يقترح مبدأ قانون التأثير (The Law of Effect) والذي طوره إدوارد ثورندايك (Edward Thorndike) أن الاستجابات التي يتبعها رضا قريب أو مباشر ستصبح متعلقة بشكل ثابت مع الموقف، وبالتالي أكثر عرضة لأن تحدث مجدداً عندما يتكرر ذات الموقف.
وبالعكس، إذا تبع الموقف شعور بالانزعاج، فإن الارتباطات مع الموقف ستضعف، وسيكون سلوك الاستجابة أقل عرضة للحدوث عندما يتكرر هذا الموقف.
تخيل أنك وصلت باكراً إلى عملك يوماً ما بالصدفة، ولاحظ مديرك في العمل ذلك وأثنى على اجتهادك، سيجعلك ذلك تشعر بالسرور؛ إذاً عزز ذلك الثناء من السلوك.
تبدأ بالقدوم مبكراً قليلاً إلى العمل كل يوم وذلك حتى تستمر في تلقي مديح المدير. يصبح الفعل أكثر عرضة للتكرار في المستقبل لأن النتيجة المبهجة تبعت السلوك.
أمثلة عن قانون التأثير
إذا درست بجد وحصلت على درجات جيدة في الاختبار، سيزيد احتمال أن تدرس للامتحان التالي.
وإذا عملت بكد وحصلت على ترقية وزيادة في الأجر، سوف تزداد فرص استمرارك في بذل المزيد من الجهد في العمل.
أيضاً إذا تجاوزت الإشارة الحمراء وتلقيت مخالفة مرورية، سوف يقل احتمال عدم التزامك بالإشارات المرورية في المستقبل.
اكتشاف قانـون التأثير
بينما نربط أحياناً فكرة أن العواقب تؤدي إلى التغيير في السلوك من خلال عملية الإشراط الكلاسيكي التي طورها بي. إف. سكنر، إلا أن جذور هذا المفهوم تعود إلى العمل الأول لعالم النفس إدوارد ثورندايك.
في تجاربه، استخدم ثورندايك ما يعرف بصناديق الألغاز (الأحاجي) لدراسة طريقة تعلم الحيوانات
كانت الصناديق مغلقة؛ إلا أنها تحتوي على مقبض صغير، وعندما يتم الضغط عليه، يصبح الحيوان قادراً على الهروب منه. وضع ثورندايك قطة داخل الصندوق ثم قطعة من اللحم خارج الصندوق.
راقب بعد ذلك المجهود الذي تبذله القطة للهرب والحصول على الطعام. سجل المدة التي استغرقها كل حيوان وضعه في الصندوق حتى اكتشف طريقة تحرير نفسه منه.
في النهاية، سوف تضغط القطط على المقبض، ويفتح الباب وبالتالي تستطيع الحصول على المكافأة. على الرغم من أن أول عملية ضغط على المقبض تحدث بالصدفة ببساطة، إلا أن القطط تصبح أكثر احتمالاً لتكراره لأنها تلقت مكافأة بعده مباشرة.
لاحظ ثورندايك أنه وفي كل تجربة أو اختبار، تغدو القطط أسرع في فتح الباب. ولأن الضغط على المقبض أدى إلى نتيجة مواتية، أصبحت القطط أكثر عرضة لأداء السلوك مرة أخرى في المستقبل.
أطلق ثورندايك على ذلك اسم ” قانون التأثير” والذي يقترح أن السلوك الذي يتبعه الرضا أكثر عرضة للتكرار، وإذا تبعت نتيجة غير مواتية فعلاً ما، يصبح أقل احتمالاً للتكرار.
لقانون التأثير وجهان رئيسيان
تكون السلوكيات التي تتبعها عواقب مواتية مباشرة أكثر عرضة للحدوث مجدداً. في المثال الأول، زاد الثناء من قبل المدير بسبب القدوم مبكراً إلى العمل من احتمال تكرار هذا السلوك.
تكون السلوكيات التي تتبعها عواقب غير مواتية مباشرة أقل عرضة للحدوث مجدداً. إذا تأخرت عن العمل وفاتك اجتماع مهم، ربما يقل احتمال تأخرك مرة أخرى في المستقبل. ولأنك اعتبرت أن تفويت الاجتماع نتيجة سلبية، تقل فرص تكرار السلوك.
تأثير قانون التأثير على المدرسة السلوكية
كان لاكتشاف ثورندايك الأثر الكبير على نشوء المذهب السلوكي (المدرسة السلوكية)، إذ استند بي. إف. سكنر في نظريته المتعلقة بـ الإشراط الكلاسيكي على قانون التأثير؛ حتى أنه طور نسخة خاصة به من صندوق الألغاز والذي أشار إليه باسم غرفة الإشراط الكلاسيكي (وتعرف أيضاً بـ صندوق سكنر)
في الإشراط الكلاسيكي، تقوى السلوكيات المعززة، بينما تضعف تلك المعاقبة. كان لقانون التأثير الأثر الكبير على تطور السلوكية بشكل واضح، والتي استمرت إلى أن أصبحت مدرسة الفكر السائدة في علم النفس خلال فترة طويلة من القرن العشرين.
ظلت العديد من مبادئ السلوكية إلى يومنا هذا. في بيئات علاجية، يستخدم علماء النفس وغيرهم من أخصائيي الصحة النفسية التعزيز لتشجيع السلوكيات الإيجابية وردع غير المرغوب منها.
في هذه الحالات، فإن استخدام النتائج المواتية يمكن استعماله لزيادة احتمال السلوكيات الإيجابية مستقبلاً.
لعبت أبحاث ثورندايك التي تناولت قوانين التعلم دوراً هاماً في تطوير علم النفس السلوكي واستمرت في التأثير إلى يومنا هذا.
اقرأ أيضاً: مراحل تغيير السلوك الستة، كيف تبدأ بتغيير سلوكك؟
اقرأ أيضاً: تحليل السلوك في علم النفس، تاريخه، أنواعه، تقنياته وفوائده
اقرأ أيضاً: أنواع علم النفس واهتمامات كل نوع
المصدر: The Law of Effect in Psychology
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم
