عقدة ذنب الناجي، أعراضها، أسبابها، التأقلم معها وعلاجها

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

عقدة ذنب الناجي (Survivor’s Guilt)، ذنب الناجي، عقدة النجاة، عقدة الناجي، اضطراب النجاة أو ذنب النجاة كلها نفس التسمية لنوع محدد من الشعور بالذنب ينشأ لدى الأشخاص الذين نجوا من موقف مهدد للحياة.

يشعر بعض الناجين بالذنب لأنهم نجوا بينما فقد الآخرون حياتهم، ويعتقد البعض الآخر أنه كان بمقدوره فعل المزيد لإنقاذ حياة الغير، وهناك من يشعر بالذنب لأن شخصاً آخر توفي وهو ينقذ حياته.

في حين استُخدم مصطلح عقدة الناجي في الأساس لوصف المشاعر التي اختبرها الناجون من المحرقة اليهودية (الهولوكوست). إلا أنه انطبق أيضاً على مجموعة من الأحداث والمواقف المهددة للحياة، بما فيها حوادث السيارات، الحروب والكوارث الطبيعية. 

كما يشيع استخدامه لوصف الناجين من الصدمات الطبية. على سبيل المثال، عبّر الأشخاص الذين عايشوا جائحة فيروس نقص المناعة البشرية عن مشاعر الذنب لأنهم ظلوا على قيد الحياة بينما فقد الآخرون حياتهم؛ بمن فيهم الأصدقاء أو أفراد العائلة. ويراود هذا الشعور أيضاً الناجين من مرض السرطان في حال لم يتم تشخيصهم به بينما شُخّص من معهم به.

يُطلق على هذه الحالة أيضاً اسم ذنب الناجي، عقدة النجاة أو عقدة الناجي.

هل تعد عقدة ذنب الناجي اضطراباً؟

تعتبر النسخة الحالية الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية عقدة ذنب الناجي عرضاً من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

ويمكن أن يُنظر إليها على أنها واحدة من أعراضه المعرفية والمرتبطة بالمزاج، والتي تتضمن مشاعر مشوهة من الذنب وأفكاراً سلبية عن الذات.

يمكن أن يشعر الأشخاص الذين يختبرون حدثاً صادماً جمعياً كالكوارث الطبيعية بذلك ضمن ما يعرف باضطراب الإجهاد الحاد.

من المهم الانتباه إلى أن الفرد يمكن أن يعاني من عقدة ذنب الناجي دون الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة والعكس صحيح.

أعراض عقدة ذنب الناجي

تختلف درجة وحدة هذه الحالة من شخص لآخر، ويمكن أن تكون أعراضها نفسية وجسدية على حد سواء وتحاكي أحياناً أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.

أعراض عقدة الناجي النفسية

أكثر الأعراض النفسية شيوعاً هي:

أعراض عقدة الناجي الجسدية

  • تغيرات في الشهية.
  • صعوبة في النوم.
  • صداع.
  • غثيان أو ألم المعدة.
  • تسارع ضربات القلب.

يمكن أن يكون تأثير عقدة ذنب الناجي أو ذنب النجاة جسيماً على حياة الفرد وأدائه. ما يشير إلى الحاجة للمزيد من البحث بهدف اكتشاف طرق فعالة تساعد في التعامل مع هذه المشاعر والتأقلم معها.

الندم، اجترار الأفكار وانحياز الإدراك المتأخر

بعد الصدمة، قد تراود الشخص مشاعر الندم ويبالغ في التفكير في الأحداث التي حصلت وفي الأمور التي كان بإمكانه القيام بها، حسب اعتقاده، لتغيير النتيجة.

إعادة صياغة الأحداث هذه يمكن أن تُفاقم مشاعر الذنب، خاصةً إذا شعر الفرد أن أفعاله أو عدمها ربما زادت العواقب سوءاً.

في الكثير من الحالات، يتأثر اجترار الأفكار هذا بما يعرف بـ انحياز الإدراك المتأخر (Hindsight bias). إذ ينظر الفرد إلى الماضي ويبالغ في تقدير قدرته على معرفة النتيجة أو الحدث.

نظراً لأنه يعتقد أنه كان ينبغي عليه توقع ما سيحدث والتنبؤ به؛ قد يغدو على قناعة تامة بأنه كان قادراً على تغيير النتيجة.

في بعض الأوقات، يكون السبب وراء الذنب مشروعاً (مثل التسبب بحادث أدى إلى وفاة شخص آخر). لكن، وفي الكثير من هذه الحالات، تكون قدرة الفرد على فعل شيء يمنع النتيجة أو يغيرها قليلاً جداً أو معدوماً.

 أسباب عقدة ذنب الناجي

تحدث عقدة ذنب الناجي عند الأشخاص الذين مروا بنوع من الصدمة، لكن لا ينشأ هذا الشعور عند الجميع. إذ قد يلعب مركز الضبط عند الفرد (Locus of Control) دوراً في تحديد ذلك.

كما يكون البعض أكثر عرضة لتحمل اللوم مقارنة بغيرهم، وعند تفسير الأحداث، يميلون إلى عزو الأسباب إلى خصائص شخصية بدلاً من قوى خارجية.

في الكثير من الحالات، قد يكون هذا الأمر جيداً حقاً لتقدير الذات. فعندما يعزو الفرد الفضل في النتائج الإيجابية لنفسه، يصبح أكثر قدرة على الشعور بإيجابية إزاءها وإزاء إمكانياته. لكن، يمكن أن يكون مدمراً عندما يلوم الفرد نفسه على الأحداث الخارجة عن سيطرته.

عوامل إضافية يمكن أن تزيد خطر معاناة الفرد من ذنب عقدة الناجي أو ذنب النجاة

صدمة سابقة

أشارت بعض الأبحاث إلى أن الصدمة خلال مرحلة الطفولة يمكن أن تزيد من احتمال الشعور بعواطف سلبية بعد أحداث أخرى مهددة للحياة.

انخفاض تقدير الذات

يمكن أن يقلل الأشخاص الذين يعانون من تقدير الذات المنخفض من قيمة عافيتهم ورفاهيتهم. عندما يواجهون تجربة النجاة من حدث أودى بحياة الآخرين، يكونون أكثر عرضة إلى التشكيك في ما إذا كانوا “يستحقون” نصيبهم من حسن الحظ، ما يؤدي إلى مشاعر النقص وحتى الذنب.

الافتقار للدعم الاجتماعي

يمكن أن يكون الأشخاص الذين يفتقدون لشبكة دعم اجتماعي صلبة تحيط بهم. أكثر عرضة للمعاناة من أعراض تتعلق بعقدة ذنب الناجي.

ضعف مهارات التأقلم

يكون الأشخاص أكثر قابلية للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة إذا كانوا يلجأون إلى التجنب كوسيلة للتأقلم مع التوتر.

من الأمثلة على التأقلم القائم على التجنب الانسحاب السلوكي والتفكير الرغبوي أو ما يعرف بـ التفكير بالتمني (Wishful thinking). وهو تكوين الاعتقادات واتخاذ القرارات بناءً على رغبات الفرد وما يتمناه عوضاً عن التفكير الذي يستند إلى الأدلة أو العقلانية أو الواقعية.

علاج عقدة ذنب الناجي

يعد الحصول على العلاج المناسب في عقدة النجاة أمراً بالغ الأهمية في هذه الحالة. إذ لا تؤثر عقدة ذنب الناجي على صحة الفرد وعافيته وجودة حياته فحسب، بل تنطوي على مخاطر جسيمة أيضاً. خاصة مع وجود أعراض أخرى لاضطراب ما بعد الصدمة.

في الحقيقة، وجد الباحثون أن الذنب المرتبط بالصدمة على صلة وثيقة بالأفكار الانتحارية عند المحاربين القدامى.

يعد العلاج المعرفي السلوكي أحد المقاربات العلاجية الفعالة على وجه الخصوص. فمن خلاله، يعمل المرضى مع المعالج لاستكساف الأفكار السلبية التلقائية التي تساهم في مشاعر الذنب. ويمكن أن يساعد فحص الأفكار غير الواقعية واستبدالها بأخرى أكثر واقعية في التخفيف من تلك المشاعر ومن لوم الذات.

تنطوي الأشكال الأخرى من العلاج النفسي لهذه الحالة على العلاج الجماعي، مجموعات الدعم والعلاج الدوائي. والتي يمكن أن تكون جميعها مساعدة في علاج أعراض عقدة ذنب الناجي.

التأقلم مع عقدة ذنب الناجي

إذا راودتك مشاعر الذنب عقب حدث مؤلم وصادم، هناك بعض الأشياء التي يمكن القيام بها لإدارتها وضبطها. فيما يلي استراتيجيات تأقلم ذاتية قد تجدها فعالة:

اسمح لنفسك أن تحزن

من المهم الاعتراف والتسليم بأن الآخرين قد رحلوا، وأن ذاتك بحاجة إلى الحداد والبكاء. امنحها الوقت لذلك وتخطّى الصدمة بطريقتك الخاصة.

قم بأشياء إيجابية

حاول توجيه هذه المشاعر نحو التغيير في العالم سواء كان ذلك من أجلك أو من أجل الآخرين. ففي بعض الأوقات، مجرد القيام بأشياء بسيطة للغير يمكن أن يساعد في تخفيف مشاعر الذنب.

ركز على العوامل الخارجية التي أدت لما حصل

قد يساعدك تغيير التركيز وتحويله إلى المتغيرات الخارجية التي خلقت الموقف في التحرر من لوم الذات الذي يساهم في مشاعر الذنب.

اغفر لذاتك

حتى وإن كنت أنت المسؤول عن الأذى أو الضرر، فإن تعلم كيفية مسامحة نفسك يساعدك في المضي قدماً واستعادة النظرة الإيجابية في الحياة.

تذكر أن هذه المشاعر طبيعية وشائعة

لا يعني الشعور بالذنب أنك الجاني. فالحزن، الخوف القلق، الأسى والذنب هي استجابات طبيعية تماماً عقب الفاجعة. لا بأس في الشعور بالفرح لنجاتك وفي نفس الوقت الحزن والحداد على قدر الآخرين المأساوي.

تحدث إلى طبيبك في حال كانت الأعراض التي تعاني منها حادة أو كانت مشاعر الذنب تتداخل مع قدرتك على الأداء بشكل طبيعي

خلاصة

قد تكون عقدة ذنب الناجي مرهقة وغامرة أحياناً، لكنها شعور طبيعي بعد النجاة من حدث صادم أو جسيم.

من المهم إدراك هذا الشعور والاعتراف به من أجل الحصول على المساعدة في حال أصبح من الصعب إدارته وحدك، وقد يكون العلاج المناسب مفيداً في استهداف مشاعر الذنب المفرط أو العارم وتجاوزها.

اقرأ أيضــاً: ما هي الصدمة (Trauma)؟ وما أسبابها؟ وهل يمكن التأقلم معها؟

اقرأ أيضـاً: كيف تساعد الأطفال أو البالغين على التأقلم بعد الكارثة؟

اقـرَأ أيـضاً: لماذا التسامح غير مطلوب في التعافي من الصدمات؟

اقـرأ أيـضـاً: كيفية التأقلم مع المشاكل الأبوية

اقـرَأ أيـضـاً: حياتي بعد ما حدث

المصدر: ?What Is Survivor’s Guilt

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: