يمكن أن يكون التعامل مع تغيير كبير أو ضغوطات أو أزمة مرهقاً للبالغين؛ أما للأطفال، فقد تكون مثل هذه الأشياء مستنزفة لهم. تنطوي مساعدة الأطفال خلال الأزمات على تدريبهم على مهارات التأقلم.
نظراً لأن الأطفال لا يمتلكون مهارات التأقلم التي استغرقت من الشخص البالغ وقتاً طويلاً من حياته لتطويرها، فإن مساعدتهم على تطوير مهارات التأقلم للتعامل مع الأزمات والضغوطات الكبيرة هي مسؤولية جوهرية يمكن أن تفيد الأطفال والبالغين على حد سواء.
فبدلاً من مجرد إخبارهم بأن كل شيء سيكون على ما يرام، من المفيد التحدث معهم بوضوح وإظهار كيفية التعامل مع التوتر حتى يعرفوا ماذا يفعلون عندما يشعرون بذلك كبالغين؛ يهيئ هذا الأجيال العديدة القادمة لتكون أكثر قدرة على التأقلم.
فيما يلي بعض الاستراتيجيات البسيطة والفعالة لمساعدة الأطفال على التعامل مع الأوقات الصعبة.
الاهتمام
يعرف أي والد/والدة أن الأطفال يزدهرون باهتمام الكبار الإيجابي. فعند مساعدتهم في التعامل مع الأوقات الصعبة، من المهم تذكر ذلك، وإعطاء اهتمام إضافي لهم حتى لو لم يطلبوا ذلك بشكل مباشر.
ويعرفون أيضاً أهمية تطوير مهارات التأقلم عند الأطفال، لكن قد يكون من الصعب بشكل خاص، خلال أوقات الأزمات، منح الأطفال وقتاً إضافياً لقضائه معهم لكنهم يحتاجون إلى انتباهك أكثر من غيره في هذا الوقت بالذات.
فيما يلي بعض الطرق لمساعدة الأطفال على التأقلم من خلال توفير مزيد من الاهتمام.
الإصغاء
غالباً ما يكون من المفيد للأطفال أن يكونوا قادرين على التعبير عن مشاعرهم ومخاوفهم وطرح أسئلة حول ما يمكن توقعه والشعور بأنهم لا يواجهون الأشياء بمفردهم. على الرغم من أنه لا ينطبق على كل الحالات.
يمكن أن تساعد جلسة من القلب إلى القلب مع التركيز على الإصغاء الأطفال في التدرب على معالجة مشاعرهم. وهي مهارة تأقلم صحية يمكنهم استخدامها مراراً وتكراراً.
الأنشطة المشتركة
لا يشعر بعض الأطفال بالراحة إزاء الإفصاح عن أفكارهم ومشاعرهم. ويمكن تشجيعهم على التحدث عن الأشياء من خلال الانخراط في نشاط مشترك.
يعرف العديد من ذوي الأطفال بالفعل أن الأمر قد يتطلب لعبة أو حتى رحلة لجعل أبنائهم يتحدثون عما يدور في أذهانهم.
كما يمكن للفتيات، على وجه الخصوص، الاستفادة من بعض الوقت الهادئ مع أحد الوالدين أيضاً.
حتى لو لم يتضمن ذلك حديثاً شخصياً عن المشاعر، فإن قضاء الوقت مع أحد الوالدين والقيام بأنشطة مريحة يمكن أن يكون رائعاً لتخفيف التوتر. معرفة كيفية الانخراط في أنشطة مهدئة عند التوتر هي مهارة تأقلم رائعة أخرى.
معرفة المزيد عن مشاعرهم
هناك ميزة أخرى لقضاء وقت إضافي مع الأطفال وهي أن تتمكن أكثر من رؤية كيف يجارون الأمور والتدخل إذا لزم الأمر.
فعلى سبيل المثال، إذا رأيت علامات انسحاب رئيسية، أو صعوبات في النوم والأكل أو تغييرات مهمة أخرى في السلوك. فستدرك متى تتدخل بمساعدة إضافية في المنزل، ومتى قد يكون من الجيد استشارة طبيب الأطفال أو معالج نفسي.
ومن المهم أن تعرف ما هو “الطبيعي” لدى طفلك حتى تتمكن من اكتشاف أي تغييرات مهمة في مزاجه أو سلوكه.
تقليل تأثير الأحداث
بينما لا يمكنك حماية أطفالك تماماً من أي أزمات تواجههم، يمكنك القيام بأشياء أخرى لتقليل تعرضهم للتوتر (حتى لو لم يكونوا منخرطين بشكل مباشر بها. إذ يُعرَف الأطفال بالتقاطهم المواقف المجهدة التي يواجهها آباؤهم).
يمكن أن يساعدهم هذا على تعلم طرق لتقليل تعرضهم للتوتر في وقت لاحق من الحياة؛ مهارة تأقلم جيدة أخرى.
إليك بعض الاستراتيجيات التي يجب تجربتها.
أطفئ اَلتلفاز
إنها فكرة جيدة إذا كنت تشاهد كارثة طبيعية أو أي أحداث تثير التوتر والإجهاد. فمع توفر الإنترنت، ليست هناك حاجة لتشغيل مشاهد مقلقة مع أطفالك؛ إذ يمكنك إعادة تشغيلها في غرفة المعيشة الخاصة بك.
حتى الأطفال الصغار جداً يمكنهم التقاط ضغوط إضافية من خلال ملاحظة التوتر لدى البالغين من حولهم وعلى الشاشة.
حافظ على الروتين
عندما يبدو أن كل شيء يتغير (أو ينهار) من حولك، قد يكون من الصعب الحفاظ على الروتين سليماً؛ ومع ذلك، فمن الجيد المحاولة.
قد يكون من المطمئن للأطفال (وربما لك أيضاً) أن يبقى أكبر عدد ممكن من الأشياء ثابتاً وعلى حاله. لذلك من المفيد بذل الجهد لبقاء أوقات النوم، الوجبات والأنشطة العائلية الأخرى كما هي.
انتبه لما تشاركه معهم
عند مواجهة أزمة، يريد الأطفال معرفة كيف ستؤثر عليهم الأشياء ويطرحون الكثير من الأسئلة. لا يتطلب كل سؤال مطروح إجابة، ومن الأفضل الإجابة على العديد منها بالحدود الدنيا.
في حين أنه ليس من الجيد الكذب على الأطفال، إلا أنهم لا يحتاجون إلى معرفة كل تفاصيل الطلاق، الكارثة الطبيعية. أو المرض الخطير على سبيل المثال.؛ هم يحتاجون فقط إلى معرفة ما الذي يؤثر عليهم، وما الذي يجب أن يستعدوا له، وما هو المناسب لأعمارهم.
يمكنهم تعلم الباقي تدريجياً عندما تكون الحاجة إلى المعرفة ضرورية وعندما ينضجون ويكونون قادرين على التعامل مع المزيد.
بيّن لهم طريقة التعامل مع الأحداث
عند مواجهة تهديد، ينظر أطفالك إليك ليروا ما يجب عليهم فعله. لا يوجد شخص بالغ مثالي، لكن أن تكون قدوة جيدة لإدارة الأزمات لا يتطلب الكمال، فقط أفضل جهودك.
إذ يوفر الشخص البالغ الذي يتأقلم بطريقة صحية إحساساً بالأمان والاستقرار للأطفال ونموذجاً يُحتذى لمهارات التأقلم الصحية.
إليك بعض الطرق التي يمكنك من خلالها مساعدة أطفالك عبر التركيز على نفسك.
كن نموذجاً لهم بمهارات التأقلم الصحية
إذا كنت مذعوراً أو مرهقاً (وهو أمر مفهوم في الأزمات)، فسيؤثر ذلك على مستويات التوتر لديك ولدى أطفالك على حد سواء، لذا فقد حان الوقت الآن للاستعداد بمهارات التأقلم الصحية.
حاول أن تكون جاهزاً قدر الإمكان، ركز على ما يجب القيام به، كن لطيفاً مع نفسك. ولا تنسى أخذ نفس عميق وقضاء أكبر وقت ممكن في الاسترخاء مع أطفالك، فهذا سيساعدكم جميعاً.
مساعدة الآخرين
حتى عندما تواجه أزمة، يمكنك مساعدة الآخرين الذين قد يعانون منها بشكل أسوأ منك. يمكن أن يكون هذا النوع من الإيثار مفيداً لعائلتك بأكملها لأنه يوفر جميع فوائد ضبط التوتر. بالإضافة إلى الشعور بالسيطرة والذي يمكن أن يساعد بدوره أيضاً في تخفيف التوتر.
بالإضافة إلى ذلك، قد يكون من المريح للأطفال أن يكونوا جزءاً من الحل وأن يعرفوا أن هناك أشخاصاً آخرين مثلك (بحاجة إلى مساعدة أو يتعرضون لأزمة). والذين قد يساعدونهم عندما يحتاجون إليه.
تمكين أطفالك
قبل كل شيء، تذكر أنك قد لا تكون قادراً على تغيير جميع الظروف التي يواجهونها، ولكن يمكنك تمكينهم بمهارات التأقلم ومساعدتهم على اجتياز ما يواجهونه، وصقل مهاراتك في التأقلم في نفس الوقت.
اقرأ أيضاً: مهارات التأقلم عند الأطفال، ونصائح للوالدين لتطوير المهارات الصحية عند الأطفال
اقرأ أيضاً: أربعة أنواع من أنماط التربية وآثارها على الأطفال
اقرأ أيضاً: الكذب عند الأطفال، أسبابه وكيفية التعامل معه
المصدر: Healthy Coping Skills for Uncomfortable Emotions
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم