الميلاتونين هرمون ينتجه الدماغ ويعد مسؤولاً عن تنظيم الساعة البيولوجية (المعروفة أيضاً باسم دورة النوم-الاستيقاظ)، كما يلعب دوراً حاسماً في المساعدة على النوم، الاستمرار فيه والاستيقاظ، إذ يُطلق عليه عادة اسم “هرمون النوم”.
تنتج الغدة الصنوبرية في الدماغ الميلاتونين، ويوجد في أجزاء أخرى من الجسم مثل السبيل المعدي المعوي، ويُفرز ليلاً في الوقت الذي يتوجب الخلود إلى النوم فيه. بينما إنتاج الميلاتونين في الجسم.
إنتاج الميلاتونين في الجسم
يتأثر إنتاج الميلاتونين بالضوء، إذ تقوم الشبكية (وهي طبقة نسيجية داخل العين) بمعالجة الضوء وإرسال هذه الطاقة إلى الغدة الصنوبرية في الدماغ. تفرز الغدة الصنوبرية حينها الميلاتونين إلى مجرى الدم، فيُنقل من الدماغ إلى باقي الجسم عبر الدورة الدموية. بينما تأثير الميلاتونين على الجسم.
يمكن تخيل الميلاتونين بأنه يقوم بتشغيل “الوضع الليلي” الخاص بالجسم الذي تكون خلاياه في حالة “الوضع النهاري” عندما لا تتعرض للميلاتونين.
يعد الميلاتونين مسؤولاً عن جعلنا مرهقين في الليل وأقل تعباً خلال اليوم. يحفز الضوء إنتاج الميلاتونين؛ فكلما زاد التعرض للضوء، نقصت كمية الميلاتونين المفرزة، بينما تحفز الظلمة إنتاجه.
تتأثر مستويات الميلاتونين بالفصول أيضاً، فترتفع في الخريف والشتاء. إذ يكون الليل أطول وتنخفض في الربيع والصيف مع قصر وقت الليل. بينما تأثير الميلاتونين على الجسم.
تأثير الميلاتونين على الجسم
الدور الأساسي للميلاتونين والذي تمت دراسته عند الإنسان هو علاقته بالنوم والاستيقاظ. إذ تبلغ مستوياته الليلية ذروتها بين السنة الأولى والثالثة من العمر، وتبقى مستقرة في سنوات البلوغ الأولى، لتتراجع بانتظام مع نهايته.
على سبيل المثال، يمتلك فرد عمره 70 عاماً ربع كمية الميلاتونين الموجودة عند البالغ اليافع. ينخفض الميلاتونين عندما نزداد بالعمر؛ الأمر الذي يفسر احتياج الأطفال الصغار والمولودين حديثاً لساعات نوم كثيرة في الليل مقارنة بالبالغين الأكبر سناً.
لكن، يمكن أن يقوم الميلاتونين بالعديد من الوظائف الأخرى عند البشر، منها ما هو غير مفهوم بشكل تام. إذ يؤكد الباحثون أن الميلاتونين يتمتع بخواص مضادة للالتهاب، للأكسدة وللتخثر (مانع التجلط).
تأثير الميلاتونين في الصحة
يرتبط الميلاتونين ارتباطاً هاماً مع الصحة النفسية. وبما أنه يقوم بتنظيم الساعة البيولوجية والنوم عند الفرد، فإن نقصه يمكن أن يسبب مشاكل متعلقة بالنوم مثل الأرق. بينما تأثير الميلاتونين على الجسم.
ترتبط اضطرابات النوم بمشاكل صحية أخرى مثل:
- الأمراض القلبية الوعائية
- الألم المزمن
- الخرف
- السكري
- الاضطرابات المعدية المعوية
- ارتفاع ضغط الدم
- الأمراض النفسية
- البدانة
ترتبط بعض الأمراض النفسية مع إنتاج الميلاتونين غير الكافي، ما يسبب نوماً متقطعاً. تتضمن هذه الأمراض اضطراب الاكتئاب الشديد، اضطراب ثنائي القطب، القلق والفصام.
حتى الآن، لم يفهم تماماً ما إن كانت اضطرابات الساعة البيولوجية هي التي تسبب الأمراض الصحية النفسية أم العكس. إذ وجدت بعض الدراسات أن الأولى يمكن أن تفاقم الأعراض عند الأفراد المعرضين للإصابة باضطراب المزاج، كما يمكن أن يساعد إعادة ضبط الساعة البيولوجية في تحسين الأعراض عندهم.
نقص الميلاتونين
يُتوقع أن ينتج الجسم كميات كافية من الميلاتونين من أجل النوم. لكن لسوء الحظ، تساهم عدة عوامل مرتبطة بنمط الحياة الحديثة في خفض إنتاجه، ما يؤدي إلى حدوث مشاكل في الخلود إلى النوم ليلاً والاستيقاظ صباحاً، بالإضافة إلى الشعور بالتعب خلال اليوم.
فيما يلي قائمة بالعوامل الرئيسة التي تؤدي دوراً في نقص إنتاج الميلاتونين.
الكحول
يسبب شرب الكحول قبل النوم صعوبات في الشروع في النوم والاستمرار به. كما أن الاستهلاك المزمن له يؤدي إلى نقص إنتاج الميلاتونين.
بالإضافة إلى ذلك، وجدت الدراسات أن الأفراد المصابين باضطراب تعاطي الكحول يعانون من اضطرابات النوم أيضاً مثل الأرق، اضطراب الساعة البيولوجية، متلازمة تململ الساقين وغيرها.
على أية حال، ترجع العلاقة بين اضطراب تعاطي الكحول واضطرابات النوم إلى عوامل كثيرة على الأرجح مثل المورثات والاضطرابات الصحية النفسية المستبطنة (مثل الاكتئاب).
الضوء الأزرق
تصدر الأجهزة الإلكترونية مثل الهاتف، الحاسب المحمول والتلفاز ضوءاً أزرقاً ينبه الدماغ ويحصر الميلاتونين ويتعارض مع النوم.
يمكن ارتداء نظارات خاصة تمنع الضوء الأزرق للمساعدة في حجب بعضه؛ لكن من الضروري أيضاً الحد من التعرض له. إذ يُنصح بإيقاف تشغيل جميع الأجهزة الإلكترونية قبل ساعة على الأقل من الذهاب للنوم أو ارتداء النظارات الحاجبة للون الأزرق؛ لكن تقييد التعرض لهذا الضوء مهم أيضاً.
الكافيين
إذا كان الفرد يستهلك مشروبات مثل القهوة، الشاي، المياه الغازية أو مشروبات الطاقة في وقت متأخر من اليوم، فإن الكافيين الموجود بهم يستطيع خفض مستويات الميلاتونين في الجسم. يمتلك الكافيين نصف عمر يقدر بأربع ساعات؛ أي أن الجسم سيحتاج لثماني ساعات ليتخلص منه بشكل كامل.
يُنصح بإيقاف تناول الكافيين بعد الساعة 12 ظهراً كي يحصل الفرد على نوم أفضل في الليل.
مناوبات العمل
يمكن أن يجد المرء صعوبات كبيرة في النوم ليلاً إن كان عمله يتطلب المناوبة الليلية؛ ذلك لأن ضوء النهار ينقص من مستويات الميلاتونين، بالتالي من غير المحتمل أن يحصل على نوم جيد في الليل إن كان يحاول البقاء مستيقظاً ليلاً والنوم نهاراً.
وجدت دراسة أن مجموعة من العاملين بمناوبات ليلية عانوا من نقص إنتاج الميلاتونين بمقدار 34% مقارنة بالعاملين في النهار، وذلك خلال فترة 24 ساعة. بينما هرمون النوم.
اضطراب الرحلات الجوية الطويلة أو اختلاف التوقيت
تعتبر الساعة البيولوحية ساعة داخلية للجسم تساعد في النوم والاستيقاظ، لكن البيئة المحيطة تؤثر بها أيضاً. ولذلك السبب، يمكن أن يؤدي السفر إلى دولة أو مدينة ذات نطاق زمني مختلف إلى صعوبات في النوم.
لنفترض أنك سافرت إلى دولة تسبق دولتك بمقدار خمس ساعات، ستشير الساعة الداخلية إلى الخامسة مساءً بينما هي العاشرة في تلك الدولة. وسيستمر هذا حتى تتكيف على الأقل؛ لكن سيصعب عليك النوم غالباً.
إذاً، ستخبرك ساعتك الداخلية بالبقاء مستيقظاً بينما يحاول جسمك إنتاج الميلاتونيـن الخاص بك لمساعدتك في النوم لأن الظلمة قد حلت خارجاً، وهذا ما يعرف باضطراب الرحلات الجوية الطويلة (Jet Lag). بينما هرمون النوم.
زيادة الميلاتونين بشكل طبيعي
توجد عدة طرق يمكن أن تساعد في زيادة مستويات الميلاتونين في الجسم ومؤدية إلى نوم أفضل في الليل.
- تناول الأغذية الغنية بالميلاتونين: تعد بعض الأغذية مثل البيض والسمك والمكسرات غنية بالميلاتونيـن ويمكن أن تساعد في النوم بشكل أفضل.
- قضاء بعض الوقت تحت ضوء الشمس: يلعب التعرض لضوء الشمس دوراً حاسماً في تنظيم الساعة البيولوجية. من المهم التأكد من التعرض لضوء كاف خلال النهار (ما ينقص الميلاتونـين) حتى يشعر الفرد بالنعس خلال الليل.
- أخذ حمام دافئ قبل النوم: يؤدي الاسترخاء في حوض الاستحمام الدافئ إلى إنقاص إنتاج الكورتيزول (هرمون التوتر) في الجسم ويحفز إنتاج الميلاتونيـن. بينما هرمون النوم.
مكملات الميلاتونين
حبوب الميلاتونيـن التي نشاهدها في متجر البقالة أو الصيدلية هي حبوب مصنعة، وتستخدم عادة لمساعدة الأفراد في النوم، وتخفيف أعراض اضطراب الرحلات الجوية الطويلة بالإضافة إلى تقليل القلق قبل العملية الجراحية أو بعدها.
بالرغم من فائدة مكملات الميلاتونـين في النوم، فمن الأفضل استشارة الطبيب حول أي مشكلة مزمنة (مستمرة لشهر واحد أو أكثر) متعلقة بالنوم. بينما هرمون النوم.
التأثيرات الجانبية لمكملات الميلاتونين
يعد الاستخدام قصير الأمد لمكمّلات الميلاتونين آمناً؛ لكن لا توجد أبحاث كافية تبين تأثيرات استخدامه طويلة الأمد.
تتضمن التأثيرات الجانبية للميلاتونيـن الصداع، الغثيان الدوار، النعاس والكوابيس. بينما هرمون النوم إنتاج الميلاتونين في الجسم.
في حالات نادرة، توجد تأثيرات أكثر شدة له مثل القلق المعتدل، الشعور بالاكتئاب، الرعاش، تشنجات بطنية، تشوش وارتباك أو انخفاض ضغط الدم. بينما هرمون النوم إنتاج الميلاتونين في الجسم.
تحذيرات وتداخلات
من الضروري معرفة أن الميلاتونين قد يتداخل مع أدوية أو مكملات أخرى يتم تناولها حالياً، لذا يجب استشارة الطبيب قبل أخذ الميلاتونين في حال تناول أدوية أخرى (خاصة دواء الصرع أو مضادات التخثر).
يجب على المرأة الحامل أو المرضع استشارة الطبيب قبل أخذ الميلاتونيـن، فهناك عدد من الأبحاث حول التأثيرات الصحية المحتملة له على الأجنة والأطفال الرضع.
من الأفضل استشارة الطبيب قبل إعطاء الميلاتونيـن للطفل، وينصح المسنون بأخذ الحذر عند تناوله بسبب إمكانية تعرضهم لتأثيرات طويلة الأمد. بينما هرمون النوم إنتاج الميلاتونين في الجسم.
أخيراً، تنظر إدارة الغذاء والدواء (FDA) إلى الميلاتونيـن باعتباره مكملاً غذائياً. ما يعني عدم تصنيفه من الأدوية التي يمكن وصفها. وهذا سبب إضافي يبين ضرورة استشارة الطبيب قبل أخذ أية مكملات.
اقـرأ أيضاً: النوم الصحي، إليك نصائح هامة للحصول على نوم هانئ ليلاً
اقرأ أيضـاً: النوم عند الأطفال، عشر نصائح لتساعد أطفالك على النوم
اقـرأ أيضاً: علاج النوم، تقنياته، فوائده وفعاليته