشخاص جدد أو التطوع في سبيل قضية تهمك. إذا كنت عالقاً في زحمة السير، فتأمل الناس الجالسين في سياراتهم لترى ماذا يمكنك أن تَستخلص منهم. 

من جانب المهارات الاجتماعية: اطمح لخوض مواقف جديدة، وعندما تفعل ذلك حاول أن تنتبه الى لغة جسدك مع الحفاظ على التواصل البصري.

كما أن ممارسة الإصغاء النشط قد يكون مفيداً أيضاً. وأخيراً تأمل مقولة غاندي: “تكلّم فقط إذا كان ذلك يحسن الصمت”. 

خلاصة

يتمتع بعض الناس بالذكاء العاطفي بشكل طبيعي، في حين أن آخرين بحاجة إلى العمل أكثر لتحسينه، لكنه يستحق العناء والجهد، ويمكن أن يحسِّن مجالات كثيرة من حياة الفرد.

خلاصة القول: أنت وحدك من يتحكم في عواطفك وليست هي من تسيطر عليك، وما أن تتعلم هذه المهارة النافعة، سوف تتحسن حياتك. كلما كان ذكاؤك العاطفي أفضل، كلما أصبحت حياتك أفضل.

اقرأ أيضاً: نظريات الذكاء في علم النفس

المصدر: ?How Can I Improve Emotional Intelligence (EQ)

تدقيق: هبة محمد

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: